تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > أرشيف > المنتدى الاسلامي العام

> مع الشيخ محمد الغزالي بعد 10 سنوات من وفاته :

 
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 68
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: مع الشيخ محمد الغزالي بعد 10 سنوات من وفاته :
18-06-2008, 12:21 AM
لم يكن الشيخ الغزالي رحمه الله داعية كل همه إلقاء الخطب والدروس ، وشحذ الهمم وإشعال حماس الجمهور بالكلمات الرنانة ، والخطب النارية ، وأن جهده الذي يمكن أن يبذله للأمة هو جهد فردي ، متناثر هنا وهناك ، ولم يكن تكوين الشيخ الغزالي رحمه الله وقفا على نتف من العلوم الشرعية ، بل ضم إليها المعرفة الإنسانية ، والإحاطة بالسنن الكونية ، والإلمام بتاريخ الشعوب ، وسبر أغوار الأمة ، معرفا بعللها وأمراضها ، منبها إلى الطريق لعلاجها ، فيمكن لنا أن نطلق على الشيخ الغزالي “ داعية الأمة ”؛ لأنه بالفعل كان يحمل هموم الأمة ، ينام ويصحو عليها ، ومن دور الداعية أنه كالطبيب ، يكشف بوضوح أعراض المرض ، ويسعى بخبرته لوصف علاجه .
فقدان الوعي :
ففي مجال الفكر، يرى الشيخ الغزالي أن الأمة أصيبت بأتباع فاقدي الوعي ، لا يدركون ما يحاك لهم من الأمم الأخرى ، وأن مثل هذا النهج يجعل الأمة أقرب للموتى منه للأحياء ؛ فهو يرى أن
الضمير المعتل والفكر المختل ليسا من الإسلام في شيء ، وقد انتمت إلى الإسلام أمم فاقدة الوعي عوجاء الخطى قد يحسبها البعض أمما حية ولكنها مغمي عليها ... والحياة الإسلامية تقوم على فكر ناضر ... إذ الغباء في ديننا معصية ”.
وإذا كان غياب الوعي الفكري بارزا في كثير من مظاهر الأمة ، لكنه أخطر حين يكون في مجال الشرع خاصة ، فتلك طامة كبرى ، وإن كان الفشل في الدين والدنيا مصيبة لا تغتفر ، فـ ” إن اضمحلال العقل الإسلامي واضح في أغلب ميادين الفقه ! وعدد كبير من المشتغلين بفقه العبادات أو المعاملات يحسن النقل التقليدي أكثر مما يحسن الوعي والاجتهاد ، ويغلب عليه ضيق الأفق ولزوم ما لا يلزم !. أما الفشل في شئون الدنيا فأمره مخجل حتى إن ما نأكله من طعام أو ما نأخذه من دواء أو ما نرتديه من لباس يصنعه لنا غيرنا !. وأما صناعات السلاح وما يحمي الشرف ويصون الإيمان فشيء لا ناقة لنا فيه ولا جمل ”.
سوء الخلق :
ومن الأمراض التي يجب علاجها السلوك الإنساني ، فإن الإسلام يقوم مع العقيدة والعبادة على الخلق والسلوك ، وبدون المعاملة الحسنة لا تستقيم حياة الناس ، بل تؤثر على دينهم ، فساعتها يكون نفع العقيدة والعبادة ضعيفا ، وأخطر ما يكون سوء الخلق في حاملي لواء الدعوة والإسلام ، ويعبر الغزالي عن ذلك قائلا :
أكره أصحاب الغلظة والشراسة ، لو كان أحدهم تاجرا واحتجت إلى سلعة عنده ما ذهبت إلى دكانه ، ولو كان موظفا ولي عنده مصلحة ما ذهبت إلى ديوانه ، لكن البلية العظمى أن يكون إمام صلاة أو خطيب جمعة أو مشتغلا بالدعوة ، إنه يكون فتنة متحركة متجددة يصعب فيها العزاء . إذا لم يكن الدين خلقا دمثا ووجها طليقا وروحا سمحة وجوارا رحبا وسيرة جذابة فما يكون ؟! وقبل ذلك، إذا لم يكن الدين افتقارا إلى الله ، وانكسارا في حضوره الدائم ، ورجاء في رحمته الواسعة ، وتطلعا إلى أن يعم خيره البلاد والعباد فما يكون ؟!. بعض المصلين تحركه لينتظم في الصف فكأنما تحرك جبلا !. وبعض الوعاظ يتكلم فكأنه وحده المعصوم والناس من دونه هم الخطاءون!. وهذا شاب حدث يحسب نفسه مبعوث العناية الإلهية لإصلاح البشرية فهو ينظر إلى الكبار والصغار نظرة مقتحمة جريئة ...
إن القلب القاسي والغرور الغالب هما أدل شيء على غضب الله ، والبعد عن صراطه المستقيم .. ومن السهل أن يرتدي الإنسان لباس الطاعات الظاهرة على كيان ملوث وباطن معيب .
لو أن إنسانا عرف معايبي فسترها عن الناس وقصد بها إلي ليكشف لي أخطائي ويرجع بي إلى ربي لشكرته ودعوت له !.
إنه أسدى إلي جميلا ، ورحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي ...
إنني أخاف على نفسي وعلى الناس صياحا فضاحا يرتقب الغلطة ليثب على صاحبها وثبة الذئب على الشاة ، فهو في ظاهره غيور على الحق وفي باطنه وحش لم تقلم التقوى أظافره ، ولم يغسل الإيمان عاره ولا أوضأه .
إنه تحت شعار الإسلام يتوج ناس ليس لهم فقه وليست لديهم تربية ، يغترون بقراءات وشقشقات واعتراضات على بعض الأوضاع ، ويرون أن الدين كله لديهم ، وأن الكفر كله عند معارضيهم ، فيستبيحون دماءهم وأموالهم وكراماتهم .
ما هذا بإسلام وما يخدم بهذا الأسلوب دين من الأديان ”.
عادات رديئة :
وفي عمق الحياة الاجتماعية ، يتعدى الشيخ الغزالي القول بإباحة الأشياء ، ليغوص في مقاصد الأنشطة الاجتماعية التي يقوم بها المسلمون ، ليسلط الضوء على تلك العادات التي يغلب عليها الغلو والتكلف ، ويشن حملة على الإسراف بلا داع ، فهو يرى أن
للمسلمين في أفراحهم على اختلاف أسبابها عادات رديئة – فهم ينزعون إلى الغلو والتكلف ، وقلما يجنحون إلى البساطة والاعتدال وهم يستغلون إباحة الإسلام للطيبات ، فيتوسعون في انتهابها ، ويبلغون في الإسراف حدا لا يصل إليه أتباع الديانات الأخرى ، وقد حضرت أحفالا أقامها أصحابها لمناسبات شتى ، ابتهاجا بمولود ، أو استقبالا لموظف أو احتفاء بصديق أو فرحا بزواج فكان الإفراط البين طابعا عاما لهذه الأحفال كلها ، سواء في مصر أو الشام أو الحجاز ، ويمكن القول بأن الأجانب أدنى إلى الرشد منا في هذه الأمور ، وهذه النقائض تقع في عصر سقطت فيه دولة الخلافة وذهبت ريحها وديست أرضها ومشى الغاصبون في أرجائها يزأرون زئير الآساد الكاسرة القاهرة .
وكان حريا بالمهزوم أن يصد عن هذه المباحات الميسرة إذا أقبل المنتصر عليها وعلى غيرها وينتشي . أما أن يعتدل المنتصر ويفرط المهزوم فهذه هي المأساة ".
وفي عرض أمراض الشعوب الإسلامية لا يخجل الغزالي أن يكون صريحا، فهو يرى أن “ تخلف العالم الإسلامي قضية معروفة وإن كانت مخجلة ! وهذا التخلف أطمع الأقوياء فيه ! بل قد طمع فيه من لا يحسن الدفاع عن نفسه ! وشر من ذلك أن هذا التخلف ألصق بالإسلام تهما كثيرة ، بل إن عقائد خرافية فكرت في إقصائه ووضع اليد على أتباعه !...”.
يتبع : ...

