رد: وَرْشَة تأليف القِصّة الشُّروقِية
21-08-2015, 12:45 PM
لا أحد من هؤلاء البشر يتحكّم في مصائرنا، وحدنا نفعل ما نريد حين نريد، فلاشيء يخاتل الظلّ يبعده عن جسده
أنا وظلي طرفان في معركة واحدة، توزّعها الأشعة، تطفئها الظلمة فإمّا أن تتجدّد أو تتبدد
هأنذي وجها لوجه مقابل وجهك الأسمر الدّاكن، وجسدك الضّخم وخرائب من الذّكرى كلّها تمدّ أصابع الوجع لك!
فورتان فورة تقبع داخلي وأخرى وهذا الكسكسي الذّي يفور ويفور معه ما تبقى من صوابي،
عرفتك كما ينبغي لي أن أعرفك لا يمكن أن تتداري عنّي بكلماتك الحلوة،
نظراتك الدّافئة إليّ حارة جدّا تحرقني،
أديمي لم يحرقه وهج الكسكسي كما أحرقه حضورك المبلل بعرق الذّكرى
تبّا لي حين أمنحك كلّ هذا الاهتمام وتنتشلين منّي لحظات السّلام!
أتجه نحو الحمام تكاد عيني تفضح ما كان رحاه داخلي،
أفتح الحنفية وألقي حفنات الماء على وجهي علّ بعضا من الحياة يتسرّب إليّ
وأعود أدراجي متجاهلة نظراتها التي تكاد أن تزلقني فيما تتهامس وجدّتي بكلام لم أع كنهه!
إلى أن تكسر عتيقة كلّ ذاك بصوتها: تتصبّب حبات الماء من وجهك كالفضّة ثم تردف قائلة ما شاء الله أصبحت امرأة يا سارة متى نفرح بك!؟
أشيح بوجهي عنها وأردّد: دادا هذي آخر فورة؟
جميلة: بلى! بلى إنّها الأخيرة!
الأيّام الماضية كانت ثقالا تمدّدت كما لا ينبغي لها أن تفعل كأنّ الزّمن يجلدنا بوطأته وهاهي عتيقة تدعونا مجدّدا لمنزلها هكذا أخبرتني جدتي وهي تقول: البسي أفضل ما عندك!
- ما الحدث الجديد الذّي يحمل معه كل هذا الاهتمام يا جمول؟
تهمهم جميلة قبل أن تردّ: لاشيء! فقط عتيقة ستدعو بعضا من أقاربها.
- وكأنّي أحاول استشفاف ما يدور في خلدها: اممم دادا، كيف تزوّجت جدّي؟ وهل كان يضربك، سمعت أنّه كان يضربك لماذا لم تخلعيه؟
وأضحك ضحكتي الشرّيرة المقتبسة من فيلم ما والتّي غالبا ما تثير سخط جدّتي عليّ.
جميلة: اذهبي من قدّامي!
- أوه دادا لم لا تخبريني؟
جميلة بخضوع: ما كلّ قلّة الأدب هذه، أيعقل أن تخلع المرأة سندها، فقط لأنّ يديه بلحظة غضب امتدّت لها!
- وااا! أنت تحبينه إذن وإلاّ لما قبلت بضربه، ألم تشعري يوما ما في رغبة جامحة لخلعه سيكون الأمر رائعا لاشكّ الضّرب إهانة للمرأة ولحضورها ووجودها المرأة التّي ترضيها قطعة شكولاطة، وابتسامة، أو حشيشة برّية حتّى لم أقل زهرة... وتطلق ضحكتها
جميلة: "فِـزِّي من قدامي!"
أقوم وفي أنفاسي شيء يتردّد لا يمكن أن تقبل المرأة الضّرب، الضّرب إهانة ثمّ جدّتي لم تعش قصّة حب حقيقية تعصف بها، ربّما كان أوّل من تقدّم لأهلها جدّي فزوجوها له ربّما لم يستشرها أحد حتى!
لا أتصوّر أنّي سأتزوج شخصا بهذه الطّريقة، وأنّي سأقبل سوط كلماته الجارحة وهي تمتدّ لتلسع مشاعري قبل أن تمتدّ لوجهي أو يدي، أووه إنّي أراه فارسي طويلا، وجهه ناصع البياض، شعره الأفحم أشبه باسباني وتضحك في سرّها فرحا
ثمّ تعود صوب جدّتها: دادا يا قدّيستي الحلوة! إنّي أعرف كيف أراضيك هل تقبلين أن أرضيك؟
تبتسم الجدّة ابتسامتها الحانية، فيما تتمتم سارة داخلها كلّ ما يجمعنا هذه اللحظات
وتقوم تميل بيديها يمينا وشمالا وهي تهزّ جسدها مترنّحة فيما تصفّق الجدة وقد تهلل وجهها
بينما كانت تكاتم سارة سؤالا لطالما طرحته لا أدري لم لا يجمع شملنا إلاّ لحظات الرّقص
أليس الرّقص أكثر الطرق بدائية للتعبير بالجسد!؟
التعديل الأخير تم بواسطة امرأة ; 24-08-2015 الساعة 12:52 AM