تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > منتدى التاريخ > منتدى التاريخ العام

> هذا مقبل بن هادي الوادعي ...فمن هو شمس الدين

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الليث
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 12-09-2007
  • المشاركات : 84
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • الليث is on a distinguished road
الليث
عضو نشيط
هذا مقبل بن هادي الوادعي ...فمن هو شمس الدين
25-09-2007, 10:00 PM
السلام عليكم هذه ترجمة للشيخ محدث الدياراليمنية مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله ذكرها محب الشيخ الألباني ، وأخرى حررها هو لما سئل عن سيرته العلمية ومشايخه وطلبته ورحلته الدعوية :
الترجمة الأولى :
نسبه

هو الشيخ العلامة المحدث / مقبل بن هادي بن قايدة (1) الهمداني الوادعي الخلالي من قبيلة آل راشد


بداية طلبه العلم

بدأ شيخنا رحمه الله تعالى طلب العلم في المكتب فتعلم فترة ثم انقطع عن مواصلة العلم والسبب في ذلك أنه لم يجد معيناً يعينه على مواصلة طلب العلم.
قال (2) رحمه الله درست في المكتب (3) ثم ضاع من العمر ما شاء الله في غير طلب لأنه ما كان هنالك من يرغب أو يساعد على الطلب .


سفره إلى أرض الحرمين ونجد

ثم سافر شيخنا إلى أرض الحرمين ونجد وسكن بنجد قدر شهر ونصف فتغير عليه الجو بالرياض فعزم على السفر إلى مكة فاستنصح بعض الواعظين عن الكتب المفيدة حتى يقوم بشرائها فأرشده إلى (صحيح البخاري) – و(بلوغ المرام) – و(رياض الصالحين) و( فتح المجيد) – وكان يعمل آنذاك حارساً على عمارة في الحجون (4) فعكف على هذه الكتب يقرءها وكانت تعلق في ذهنه لأن العمل في بلده كان على خلاف ما فيها سيما كتاب فتح المجيد كما ذكر ذلك هو نفسه.


عودته إلى بلده

ثم عاد شيخنا إلى بلده وبدأ بإنكار المنكر الذي وجد قومه عليه من الذبح لغير الله وبناء القباب على القبور ونداء الأموات والاستغاثة بهم فبلغ ذلك الشيعة فأغاضهم ذلك فقائل منهم يقول " من بدل دينه فاقتلوه" (5) ومنهم من يرسل إلى أقربائه ويقول: إن لم تمنعوه فسنسجنه وبعد المضايقات وبعد التهديد والوعيد الشديد من قبل الشيعة الذين يرون أن أبا عبد الرحمن قد بدل دينه وأنه إن لم يرجع عن عقيدة التوحيد فسوف يقتل لأن من دعا إلى التوحيد عند الشيعة وأضرابهم فقد بدل دينه يستتاب فإن تاب وإلا قتل وبعد هذا وذاك قرروا قراراً لم يستطع أبو عبد الرحمن الفرار منه قرروا أن يدخلوه جامع الهادي (6) ليتعلم هنالك حتى يزيحوا الشبه التي قد علقت في ذهنه بزعمهم وهذا ابتلاء لأبي عبد الرحمن رحمه الله بعد ما عرف العقيدة الصحيحة والمنهج الصحيح يزج به في وكرٍ من أوكار التشيع ولكنَّ أبا عبد الرحمن بفضل الله عز وجل ثم بسبب عقيدته السليمة عندما رأى أن الكتب التي تدرس عندهم شيعية معتزلية أقبل على النحو يتعلمه وإن كان أهل البدع بجميع أصنافهم يدسون العقيدة الفاسدة في اللغة العربية إلا أن الله سبحانه وتعالى حفظ أبا عبد الرحمن من هذه المكيدة فدرس " قطر الندى " لابن هشام مراراً حتى استوعبه استيعاباً عجيباً لكثرة ما درسه وراجعه


عودته إلى أرض الحرمين

ثم عاد أبو عبد الرحمن رحمه الله إلى أرض الحرمين إلا أنه قبل ذلك نزل نجران وسكن فيها قدر سنتين ولازم فيها مجد الدين المؤيد (7) ثم انطلق إلى مكة فكان يعمل نهاراً ويدرس ليلاً.


دخوله معهد الحرم

ثم فتح معهد الحرم فتقدم شيخنا رحمه الله مع مجموعة من طلبة العلم للاختبار فنجح بفضل الله تعالى.


انتقاله إلى المدينة النبوية

وعندما انتهى شيخنا رحمه الله من المتوسط والثانوية انتقل إلى المدينة النبوية ودخل الجامعة الإسلامية وأختار كلية الدعوة وأصول الدين وعندما جاءت العطلة خشي من ضياع الوقت فانتسب في كلية الشريعة وانتهى من الكليتين وأخذ شهادتين والمعتبر عنده هو العلم لا الشهادة كما كان يردد ذلك في كثير من دروسه.


حصوله على الماجستير

ثم فتحت آنذاك في الجامعة الإسلامية دراسة الماجستير فتقدم لاختبار المقابلة فنجح بفضل الله وكانت الدراسة التي أعدها لنيل شهادة الماجستير هي تحقيق كتاب الالزامات والتتبع للإمام الدارقطني رحمه الله وهذه المناقشة سجلت على أشرطة ثم فرغت وطبعت ضمن كتابه غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة.

وصوله إلى اليمن

وعندمنا وصل هذا العالم الجليل والمجاهد النبيل إلى بلده أخذ يدرس في قريته الأولاد القرآن الكريم وتكالبت عليه الدنيا كأنه خرج لخراب البلاد كيف لا وأهل الرفض يحيطون به من كل جانب ويرون أنه ممن بدل دينه وأنه إما أن يرجع عن عقيدته وإما أن يقتل وكان في ذلك الوقت وحيداً بمفرده لا يعرف أحداً لا يعرف شيخ قبيلة ولا يعرف مسؤولاً وإنما كانت كلمته التي يرددها حسبي الله ونعم الوكيل.
وبعد أيام أخرج بعض فاعلي الخير مكتبته من المدينة ولم يستلمها إلا بعد غرامة مالية وتعب تعباً شديداً فعندما وصلت ذهب الشيعة إلى المسؤولين وقالوا إنها كتب وهابية حتى إن الخبر وصل إلى الرئيس وأحال الرئيس القضية إلى أحد المسؤولين ثم سلمت له .


إشراقة أمل

ثم بدأت الدعوة السلفية دعوة التوحيد دعوة الحق تشع بنورها رغم أنوف الحاسدين والحاقدين من شيعية وصوفية وعلمانية بجميع أصنافها بدأت تنطلق من قرية صغيرة تحيطها الجبال ولكن شعاع هذه الدعوة المباركة بدء ينتشر ويكتسح الباطل بدء هذا الحق يرتفع ويحطمُ البدعَ والخرافات ويضيء للناس الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيه أنه لا ذبح إلا لله لا عبادة إلا لله – لا نذر إلا لله – لا حكم إلا لله لا ولاء إلا لله – ولا براء – إلا من أجل الله – لا دعوة إلا إلى الله – وإلى كتابه – وإلى سنة رسوله جاء أبو عبد الرحمن والناس في اليمن تحت وطئة الرفض والتشيع لا يستطيعون أن يحرروا أنفسهم من هذه الوطئة وهذا الاستعباد ولقد سمعت رجلاً من أهل دماج وأنا راكب في سيارة أثناء ذهابي إلى صعدة يقول لأحد الشيعة (لقد حررنا الشيخ مقبلٌ) .
جاء أبو عبد الرحمن وأهل دماج كانوا يذبحون لغير الله في مكان يقال له الملاطة فنهاهم وحذرهم وتركوا وكانوا يذهبون إلى قبر الهادي بصعدة ويدعونه من دون الله فبين لهم الحق وأن هذا لا يجوز وأنه شرك لا يغفره الله فانتهوا ثم بدء الناسُ يسمعون عن دعوة تدعو إلى التوحيد وأنه لا إله إلا الله لا معبود بحقٍ إلا الله .
سمعوا بهذا العلامة الإمام فشمروا عن ساعد الجد ورحلوا إليه ليأخذوا عنه العلم جاءوا من مصر – والكويت وأرض الحرمين ونجد وليبيا والجزائر والمغرب وتركيا وبريطانيا وأمريكا والصومال وبلجيكا ومن جميع البلاد اليمنية وكان المسجد صغيراً بناه أقرباء الشيخ له لكي يصلوا فيه درءاً للفتنة ثم بنيت عدة مساجد بعده كلما ضاق مسجد بنوا أخر ثم جعلت المساجد القديمة لصالح الدعوة منها ما هو سكن وآخر يدرس فيه النساء وآخر مكتبه وآخر مطبخ وآخر لإقامة الدروس وآخر لاستقبال الضيوف وآخر لحاجيات الطلاب وهكذا.
حتى صار عدد الطلاب أكثر من ألفي طالب ومع هذا فأبو عبد الرحمن دائماً يكرر ويقول: كل هذا لا بحول منا ولا قوة ولا بسبب كثرة علمنا ولا شجاعتنا ولا فصاحتنا في الخطابة ولكن هذا أمر أراد الله أن يكون فكان ولله الحمد والمنه الذي وفقنا لذلك.
آثاره العلمية