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية العطافي
العطافي
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 01-08-2007
  • المشاركات : 290
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • العطافي is on a distinguished road
الصورة الرمزية العطافي
العطافي
عضو فعال
رد: مع الشيخ محمد الغزالي بعد 10 سنوات من وفاته :
18-06-2008, 12:43 AM
رحم الله الشيخ ياريت أيام زمان ترجع ونقلها ماذا فعلت بنا الايام ماكنتش راطي حصص الشيخ في التلفزيون كانت أيام روعة
اللهم بلغنا رمضان
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 68
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: مع الشيخ محمد الغزالي بعد 10 سنوات من وفاته :
18-06-2008, 01:15 AM
العطافي : شكرا جزيلا لك أخي الكريم والحبيب .
أنا في هذه الأيام الأخيرة أستمع من جديد وعبر الهاتف الجوال دروس الإثنين ( للشيخ محمد الغزالي رحمه الله ) التي كانت تبث عبر تلفزيون الجزائر أسبوعيا .
من خلال استماعي للبعض من هذه الدروس في هذه الأيام الأخيرة قلتُ لنفسي كما قلتَ أنت الآن " رحم الله أيام زمان " .

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 68
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: مع الشيخ محمد الغزالي بعد 10 سنوات من وفاته :
19-06-2008, 03:33 AM
مسئولية الأمة :
والشيخ محمد الغزالي يرجع المسئولية للأمة التي ما دافعت عن نفسها أو عقائدها أو حضارتها ، ويصرح بقوله : “ ولست ألوم أحدا استهان بنا أو ساء ظنه بديننا ما دمنا المسئولين الأوائل عن هذا البلاء ، إن القطيع السائب لا بد أن تفترسه الذئاب”.
وهو يحلل من سعى لإحياء الأمة من كبوتها ، ويدرك المنهج المختلف الذي سلكه المصلحون ، واختلفوا في طريقة المعالجة ، فهو رآهم فريقين :

“ فريقا يتجه إلى الحكم على أنه أداة سريعة لتغيير الأوضاع ، وفريقا يتجه إلى الجماهير يرى في ترشيدها الخير كله...
قلت في نفسي : إن الذين يسعون إلى السلطة لتحقيق رسالة رفيعة لا بد أن يكونوا من الصديقين والشهداء والصالحين أو من الحكماء المتجردين والفلاسفة المحلقين! .
وأين هؤلاء وأولئك ؟!., إنهم لم ينعدموا ، ولكنهم في الشرق الإسلامي عملة نادرة.
ومع ذلك فإن أي حكم رفيع لن يبلغ غايته إلا إذا ظاهره شعب نفيس المعدن عالي الهمة !”.

الشعب أساس الإصلاح :
ويوضح أن المصلحين وحدهم لن يجدوا نفعا إذا كانوا في الميدان وحدهم ، ويرى الغزالي بحكمته أنه لن يكون هناك إصلاح بدون شعب يقف مع المصلحين، فـ” الشعوب هي الأصل ، أو هي المرجع الأخير! وعلى بغاة الخير أن يختلطوا بالجماهير لا ليذوبوا فيها وإنما ليرفعوا مستواها ويفكوا قيودها النفسية والفكرية ، قيودها الموروثة أو التي أقبلت مع الاستعمار الحديث" ...
ويوضح الغزالي بعض ملامح منهج الإصلاح، داعيا “أولي العزم من الدعاة أن يعيدوا النظر في أساليب عرض الإسلام والدفاع عنه، وأن يبذلوا وسعهم في تغيير الشعوب والأفكار، سائرين في الطريق نفسه الذي سار فيه المرسلون من قبل... وليس العمل المطلوب مضغ كلمات فارغة ، أو مجادلات فقهية ، أو خصومات تاريخية ، إن العمل المطلوب أسمى من ذلك وأجدى!”.
أزمة الأخلاق :
ويرى الغزالي أن الأزمة ليست أزمة سلطة فحسب ، بل هي في المقام الأول أزمة أخلاق، فـ” إننا نحن المسلمين انهزمنا في ميادين كثيرة لا تحتاج إلى عصا السلطة ، والمجتمع الذي يعجز عن محو تقاليد سيئة في دنيا الأسرة لن يحقق نصرا في دنيا السياسة وكيف ينفذ قوانين الشريعة من لم ينفذ قوانين الأخلاق؟ ”.
تلك بعض مآخذ الغزالي على مسلك الشعوب المسلمة في الجانب الداخلي ، وهي ملاحظات داخلية شملت العقيدة والعبادة والأخلاق والسياسة والاقتصاد ، ومن يطالع تراث الشيخ يجد فيها تشخيصا دقيقا للأدواء ، ووصفا واقعيا للدواء ؛ لأنه الشيخ الداعية المفكر ، صاحب مشروع الأمة ، ليقدم الغزالي نموذجا فريدا للدعاة ، يبصر العالم بمنظار أوسع من الوعظ والإرشاد .
منقووووووووووووول من موقع الشيخ رحمه الله تعالى .

