رجاء عبد الله الصانع تتحدث عن بنات الرياض
31-05-2008, 10:28 PM
مواجهة مع «بنت الرياض» ماذا رفضت بنات الرياض في روايتها وبماذا رحبّن؟
حوار لـ : القسم الأدبي

« سيداتي آنساتي سادتي.. أنتم على موعد مع أكبر الفضائح المحلية، واصخب السهرات الشبابية. محدثتكم، موا، تنقلكم الى عالم هو أقرب لكل منكم مما يصوره الخيال. هو واقع نعيشه ولا نعيش فيه، نؤمن بما نستسيغ الإيمان به منه، ونكفر بالباقي. لكل من هم فوق الثامنة عشرة، وفي بعض البلدان الحادية والعشرين، اما عندنا فبعد السادسة للرجال وسن اليأس للفتيات، لكل من يجد في نفسه الجرأة لقراءة الحقيقة عارية على صفحات الانترنت، ولكل من يمتلك الصبر لمسايرتي في هذه التجربة المجنونة...والى كل الساخطين والناقمين ، ولكل من يرى ان الناس خيبتها السبت والحد، واحنا خيبتنا ما وردتش على حد، اكتب اليكم رسائلي، علها تقدح الزناد، فينطلق التغيير.."
هذه هي مقدمة رواية"بنات الرياض" للكاتبة السعودية رجاء عبدالله صانع، التي ما تزال تثير جدلا وضجيجا ، ليس على الصعيد الثقافي فحسب، بل على الصعيد الاجتماعي وفي اوساط الفتيات والشبان السعوديين والعرب .
"سيدتي" تابعت ما حدث واختارت ان تواجه الكاتبة قبل ان تستمع الى آراء مختلفة.

كانت "بنات الرياض" أول الغيث للطبيبة والكاتبة السعودية رجاء عبد الله الصانع التي تبلغ من العمر 23 عاما والحاصلة علي بكالوريوس طب أسنان عام 2005م ،
تحكي الرواية عن فتاة مجهولة ترسل نهار كل جمعة "رسالة بالبريد الالكتروني" إلى معظم مستخدمي الانترنت بالسعودية، وفيه تفشي أسرار صديقاتها اللواتي ينتمين إلى الطبقة المخملية.
قام بتقديم الرواية د. غازي القصيبي واعتبرها "عمل يستحق أن ’يقرأ" كما أكد على أن رواية "بنات الرياض" "تزيح الستار العميق الذي يختفي خلفه عالم الفتيات المثير في الرياض" ومع ذلك اثارت الرواية احتجاجات كثيرة واعتبرها البعض تعديا على بنات الرياض، ولهذا كان سؤالنا الأول للمؤلفة:
البعض نقد روايتك وهاجمها حتى قبل قراءتها ولمجرد أنها تحكي عن أسرار البنات، ما هو ردك عليهم؟
مجتمعنا السعودي ذو خصوصية شديدة والممتع أن أفراده قادرون على التنبؤ بردود أفعالهم ويعرفون جيداً تبعات أي أمر جديد يتم في هذا المجتمع. نحن نتوقع الرفض لوجهة نظر الآخر بغض النظر عن ماهيتها قبل أن نتوقع قبولها. إذا قرأت صفحة 79 – 132-168 وصفحات أخرى تجدين أنني أتوقع كل ما يحدث الآن وما يقال عني حالياً وعن الرواية.. وهذا يعني أنني أعرف طبيعتنا الخاصة وأدرك حجم الضجة التي قد تثيرها روايتي، لكنني مقتنعة أن من حقي ككاتبة أن أسرد قصصاً قد لا يتفق معها الكثيرون، كما أنني نفسي قد لا أوافق على بعضها، وهذا ليس تناقضاً لأنها رواية وعمل أدبي وليست مرافعة شخصية. الكتابة فن أولاً وأخيراً والفن مسألة نسبية تختلف من متذوق لآخر.