ولهذا العالم المجاهد آثار علمية هائلة جنى اليمنيون بل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ثمارها من المؤلفات القيمة النافعة التي يستفيد منها المبتدئ ولا يستغنى عنها المنتهي كذلك طلابه في كثير من البلاد الإسلامية وغيرها وهذه مؤلفاته المطبوعة فدونكها :

1 الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين (1)
2 تراجم رجال الحاكم في المستدرك
3 تتبع أوهام الحاكم التي سكت عليها الذهبي طبعت ضمن المستدرك وصار عدده
4 تراجم رجال الدار قطني في سننه
5 الصحيح المسند من دلائل النبوة
6 غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل
7 الجامع الصحيح في القدر
8 صعقة الزلزال لنسف أباطيل الرفض والاعتزال (8)
9 إجابة السائل عن أهم المسائل
10 الشفاعة
11 رياض الجنة في الرد على أعداء السنة ومعه الطليعة في الرد على غلاة الشيعة وحكم القبة المبنية على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم
12 تحفة الأريب على أسئلة الحاضر والغريب
13 المخرج من الفتنة
14 الصحيح المسند من أسباب النزول (3)
15 ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر
16 المصارعة
17 الإلحاد الخميني في أرض الحرمين
18 الباعث على شرح الحوادث
19 إرشاد ذوي الفطن لإبعاد غلاة الروافض من اليمن
20 الجامع الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين (4)
21 غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة
22 الفواكه الجنية في الخطب والمحاضرات السنية
23 قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد
24 مجموعة الرسائل العلمية تحتوي على ما يلي :
1- شرعية الصلاة في النعال (5) 2- تحريم الخضاب بالسواد 3– الجمع بين الصلاتين في السفر 4– إيضاح المقال في أسباب الزلزال والرد على الملاحدة الضلال 5– ذم المسألة.
25 تحفة الشاب الرباني في الرد على الإمام محمد بن علي الشوكاني
26 فتوى في وحدة المسلمين مع الكفار (6)
27 إقامة البرهان على ضلال عبد الرحيم الطحان
28 الديباج في مراثي شيخ الإسلام الشيخ عبد العزيز ابن باز
29 حكم تصوير ذوات الأرواح
30 المقترح في أجوبة أسئلة المصطلح
31 فضائح ونصائح
32 مقتل الشيخ جميل الرحمن الأفغاني ومعه بحث حول كلمة وهابي.
33 إسكات الكلب العاوي
34 تحقيق تفسير ابن كثير حقق مجلداً وما بقي قام بتحقيقه بعض طلبته
35 الصحيح المسند من التفسير بالمأثور ولم ينته منه وتقوم إحدى زوجاته بإكماله
36 كتاب الإلزامات والتتبع للإمام الدار قطني دراسة وتحقيق (7)

فهذه ثروة علمية هائلة خلفها أبو عبد الرحمن الوادعي رحمه الله تعالى للأمة الإسلامية عامة ولطلبته العلم خاصة فقد أفنى عمره في التدريس والدعوة والتأليف فرحم الله أبا عبد الرحمن.


مشايخـه


أخذ أبو عبد الرحمن العلم على مشايخ أجلاء من أعلام هذا العصر وقد ذكرهم في ترجمته التي لا تتجاوز ست ورقات في مواضع متفرقة وسأذكرهم في هذه السطور على النحو التالي:
1- الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله مفتى عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس البحوث العلمية والإفتاء. درس عليه في الحرم المدني في صحيح مسلم.
2- الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله كان يحضر له في مجالسه الخاصة وله نقاشات متعددة معه (8).
3- الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله.
4- الشيخ محمد السبيل حفظه الله.
5- الشيخ عبدالعزيز الراشد رحمه الله.
6- الشيخ يحيى الباكستاني حفظه الله درس عليه في تفسير ابن كثير وصحيح البخاري وصحيح مسلم في الحرم المكي.
7- الشيخ محمد بن عبدالله الصومالي درس عليه في علم الحديث ومنه استفاد كثيراً في هذا العلم، مكث عنده نحو سبعة أشهر وكان ذلك في الحرم المكي.
8- الشيخ السيد محمد الحكيم المصري ، وهو أبرز من درسه في الجامعة الإسلامية.
9- الشيخ محمد بن عبدالوهاب فائد المصري ، درسه في الجامعة الإسلامية.
ودرس على بعض الشيعة في مسجد الهادي بصعدة.
قال رحمه الله في ترجمته عن دراسته في جامع الهادي ومدير الدراسة القاضي مطهر حنش فدرست في العقد الثمين وفي الثلاثين المسألة وشرحها لحابس ومن الذين درسونا محمد بن حسن المتميز وكنا في مسألة الرؤية فصار يسخر من ابن خزيمة وغيره من أئمة أهل السنة وأنا أكتم عقيدتي إلا أني ضعفت عن وضعت اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة وأرسلت يدي ودرسنا في متن الأزهار الى النكاح مفهوماً ومنطوقاً ... ثم طلبت من القاضي قاسم بن يحي شويل ان يدرسني في بلوغ المرام ... ودرست قطر الندى مراراً على اسماعيل حطبة.
قلت : وكذلك درس على مجد الدين المؤيد وقد مر ذكره.
طلبته


أما طلبة أبي عبد الرحمن فكثير جداً لا استطيع جمعهم في هذه الرسالة لصغر حجمها فقد ذكر في ترجمته ثلاث مائة وأربعة وثلاثين طالباً وترك الكثير ولكن أذكر بعضهم.
- الشيخ العلامة المحدث محمد بن عبد الوهاب الوصابي العبدلي القائم على دار الحديث بالحديدة.
- الشيخ الفاضل يحيى بن علي الحجوري وهو خليفة الشيخ في دار الحديث السلفية بدماج وقد أوصى شيخنا قبيلته أن لا يرضوا بنزوله من على الكرسي فقال رحمه الله في وصيته لأقرباءه وأوصيهم بالشيخ الفاضل يحيى بن علي الحجوري خيراً وألا يرضوا بنزوله عن الكرسي فهو ناصح أمين .
- الشيخ الفاضل محمد بن عبد الله الريمي الملقب بالإمام القائم على دار الحديث بمعبر.
- الشيخ الفاضل عبد العزيز البرعي القائم على دار الحديث بمفرق حبيش.
وغيرهم كثير وإنما ذكرت هؤلاء لأنهم عُرفوا في أوساط المجتمع فلا ينقم علينا أحدٌ ومن أراد المزيد فليرجع إلى ترجمة أبي عبد الرحمن رحمه الله (9).

أما النساء فكثير وكثير جداً ومن أبرزهن.
1- أمُ عبد الله الوادعية بنت الشيخ رحمه الله تعالى ولها من المؤلفات نصيحتي للنساء والصحيح المسند من الشمائل المحمدية (10).
2- أمُ شعيب الوادعية زوجة الشيخ رحمه الله الثانية ولها من المؤلفات الصحيح المسند من فضائل آل بيت النبوة.
3- أم سلمة زوجة الشيخ رحمه الله الثالثة ولها من المؤلفات تحذير الفتاة العفيفة من تلبيسات الزنداني الخبيثة وكتاب الانتصار لحقوق المؤمنات تحت الطبع.
وكل هؤلاء يقمن الدروس ويعلمن بدار الحديث السلفية بدماج .