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 68
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: مع الشيخ محمد الغزالي بعد 10 سنوات من وفاته :
21-06-2008, 10:49 PM
  • من موقع الشيخ رحمه الله
  • بقلم : عبد الله بوفولة
قدر للشيخ الغزالي أن يزور الجزائر ويقيم في مدينة قسنطينة مدينة ابن باديس عاملا ومحاضرا في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بل إنه أسهم إسهاما لا يقدره ويعرفه له إلا الرجال العاملون المخلصون المختفون في تأسيس المناهج التي تسير عليها الآن طبعا لا ننسى جهد صاحبه وأخيه الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله ونفع به وأطال في عمره وبارك له جهوده ... كما لا ننسى أن كلا الرجلين ينتمي لمدرسة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا رحمه الله ... غير أن الشيخ الغزالي كان قد خرج منها أو إن شئت فقل تمرد عنها بسبب خلافات مع سيد قطب ليس هنا مجال الخوض فيها ... ومن حق الشيخ الغزالي علي أن أذكر بعض ما كان لي معه – رحمه الله - ولا يعرفه الناس خاصة وأن الجيل الصاعد من الشباب يجهل التاريخ بل ويحتقر الناس و لا يرى نفعا سوى في الإمعان في العناد ويظن أنه وحده العارف العالم بالرجال ولو كان دلك عن طريق الكتب ...
نحن يا شباب من الذين ساهموا في صنع هده الصحوة بنسبة يبقى تقدير نسبتها عند الله سبحانه وتعالى وتربينا في أحضانها وكابدنا ما كابدنا من أجلها . هنا تحضرني طرفة كان الأستاذ داوود خليفة رحمه الله وقد رزئنا فيه في الصائفة الماضية تعجبه فكرة عندما أنفعل وأقول إنني من الذين صنعوا طرفا في هذه الصحوة , فيضحك أيما ضحك ويقول لي " نعم وهو كذلك وأنا من الشاهدين"...
دخلت إلى أحد الحوانيت لشراء بعض حاجتي فوجدت شابا يتكلم عن الغزالي وهو لا يعرفه إلا من بعض كتب قرأها له ولكنه يتحدث عنه بإعجاب وتقدير , وهذا شيء جميل لأن الكثير من الشباب السائر في أحضان السلفية ولو كانت العلمية لا يقدره ولا يعبأ به بل يصفه بأوصاف لا تليق بالعلماء والدعاة والعاملين للإسلام . هو لا يعترف بالعلماء الدين أنجبتهم الجزائر وما أكثرهم في مختلف الاختصاصات كالفقه والأصول والتاريخ والفرائض والرحلة والدعوة والتربية وغيرها . وطبعا لا ننسى الأدب والشعر والفكر وما إليها ...
فأردت أن أستدرجه بشيء من التجاهل والتغافل كعادتي وأنا صحفي محترف . هذه هي فلاحتي , وهذا هو أسلوبي في العمل والاستقصاء والتحقيق والمتابعة والجري وراء المعلومة للحصول عليها في أقصر وقت وبدقة متناهية بدون كذب أو سفسطة كما يفعل العلمانيون والشيوعيون والإباحيون الذين يبنون معلوماتهم وكتاباتهم على الكذب والافتراء والقذف ... فرأيتُ أن هذا الشاب ممن تغريهم المظاهر ويأخذون بظواهر الأمور ولا ينفذون من السطح إلى الأعماق وربما كنت أنا أفعل مثل ما هو يفعل لما كنت في مثل سنه . وأخذ يركب رأسه ويسمي لي كتب الغزالي التي طبعت عندنا هنا في الجزائر وما قرأ منها وما لم يقرأه... فقاطعته قائلا " هل قرأت كتابه ( في موكب الدعوة) " ؟. فأخذه السكوت وأضفت له " لما أقول لك كتاب في موكب الدعوة , فأنا أريد أن أقول في طبعته الأولى لا سائر الطبعات التي أتت بعدها وحذفت منها أشياء أنت لا تعرفها ". فعلت معه مثل ما فعل معي الشيخ الرغيوي حفظه الله وهو رجل من رجال جمعية العلماء وكان صديقا وفيا وحميما للأستاذ سليمان الصيد المحامي والمؤرخ القدير الراحل رحمه الله مع صديقهم الثالث سي بلقاسم . وكان محافظا للشرطة ومجاهدا من المجاهدين الأطهار الأوفياء , عندما دخلت ذات يوما وكنت شابا كثير التردد على المكتبات في قسنطينة , وخاصة مكتبة البصائر لصاحبها علي رغيوة رحمه الله والمكتبة الإسلامية وكذلك المكتبة الجزائرية لصاحبها عمي عمر , وتقع كلاهما في حي الأربعين شريفا , وكنت ميالا إلى منهج الإخوان المسلمين المسيطرين في الجامعة آنذاك طبعا كانت عبارة عن موجة ما تفتأ أن تخبو تركها لنا المصريون الذين اضطرهم عبد الناصر إلى اللجوء إلى الجزائر هربا من البطش والتنكيل والملاحقات ومنهم الشيخ العوضي رحمه الله , فكان الشيخ الرغيوي يحاول استمالتي بالعقل وبطريقة تربوية اكتشفت سرها بعد أن كبرت . الرجل قضى كل عمره في ممارسة مهنة التعليم واستقر به المقام مديرا بإحدى المدارس إلى أن بلغ سن التقاعد وشيئا فشيئا بدأت ابتعد عن هذا المنهج , ثم لا ننسى فضل المربي العظيم الدكتور أحمد شرفي الرفاعي الذي قام بجهد كبير في تكويننا وأعني في تكوين جيل كامل في معهد الآداب بجامعة قسنطينة . جيل أصبح فيهم الوزير وفيهم الصحفي وفيهم الباحث الكبير والأستاذ ... وفيهم وفيهم كما لا ننسى الاحتكاك الكبير الذي كان بيني وبين حسن خليفة الذي نسميه الإمبراطور ونعني بالإمبراطور أنه يحلم بتأسيس إمبراطورية إعلامية كبيرة على غرار المؤسسات الإعلامية الكبيرة التي زرناها في القاهرة أو في غيرها من البلدان لعل الله أن يوفقه مع غيره من الإخوان لتأسيسها وإذا لم يقدر له تأسيسها وقد شارفنا على المغيب فقد أسس على الأقل وهو وبعض العاملين من أترابه الأهم والرسمي. كما كنت أقول له دائما "رجال كثيرون سيؤسسونها حتما في المستقبل" كما فعل ابن باديس ونحن نحيي ذكراه وننعم بالأفضال التي تركها لنا رحمه الله وجعله من المقربين ... وعلى فكرة أستسمح القارئ على هدا الاستطراد والتيه والسهو الذي كاد أن يبعدني عن لب الموضوع في الرجوع إلى بداية الحديث , فأقول مرة أخرى من حق الشيخ الغزالي علي وكنت أحبه كما كان يحبه أبي رحمه الله ويتابع أحاديثه في التلفزيون الجزائري ويقول لي وكان يعتبرني دائما صغيرا لا أعرف ما يدور في هده الدنيا , وكان يخاف علي من الانحراف الأخلاقي والفكري , وكان يحذرني دائما من الجماعات وتنظيماتها وتطرفها , ويقول لي دائما " إننا مسلمون والإسلام متجذر في هده البلاد ولا داعي لأن تسمع لهؤلاء الدعاة الجدد أو على الأقل البعض منهم الذين يكثرون من الكلام عن الجهاد في دروسهم وخطبهم" , وكان يقصد مدرسين وأساتذة تابعين لجماعة جاب الله رئيس حركة الإصلاح حاليا المتمرد عليه من طرف فصيل من داخل حركته , وكانوا يسيطرون على المساجد في الحي الذي كنت أقطنه , ولا يسمحون لمن يخالفهم المنهج والرأي والتوجه بأن يدرس أو يناقش أو يحدث شوشرة من أي نوع كانت ... نحن نتحدث عن مرحلة الثمانينات أي قبل التعددية السياسية ... من حق الشيخ الغزالي رحمه الله أن أذكر بعض ما كان بيننا فلقد زرته في القاهرة بعدما غادر الجزائر وكان مريضا وكان رفيقي في الزيارة الأستاذ محمد ناصر الأطرش الذي يقيم في ستراسبورغ الآن ويقوم بدور عظيم في ديار الغربة دور يثقل كواهل الرجال العاملين صابرا محتسبا أعانه الله وسدد خطاه ... وعندما وصلنا إلى داره وأستاذنا فأذن لنا دخلنا فوجدناه مريضا فقمنا بواجب المواساة وعدناه وتجاذبنا معه أطراف الحديث , ولكن ما أحببنا أن نثقل عليه ونطيل الزيارة , فناولنا الحلوة وأخذنا له صورا . ولكن الطريف أن الرجل آية في التواضع والأخلاق , وكنت حريصا على أن أفتك منه حوارًا طويلا ينفع الناس في الجزائر ويقضي على الافتراءات التي حيكت حول سبب ذهابه ومغادرة قسنطينة بعد أن استحسن المقام فيها واستأنس بأهلها ...
إن الرجل تقي وزاهد لا يحب أن ينهي حياته نهاية غير سعيدة , ثم إن همه كبير وتطلعاته لا تحدها حدود , فإذا ما وجد جوا موبوءا وتفكيرا سقيما وعقولا صغيرة انسحب بشرف وذهب إلى داره لعله ينفع بطريقة أخرى , وهكذا كان ...
نعم هل تعتقد أن الشيخ الغزالي يزوره إنسان من قسنطينة التي أحبها وأحب أهلها بمن فيهم ابن باديس , ويكون هذا الإنسان يمارس مهنة الصحافة , ويتركه هكذا ويعود خالي الوفاض ؟!. كلا إن أخلاقه وتربيته ومروءته وتعامله مع الصحف والمجلات ودور النشر التي كان يكتب لها باستمرار وبدون انقطاع وبدون كلل أو ملل تأبى عليه أن ينحو هدا المنحى ويسلك هدا السبيل .. فما أن فهم قصدي حتى ابتدرني ووجدته قد انتهى للتو من كتابة مقال طويل عنوانه الشيخ الغزالي بقلمه , فابتدرني " هذا إليك يا عبد الله فأنت الذي تحظى بنشره لأول مرة وأكون بذلك قد أرضيتك". فأعجبني الحال , وكنت ألاحظ عليه بين الحين والآخر ارتعاش يحدث له في ذراعه الأيمن أو الأيسر , والله لم أذكر ذلك جيدا , فكان ذلك يؤلمني , فكنت أشير إلى صاحبي وكان هو الآخر يشير لي بدوره في أن نختصر الزيارة ( لأن هذا الداعية العظيم يحتاج إلى الراحة). استأذنا في الرحيل فأذن لنا , وكان متأثرا أشد التأثر بالزيارة وبالتقدير الذي كنا نكنه له وتمنى لنا النجاح والسلامة , وأبقانا على خير , فكانت لحظات حبلى بالمواقف الحساسة جدا ... لما عدتُ إلى قسنطينة , وإبراءً للذمة قدمت للمقال بكلمات قلت فيها أن الشيخ الغزالي سيعود مع أنه لم يقل لي بأنه سيعود . أنا
- والله يعلم - أنني ما فعلت ذلك إلا اجتهادًا وسعيا لتلطيف الأجواء التي كانت ساخنة في الجامعة في ذلك الوقت . وكان الصراع يدور فيها بين تيارين واحد تيار جزائري أي الجزأرة وتيار الإخوان الذي له ارتباط تنظيمي بالتنظيم الأم في الخارج طبعا في مصر وفي غير مصر . صراع على من يرأس الجامعة بعد أن أزيح عنها الدكتور عمار طالبي وهو محسوب طبعا على تيار الجزأرة .
وحديث الشيخ الغزالي عن ابن باديس الذي نورده بعد قليل عبارة عن حوار أجراه الأستاذ أحمد بوشبعة على هامش الندوة الفكرية التي جرت وقائعها في جامعة الأمير عبد القادر بمناسبة يوم العلم وكان عنوانها العلم والدين ونشرت يوم الخميس 17 أفريل 1986 بجريدة النصر: نص الحوار:
... يتبع : ...

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 68
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: مع الشيخ محمد الغزالي بعد 10 سنوات من وفاته :
23-06-2008, 10:14 PM
وحديث الشيخ الغزالي عن ابن باديس الذي نورده بعد قليل عبارة عن حوار أجراه الأستاذ أحمد بوشبعة على هامش الندوة الفكرية التي جرت وقائعها في جامعة الأمير عبد القادر بمناسبة يوم العلم وكان عنوانها العلم والدين ونشرت يوم الخميس 17 أفريل 1986 بجريدة النصر :
نص الحوار:
س1- ما مكانة ابن باديس في النهضة العربية الإسلامية ؟
ج1- أحد القادة الرواد الدين حاربوا الاستعمار الثقافي بقدرة ونجاح ، وأثره مقدور ومشكور في العالم العربي كله لا في الجزائر وحدها ، ونحن نعتبره طليعة موفقة مباركة في خدمة الإسلام وأمته .
س2- هل من مقارنة بين ابن باديس وإصلاحه في الجزائر والمغرب العربي ، ونضال رواد النهضة في المشرق العربي ؟
ج2- الشبه قائم ولا يمكن إنكاره وقد عاصرت نهضات إسلامية كثيرة في مصر ودمشق وفي مكة وبغداد وبقية العواصم العربية ، فوجدت أن الشبه مشترك ، لأن المنبع واحد ولأن الآلام متشابهة ولأن طريقه في الجهاد الذي رسمه الإسلام ، وحد بين الأوائل والأواخر والمتعاصرين في طريق النهضة والهدف الذي تشتاق إليه الجماهير .
س3- ابن باديس العالم والمجاهد والمضلح اقتلع الاستعمار من جذوره الأولى ، بما قدمه من التعبئة والتوحيد والإعداد لأفراد الشعب في مواجهة المحتل الغاصب ، حدثنا ولو بإيجاز عن ابن باديس كمصلح وثائر ؟.
ج3- أنا لم أستمع إلى ابن باديس لأني لم أعاصره ولكن قرأت له تفسيره ، وهو تفسير دقيق يدل على إحاطة الرجل بعلوم القرآن الكريم واستيعاب لهداياته ، كما قرأت شروحه للسنة النبوية ، فقد كان متصلا بروح الرسالة وبالنبي صلى الله عليه وسلم ومقتفيا لآثاره ، الرجل يجمع بين الأدب لأن عباراته في الدرجة الأولى من البيان السليم ويجمع إلى جانب أدائه العربي التحقيق العلمي والحس التاريخي والرواية الدقيقة لتاريخ المسلمين ، وحساب الاقتباس منه ، جهل الأمة الجزائرية تنهض من كبوتها وتؤدي حق الله عليها في محاربة الاستعمار الذي نكبت به ، وقد نجح الرجل فعلا ، ويمتاز الاستعمار بأنه يجمع بين الغزو العلمي والأدبي والاقتصادي العسكري وهو استعمار مضاعف الأوزار ، على قدر أهل العزم تأتي العزائم ، فالرجل استطاع أن يواجه هدا الاستعمار المضاعف القيود . ونجح في تعبئة أناس كثيرين يحملون علم الحرية واستطاع كذلك أن ينجح في إبقاء الشخصية الجزائرية مسلمة وعربية وهذا هو قمة التوفيق .
س4- الجهود الإصلاحية في أحوال المسلمين في عالم اليوم هل هي كفيلة بضمان المكانة والوجود الحضاري المتميز لأمة الإسلام أم أن الأمر يحتاج إلى مجهود آخر كيف وما الوسيلة ؟
ج4- الذي لاحظناه أن الصحوة الإسلامية استيقظ لها أعداؤها على عجل وضاعفوا العوائق أمامها ، ومن هنا فإن الدين يقومون بالصحوة أن يضاعفوا إلى التبعات الأولى العوائق الجديدة المضاعفة إلى التبعات الأولى حتى يستطيعوا أن ينجحوا في هده المعركة الضارية . إن أعداءنا كأنما هم يحققون قوله تعالى لا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعواً . فيجب أن لا نتوقع هدنة منهم ، ويجب أن تستعد دائما للكفاح في ميادين لا حصر لها حتى نستطيع أن نبلغ أهدافنا التي رسمناها لأنفسنا أو التي يقودنا القدر إليها .
س5- إلى أي حد وصل الاهتمام بدراسة وبحث آثار ابن باديس في المشرق العربي ؟ وكيف كنتم تنظرون إليه في الثلاثينات ؟
ج5- ابن باديس كبقية القادة العرب والمسلمين لم يظفروا بالتقدير الذي يستحقه ، لأن العرب كما قال مبتلون بالنسيان وخصوصًا نسيان القادة الكبار، وموقفنا من التاريخ الإسلامي إلى إعادة نظر لأن أبطالنا كثيرون ومع ذلك سمحنا للتراب أن يهال عليهم ، فلم نحسن اقتناء آثارهم ولا تجديد سيرهم ونحن أولى الناس بأن ننتفع بتراب الآباء والأجداد ، ابن باديس كما قلت كتب عنه كتاب أو كتابين بينما كتب في نابليون بونابرت نحو مائتي كتاب لماذا لأن هؤلاء يقدرون رجالهم أكثر مما نقدر نحن عظماءنا إلى الآن مالك بن نبي في الجزائر وابن باديس . وأحب أن ألفت النظر إلى الشيخ البشير الإبراهيمي وهو من علماء الجزائر أو ممن كانوا يعملون مع ابن باديس ، عندما قدم إلى القاهرة لم يوضع في مجمع اللغة العربية من باب التشريف أو إكرام زائر غريب له مكانة في بلده .. الرجل كان موسوعة لغوية ، وكان من أقدر الناس على الخطابة بأسلوب بلغ به القمة في الأداء وفي إحياء التراث الأدبي . هل يستطيع المعاصرون أن يحيوا مثل هده الذكريات وأن يجعلوها أمام الأجيال التي ننشئها الآن وسط مقاومات كبيرة للإيمان وللأصالة وللتراث الصحيح ، لا تزال أمتنا بحاجة إلى أنشطة مقوية في هدا الموضوع .
س6- ما هي أحسن هدية تقدم لهدا الرجل العظيم في ذكراه؟
ج6- أحسن هدية في نظري أن الجامعة الإسلامية في قسنطينة تتسع دائرتها وتتفتح أمامها الميادين ، لتخدم رسالة ابن باديس وهي رسالة الإسلام وهي الرسالة التي من أجلها أنشئت جمعية العلماء . فإن حاضر الجزائر يجب أن يكون موصولا بماضيها والغرس القائم يغذي من هدا الماضي لأن عناصر الخصوبة فيه هي التي تمنح النمو وتمنح النضج وتمنح حلاوة الثمار .

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 68
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: مع الشيخ محمد الغزالي بعد 10 سنوات من وفاته :
27-06-2008, 06:58 PM
في التاسع عشر من شهر شوال سنة 1416 هـ الموافق لـ التاسع من شهر مارس سنة 1996م سكن لسان، وجف قلم ، وانقطع وحي ، وفاضت روح الشيخ الغزالي إلى بارئها.
لم يتعب الموت في أن يفك عن روحه قيد الجسد لأن الجسد كان ممزقا من طول ما أنهكه صاحبه من نضال مُرْ ، وجهاد مضن، وفداء بكل غال ونفيس .....
فقدت أمة الإسلام علما من أعلامها المبرزين وعالما من علمائها الناصحين ... طالما أسدى لأمته النصح ، ورفع اللواء خافقا ليهدي الحائر ، ويرد الشارد ، ويحمل المتنكب عن الصراط إلى سنة الإسلام الواضحة ، ومحجته البينة...
في ذكراه الرابعة ... أكتب إليه هذه السطور وهو في الملأ الأعلى ، و أ تحدث إليه حديثا يطربني ولاشك أنه يطربه ... عربون وفاء ومحبة ووعد بالتزام الطريق الذي خطه ، وحفظ الصرح الذي اختطه ... !
سيدي الأمير : لست في هذه الكلمات أرثيك فقد مضى زمن الرثاء، ... ولست أستمطر الغيث لقبرك فقبرك في طيبة مثواه ... مع مصابنا الجلل لفقدك ، وألم الحسرة من هول الفجيعة فيك ... ولست في هذا المقام أعدد محاسنك وأتكلم عن راحل حياتك ، فكل ذلك ذائع شائع ومتاح .... ولكنها مشاعر حرى ـ يعلم الله ـ أنها صادقة أقر بالعجز عن صوغها ألفاظا مقروءة ، أو أضعها في قوالب جامدة ضيقة وهي في نفسي أشد انطلاقا من النور، وأوسع من الزمان ....!
قلت في نفسي . : كيف تمر ذكراك الغالية دون أن نقف وقفة نراجع فيها أنفسنا ... هل وفينا بالوعد ..؟ هل أحسنا الإقتداء ...؟هل تابعنا المسيرة ...؟
سيدي الأمير : أخشى أن لا أوفيك حقّك ، وأن لا أحسن الكلام إليك .. فقد قيل : “رجلان يُربِكان الكاتب إذا حاول أن يكتب عنهما ... رجل لا يستطيع أن يجد ما يقوله فيه ، ورجل لا يستطيع أن يختصر ما يعرفه عنه ”. وما أنا منك إلا كما قال الشاعر :
كالبحر يمطره السحاب وماله فضل عليه لأنه من مائه
إنا لفراقك ـــ يا أمير الدعوة ـــ كالنبتة الغضة نضب عنها الماء الغدير ، وأخطأها النّوء المطير، أو كالفراخ الزاغبة التي هجرها المـُعيل وتركها عُرضة لكل فاتك غدّار ...... كيف لا ؟ و العلماء هم المعاقل المنيعة عندما تحل بالأمة النّوائب ، وأعلامها المضيئة عندما تشتبه عليها المسالك .... ومراجعها إذا نابها خطبٌ ، أو حزّ بها كرْب ...
لازلت ـ يا سيدي ـ أذكر كيف لبّيت دعوة الجهاد في هذا البلد {الجزائر } وقبلت أن تقف على ثغرة من ثغور دار الإسلام وقدمت لترفع القواعد من ــ جامعة الأمير عبد ا لقادر ـ فكنت أميراٍ خلفا لخير أمير ...!‎‎ .جئت رغم تقدُّم سنّك .. ُتناوشك الأدواء والعلل لتقعد بك ، وتصرفك عن جهادك ، ولكن قلبك العامر بالله ، ونفسك الرّضيّة بِقضائه حوّلتك إلى شهاب راصد ينطلق بشعاعات الوحي الأعلى فينير الدّرب ، ويسطع في الأُفق ..!
إننا نُخطئ عندما نتصورك إماما خطيبا يتحدث عن الاسلام فحسب ...! فذاك جهد يقوم به جمع غفير ممن ينتسبون لهذا الدين ، ويتكلمون باسمه .. ولكنك إمام مدرسة ، وصاحب رسالة ..! اختارتك الأقدار لتنشأ في بلد عمر الحضارة فيه كعمر الإنسان على كوكب الأرض ... ! حباه الله بكل أسباب القوة و المنعة والمعرفة لينضح على طول الدهر على من حوله من أهل القرى بكل ما من شأنه أن يمكن للإنسان سبب الاجتماع والتّحضر والإبداع .....!
تلقّيت تعليمك الأول قي أروقة الأزهر الشريف ، وشربت من نبعه الّثرْ، وارتويت من معينه الصّافي فكان العلم الصحيح بالإسلام لُحمتك وسداك ..!. وتنفّس بـك الأزهر في ساحات الدّعوة والإرشاد فشهدت مع جلّة من علماء الإسلام ـ في العقود الأولى لهذا القرن ـ مطالع عصر الإصلاح والتجديد .. فخُضت غمار الدعوة وحشدت الجماهير في ساحات الإيمان الرّحيبة .. تُذكرها بالله وتصل ما انقطع من حبالها بالسماء ... وتحثها لــتُعاود مكانها من صدر الوجود..!
كل ذلك تؤديه ببيانك المُنخّل ، وأدائِك العجيب ، وصوتك الجهير، وأُسلوبك المتفرّد ، ونبرتِك المميزة التي لا يكاد يختلف اثنان من متذوقيك على أنها صادرة عنك ، وكأن هذا الأسلوب السهل الممتنع كما تعلمنا أن نصف الأساليب التي تعرف طريقها إلى القلوب والأسماع في يُسر .. ثورة على الأساليب العنيفة التي سادت الكتابات والخطابات الدّاعية إلى الإصلاح ... وذلك لأنك تغرف من بحر القرآن الذي تحفظه على ظهر قلبك ... وطرف لسانك أو لست القائل : “ وأنّى لرجل محروم من حاسة البلاغة أن يخدم دينا كتابه معجزة بيانية ورسوله إمام للحكمة وفصل الخطاب...!”
تابع : ...

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
التعديل الأخير تم بواسطة رميته ; 27-06-2008 الساعة 07:35 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 68
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: مع الشيخ محمد الغزالي بعد 10 سنوات من وفاته :
03-07-2008, 06:50 PM
وساعدك على ذلك ملكة فقهية تنفُذ إلى العِلّة الباعثة ..والحِكمة المستورة ،وفقه بالزمان، ومعرفة بالمقصد الشرعي الذي يشمله الحكم ،وفهم لما يحيط بك من ظروف طارئة ،وأحوال داعية، فتصوغ ذلك كله في فنون من القول تتسابق إلى شفتيك .وفمك المضموم قويا، عذب الإهاب، مميّز الجرس، كأنّه اللّحن الجميل ينطلق في عذوبة وتأنُّق ورُواءْ .!
ويُصدِق ذلك ويدْعمُه إخبات لله، وإخلاص العمل له ،وطلب المثوبة عنده، أو لست القائل أيضا :”إن الخطبة البليغة ،والكتاب المبين الذكي ،والجماهير العاشقة المتعصبة ،لا تساوي كلها قشرة نواة إذا كانت علاقة المرء بربه واهية..!
سيدي الأمير:لقد وقفت كالطود الشامخ تُغالب الموج ،وتصدُّ التيار الجارف من الإلحاد والعلمانية واللادينية، فدافعت عن الإسلام في وجه أحقاد الاستعمار وأطماعه ،وفي وجه الزّحف الأحمر ،وظلام من الغرب ،وأرسلت صيحة التحذير من دعاة التنصير ،والصهيونية العالمية وعملت على تجفيف المستنقعات الآسنة التي يرِدُها كل ظامئ حرّان لكل تبعية مقيتة ووجود مُلفّق ...!
كافحت الاستبداد السياسي أيا م كان القصر يطفح بالشّررِ ويطبق أوامر بني الأصفر،ويُنزِل بالشعب الويل و الثبُور ..! في تلك الأثناء كانت بعض العمائم الأزهرية ممن حملت الدكتوراه سِفاحاً!من جامعات أوروبا .. !تُصفق للملك، وتُشايع السلطان ،وتُصانع أهل النُّفوذ ،وتقبل بالأوضاع، ولا تردُ يد لامِسْ ..!!
ولكنك لم ترض أن تكون صنيعة أحد كائنا من كان ،وتجنّبت منذ شبابك الباكر هذه القافلة الخائنة وقلت :”الوفاء لله ورسوله أبقى وأجدى ”.ومضيت محترقا لخدمة الإسلام ونُصرة قضاياه فاتخذت القلم أداتك الطّيعة تكتب و تُؤلف وتُحقق فريضة النصح، وتشرح الحقائق الإسلامية الضائعة، وتطالب المجتمع بالعودة إليها ..وتُقرِر في جميع ما كتبت نظراتك الثاقبة الجريئة وأنت صليب الرأي غير هيّابْ !. أعييت غيرك أن يحملك على غير ما لا تريد ..فتحملت ما جرّ ذلك عليك من عنتٍ وعداءْ..!
لله درُّك ... كيف استقام لك صدُّ السهام المرِيشةِ التي هاجمتك من كل جهة... ولو كـان سـهما واحدا لاتقيــته*ولـكـنه سـهــم وثـــان وثالث
ذُدْت عن حياض رأيك بكل ما أوتيت من قوة ..لأنّك تؤمن أن الفهم الصحيح للإسلام مبْعثُه ومأتاه..!
لم يرْعوِ” فتية السوء “ــ كما تصفهم ـ أن يسلقُوك بألسنة حِداد فيها الكثير من قارصِ القولِ ونابِي الكلِمْ ..لا لشئ إلا لأنك اتخذت طريقا غير طريقهم .وفهمت الدين على غير فهمهم ...وشتّان بين العلم الحاذق والقصُورِ البليد..!
سيدي الأمير:سوف تظل كتبك على تعاقب الأجيال ملء الأفواه ، وشُغل الأذهان، ومورد الدعاة،ومرجع المصلحين ..لأنها كتبٌ لم تكتب تحت ظلال الزيزفون .!ولم تُصغ آيات البلاغة وسحر البيان فيها من على شُرفات قصور وادي النيل !الينتشي بها القارئ ويلتذّ السامع بُحسن العرض وجمال التّحرير والتّحبير ..!ولكنها كتب قُدّت كلماتها من زفرات الأسى الحرّى سكبتها على أمّتك التي تطحنها النوازل ، ويطيش خُطاها الهوان حتى نزلت إلى حضيض ليس له قرار ..! ولقد نصحت فوفيت وطرقت كل باب من أبواب النّجاة لتدل الحائرين عَليه ..
سيدي الأمير :ــ كما أحببت أن أناديك وأتوجه إليك ــ إن أهل الجزائرــ لاتزال تتردد في أسماعهم كلماتك، وتدق على أوتار قلوبهم توجيهاتك .ويفخر جيل من الشباب تخرّج على يديك وتربّع في قاعات درسك ، يأخذ عنك الدين كما فهمته بمنهجك العدل وطريقك المستقيم.....فأنت ترى الدين هو الفطرة السليمة قبل أن تشوهها تقاليد سيئة ، وأفكار سقيمة،كما ترى الجهل بالدنيا والعجز في الحياة حجابا صفيقا بيننا وبين النصر المبين ! لأن “الصالحات المطلوبة تصنعها فأس الفلاح، وإبرة الخياط ،وقلم الكاتب ، ومشرط الطبيب وقارورة الصيدلي ، ويصنعها الغواص في بحره، والطيار في جوه ، والباحث في معمله ، والمحاسب في دفتره ..يصنعها المسلم صاحب الرسالة وهو يباشر كل شيء ويجعل منها أداة لنصرة ربه، وإعلاء كلمته..”
هذا الفهم الشامل لحقائق الدين جمع لك الخلق ، وجعل لك القبول في الأرض ،...لأنه فهم يشيد بالعقل، وينوه بالفكر ، ويبعث على النظر ويحمل على البلداء والمغفلين الذين يُحمِّلون الدين وزر بلادتهم وغباوتهم، ويسخر ممن يزعم أن أكثر أهل الجنة البُله ، في حين يجعل القرآن أهل الجنة هم أولي الألباب ..!
إن كثيرا من المغرضين يلبِسون الحق بالباطل عندما يحاولون جعلك سببا في كل فتنة تصنعها الظلامية ، ويرفع رايتها الوحوش الضارية ، التي تعدم الحياة وتصنع آلة الدمار، وتأتى على الأخضر واليابس ..
لقد كنت ترفع عقيرتك في كل نديّ تقرع على أصحاب هذا المسلك ، وتحذر السائرين فيه، وتطوي الضلوع على كره عنادهم بعد الإشفاق عليهم ...فلو كان الاعتدال شخصا فأنت هو..ولو كانت السماحة رجلا لكنته..وآية ذلك ما كتبته وما حاضرت به وما أعلنته عاليا إلى أن لقيت ربك الكريم..
سيدي الأمير :سوف نذكرك كلما صبونا إلى إمام فلم نجد الهداة ..وتهفوا نفوسنا إلى فوق فلم نجد الأجنحة ..! إن فجيعتنا فيك ـ يا سيدي ـ لا يذهبها كرُّ الغداة ولا مرُّ العشي ..! فيا أرواح الشهداء والعلماء والمجاهدين ...لقد جاءتكم روح الغزالي فيا وحشتنا بعده ويا أُنسَكُم به ...ولا يسعني إلا أن أُ ردّد مع الشاعر :
لقد اعطيت لي ولكل جيل
وماخلفته ابدوما ا سيبقى
وفي هذا لنا بعض التاسي
علىمن حوله جمع القلوب
سيأتي بعدنا فكراخصيبا
يفوح على مدى الاحقاب طيبا
عساه يخفف الدمع الصبيبا ومزق يوم فارقنا القلوبا
فرضي الله عنك، وروّح روحك في جنّات النعيم ...
نقلا عن موقع الشهاب

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية lyes_djamel
lyes_djamel
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 01-07-2008
  • المشاركات : 876
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • lyes_djamel is on a distinguished road
الصورة الرمزية lyes_djamel
lyes_djamel
عضو متميز
رد: مع الشيخ محمد الغزالي بعد 10 سنوات من وفاته :
14-07-2008, 12:05 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

ما ألاحظه أن العلماء جد متفاهمون فيما بينهم أو على الأقل يحكمهم أدب رفيع في تعاملاتهم،

إلا أنه ظهر جيل من الرويبضة ممن يتكلمون في هؤلاء العلماء على أساس أن لحيتهم ليست طويلة ، او يرتدون لباس الازهر. :confused:

رغم أن علماء مصر و السعودية و حتى المتشددون فيما بينهم متفاهمين إلى أبعد الحدود و لم يجرؤ أحد منهم التكلم في أي عالم بينهم إلا بالنصيحة، فما بال هؤلاء الاوباش يشتمون أسيادهم العلماء الذي أعتبرهم أنا جميعا سراج هاته الأمة و مع هذا فإن كلامهم فيه ما يؤخذ و ما يرد، لا لشيء إلا لأنهم بشر و يخطؤون. و الحكم بيننا الكتاب و السنة.

فلا يجوز أن نسب عالما لانه من جماعة ما او تيار ما.

فلا يجوز لنا سب العلماء الغير وهابيين ( لأنهم كلهم يتبعون السلف الصالح و لا داعي للمزايدات في هذا المجال) و نترك علماء الوهابية، أو العكس

ما أريد قوله هو أنه لا يجوز التعصب لفرقة على حساب فرقة.

ربما سيقول البعض أننا نتبع العلماء السلفيين و ليس الوهابيين، فأقول أنتم تسمونهم سلفيين و كان الاخرين غير سلفيين فالسلفية ليست حكرا على مجموعة ما.

و عندما يصدر عالم من اي توجه قولا ما ( حتى لا نسميها فتوى) في جماعة ما فلا يجوز أن نتعتبر هذا مرجعا لأن المرجع الوحيد هو الكتاب و السنة لا غير، فالدين هو ان تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الاخر. و كذا أركان الاسلام الخمس. و كل ما تبقى فروع لا يجوز التعصب لها البتة.

أرجو ان لا نسمح لليهود باللعب على وتر التفرقة اكثر من هذا لانه حينها سوف لن نجد مسلمين يختلفون على مذاهبه، و أن نكون في حجم التحديات العالمية التي تحدق بنا من كل صوب.

و بارك الله فيكم جميعا
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها *** و لكن أحلام الرجال تضيق
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 68
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: مع الشيخ محمد الغزالي بعد 10 سنوات من وفاته :
16-07-2008, 06:20 PM
شكرا جزيلا لك أخي الفاضل .
وفقك الله لكل خير وأصلح الله أحوالنا جميعا , آمين .

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
 
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 09:51 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى