ملاحظات حول العلمانية و العلمانيين العرب .
17-10-2012, 01:16 AM
ملاحظات حول العلمانية و العلمانيين العرب .
لفت إنتباهي في الموضوع الأخير الذي نشرته الشروق اليومي " أدعوجميع الكتاب الجزائريين والعرب لزيارة اسرائيل دعما... للسلام" بعض ردود القراء التي ربطت بين موقف الأديب صنصال و علمانيته ، بحيث كان هناك إتجاه للقول وكأن العلمانيين العرب خونة وعملاء بالضرورة لإسرائيل ، وهو رأي بات كثير التردد على ألسنة الإسلاميين بدون تقديم الدليل الحقيقي له وعليه فنحن نطرح التساؤلات التالية : هل حقا يمكن ربط العلمانية بخيانة الوطن ؟ ، ثم هل حقا العلمانيون العرب موالون لإسرائيل كما يدعي الإسلاميون ؟
بالنسبة للسؤال الأول فالجواب بالقطع لا ، فالعلمانية بكونها نظرية فلسفية وسياسية حول علاقة الدين بالإنسان و بأنظمة الحكم لا إرتباط لها بصياغة المواقف الوطنية ، فالعلمانية تحدد سلوك الفرد و الدولة في مسائل الحريات العامة والفردية ، طبيعة الحقوق ، العلاقات بين الأفراد ..إلخ لكن ليس السياسات الخارجية أو المواقف الوطنية ، ولهذا فالدول العلمانية في العالم كما الأفراد لا تحدد مواقفها و سياساتها الخارجية على أسس الإنتماء العلماني وفلسطين المعنية ابرز مثال على هذا ، فالمقاومة الفلسطينية مثلا نجدها مكونة من جميع المشارب الأيدلوجية وليس الدينية منها فقط ، بل نحن نجد في المثال الفلسطيني أن المقاومة الفلسطينية من البدء كان قادها علمانيون وكذا شهدائها الأوائل على عكس الإدعاء الإسلامي وهذا ممثلا في حركة فتح التي أسست سنة 1965 وهي أول حركة مقاومة فلسطينية قبل حماس الإسلامية و قبل الجهاد الإسلامي ، و فتح كما هو معلوم هي حركة وطنية علمانية (وطنية بمعنى أنها تسعى لتحرير فلسطين الوطن، وعلمانية لكونها لاتميز بين الفلسطينيين على إختلاف مشاربهم فهي تضم مناضلين مسيحيين مسلمين ، اسلاميين شيوعيين الخ)
الأمر الأخر بالنسبة للقضية الفلسطينية و علاقتها بالعلمانيين العرب هو أننا نجد في الواقع أن القضية الفلسطينية أكثر قضية تحضى بالدعم من العلمانيين العرب فاليسار العربي في الواقع يبنى مواقفه السياسية كاملة على أساس البوصلة الفلسطينية ، وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر موقف الأديب الجزائري رشيد بوجدرة الأخير حين قال في حوار له على نفس الجريدة- الشروق اليومي- "أنا مع حماس وحزب الله" ، أو بمعنى أخر ، أنه مع المقاومة ضد العدو الإسرائيلي بغض النظر على اراءي الشخصية مثل العلمانية او حتى نفيّ وجود الله ، وطبعا معروف أن بوجدرة هو علماني جزائري من خلفية شيوعية ، وله أراء حادة بالنسبة للإسلاميين لكن مع هذا فهو يميز بين مواقفه الشخصية من الدين و بين موقف دعم المقاومة ضد الإحتلال.
عموما يمكن القول أن هذه النتيجة طبيعية ، فمادامت العلمانية لا تتدخل في صياغة الموقف الوطني ، فمن البديهي أن تختلف أراء العلمانيين في هذا الجانب ، يبقى المهم ان يعي الإنسان هذا الأمر ، فالملاحظ أن السبب الرئيسي في إنتشار مثل هذه المغالطات هو الجهل الفاضح بمعاني المصطلحات كالعلمانية و الصهيونية ، ضف إلى هذا كم الأكاذيب و الإدعاءات الزائفة التي يروج لها الإسلاميون لتشويه العلمانية في اوساط الناس .
أخير وقبل أن ننهي تبقى ملاحظة يجب التنويه لها بخصوص بوجدرة وكثير من العلمانيين عندنا وهي أننا نجد بعد المقارنة أن العلماني يمكن أن يدعم المقاومة حتى لو اختلف معها بالأيديولوجيا الفكرية ، فالعلماني العربي يمكن ان يدعم المقاومة الإسلامية على الرغم من عدم اتفاقه مع البرنامج السياسي للجهة المقاومة ، هذا على عكس الاسلاميين حيث نجد ان الانتماء الايدلوجي يؤثر على اراء الفرد منهم ولهذا نجدهم يكفرون بعضهم البعض و يتناحرون فيما بينهم حتى قبل يتناحروا مع العدو الاسرائيلي ، كما حصل مثلا إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان سنة 2006 ، فالوهابية مثلا كانوا يحرضون مريدهم للدعاء على حزب الله و تمني الهزيمة له ، برغم انه فصيل مقاوم يدافع عن الدولة اللبنانية ، وهذا لا لشيء سوى أنهم يخشون من المد الشيعي في لبنان ، هذا مع أن المد الشيعي ليس أخطر من الناحية الواقعية من الهيمنة الإسرائيلية .
لكن طبعا لايمكن توقع أن يفهم الاسلامي هذا الكلام ، فهو لا يحسب الأمور بهذه الطريقة فالمهم لديه هو دحر الشيعة الإنجاس لأنهم أخطر من اليهود على مشروعه ، فالإسلامي لا يحسب الأمر من الناحية الوطنية ، بل من ناحية شخصية مصلحية ، ومن الناحية الشخصية يعتبر التشيع أخطر من الهينة الإسرائيلية لأنه يسحب من الرصيد الذي يعتاش عليه الاسلامي ، و الأمر نفسه بالنسبة للعداء مع العلمانية ، فهي بالنسبة له خطر يهدد مشروعه وعليه ليس من المتوقع أن نرى إسلاميا يدعم حركة مقاومة علمانية كما حال العلمانيين ، فإذا كان هذا هو الحال بين إسلاميين و انفسهم فكيف الحال و ان نطلب منهم التخلي عن موافقهم ودعم حركة مقاومة علمانية من باب جللب المصلحة قبل درء المفسدة .
عموما يمكن القول ان هذا لن يحصل فالمنطق مقلوب لدى الاسلاميين فدرء المفسدة اهم من جلب المصلحة ولهذا فالاسلاميون مستعدون لقبول احتلال الوطن على ان ينصروا علمانيا كما هي عادتهم ، فالشعراوي مثلا بعد هزيمة 67 صلى صلاة شكر لله في أحد المساجد الجزائرية شكرا لله على هزيمة العرب ، هذه الصلاة التي كان تبرير الشيخ لها أنها شكرالله على هزيمة الإشتراكية ، فهم لو إنتصروا لكان هذا ليفتنهم ببريق الاشتراكية الكافرة ويبعدهم عن المشروع الاسلامي لو انهم إنتصروا ، وعليه كان من الافضل بالنسبة للشعراوي ان يهزم العرب لينتكس المشروع الإشتراكي القومي أفضل من ان تتحرر فلسطين ، أي يمكن القول بطريقة أخرى ان الشعراوي ربما لن يمانع ضياع فلسطين إذا خيروه بينها وبين انتكاسة المشروع الاسلامي وهذا حال أغلب الإسلاميين .
فالملاحظ أن جميع التجارب الإسلامية من إفغانستان إلى إيران مرورا بالجزائر والسودان تتبث أن الإسلامي مستعد لحرق الأخضر واليابس في سبيل تحقيق مآربه الشخصية ، عدى كونه مستعدا للتحالف مع الشيطان نفسه وبتبريرات شرعية ربانية في سبيل الوصول للحكم ، ولتقديم دليل حي لاحظوا تبريرات الجهاديين لمولاة الكفار أيام الحرب الأهلية الليبية ، ونفس الشيء عن الحلف السعودي الاسرائيلي السري لضرب إايران ، ونفس الأمر عن حرص الإخوان المسلمون على إتفاقية السلام مع العدو الصهيوني فيما يستعرض رئيس العصابة الأخوانية عضلاته أمام الشيعة بالقول أنه حامي حمى الإسلام السني .
عموما كل هذا ألا يجعلنا نسأل ، من يحق له أن يصنف من ؟، وبأي مقياس يتم التصنيف ؟ ، ثم من هو حقا العميل للاسرائيلي ، هل من يساندون المقاومة في جميع الاشكال بغض النظر عن الاراء الشخصية ، ام الذين يحسبون الامور بالمزاج الشخصي ، بحيث إسرائيل قد تكون حبيب او عدو على حسب الحاجة ؟
لفت إنتباهي في الموضوع الأخير الذي نشرته الشروق اليومي " أدعوجميع الكتاب الجزائريين والعرب لزيارة اسرائيل دعما... للسلام" بعض ردود القراء التي ربطت بين موقف الأديب صنصال و علمانيته ، بحيث كان هناك إتجاه للقول وكأن العلمانيين العرب خونة وعملاء بالضرورة لإسرائيل ، وهو رأي بات كثير التردد على ألسنة الإسلاميين بدون تقديم الدليل الحقيقي له وعليه فنحن نطرح التساؤلات التالية : هل حقا يمكن ربط العلمانية بخيانة الوطن ؟ ، ثم هل حقا العلمانيون العرب موالون لإسرائيل كما يدعي الإسلاميون ؟
بالنسبة للسؤال الأول فالجواب بالقطع لا ، فالعلمانية بكونها نظرية فلسفية وسياسية حول علاقة الدين بالإنسان و بأنظمة الحكم لا إرتباط لها بصياغة المواقف الوطنية ، فالعلمانية تحدد سلوك الفرد و الدولة في مسائل الحريات العامة والفردية ، طبيعة الحقوق ، العلاقات بين الأفراد ..إلخ لكن ليس السياسات الخارجية أو المواقف الوطنية ، ولهذا فالدول العلمانية في العالم كما الأفراد لا تحدد مواقفها و سياساتها الخارجية على أسس الإنتماء العلماني وفلسطين المعنية ابرز مثال على هذا ، فالمقاومة الفلسطينية مثلا نجدها مكونة من جميع المشارب الأيدلوجية وليس الدينية منها فقط ، بل نحن نجد في المثال الفلسطيني أن المقاومة الفلسطينية من البدء كان قادها علمانيون وكذا شهدائها الأوائل على عكس الإدعاء الإسلامي وهذا ممثلا في حركة فتح التي أسست سنة 1965 وهي أول حركة مقاومة فلسطينية قبل حماس الإسلامية و قبل الجهاد الإسلامي ، و فتح كما هو معلوم هي حركة وطنية علمانية (وطنية بمعنى أنها تسعى لتحرير فلسطين الوطن، وعلمانية لكونها لاتميز بين الفلسطينيين على إختلاف مشاربهم فهي تضم مناضلين مسيحيين مسلمين ، اسلاميين شيوعيين الخ)
الأمر الأخر بالنسبة للقضية الفلسطينية و علاقتها بالعلمانيين العرب هو أننا نجد في الواقع أن القضية الفلسطينية أكثر قضية تحضى بالدعم من العلمانيين العرب فاليسار العربي في الواقع يبنى مواقفه السياسية كاملة على أساس البوصلة الفلسطينية ، وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر موقف الأديب الجزائري رشيد بوجدرة الأخير حين قال في حوار له على نفس الجريدة- الشروق اليومي- "أنا مع حماس وحزب الله" ، أو بمعنى أخر ، أنه مع المقاومة ضد العدو الإسرائيلي بغض النظر على اراءي الشخصية مثل العلمانية او حتى نفيّ وجود الله ، وطبعا معروف أن بوجدرة هو علماني جزائري من خلفية شيوعية ، وله أراء حادة بالنسبة للإسلاميين لكن مع هذا فهو يميز بين مواقفه الشخصية من الدين و بين موقف دعم المقاومة ضد الإحتلال.
عموما يمكن القول أن هذه النتيجة طبيعية ، فمادامت العلمانية لا تتدخل في صياغة الموقف الوطني ، فمن البديهي أن تختلف أراء العلمانيين في هذا الجانب ، يبقى المهم ان يعي الإنسان هذا الأمر ، فالملاحظ أن السبب الرئيسي في إنتشار مثل هذه المغالطات هو الجهل الفاضح بمعاني المصطلحات كالعلمانية و الصهيونية ، ضف إلى هذا كم الأكاذيب و الإدعاءات الزائفة التي يروج لها الإسلاميون لتشويه العلمانية في اوساط الناس .
أخير وقبل أن ننهي تبقى ملاحظة يجب التنويه لها بخصوص بوجدرة وكثير من العلمانيين عندنا وهي أننا نجد بعد المقارنة أن العلماني يمكن أن يدعم المقاومة حتى لو اختلف معها بالأيديولوجيا الفكرية ، فالعلماني العربي يمكن ان يدعم المقاومة الإسلامية على الرغم من عدم اتفاقه مع البرنامج السياسي للجهة المقاومة ، هذا على عكس الاسلاميين حيث نجد ان الانتماء الايدلوجي يؤثر على اراء الفرد منهم ولهذا نجدهم يكفرون بعضهم البعض و يتناحرون فيما بينهم حتى قبل يتناحروا مع العدو الاسرائيلي ، كما حصل مثلا إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان سنة 2006 ، فالوهابية مثلا كانوا يحرضون مريدهم للدعاء على حزب الله و تمني الهزيمة له ، برغم انه فصيل مقاوم يدافع عن الدولة اللبنانية ، وهذا لا لشيء سوى أنهم يخشون من المد الشيعي في لبنان ، هذا مع أن المد الشيعي ليس أخطر من الناحية الواقعية من الهيمنة الإسرائيلية .
لكن طبعا لايمكن توقع أن يفهم الاسلامي هذا الكلام ، فهو لا يحسب الأمور بهذه الطريقة فالمهم لديه هو دحر الشيعة الإنجاس لأنهم أخطر من اليهود على مشروعه ، فالإسلامي لا يحسب الأمر من الناحية الوطنية ، بل من ناحية شخصية مصلحية ، ومن الناحية الشخصية يعتبر التشيع أخطر من الهينة الإسرائيلية لأنه يسحب من الرصيد الذي يعتاش عليه الاسلامي ، و الأمر نفسه بالنسبة للعداء مع العلمانية ، فهي بالنسبة له خطر يهدد مشروعه وعليه ليس من المتوقع أن نرى إسلاميا يدعم حركة مقاومة علمانية كما حال العلمانيين ، فإذا كان هذا هو الحال بين إسلاميين و انفسهم فكيف الحال و ان نطلب منهم التخلي عن موافقهم ودعم حركة مقاومة علمانية من باب جللب المصلحة قبل درء المفسدة .
عموما يمكن القول ان هذا لن يحصل فالمنطق مقلوب لدى الاسلاميين فدرء المفسدة اهم من جلب المصلحة ولهذا فالاسلاميون مستعدون لقبول احتلال الوطن على ان ينصروا علمانيا كما هي عادتهم ، فالشعراوي مثلا بعد هزيمة 67 صلى صلاة شكر لله في أحد المساجد الجزائرية شكرا لله على هزيمة العرب ، هذه الصلاة التي كان تبرير الشيخ لها أنها شكرالله على هزيمة الإشتراكية ، فهم لو إنتصروا لكان هذا ليفتنهم ببريق الاشتراكية الكافرة ويبعدهم عن المشروع الاسلامي لو انهم إنتصروا ، وعليه كان من الافضل بالنسبة للشعراوي ان يهزم العرب لينتكس المشروع الإشتراكي القومي أفضل من ان تتحرر فلسطين ، أي يمكن القول بطريقة أخرى ان الشعراوي ربما لن يمانع ضياع فلسطين إذا خيروه بينها وبين انتكاسة المشروع الاسلامي وهذا حال أغلب الإسلاميين .
فالملاحظ أن جميع التجارب الإسلامية من إفغانستان إلى إيران مرورا بالجزائر والسودان تتبث أن الإسلامي مستعد لحرق الأخضر واليابس في سبيل تحقيق مآربه الشخصية ، عدى كونه مستعدا للتحالف مع الشيطان نفسه وبتبريرات شرعية ربانية في سبيل الوصول للحكم ، ولتقديم دليل حي لاحظوا تبريرات الجهاديين لمولاة الكفار أيام الحرب الأهلية الليبية ، ونفس الشيء عن الحلف السعودي الاسرائيلي السري لضرب إايران ، ونفس الأمر عن حرص الإخوان المسلمون على إتفاقية السلام مع العدو الصهيوني فيما يستعرض رئيس العصابة الأخوانية عضلاته أمام الشيعة بالقول أنه حامي حمى الإسلام السني .
عموما كل هذا ألا يجعلنا نسأل ، من يحق له أن يصنف من ؟، وبأي مقياس يتم التصنيف ؟ ، ثم من هو حقا العميل للاسرائيلي ، هل من يساندون المقاومة في جميع الاشكال بغض النظر عن الاراء الشخصية ، ام الذين يحسبون الامور بالمزاج الشخصي ، بحيث إسرائيل قد تكون حبيب او عدو على حسب الحاجة ؟
سأَصيرُ يوماً فكرةً . لا سَيْفَ يحملُها إلى الأرضِ اليبابِ ، ولا كتاب… كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصَدَّعَ من تَفَتُّح عُشْبَةٍ ... لا القُوَّةُ انتصرتْ ولا العَدْلُ الشريدُ ...سأَصير يوماً ما أُريدُ ..
درويش .
درويش .
من مواضيعي
0 قل ليتني شمعة في الظلام
0 التفكير في زمن التكفير .
0 معاداة العلم .
0 مشروع النهضة الإسلامية "خرافة"
0 ملاحظات حول العلمانية و العلمانيين العرب .
0 دجل مفضوح ، ومحاولات غسيل سمعة للقذارة .
0 التفكير في زمن التكفير .
0 معاداة العلم .
0 مشروع النهضة الإسلامية "خرافة"
0 ملاحظات حول العلمانية و العلمانيين العرب .
0 دجل مفضوح ، ومحاولات غسيل سمعة للقذارة .
التعديل الأخير تم بواسطة طاهر جاووت ; 17-10-2012 الساعة 01:37 AM