شجاعته في إنكار المنكر


كان رحمه الله تعالى شجاعاً يقول كلمة الحق وينكر المنكر لا يخاف في الله لومة لائم ومن قرء كتبه عرف ذلك أو سمع أشرطته فهو يتكلم في البدع بجميع أصنافها والشرك والظلم والفساد بجميع أنواعه وإذا رأى منكراً أو سمع به لا يهدئ له بال ولا يقر له قرار حتى ينكره وله ردود رد فيها على أهل الباطل بجميع أصنافهم.
فقد رد في كتابه (المخرج من الفتنة) على أصحاب الحداثة – وعلى من يحكم بغير ما أنزل الله – وعلى الأباضية – وعلى أحمد مفتي عمان أحمد الخليلي – وعلى الزيدية – ورد على أنصار السنة بالسودان وبين أن في صفوفهم من يعتقد بعقيدة المعتزلة – وعلى جماعة التكفير – وعلى جماعة التبليغ وبين لهم أخطاءهم – وعلى الأخوان المسلمين.
ورد على الطاعنين في حديث السحر في رسالة عنوانها ( ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر ) وكان مما قاله: فإني لما كنت بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغني أن بعض الناس ينكرون حديث السحر فقلت لمن أخبرني إنه في البخاري ومسلم فقال وهم ينكرونه فقلت بمن ضعفوه وكنت أظن أنهم يسلكون مسالك العلماء في النقد والتجريح لعلهم وجدوا في سنده من هو سيء الحفظ أو جاء موصولا ً والراجح أنه منقطع أوجاء مرفوعاً والراجح فيه الوقف كما هو شأن الحافظ الدار قطني رحمه الله في انتقاداته على الصحيحين فإذا هؤلاء الجاهلون أحقر من أن يسلكوا هذا المسلك... والميزان عند هؤلاء أهواؤهم فما وافق الهوى فهو الصحيح وإن كان من القصص الإسرائيلية أو مما لا أصل له وما خالف أهواءهم فهو الباطل ولو كان في الصحيحين.
ورد في رسالته (إيضاح المقال في أسباب الزلزال والرد على الملاحدة الضلال)، رد فيها على الملاحدة الذين يقولون إن الزلزال أحدثته الطبيعة .
ورد في رسالته (فتوى في وحدة المسلمين مع الكفار) على أصحاب الانتخابات وأصحاب الديموقراطية وبين للمسؤولين وللمواطنين وللتجار ومشايخ القبائل ماهو واجبهم ثم بين حكم ما يسمونه بمجلس الأمة ورد – على عبد الرحيم الطحان في كتاب (إقامة البرهان على ضلال عبد الرحيم الطحان).
عندما قال إن نظرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعدل عبادة آلاف السنين – وقوله إن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة في اليقظة ورد على أقوال أخرى من أراد المزيد فليرجع إليها.
ورد في كتابه (البركان) بين فيه الأخطاء الموجودة – في جامعة الإيمان بصنعاء ويليه كذلك (إسكات الكلب العاوي) رد فيه على القرضاوي عندما تهجم وأساء الأدب مع الرب سبحانه وتعالى (1)
ورد في كتابه (المصارعة) على المكارمة وفضح – الأباضية – والصوفية – ونصح فيه – الصحفيين و- العلماء – والدعاة – وأهل بيت النبوة – والمزارعين – والأمهات.
ورد في كتاب (صعقة الزلزال لنسف أباطيل الرفض والاعتزال) فضح فيها الرافضة ومنهجهم المعتزلي.
ورد في كتاب – رياض الجنة في الرد على أعداء السنة ) على من يعادي السنة وأهل السنة أما أشرطته فكثيرة جداً.
فكان: رحمه الله لا يفتر عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال مرة كنت في الحرم في الدور الثاني في الحرم فوجدت الصوفية في حلقة يرقصون ويتمتمون بأذكارهم فدخلت وسط الحلقة وصحت وقلت بيوت الله تهان فسكتوا وجاء العسكري وفرقهم أقول ومع هذا فأبو عبد الرحمن رحمه الله لا يخشى أحدا إلا الله ولا يبالي فيمن تكلم فيه فقد قال رحمه الله في أحد دروسه بتاريخ 18/3/1420هـ من يريد أن ينصر الحق لا بد أن يتكلموا فيه.


حرصه على طلبة العلم


وكان رحمه الله حريصا على طلبة العلم وكان يحزن ويتوجع إذا علم أن طلبته يحتاجون شيئا ولم يستطيعوا الحصول عليه فقد قال رحمه الله في بعض دروسه: أعظم مشقة تواجهني أعظم من مواجهة المبتدعة وأعظم من التأليف هي حاجات الطلاب
وكان أبو عبد الرحمن لا يبخل على طلابه بشيء فقد رأيته مرة بعد درس الظهر خرج من بيته ومعه صحن فيها أرز وإناء فيه لبن فاعطاه بعض الطلبة.
وكنت في يوم من الأيام في بيته دعاني كي أتناول عنده طعام الغداء وبعد ما تغدينا سمعنا
طرق الباب فقام الشيخ ليفتح الباب وقمت معه كي أخرج فإذا ببعض طلبته يخبر الشيخ أن طلبة العلم تغدوا وهناك بعضهم لم يتغد فذهب إلى حجرته وأتى بمال واعطاه الطلبة لياخذوا لهم غداء .
ومررت يوما بجانب بيته فرأيت بعض طلبة العلم قائما فسألته ماذا تنتظر فقال اريد الشيخ أخبرته أنني قادم على زواج فاردت أن يساعدني بينما أنا اكلمه ناداه الشيخ إلى فناء بيته فلما خرج سألته قال اعطاني مبلغا من المال وقال لايملك غيره ووعدني أن يعطيني كذلك مرة أخرى ثم جاء الطالب نفسه مرة أخرى واعطاه ما وعده فرحم الله أبا عبد الرحمن.
وكان إذا خرج من الدرس بعد الظهر وجاء أحد يسئله عن سؤال قال له أدخل نتغدى ثم نتكلم
ومرة قدم له بعض طلبة العلم ورقة في أحد الدروس مكتوب فيها: أنا طالب علم وأحب العلم وعليّ دين واخشى أن يصرفني عن طلب العلم وبعد ما قرءها الشيخ أخذ يدرس وقبل الإنتهاء من الدرس قال: في مكبر الصوت الأخ الذي قدم الورقة يذهب إلى الأخ فلان ويقول له كم دينه وننظر هل نستطيع مساعدته.

ومرة دخلت أنا وبعض طلبة العلم عليه بعد صلاة الفجر إلى منزله وكان معنا طالب وكنا حريصين على تزويج هذا الطالب فقلنا للشيخ كلمه يا شيخ فقال الشيخ: يا بني تزوج وإذا كان المال هو العائق لك عن الزواج فمني لك كذا وكذا من المال. فجزا الله أبا عبد الرحمن خيراً.