تناقضات واتهامات

قوبلت "بنات الرياض" بكثير من المتناقضات فالبعض صفق لها واعتبرها نجاحا لك ونقلة نوعية في كتابة الجيل الجديد و البعض الآخر اتهمك بأنك كشفت الفضائح المحلية. ما هو تعليقك ؟
الاختلافات حول عمل ما دليل على نجاحه، ومن الجميل أن يكون لروايتي مؤيدون ومعارضون، وأنا أحترم كل وجهات النظر إلا ما يخرج منها عن حدود الأدب واللياقة.
كيف تتعاملين مع شخصنة المواقف، فبدلا من الالتفات إلى العمل الأدبي ونقده بشكل موضوعي وإبراز جمالياته، نلتفت إلى كاتبة الرواية ونجعل العمل كله يدور حولها فقط فقد قال البعض إنك سعودية مثقفة في حين اتهمك البعض الآخر بأنك مسلحة بالاسم فقط . فما هو ردك على ذلك؟
ما دمت قد طرحت الرواية في الأسواق ولم أحتفظ بها ليقرأها من يعرف رجاء الصانع فقط فعلي تقبل فكرة أن يحكم الآخرون علي من خلال هذه الصفحات القليلة. رواية (بنات الرياض) هي هويتي الوحيدة حالياً أمام القراء، ومع أن المنطق يقتضي أن يتم الحكم على النص لا على الكاتبة كشخص إلا أن هذا ليس ما يحدث في الواقع.

محظوظة!

بعد النجاح المدوي لبنات الرياض هل أنت قلقة من مسألة استمرار النجاح؟
النجاح لا يشكل هدفاً بالنسبة لي وإنما يأتي نتيجة جهد وعمل،و أنا محظوظة لأنني أعرف ما أحبه في الحياة وهو الكتابة، التي أعتبرها متنفساً لي وهواية أتمتع بممارستها بغض النظر عن رأي القراء بما أكتبه، رضائي الشخصي عن الرواية قبل أن تصدر يمنحني استقراراً نفسياً وهذا ما حدث في روايتي الأولى وما سيكون مع رواياتي القادمة بإذن الله. أنا علي أن أعمل والتوفيق بعد ذلك من الله سبحانه وتعالى.
هل نون النسوة تساعد على نجاح الرواية ونجاح الروائي خاصة في مجتمع مازال يطلق عليه "مجتمع ذكوري" ؟
قد ينجذب القراء الذكور للاطلاع على الكتابات الأنثوية والعكس صحيح، لذا فهناك تعادل في هذه المسألة في نظري، لكن العمل الجيد ينجح أمام القراء من الجنسين.

عنصرية؟

هناك من اعتبر روايتك نوعا من أنواع العنصرية التي تحكم على مجتمع بأكمله كونها موجهة إلى جنس دون آخر وتحكي فقط عن جزء من المجتمع المخملي ؟
الرواية ليست موجهة لجنس دون آخر، فقد قرأتها فئات متعددة من المجتمع ، أما عن كونها تحكي عن جزء فقط من المجتمع فهذا وضع طبيعي وكل رواية لها بطل أو بطلة، وكوني كتبت عن أربعة أبطال لا يعني أن الواجب يحتم علي أن أكتب رواية تشمل جميع أفراد المجتمع وتعبر عنهم ولكن رغم ما قيل، إلا أن المشاكل التي تعرضت لها بطلات الرواية قد تتعرض لها الفتيات في أي مكان آخر وليس فقط في السعودية أو فقط فتيات الطبقة المخملية، لكن كان لابد من التخصيص في الرواية من أجل بث جو اجتماعي معين يضفي على النص شيئاً من الواقعية.

حلمي تحقق

ماهى الأسباب وراء اختيارك د. غازي القصيبي لتقديم روايتك ؟
عندما كنت ’أسأل وأنا في الثالثة عشرة من عمري "مثل من تريدين أن تصبحي عندما تكبرين؟" كنت أقول دائماً " أبغى أصير غازي القصيبي!". إعجابي بشخصية الدكتور غازي القصيبي كما كنت ألاحظها على شاشات التلفاز أو على صفحات الجرائد أو في قصائده ورواياته أو في قراراته السياسية كان يدفعني لأن أجتهد في إعداد عمل متميز يقدمني إلى هذا الشخص الرائع في يوم ما، والحمد لله استطعت أن أحقق هذا الحلم الذي بدا مستحيلاً لفترة طويلة.

و.. آراء « بنات الرياض »!

تابعت سيدتي ردود أفعال من قرأ الرواية، والتي تنوعت بين معجب بالرواية وباللغة البسيطة التي كتبت بها وبين رافض لها لمجرد أنها وضعت بنات الرياض في سلة واحدة .

هذا هو الواقع الاجتماعي المرفوض

تري سمر المقرن الصحفية السعودية بجريدة الوطن السعودية أن رواية بنات الرياض هي أول رواية تحكي عن واقع بنات نجد ثم تكمل رأيها قائلة " جاءت رواية بنات الرياض بلغة بسيطة وهذا ما أنتقده بعض المثقفين فحسب اعتقادهم يجب أن تحتوي الرواية على لغة عربية معقدة وتشبيهات وصور بلاغية غارقة في المبالغة حتى يرضوا عن الصياغة الأدبية للرواية في حين اعتبر أنا ذلك استعراض للعضلات الأدبية يلجأ إليه الكاتب من باب النرجسية ، لقد اشتملت الرواية علي لغة يفهمها كافة فئات المجتمع ، وجاءت حديثة في طرحها ومضمونها لتبين لنا واقع نعيشه ، فقد اختزلت الكاتبة واقع عدة أجيال للفتاة السعودية التي تعيش في منطقة نجد وشرحت الواقع الاجتماعي المرفوض تشريحه لأننا ما زلنا نعيش تحت مسمى «الخصوصية» رغم انفتاحنا على العالم .
تضيف سمر" أنا معجبة جدا برواية رجاء الصانع وأؤيدها في كل ما كتبته وأتمنى أن تكون هناك أجزاء أخرى للرواية لمناقشة مشكلات أخرى أكثر عمقاً، وأقول لمن هاجموا الكتاب:علينا أن نجد حلولا واقعية لمشاكل مجتمعنا بدلا من أن نضع رؤوسنا في الرمال وكأننا مجتمع بغير أخطاء .

غامضة

يقول عمر العقيلي:
الرواية أعجبتني فهي تناقش قضية الشباب وما يواجهونه من مشكلات ،وألقت الضوء على بعض قضايا المجتمع السعودي وهذا ما نحتاج إليه ، ولكن أكثر ما أعجبني في الرواية أنها أزاحت الستار عن عالم غامض بالنسبة لنا نحن الشباب وهو عالم البنات ، فبحكم العادات والتقاليد داخل المجتمع السعودي فنحن نعيش بمعزل عن المرأة السعودية وعالمها الخاص ، ولا نعرف كيف تفكر وهذا كان السبب الرئيسي الذي من أجله قرأت الرواية .الرواية كتبت بلغة سهلة ، وتنوعت بين اللغة العربية البسيطة واللهجة الخليجية العامية وهذا ما أنتقده البعض واعتبره من أوجه القصور فيها وأنا اختلف معهم واعتبرها مناسبة لنا نحن الشباب فنحن لا نحتاج إلى لغة شعرية مليئة بالمحسنات البديعية والكلام الفلسفي الذي لا نفهمه، إنها شابة تتحدث بلغة الشباب وبالفعل نجحت في أن توصل إلينا بعض أوجه القصور داخل مجتمعنا .
وعن أوجه القصور في الرواية يقول عمر: لأني مهتم بالشأن الثقافي وأقرأ الكثير من الكتب والروايات فقد وجدت " بنات الرياض " تحتاج إلى حبكة درامية وأدبية أقوى، كما تحتاج إلى كم من المفردات اللغوية الرصينة حتى يرضى عنها القارئ المثقف ثقافة عالية ، وأن كان هذا لا يقلل من جمال الرواية وإعجابي بها .

شفافية

توافق سارة الشبيلي على رأي عمر في إعجابه بالرواية وتضيف:
الرواية ممتعة وبها شفافية وصدق وتظهر وجها من أوجه المجتمع السعودي وجزءا من حياة بنات الرياض ، كما سلطت الضوء على البنات المراهقات في فترة عايشتها الكاتبة من خلال وجهة نظرها الخاصة التي يجب أن نحترمها حتى إن اختلفنا معها ، فقد أظهرت جانبا سلبيا في حياتنا فنحن لسنا مجتمع ملائكة ولابد أن نقر بذلك ونعترف به حتى نتقبل رأي الآخر خاصة إذا كان ابن المجتمع

وعن رأيها في الهجوم الذي تعرضت له الرواية تقول سارة:
لقد تعجبت من هذا الهجوم، خاصة أن البعض انتقد الرواية قبل أن يقرأها، اعتمد فقط على ما سمع عنها ،في رأيي أن الهجوم مبالغ فيه وبه تجن على شخص الكاتبة، ورغم اعتراضي على جوانب معينة في الرواية إلا أن إعجابي بجوانب أخرى جعلتني أتعاطف مع شخصيات الرواية وأتابع قصتهم الى النهاية، كما أنها الرواية الأولى ل. رجاء الصانع وتعرضها لهذا الكم من الهجوم والنقد غير البناء «حرام» لأنها مازالت في بداية الطريق وتحتاج منا إلى التشجيع وإلا كيف نشجع المواهب السعودية ونرعاها ونحن نجلد شبابنا بهذه الطريقة..؟!

لم تعجبني

أما رانيا جمال القرعاوي فلم تعجبها الرواية واعتبرتها سباحة ضد التيار وأضافت قائلة : لقد تابعت ما يقال عن الرواية من خلال شاشات التلفاز وبعض مواقع الانترنت والمنتديات ولم يجذبني هذا إلى البحث عن الرواية وشرائها ، لأن الشرط الأساسي بالنسبة لي لقراءة أي عمل أدبي هو اسم الكاتب وتاريخه الأدبي حتى أضمن لغة عربية قوية وصياغة أدبية رصينة بالإضافة إلى المضمون الفكري الذي يحترم عقلي، ولست أسعى وراء الكتب التي تحمل " فرقعات إعلامية " دون محتوى .

وتكمل رانيا رأيها قائلة:
أحيانا أشعر أننا مجتمعات هشة فكريا ونضخم الأمور لنعطيها أكبر من حجمها الطبيعي وهذا ما أظنه حدث مع رواية " بنات الرياض " بمجرد أن ظهرت رواية تحكي عن البنات انجذب إليها الكثير وتحولت إلى قضية رأي عام وأثارت جدلا واسعا وأنا من خلال مجلتكم أتساءل ما هي أوجه الاستفادة التي ستعود علي من قراءة رواية فقط لأنها تضم أسرار بنات طبقة ما بالمجتمع ؟

متعاطفة معها ولكن..

فاديا الطويل إعلامية بالتليفزيون السعودي تقول عن رأيها بما سمعته عن الرواية:
لقد سمعت عن هذه الرواية وقد أثارت الكثير من ردود الأفعال حتى في المجالس النسائية ، لكن في رأيي أن رجاء الصانع أعطت صورة سلبية عن شريحة من المجتمع السعودي وجعلته أساس روايتها ومحورها ، وهذا ما اعتبره ظلما للمجتمع السعودي الذي يغلب عليه الطابع المحافظ ، في ذات الوقت أشعر بالتعاطف مع الكاتبة من الناحية الإنسانية وأجد أنها أصبحت مطالبة بالدفاع عن روايتها ومحاولة إثبات أنها تتحدث عن جزء من المجتمع وليس مجتمعا بأكمله، وهذا يدفعها للدفاع عن نفسها وهو عبء نفسي كبير ،واعتقد أنها ستفكر كثيرا قبل أن تخوض تجربة رواية جديدة أخرى .