وكان عزيز النفس عفيفاً


وكان أبو عبد الرحمن عفيفاً عنده عزة نفس حتى إن من عزة نفسه أنه كان يتحرج من أن يكتب لأهل الخير بما يخص طلبته فعلم بذلك الشيخ عبد العزيز بن باز فكتب إليه يا أبا عبدالرحمن اكتب وأنت مأجور وإذا أتته الأموال لطلبته العلم مباشرة يحيلها إلى المسؤول عن شؤون الطلاب وكان أبو عبدالرحمن رحمه الله على هذه الخصلة الطيبة من بداية أمره .
فقد حدثنا مرة أنه عندما كان يتعلم في جامع الهادي كان يبقى معه شيء من الخبز فيضعه في فتحة في الجدار يقال لها الخزانة فيأتي يوم من الأيام لا يجد أكلاً فيأتي لها قال فأدخل يدي ورأسي أبحث عنها ثم أخرجها وقد نسج عليها العنكبوت فأميط عنها التراب فأجدها قد يبست فابلها بالماء ثم إن وجدت حبة من الطماطم فأمر طيب وإلا أكلتها.
وقد عود أبو عبد الرحمن طلبته على هذه الخصلة الطيبة (2) ودرسهم في كتابه ذم المسألة وكان يذم من يذهب يتسول باسم الدعوة ويحذر منه قال في مقدمة كتابه السالف ذكره: أما بعد فإني لما رأيت أقوماً ممن يزعمون أنهم دعاة إلى الله تخصصوا للتسول وتركوا الاحتراف (3) فرب زراع يأكل أكلاً حلالاً من كسب يده بل عمله من أفضل القربات فقد روى البخاري ومسلم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة.
ورب شخص يعمل في التجارة وهي أيضاً من أفضل القربات وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي الكسب أطيب قال: عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور.
بل ربما يكون الرجل بدوياً يأكل مما تنتجه غنمه وإبله فيرى المتسولين يفتحون المعارض ويبنون العمائر فيعفوا لحيته ويتشبه بالدعاة إلى الله ويحترف التسول أف لها من وضيفة مشينة مزرية .. وأخيراً فإني أنصح لأهل السنة أن يصبروا على الفقر فهي الحال التي اختارها الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:
قلت هكذا كان رحمه الله تعالى معلماً وموجهاً ومحذراً لطلبته من أن ينزلقوا هذا المزلق المشين. وبعد هذا فأبوا عبد الرحمن لا يريد بهذا الكلام أن طلبة العلم يتركون العلم ويذهبون للتجارة (4) كلا وإنما يريد أبو عبد الرحمن أن يوجه أهل السنة إلى أن أكل اليد خير من أن يذهب الإنسان يمد يده وأن عليهم أن يصبروا على الفقر فقد رضيه الله لنبيه فرحم الله أبا عبد الرحمن وأسكنه فسيح جناته.


صـــبره


أما صبر أبي عبد الرحمن رحمه الله فلا أعرف أحداً يماثله في زماننا فقد صبر على أمراض عدة منها مرض الاستسقا الذي مكث سنوات وهو يعاني منه لكنه يصبر ويحتسب الأجر على الله ومرض الكبد فقد تفتت كبده بسبب مرض السرطان ومع هذا كان صابراً محتسباً والعجيب أنه مع هذه الأمراض كان لا يترك الدروس فقد قال أخونا أحمد الوصابي حفظه الله تعالى أنه دخل مرة على الشيخ وكان مريضاً مرضاً شديداً فأراد أن يخرج يلقي دروسه فقال له أخونا أحمد يا شيخ أنت متعب يقوم بالدروس غيرك فأجابه قائلاً: لا والله لا أترك هذه الوجوه الطيبة.
ورأيته مرة خرج من بيته يلقي الدروس ويده مربوطة إلى عنقه وعليها جبيرة فسألت إخواني
ما الذي حصل للشيخ قالوا سقط في بيته على الأرض وما رأيته ترك الدروس حتى شفي
ومنعه الأطباء مرة من القاء الدروس حفاظا على صحته فمكث فترة ثم عاد وفي مرضه الأخير زرته في مدينة صنعاء فكان يستقبل الضيوف ولا يتأفف من أحد ولا يقول دوعوني ارتاح وإنما يستقبل الناس ويبتسم وزرته في مكة في فندق لؤلؤة نجد فسألت عنه قالوا سيأتي من الحرم فانتظرت فلما أتى نظرت إليه وأنا مندهش لقد نحل جسمه وبانت عظام وجهه فسلمت عليه أنا وصديقي أبو عبد الله الصومعي حفظه الله فقال وهو يبتسم تفضلوا فقلت له ترتاح فقال تفضلوا فنظرت إلى
ابي حاتم العودي فقال جزاكم الله خيرا فقد اكرمتمونا بفعلكم هذا فالشيخ متعب ولما كان في فندق دار الأزهر فكان الأخوة من طلبة العلم يزورونه فيجلس معهم ولا يتضجر من أحد وإنما يصبر ويتصبر فرحم الله ابا عبد الرحمن واسكنه الفردوس الأعلى.


زهده وكرمه وتواضعه وورعه


وكان أبو عبد الرحمن رحمه الله زاهدا حتى إنه عود الكثير من طلبته على هذه الخصلة الحميدة التي كانت سببا: لنيلهم العلم فقد كان ابو عبد الرحمن زاهدا في مسكنه وملبسه بل ومأكله واذكر أنني عام 1413هـ قدمت من مكة المكرمة لطلب العلم فلما وصلت إلى دماج سألتهم عن مسجد الشيخ فدلوني عليه فدخلته وكنت أرقب باب المسجد متى يدخل الشيخ وظننت أن الشيخ سيدخل علينا وهو لابس البشت أي أنه مميز عن طلبته فلما دخل أبو عبد الرحمن المسجد ظننته القائم على المسجد لأننا اعتدنا بمكة أن نرى أنا سا يقومون بعناية المساجد فلما أخبروني أنه الشيخ. فتعجبت فقد كان ملبسه لا يتميز عن ملبس طلابه بل يفوقه بعض طلابه في ملبسه
ومن زهده رحمه الله إنه لم يبال بحطام الدنيا من مساكن وغيرها فبيته الذي يسكنه أكثره من الطين: هو بيت صغير ودخلت معه مرة إلى غرفته الخاصة فرأيت فرشها فإذا هو من الفرش المخططة المخصصة للمساجد فكان لا يبالي بأمور الدنيا أهم شيء عنده العلم والتقيت بإخينا أبي حاتم العودي بمكة المكرمة فقال لي إنه جاء بعض الناس من فاعلي الخير إلى أبي عبد الرحمن رحمه الله فأرادوا أن يبنوا له بيتا فقال لهم هاتوا المال فأخذ أبو عبد الرحمن منهم المال وبني به مسجداً وبني غرفة صغيرة فوق المسجد ، فلما جاءوا قالوا لأبي عبد الرحمن أين البيت قال لهم هذا هو بيتي واراهم المسجد وأشار لهم إلى الغرفة الصغيرة التي فوق المسجد
ومن زهده في الدنيا أنه أوقف أرضا كبيرة كان يملكها لطلبته كي يبنوا فيها مساكن لهم وفيها الآن قرابة مائتين وخمسين بيتا أو أكثر .
بل إن بعض الشيعة اعترفوا بأبي عبد الرحمن وبعلمه وبدعوته بسبب هذه الخصلة الحميدة فقد كنت يوماً بمدينة صعدة وسمعت شيعياً يسب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما فقال له رجل ومقبل أي يريد منه أن يسب الشيخ مقبلاً رحمه الله فقال له أما الشيخ مقبل أشهد لله أنه عالم ولو أراد الدنيا لعمَّر عما يرا إلى براش (5).
أما تواضعه رحمه الله فهو تواضع لا يكاد يوجد إلا عند القليل فمن تواضعه لو ناداه طفل وهو يمشي لوقف له يكلمه وينظر ماذا يريد ويأتيه الصغير وهو على كرسيه يلقي درسه فيتوقف عن إلقاء درسه فيقول له الصغير أريد أن أقرأ حديثاً في مكبر الصوت فيرفعه الشيخ أو يأمر بعض طلبة العلم برفعه فيجلسه أمامه فيقرأ الصغير حديثه والشيخ يبتسم ولا يتضجر وكان مع طلبته هين لين.
ومن تواضعه أنه كان إذا جاءه العوام يجلس معهم الوقت الطويل بالرغم من حرصه على الوقت حتى إنه قال لنا في بعض دروسه يأتيني العوام فأجلس معهم وأحتسب على الله لأنهم لا يعرفون قيمة الوقت وسيقولون إنني متكبر أما طلاب العلم أعاملهم خلاف العوام لأنهم يعرفون قيمة الوقت وابن الجوزي رحمه الله كان يجمع ما عنده من الأقلام فإذا جاءه الزائرون يجلس معهم يبرئ الأقلام.
أقول أما قول أبي عبدالرحمن إنه يعامل طلبة العلم على خلاف العوام فلا يفهم من ذلك إنه لا يجلس معهم وإنما إذا جلس معهم ناقشهم وغربل معلوماتهم وإذا أراد أن يقوم قال ارتاحوا أنا سأذهب كما كان يقول ذلك لنا عندما كنا ندعى من قبله.
ومن تواضعه : أنه كان : في أيام الأعياد يخرج مع طلبته إلى الوادي فيشاركهم أفراحهم فيجتمعون حلقة كبيرة ويدخل فيها بعض الطلبة الأندونيسيين يلعبون لعبة الكاراتيه وهو يبتسم ثم يدخل بعض الأمريكيين يلعبون ملاكمة وهكذا فيمكث معهم إلى قرب المغرب ثم يرجع إلى بيته.
أما كرمه فكما قال الشاعر :
تراه إذا ما جئته متهـــللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ولو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله ســـائله
هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله
فقد كان رحمه الله كريماً يستقبل وفوداً وإذا جاءه زائرون دعاهم إلى بيته للغداء وإذا جاء في وقت متأخر استقبله الطلاب إلى غرفة الضيوف ثم يلتقي بالشيخ ويقدم الغداء بنفسه في كثير من الأوقات وكذلك كان يجلس معه بعض الزوار بعد صلاة الفجر فيقدم لهم زبيباً ويكرمهم غاية الإكرام وكان يجود بما يملكه .
وكان إذا جاءه أحد وقت وجبة من الوجبات لا سيما وجبة الغداء دعاه لتناول الغداء وكان كريماً كذلك مع طلبته وسبق الكلام على ذلك في حرصه على طلبة العلم.
وكان ورعاً رحمه الله تعالى فلا يبقى مال الدعوة عنده بل يحيله إلى مسؤول المال.
بل كان ربما يهدى له شيء من شخص لا يعرفه فيترك الانتفاع به ويعطيه من تستحقه من زوجاته كما سيأتي عن زوجته أم شعيب فرحم الله أبا عبد الرحمن.

حرصه على الدعوة


كان أبو عبد الرحمن حريصاً على الدعوة إلى الله أيما حرص بالرغم من كثرة مشاغله في التأليف والتدريس وكان يوجه طلبته ويقول لهم لا تقبلوا على العلم وتتركوا الدعوة عليكم بالدعوة إلى الله بما تعلمتم وكان يخرج للدعوة ففي بعض السنوات يخرج ويتنقل في كثير من المدن والقرى اليمنية صعد الجبال ونزل الأودية والسهول وكان يؤذى من قبل أعداءه من الجماعات كالإخوان المسلمين وأصحاب جمعيتي الحكمة والإحسان والعلمانيين والصوفية وغيرهم ولا ينقطع عن دعوته إلى الكتاب والسنة وكان يحضر له الجموع الغفيرة حتى إنه في بعض المحاضرات لا تتسع المساجد للجموع التي تحضر فيجعلونها في مصلى العيد فتجده في دعوته يحذر الناس من الشرك والبدع والديموقراطية والانتخابات وأن لا يوالون أعداء الإسلام وأن يتركوا الحزبية التي فرقت شمل الأمة ويناصح المزارعين والمدرسين والمسؤولين والآباء والأمهات والأبناء والأطباء والتجار والصحفيين والعمال بل كان حريصاً على هداية الناس أفراداً وجماعات واذكر أنه جاءه مراسل إذاعة لندن فطلب منه أن يتكلم معه فقال له الشيخ ما رأيك تسلم وأتكلم معك فنصحه الشيخ وطلب منه أن يسلم فأبى فرفض أن يتكلم معه ومكث أياماً يحضر الدروس يريد الكلام مع الشيخ والشيخ يطلب منه أن يسلم كان حريصاً على هدايته ومكث أياماً ثم رحل
وكان أبو عبد الرحمن إذا انتهى من محاضرته ينتقل إلى بيت أحد الأخوة فيجتمع الناس به يسألونه فيجيب على أسئلتهم فإذا انصرفوا عنه قرأ إن كان لديه نشاط وإلا ينام.
فرحم الله أبا عبد الرحمن وأسكنه الفردوس الأعلى آمين آمين.


حرصه على العلم ومراجعته


وكان أبوعبد الرحمن حريصاً على العلم فقد كان مهتماً بالتدريس أيما اهتمام كانت له دروس عدة فكان يدرس قبل آذان الظهر بساعة كتابه ( الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين) ولما انتهى منه أخذ يدرس في الجامع الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين وبعد صلاة الظهر يدرس يوماً في تفسير بن كثير ويوماً يدرس في كتابه (الصحيح المسند من أسباب النزول) فلما انتهى منه جعل مكانه درس (الجامع الصحيح) فصار يوماً يدرس (التفسير) ويوماً يدرس (الجامع الصحيح) وقبل الظهر يكون في بيته يحضر وتحضيره ما يقارب ربع ساعة كما ذكر ذلك في بعض دروسه.
وبعد العصر يدرسنا في (صحيح البخاري) وبعد المغرب يدرس في (صحيح مسلم) : وفي كتابه (أحاديث معلة ظاهرها الصحة) ولما انتهى منه درس كتابه (غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل) ولما انتهى منه درس كتابه (ذم المسأله ) إلا انه غاب في تدريسه كثيرا لما بدء مرضه يشتد عليه وكتبه هذه كلها درسها مع (صحيح مسلم ) ولما انتهى من كتاب (ذم المأله ) درس في كتابه (الصحيح المسند من دلائل النبوه ) وكان يجعل يوما له ويوما (لصحيح مسلم ) ومع هذين الكتابين يدرس كتاب (المستدرك ) (وكتابه ) ( الصحيح المسند في القدر ) وتوفي رحمه الله على هذا الترتيب (6) وواصل الشيخ يحيى بن علي الحجوري بدار الحديث على هذا الترتيب فهذه دروسه الخاصه في دار الحديث واذا انتقل الى بيته يدرس ابنته أم عبدالله كتاب (قطر الندى) ثم يقرأ نساؤه عليه حديثا"من كتابه دلائل النبوة وكذلك (يدرسهن ) الإملاء وكان يدرس زوجته أم شعيب (المتممة) قبل النوم وسيأتي ذلك عنها فيما بعد إن شاء الله.
وكان رحمه الله إذا تكلم في علم الرجال قلت هو فارس ميدان هذا العلم كان يأتي بفوائد عجيبة وربما جاء في بعض الأسانيد فلان بن فلان فيقول أخشى أن يكون تصحيفاً فيبحث فيوجد أنه مصحف كما قال وأما النحو إذا ناقش طلبته كأنه لا يوجد غيره في معرفة هذا الفن لكثرت الفوائد والفرائد التي يطرحها في دروسه وإذا تكلم في العلل أدهش من حوله وإذا جاءته أسئلة يجيب عليها وكان سريع الاستحضار للأدلة لقد كنا نندهش من قوة ذاكرته يأتي بالأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله فيرصها رصاً ويناسق بينها ويستبنط منها استنباطات عجيبة مع أنه لا يحفظ القرآن كاملاً ومن قرأ في كتابه ( الجامع الصحيح) عرف فقه الرجل من خلال تلك التراجم وكما قيل فقه البخاري في تراجمه.
أما مراجعته فما حضرت له مجلساً إلا وذاكر من حوله من طلبته ولقد كان رحمه الله في دروسه بين مغرب وعشاء ربما نزل من على كرسيه يسألهم عن فوائدهم التي قد أخذوها وإذا وجد شخصاً نائماً يأمره أن يبقى قائماً فإذا ذهب منه النوم قال له اجلس وإذا رأى طالباً غير مهتم بدروسه سأله بسؤال يختبره فيقول له مثلاً: معاذ بن معاذ ما اسمه وما اسم أبيه فبعضهم يجيب بلا أدري فيقول له لعلك كنت مسافراً اهتم يا بني ويتنقل في حلقته التي لا يقل عددها عن ألفي طالب وفي العطلة يبلغ عددهم ثلاثة آلاف طالب وكان لا يمنعه المرض من مذاكرة العلم ولقد زرته في مرضه الأخير في مستشفى النور بمكة المكرمة فدخلت عليه في غرفته ووجدته على السرير على يمين الداخل وفي يده اليمنى حقن مغروزة في يده وكان يغمى عليه فإذا فاق نظر إلى من حوله وسألهم وكان يكثر السؤال عن حديث: "إن الله إذا أراد قبض عبد بأرض جعل له إليها حاجة " (7).
فرحم الله أبا عبد الرحمن وأسكنه الفردوس الأعلى آمين آمين.

الترجمة الثانية في رسالة من الشيخ لمن سأله من هو :

من مقبل بن هادي الوادعي إلي أخيه في الله الشيخ العلامة ، والمؤرخ الفهامة ، الحبيب الكريم المفضال ، محمد بن علي الكوع حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
بعد التحية :
فمراحباً بك وبرسالتك العزيزة ، ولقد طلب مني والله هذا المطلب غير واحد ، وأما طلهم ، وأعتذر لكثرة شواغلي ، وأيضاً لا أحب نشر ذلك ، ولكن الشيخ محمد ذلك الذي محادثته أحلي من العسل ، له مودة في قلبي ، لا أستطيع أن أعصي له أمراً .
فأنا من وادعة التي هي شرق صعدة من وادي دماج ، وقد وصفتم – حفظكم الله – وادي دماج في بعض تعليقاتكم أظنه علي " صفة جزيرة العرب " وبساتينه وأشجاره وخضرته بما فيه كفاية ، ولعل الله ييسر لكم زيارة طلبة العلم بدماج وترون إن شاء الله ما يسركم .
وأنا مقبل بن هادي بن مقبل بن قائدة الهمداني الوادعي الخلالي ، من فبيلة آل راشد . وشيباتنا يقولون : إن وادعة من بكيل ، وأنتم حفظكم الله أعرف بالأنساب مني ومنهم ،لآن هذا فنكم الذي لا ينافسكم منافس فيه من المعاصرين .
قبيلة وادعة :
وادعة في بلاد شتي من البلاد اليمنية ، وأكبرها فيما أعلم الساكنون بلواء صعدة فهم يسكنون بدماج شرقي صعدة ، وبصحوة في أعلي دماج تحت جبل براش . وبالدرب ، وآل حجاج ، والطلول بين شرقي صعدة وجنوبها. وبشمال صعدة الزور ، وآل نائل ، وآل رطاس ، والرزامات في وادي نشور . وبحاشد غربي الصنعانية ويسمون وادعة حاشد لأنهم يسكنون في بلاد حاشد حتى قال
بعضهم :
ياواعة في وسط حاشد * إيش أمنش يا بكيلية
قال : أمنتنا بنادقنا * ضرب الزمر والفرنجية
ووادعة في نجران في أعلي وادي نجران ، ووادعة في ظهران الجنوب .وفي عام من الأعوام مر جمع من قبائلنا بمركز ( القرارة ) شمال مدينة ظهران المركز السعودي ، فلما سلموا جوازاتهم للمسئولين هنالك ونادوا بأسمائهم ،
قالوا : من كان وادعياً فليكن علي جنب . فتميز قبائلنا علي جنب ، وقالوا في أنفسهم : ماذا يريد هؤلاء منا ؟! فلما انتهوا بالنداء بالأسماء صافحهم الجنود هنالك ، وقالوا : نحن من وادعة ظهران ولابد من ضيافتكم ، فوعدهم أصحابنا عند الرجوع من الحج إن شاء الله ، وعند رجوعهم مروا بهم فأضافوهم وأكرموهم غاية الإكرام ، وكانوا بالأشةاق إلي التعرف علي وادعة صعدة فهي تعتبر الأم .
وقبائل وادعة كغيرهم من القبائل اليمنية التي لم تؤت حقها من التوعية الدينية ، وفيهم مجموعة طيبة قدر أربعين شاباً ملازمين للدروس سنذكر بعضهم إن شاء الله في جملة الطلاب .
وأني أحمد الله ، فغالب وادعة الذين هم بجوار صعدة يدافع عني وعن الدعوة بعضهم بدافع الدين ، وبعضهم بدافع التعصب القبلي ، ولولا الله ثم هم لما أبقي لنا أعداء الدعوة خصوصاً شيعة صعدة عيناً ولا أثراً .
وأذكر لهم مواقف أسأل الله أن يثيبهم عليها ويجزيهم خيراً :
منها : مضاربة شديدة في جامع الهادي ، بسبب صدي عن الدعوة فيه ، قيام معي رجال القبائل من وادعة وغيرهم حتى أنقذني الله علي أيديهم ، وكان الشيعة يريدون القضاء علي ، وكان ذلك في زمن الرئيس ( إبراهيم الحمدي ) وأهل الشر من شيوعيين وشيعة رافعون رءوسهم، فسجنونا مع بعض الطرف الآخر قدر أحد عشر يوماً في رمضان فكان يزورني في السجن في بعض الليالي قدر خمسين شاباً ، ويدخل إلي المسئولين في بعض الليالي قدر مائه وخمسين رجلاً من وادعة حتى أزعجوا المسئولين ، وأخرجونا من السجن ، والحمد لله .
ومنها : أن أعداء الدعوة ربما يأتون بالسلاح إلي دماج فيطردهم أهل دماج وهم صاغرون .
ومنها : الرحلات ، فإذا قلت : نريد رحلة . تنافسوا حفظهم الله في رفقتي والمحافظة علي فربما نخرج في بعض الرحلات في قدر خمس عشر سيارة .
وفي هذه الأيام الدعوة ماشية علي أحسن ما يرام لأني بحمد الله قد كبرت ، ولعلي أبلغ من العمر نحو اثنتين وستين سنة ، فالتجارب ونصائح محبي الدعوة تدفعاني علي الرفق وعدم مجاراة الأعداء الذين ليس لهم إلا السباب والشتائم )خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجهلين( ، )سلم عليكم لا نبتغي الجهلين( .
وأيضاً الشغل بالتعليم والتأليف والدعوة لم يبق لي وقتاً لمجاراة أولئك ، فليقولوا ما شاءوا فذنوبي كثيرة عسي أن يخفوا عني ويحملوا من أوزاري ، ولله در من
قال :
ما سلم الله من بريته * ولا نبي الهدي فكيف أنا
دراستي ومشايخي :
درست في الكتب حتى انتهيت من منهج المكتب ، ثم ضاع من العمر ما شاء الله في غير طلب علم ، لأنه ما كان هنالك من يرغب أو يساعد علي طلب العلم ، وكنت محباً لطلب العلم ، وطلبت العلم في ( جامع الهادي ) فلم أساعد علي طلب العلم ، وبعد زمن اعتربت إلي أرض الحرمين ونجد ، فكنت أسمع الواعظين ويعجبني وعظهم ، فاستنصحت بعض الواعظين ما هي الكتب المفيدة حتى أشتريها ؟ فأرشد إلي " صحيح البخاري " ، و"بلوغ المرام " ، و " رياض الصالحين " ، و " فتح المجيد شرح كتاب التوحيد " ، وأعطانب نسيخات من مقررات التوحيد ، وكنت حارساً في عمارة في الحجون بمكة ، فعكفت علي تلك الكتب ، وكانت تعلق بالذهن لأن العمل في بلدنا علي خلاف ما فيها ، خصوصاً " فتح المجيد " .
وبعد مدة من الزمن رجعت إلي بلدي أنكر كل ما رأيته يخالف ما في تلك الكتب من الذبح لغير الله ، وبناء القباب علي الأموات ، ونداء الأموات ، فبلغ الشيعة ذلك ، فأنكروا ما أنا عليه فقائل يقول منهم : من بدل دينه فاقتلوه ، ولآخر يرسل إلي أقربائي ويقول : إن لم تمنعوه فسنسجنه ، وبعد ذلك قرروا أن يدخلوني ( جامع الهادي ) من أجل الدراسة عندهم لإزالة الشبهات التي قد علقت بقلبي ، ويدندن بعضهم بقول الشاعر :
عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى * فصــادف قلباً خالياً فتمكنا
وبعد ذلك دخلت للدراسة عندهم في جامع الهادي ، ومدير الدراسة القاضي ( مطهر حنش ) ، فدرست في " العقد الثمين " ، وفي " الثلاثين المسألة وشرحها " لحابس ، ومن الذين درسونا فيها ( محمد بن حسن المتميز ) وكنا في مسألة الرؤية فصار يسخر من ابن خزيمة وغيره من أئمة أهل السنة ، وأنا أكتم عقيدتي ، إلا أني ضعفت عن وضع اليد اليمني علي اليسري في الصلاة وأرسلت يدي ، ودرسنا في " متن الأزهار " إلي النكاح مفهوماً ومنطوقاً ، وفي شرح الفرائض كتاب ضخم فوق مستوانا فلم أستفد منه .
فلما رأيت الكتب المدرسة غير مفيدة ، حاشا النحو فإني درست عندهم " الآجرومية " و " قطر الندي " ، ثم طلبت من القاضي ( قاسم بن يحيي شويل ) أن يدرسني في " بلوغ المرام " وبدأنا فيه ، وأنكر علينا ذلك ثم تركنا ، فلما رأيت أن الكتب المقررة شيعية معتزلية قررت الإقبال علي النحو فدرست " قطر الندي " مراراً علي ( إسماعيل حطبة ) رحمه الله في المسجد الذي أسكن ويصلي فيه وكان يهتم بنا غاية الاهتمام ، وفي ذات مرة أتي إلي المسجد ( محمد بن حورية ) فنصحته أن يترك التنجيم فنصحهم أن يطردوني من الدراسة ، فشفعوا لي عنده وسكت ، وكان يمر بنا بعض الشيعة ونحن ندرس في " القطر " ويقول : ( قبيلي صبن غرارة ) بمعني أن التعليم لا يؤثر في وأنا أسكت وأستفيد في النحو .
حتى قامت الثورة وتركنا البلاد ونزلنا إلي نجرالن ولازمت ( أبا الحسين مجد الدين المؤيد ) واستفدت منه خصوصاً ف اللغة العربية ، ومكثت بنجران قدر سنتين ، فلما تأكدت أن الحرب بين الجمهورية والملكية لأجل الدنيا عزمت علي الرحلة إلي أرض الحرمين ونجد ، وسكنت بنجد قدر شهر ونصف في مدرسة تحفيظ القرأن التابعة للشيخ ( محمد بن سنان الحدائي ) حفظه الله ، ولقد كان مكرماً لي لما رأي من استفادتي وينصحني بالاستمرار مدة حتى يرسلني إلي ( الجامعة الإسلامية ) ، فتغير علي الجو بالريض ، وعزمت علي السفر إلي مكة فكنت أشتغل إن وجدت شغلاً ، وأطلب العلم في الليل أحضر دروس الشيخ ( يحيي بن عثمان الباكستاني ) في " تفسير أبن كثير " ، والبخاري ، ومسلم .
وأطالع في الكتب والتقيت بشيخين فاضلين من علماء اليمن :
أحدهما : القاضي ( يحيي الأشول ) صاحب معمرة ، فكنت أدرس عنده في " سبل السلام " للصنعاني ويدرسني في أي شيء أطلب منه .
الثاني : الشيخ ( عبد الرازق الشاحذي المحويتي ) وكان أيضاً يدرسني فيما أطلب منه .
ثم فتح معهد الحرم المكي وتقدمت للاختبار مع مجموعة من طلبة العلم ، فنجحت والحمد لله .
وكان من أبرز مشايخنا فيه الشيخ ( عبد العزيز السبيل ) ، ودرست مع مجموعة من طلبة المعهد عند الشيخ ( عبد الله بن محمد بن حميد ) رحمه الله في " التحفة السينة " بعد العشاء في الحرم ، فكان رحمة الله يأتي بفوائد مفيدة من " شرح ابن عقيل " وغيره ، وكانت فوق مستوى زملائي فتملص زملائي ، فترك رحمه الله الدرس .
ودرست مع مجموعة من الطلاب عند الشيخ ( محمد السبيل ) حفظه الله شيئاً من الفرائض .
وبعد الاستقرار في المعهد خرجت للإتيان بأهلي من نجران فأتيت بهم وسكنا بمكة مدة الدراسة في المعهد ست سنين ، والدراسة في الحرم نفسه ز
وبركة دراسة المساجد معلومة ، ولا تسأل عن أنس وراحة كنا فيها ، وصدق الرسول eإذ يقول : " وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدار سونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وحفتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة ، وذكرهم الله فيمن عنده "
النهار في دراسة المعهد ، والدروس كلها تخدم العقيدة والدين ، ومن بعد العصر إلي بعد العشاء في الحرم نشرب من ماء زمزم الذي قال النبي e فيه : " إنه طعام طعم وشفاء سقم " . ونسمع من الواعظين القادمين من الآفاق لأداء حج أو عمرة .
ومن المدرسين في الحرم بين مغرب وعشاء الشيخ ( عبد العزيز بن راشد النجدي ) صاحب " تيسير الوحيين في الاقتصار علي القرآن والصحيحين " وله فيه أخطاء لا نوافقه عليها ، وكان رحمة الله يقول : الصحيح في غير الصحيحين يعد علي الأصابع ، فبقيت كلمته في ذهني منكراً لها حتى عزمت علي تأليف " الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين " فازددت يقيناً ببطلان كلامه رحمه الله .
وكان رحمه الله رجل التوحيد ، وله معرفة قوية بعلم الحديث ، ومعرفة صحيحة من سقيمه ، ومعلومه من سليمة ، ويعجبني فيه أنه ينفر عن التقليد حتي إنه ألف رسالة بعنوان " الطواغيت المقنعة " ، فظن بعض العلماء لمناقشة فقالوا : أنت عنيتنا بهذا وعنيت الحكومة ؟ فقال : إن كنتم ترون أنكم ترون أنكم متصفون بالصفات التي ذكرت في الكتاب فهو يشملكم ، وإن كنتم ترون أنكم لستم متصفين بالصفات التي ذكرت في الكتاب فهو لا يشملكم . ثم منع الكتاب من الدخول إلي المملكة ، أفادني بذلك .
وفي ذات ليلة طلب منه أن يلقي درساً وكأنه لا ختباره ، فبدأ درسه بقوله تعالي : ) اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون (وسرد من الآيات التي تدل علي تحريم التقليد ، وبعض أفاضل العلماء عند الكرسي ، وبعد ذلك منع من التدريس في الحرم ، والله المستعان .
ومن مشايخي في الحرم المكي الذين استفدت منهم الشيخ ( محمد بن عبد الله الصومالي ) فقد حضرت عنه نحو سبعة أشهر أو أكثر ، وكان رحمه الله آية في معرفة رجال الشيخين ، ومنه استفدت كثيراً في علم الحديث ، علي أني بحمد ربي من ابتدائي في الطلب لا أحب إلا علم الكتاب والسنة .
وبعد الانتهاء من معهد الحرم من المتوسط والثانوية ، وكل الدروس دينية ، انتقلنا إلي المدينة إلي الجامعة الإسلامية ، فحول أكثرنا إلي كلية الدعوة وأصول الدين ، وأبرز من درسنا فيها الشيخ ( السيد محمد الحكيم ) والشيخ ( محمود عبد الوهاب فائد ) المصريان .
وعند أن جاءت العطلة خشيت من ذهاب الوقت وضياعه فانتسبت في كلية الشريعة ، لأمرين : أحدهما : التزود من العلم. الثاني : أن الدروس متقاربة وبعضها متحدة ، فهي تعتبر مراجعة لما درسناه في كلية الدعوة . وانتهيت بحمد الله من الكليتين ، وأعطيت شهادتين ، وأنا بحمد الله لا أبالي بالشهادات ، المعتبرة عندي هو العلم .
وفي عام انتهائنا من الكليتين فتحت في الجامعة دراسة عالية ما يسمونه بالماجستير ، فتقدمت لاختبار المقابلة ونجحت بحمد الله وهي تخصص في علم الحديث ، وبحمد الله حصلت الفائدة التي أحبها ، وكان أبرز من درسنا الشيخ ( محمد الأمين المصري ) رحمة الله ، والشيخ ( السيد محمد الحكيم المصري ) وفي آخرها الشيخ (حماد بن محمد الأنصاري ) وكنت أحضر بعض الليالي درس الشيخ ( عبد العزيز بن باز ) في الحرم المدني في " صحيح مسلم " ، وأحضر كذلك مع الشيخ ( الألباني ) في جلساته الخاصة بطلبة العلم للاستفادة .
ومنذ كنت في الحرم المكي وأنا أدرس بعض طلبة العلم في " قطر الندي " وفي " التحفة السنية " ، وعند أن كنت بالمدينة كنت بالمدينة كنت أدرس بعض إخزاني في الحرم المدني في " التحفة السنية " ثم وعدت إخواني في الله بدروس في بيتي بعد العصر في "جامع الترمذي " ، و " قطر الندي " ، و " الباعث الحثيث " وانتشرت دعوة كبيرة من المدينة ملأت الدنيا في مدة ست سنوات ، بعض أهل الخير هم الذين يسعون في تمويلها ، و( مقبل بن هادي ) وبعض إخوانه في الله هم الذين يقومون بتعليم إخوانهم ، وأما الرحلات للدعوة إلي الله في جميع أنحاء المملكة فمشتركة بين الإخوان كلهم ، طالب العلم للتزود من العلم ولإفادة الآخرين ، والعامي للتعلم ، حتى استفاد كثير من العامة وأحبوا الدعوة .
وكان بعض إخواننا في الله طلبة العلم إمام مسجد في الرياض فأنكر عليه بعض أهل العلم السترة ، فقال : عجزنا فيكم فو الله لا يقوم إلا عامي يعلمكم أحاديث السترة . فدعا أخاً من محبي الدعوة من العامة وحفظه أحاديث السترة من " الؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان " ، وقام وألقي تلكم الحاديث ،وبعدها خجل المعارضون وسكتوا .
وبعد هذا تحرك المقلدة وعلماء السوء ، وكان السبب في تحرك المقلدة الذين هم في نظر الناس علماء أنهم إذا التقوا بطالب علم صغير من طلابنا واستدلوا بحديث قال لهم : من أخرجه ؟ وهذا شيء ما ألفوه ، ثم يقول لهم : ما حال الحديث ؟وهذا أيضاً ما ألفوه ، فخجلوهم أمام العامة ، وربما قال لهم الطالب : هذا حديث ضعيف في سنده فلان ، وضعفه فلان ، فضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وأشاعوا أن هؤلاء خوارج ، وحاشا الأخوة من الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين ويكفرون بالمعصية .
وكانت تحدث السقطات من بعض الأخوة المبتدئين ؛ لأن الغالب علي المبتدئ الحماسة الزائدة – وكنت آنذاك أحضر رسالة الماجستير – فما شعرنا ذات ليلة إلا بالقبض علينا ، فقبضوا علي نحو مائة وخمسين وهرب من هرب ، وأرتجت الدنيا بين منكر ومؤيد ، فبقينا في السجن نحو شهر أو شهر ونصف وبعدها خرجنا الله أبرياء .
ثم بعد هذا خرجت بعض رسائل ( جهيمان ) فقبض علي مجموعة منا ، وعند التحقيق قالوا لي : أنت الذي كتبتها ، جهيمان لا يستطيع أن يكتب . فنفيت ذلك والله يعلم أني لم أكتبها ولم أشارك فيها ، وبعد سجن ثلاثة أشهر أمر بترحيل الغرباء .
ولما وصلت إلي اليمن عدت إلي قريتي ومكثت بها أعلم الأولاد القرآن ، فما شعرت إلا بتكالب الدنيا علي ، فكأني خرجت لخراب البلاد والدين والحكم ، وأنا آنذاك لا أعرف مسئولاً ولا شيخ قبيلة ، فأقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، وإذا ضقت ذهبت إلي صنعاء أو إلي حاشد ، أو إلي ذمار ، وهكذا إلي تعز ، وإب ، والحديدة ، دعوة وزيارة للإخوان في الله .
وبعد أيام أخرج بعض فاعلي الخير مكتبتي من المدينة ، فطلب منه خمسمائة ريال سعودى في مركز ( كدم ) ، وكان المسئول عنه ( المشرقي ) فأبي ، يظنها رشوة ، وهو لا يدرى أنها رشوة في حقهم ، وأما هو فليست برشوة ، لأن الرشوة ما أعطي لإحقاق باطل ، أو لإبطال حق .
فأرسلوا بالكتب أصحابنا فقال : إن شاء الله بعد الظهر ، وما جاء بعد الظهر إلا وقد حرك الشيعة ، فطلبوا من المسئولين توقيفها لأنها كتب وهابية . ولا تسأل عن الغرامة المالية ، والمتاعب ، والضيم التي حصلت لي .إخوان بذلوا جهوداً في متابعة ذلك ، كثير من أهل بلدي ، ( الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر ) ، ( الشيخ هزاع ضبعان ) ، المسئولون في مكتب التوجيه والإرشاد منهم القاضي ( يحي الفسيل ) رحمه الله ، الأخ ( عائض بن علي مسمار ) ، وبعد متاعب طويلة أبرق أهل صعدة إلي الرئيس ( علي بن عبد الله بن صالح ) فأحال القضية إلي القاضي ( علي السمان ) فأرسل إلي القاضي ووعد أنه سيسلم المكتبة وقال : إن أهل صعدة متشددون ، فهم يكفرون علماء صنعاء . فطلبت المكتبة إلي صنعاء ، وقدر أن وصلت الكتب والقاضي ( علي السمان ) في بعثه إلي الخارج ، فذهب الإخوة إلي المسئول في وزارة الأوقاف فقال لهم : إنها مصاطرة – بالطاء - . وتحرك بعض إخواننا في الله من مكتب التوجيه والإرشاد وذهبوا واستلموها ، وقالوا : هي من اختصاصنا ، فنحن ننظرها فما كان صالحاً سلمناه للوادعي ، وما كان يخل بالدين أبقيناه عندنا ، وبما أنهم يعرفون أنها كتب دينية محضة فقد سلموها لي من غير تفتيش ، فجزاهم الله خيراص ، فأخذتها إلي البلاد والحمد لله ، وقام أقربائي جزاهم الله خيراً ببناء مكتبة صغيرة ومسجد صغير ، وقالوا : نصلي فيه جمعه درءاً للفتن والمشاكل ، فكنا في بعض الأوقات نصلي قدر سته نفر .
وفي ذات مرة طلبني المحافظ ( هادي الحشيشي ) فذهب إلي الشيخ ( قائد مجلي ) رحمه الله فاتصل به وقال : ما تريد من الوادعي ؟ فقال : لا شيء إلا مجرد التعرف عليه ، فقال : نطلع إليه في معهده . وفي أخري طلبني مسئول آخر فدخل معي إليه ( حسين بن قائد مجلي ) فتكلم علي الشيعة ، وشرح له أننا ندعو إلي الكتاب والسنة ، وأن الشيعة حسدونا علي ذلك ، ويخافون أن تظهر الحقائق ، فقال المسئول : إن الشيعة سودت تاريخ اليمن ، وما دامت دعوتك كذلك فادع ونحن معك .وبعد هذا مكثت في مكتبتي ، وما هي إلا أيام فإذا الأخوة المصريين وفتحنا دروساً في بعض كتب الحديث وبعض كتب اللغة ، وبعد هذا ما زال طلبة العلم يفدون من مصر ، ومن الكويت ، ومن أرض الحرمين ونجد ، ومن عدن ، وحضر موت ، ومن الجزائر ، ولبيبا ، والصومال ، ومن بلجيكا ، ومن كثير من البلاد الإسلامية وغيرها .
وعدد الطلاب الآن ما بين الستمائة إلي السبعمائة ، منهم قدر مائة وسبعين عائلة ، والله يأتيهم برزقهم من عنده ، كل هذا لا بحول منا ولا قوة ، ولا بسبب كثرة علمنا ، ولا شجاعتنا ولا فصاحتنا في الخطابة ، ولكن هذا أمر أراد الله أن يكون ، ولله الحمد والمنة الذي وفقنا لذلك .
الدروس التي تلقي :
دروس هي :
(1)" تفسير ابن كثير " بعد الظهر .
(2)" صحيح البخاري " بعد العصر .
(3)" صحيح مسلم " ، وبعده " مستدرك الحاكم " بين مغرب وعشاء .
(4)" الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين " قبل الظهر .
(5)" الصحيح المسند من دلائل النبوة " .
(6)" الجامع الصحيح في القدر " .
(7)وكنت أدرس في " شرح ابن عقيل " ثم مرضت وتركت .
أما إخواني في الله فإنهم قائمون بدروس لإخوانهم في جميع المجالات العلمية علي مستويات الطلاب في : التوحيد ، والعقيدة ، والفقة وأصوله ، والحديث وأصوله ، والفرائض ، والنحو ، والخط ، والإملاء ، وجميع ما يحتاج إليه الطالب من العلوم الدينية ووسائلها ، وإذا ضاق المسجد والسكنات ففي الوادي وتحت الأشجار ، وتلقي هناللك الدروس ، علم طيب
وهواء طيب . والفضل في الله وحده .
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية فريد الإدريسي
فريد الإدريسي
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 01-07-2007
  • العمر : 47
  • المشاركات : 184
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • فريد الإدريسي is on a distinguished road
الصورة الرمزية فريد الإدريسي
فريد الإدريسي
عضو فعال
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 11:43 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى