و يسألونكـ عن الصحراء ,,,
05-09-2013, 12:28 AM
و يسألونكـ عن الصحراء ,,,
إعداد : يوسف بن عومر
في تلك البعيدة الموحشة
أين تسبح خيالاتكمـ وسط الكثبان الرملية
تلمح قوافل الجِمال
وحادي العيس
و ترعى السراب على مد البصر ..
والخيام ..
حيث اللاشيء هو كل شيء
و الفراغ سيد المكان ..
عرف رجل الصحراء كيف يبني له مجتمعا
وينسج له نسيجا خاصا
بقي لمدة طويلة بمنئ عن أعين البشر ..
وحتى عن بني جلدته
من بني وطنه ..
أما أنتم بني وطني ..
آل شروق ..
ندعوكمـ من خلال هذه المساحة للتعرف على منطقة ِ
لطالما طالها الغموض
فضلا عن النسيان المقصود ..
من هنا بدأت الرحلة ..
يقول الامير عبد القادر ..
لو كنت تعلم ما في البدو تعذرني
لكن جهلت .. و كم في الجهل من ضرر
ويقول شاعر آخر :
خذوا الخلق الرفيع من الصحاري
فإن النفس يفسدها الزحام ..
و على حد قول الاستاذ علي قسورة الابراهيمي
وإلى الواحة الوارفة الظلال هلموا ..
تقدموا قليلا ..
تبردوا ..
هيا ..
ادخلوا ..
و استريحوا قليلا علي آتيكمـ بنبأ جديد ..
،
،
،
،
عودة من حيث انتهينا ..
فبعد مناظر الرمال وذلك السحر الطبيعي ..
سنلج احدى التجمعات السكانية في ربوع الصحراء الجزائرية الشاسعة ..
انها الواحة الحمراء ..
نحن عند مدخل المدينة ..
إلى الداخل ..
ايضا ..
يمكنكـ المبيت هنا ..
اذا لم يعجبكم بيتي طبعا هه
اين يريد السي عبد الرحمن ..
أو هنا
نستمر في التجوال ..
هيا ..
انتم في الجزائر هه
مدخل قصر تازجاخت
بدأ الظلام يخيم على المكان
نلتقي مع فجر جديد ان شاء فالق الاصباح ..
هذا
الموضوع كتبته فيما مضى ولكن احببت إعادته بعد اختفاءه من المنتدى وقد مزجته ببعض الصور /
هآنتم آل شروق مع رحلة جديدة في أعماق الصحراء الجزائرية ..عند كل إشراقة صباح ، تطل الشمس باسمة لقصور تيميمون ،وتلقي عليها التحية في جمال ووقار .
" المنجور" ذلك الصرح الصامد في وجه الآفات والكوارث ، بناياته حمراء مزجت من طين وماء ، ومنازله مصطافة في شوارعه الضيقة المتراصة تجدها واقفة رغم الشروخ التي يحدثها الزمن و العابثون ولا يصونها القائمون والبشر فهي تستحم كل عام على وقع حبات المطر رغم المرض وكبر السن فقد بلغت من العمر عتيا ، تنحني تارة وتقف في أخرى لكنها لا تموت أبدا ولا تسقط ولو شل نصفها واعتراها الموت من كل جانب.
القصر العتيق أو المنجور، أو باللهجة الزناتية المحلية " الميجو" يعدّ أقدم التجمعات السكانية وأعمقها في البلاد ، ومنه انبثقت المجتمعات السكانية الأخرى ، وهو أكبر مكان يحوي يطون العائلات التيميمونية العريقة.
و أنت تمشي في أزقة القصر العتيق تكاد تلامس عبق الحضارة وأسطورة شعب أرهقته الأحداث ولم تقتله. وبنظرة واحدة للقصر القديم تراه شامخا عاليا يعيد لك قصة الزمان وذاكرة الجدران مختزلة في بقاء بنيان شيده إنسان وبقايا كلمات أتقنها الناس هناك أن الحمد لله "سألتك يا رب الأرباب لا تغلق في وجهي باب لا تفرق زمرة الأحباب يا جبار اجبر حالي".
عندما تجتاز باب القصر نحو الداخل أول ما يصادفك المسجد الكبير. .
معلم أثري أكثر منه جامع روحي التقت فيه قلوب قوم على أن لا شحناء ولا بغضاء، يسري هواء الحب بينهم في فضاء هذا الرمز التاريخي الديني بصفاء إنساني لا مثيل له تكاد تراه في كل تصرف من تصرفات طفل من أطفال هذا الشامخ من بساطة العيش إلى الثقة والأمن والهناء في عالم ما عاد فيه هناء ومشاعر الوفاء لثقافة أخذت من القوم محل الدم الذي يسري في الوريد .
ففي القصر لازال الجار أكثر قربا من جاره ولا تزال حرمة الجار كحرمة النفس ولا تزال الحشمة في لباس شابات وصبية كأنهن القمر ولا يزال الشاب يقبل يدي أباه ولا يقل له أف رغم أي شيء في القصر يوجد الإنسان على فطرته الدينية وعلى سليقته الإنسانية.
مع التوغل أكثر في شِعَاب "المنجور" تكاد تلتقط أذناك صوت هادئ من بيت قديم لعجوز أو امرأة تهدهد ابنها على وقع "الأهلّـيل" تذكّره أن هناك ربا رحيما لا يمكن أن يترك الخوف يتسلل لقلبه فينام على حب الله وبذور الإيمان قد استوطنت قلبه الصغير.
في كل زقاق ترى نسيم الحياة يجتاح المكان حين يتعلّـل انفك برائحة البخور المنبعثة من البيوت وصوت "المهراس" يتهاوى على حبات العطور في يوم مبارك تزينه الصلاة على النبي وزغردات سعيدة بيوم الفضيلة المجيد تعم كل بيت.
و أنت تعبر القصر القديم تمر على شيخ يجلس على عتبة بزقاق ضيق ماسكا سبحة بيد وعكازا على الدنيا بأخرى تشعر برغبة جامحة تكتسحك للجلوس بين يديه وتنصت بخشوع فيلخص لك معنى البقاء بوجه الزمن.وأن تعيش الرضا في عالم الجشع.
دقات "المهراس" تكسر هدوء اللحظات وصوت "اهـلّـيل" ورائحة البخور وبشاشة الوجوه وسلام من رب رحيم يلقى على الملأ فيرده الجمع بحب وشغف وترحيب الرجل الحليم وشيخ القبيلة الحكيم .
متعة القلب حين يتنفّح من نقاء القلوب وصفاء الأرواح في انسجام عميق وتماسك اجتماعي لا مثيل له.
مع الغروب تنحني الشمس مجددا لتقبل رأس القصر العتيق بكل جلال واحترام وتودع أهله بلوعة المشتاق أن إلى اللقاء القادم مع حكاية جديدة. فالقصر باق والحب باق . . والسنون تمضي والوقت يمضي . . ولكن الله أعطى القصر مقومات الدوام راسخة في وجدان سكانه . . رمز قوتهم وملهمهم الصمود في زمن الانكسار.
ومع حكاية أخرى من حكايات الواحة نلتقي ..
السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته آل شروق مرة أخرى
هآنتم مع موعد جديد يحاكي واحدة من حكايا المجد التليد بتلك الصحراء الآسرة ..
"أقربيش" صانع أمة وحضارة
مع كل يوم جديد نستيقظ على صوت الفجر وكلنا شوق إلى "أقربيش" وبقلوب ملؤها الفرحة والسعادة نتسابق للوصول إلى هذا الصرح العتيد .
كان هذا في أيام الصّبا حيث مع أوّل ما يتعلم الطفل أبجديات الكلام وأولى أحرفه في مجتمع الصحراء الجزائري يسرع به أبواه إلى "الأقربيش" أو الجامع . . تسميات متعددة كانت تطلق على الكتّاب الذي يعد مدرسة اجتماعية متكاملة فيها يتربى النشا على الأصول والنحو دون أن ننسى الهدف الأول وهوا حفظ القرآن.
إذ هي عادات وتقاليد توارثها مجتمعنا فحكمته وسار على نهجها كل أجياله حيث يكون يوم دخول الطفل للمسجد يوم فرح كبير في العائلة يستدعي المباركة وإطعام الطعام للفقراء والمساكين وهذا بعد أن يذهب الأب مع ابنه إلى المسجد ويقدمه للشيخ أو "الطّالَب" حيث يعمل على خلق الجو المناسب لترغيب ابنه في القرءان وكذلك يعمل من حوله على جعل الأمر جميلا .
يكرم الأب الشيخ بما تيسر من مال أو طعام ولا حرج في ذلك إن لم يكن موجودا . .والإكرام يمتد للطلاب والتلاميذ في المسجد حيث يقدم ما يسمى –بالفتوح- وهو هذا الطعام الذي يقدم للطلاب حيث يشكله في الأغلب التمر والحليب .
لوح صغير يحرص الأب على إحضاره لأبنه بالإضافة إلى مدواة تقليدية تصنعها الأم بالأسفنج والصمغ والماء ،وقلم من القصب نُجِر بإتقان . . هي أدوات التلميذ من أول يوم يدخل فيه "الأقربيش".
حيث يقدم اللوح للشيخ كي يخط لك الخطوط الأولى في لوحك ويباركك وتستمد النور الذي يجعلك تستمر حتى النهاية بحفظك كتاب الله العظيم. يكتب أول ما يكتب بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه جملتان تجدهما في أول كل لوح من ألواح التلاميذ تعتبر مقدمة واستفتاح لكتابة الآيات من القرآن الكريم .
يتعلم الطفل أول ما يتعلم الحروف الأبجدية ثم بمجرد إتقانه الحروف ينتقل إلى سورة الفاتحة
ومنها إلى الناس تصاعديا في سور كتاب الله ويعمل الشيخ على تحديد عدد الآيات التي يكتبها التلميذ في لوحه حيث يراعي -الشيخ- السن والقدرة على الحفظ فالصغار الصغار يبدؤون بآيتين إلى ثلاث وهكذا بالتدريج كل ما نمت قدرة المتعلم على الاستيعاب والحفظ زاده المدرّس عدد الآيات التي يكتبها في لوحه حيث تكون الكتابة في الصباح و الحفظ في المساء.
يكبر الطفل على هذا الحال و يكبر اللوح معه وينموا في صدره القرآن وهو بين كل ختمة لربع من القرآن الكريم يعيد - الفتوح – ليزداد حماسة وإرادة وليفرح الجميع ويفخروا بالتقدم المنجز ومن بينهم الشيخ المعلم .
و مع وصول التلميذ مرحلة متقدمة في كتاب الله يبدأ -الشيخ- بتلقينه المتون الشعرية في النحو والعقيدة ومسائل الدين حتى ينشا الطفل سويا بشخصية قرآنية صالحة ومصلحة في مجتمعها.
ويكون ذلك في يوم الأربعاء من كل أسبوع حيث يكرر التلاميذ سورهم في الصباح ويدارسون الأحاديث والمتون في المساء.
يكبر الطفل ومعه الحلم يكبر وبمرور السنوات يصل التلميذ مرحلة ختم حفظ القرآن الكريم. . إنها بحق أعظم مرحلة في حياة التلميذ وأروع إنجاز يقدمه لعائلته ولأهله وبطبيعة الحال لشيخه الذي عمل على تدريسه.فببلوغ الحافظ سورة البقرة ووصوله إلى ختمتها يبدأ العد التنازلي للحدث الكبير ..
"حافيض" أو "الحفاضة" مراسيم حفل تقام لحافظ كتاب الله في جو بهيج مهيب حيث يتم فيه عزم الأهل والأقارب والأصدقاء إلى المسجد إن لم نقل تحضر كل القرية صباحا إلى الجامع أو "الأقربيش" .
في مراسيم "الحفاضة" يلبس الحافظ ملابس جديدة، عباءة بيضاء وعمامة وبرنس أبيضا وأحذية بيضاء جديدة كالعريس يختال بهدوء ووقار متقدما نحو شيخه ليقبل يديه، وجبينه في قمة العرفان وتذكار الجميل والسعادة في نفس الوقت ، يقوم الشيخ بإلباسه عمامته البيضاء في حضور الحافظين السابقين لكتاب الله وكذا الشيوخ ومدرسي القرآن هناك حيث يرسم كل منهم في لوح الطالب آية حتى يمتلأ اللوح هذا من وجه ومن الوجه الآخر يكون اللوح مزخرفا زخرفة جميلة مكتوب فيه الفاتحة بخط الحافظ وإمضاء -الطالب- حيث تعتبر ذكرى عن المسجد أو كشهادة حفظ للقرآن الكريم وسام على صدر الزمن ومفخرة للحافظ وعائلته.
[IMG][/IMG]
يقوم الحضور بترديد ترانيم إنشادية على شاكلة:
- بسم الله يا فتاح القلوب علمنا يا علام الغيوب
-نستفتح باسم الله وهو خير الفاتحين نصر من الله وفتح قريب وبشر المومنين- يردده كل من كان في المسجد .
بعد أن تتم مراسيم "الحفاضة " يقدم الأكل للحضور ويتم ذلك في جو من الفرح والسرور حيث لا يخلوا المشهد من تبادل التباريك خاتمين كل ذلك بالفاتحة وحمد الله عز وجل والدعاء لمن تبقى من المسلمين بحفظ كتاب الله العزيز.
يخرج "حفيض" من المسجد وذلك الجمع محيط به مترنمين ومنشدين القصيد،عند باب المسجد يكون الخيل بانتظار حافظ القرآن حيث يمتطي حصانا جميل المنظر ممسكا لوحه بكلتا يديه في جو ومنظر أقل ما يقال عنهما أنهما قمة في الروعة ومشاهد الجمال .
يوصل الجمع الحافظ إلى بيتهم بالإنشاد والتهليل بترانيم غنائية جميلة حيث تكون أمه باستقباله وعائلته أجمعها من أخوال وأعمام وأهل وأقارب حيث يجلس إلى أمه ويقبلها في مشهد يجسد طاعة الوالدين والتقدير والشكر للأم. تقوم الأم بسقاية ابنها حليبا وتمرا وتباركه وتحمد الله على حفظ ابنها كتاب الله العزيز. .
لن تنته القصة هنا فبعد ذلك يبقى الحافظ في البيت ليومين على الأقل لاستقبال التهاني والتبريكات وقلمه ومدواته بقربه يكتب لمن يأتي آيات بيّنات في قصاصات من الورق للتبرّك.
هذه قصة الأقربيش ذلك المعلم النوراني حيث تنبعث منه حضارة مجتمع بأكمله نهل منه الدين والعلم ،وساهم دوره في بناء أجيال من الشبان الأسوياء .
فرحم الله شيخا عمل على تربية هذا النشا ورحم أبا أدخل ابنه المسجد ورحم أما حرصت على وصول ابنها درجات، العلى والرقي.
نمضي اليومـ
ومع حكاية أخرى من حكايا الصحراء نلتقي ..
يُوسَفْ بَنْ عُومَرْ ''
شكر خاص لصفحة ريحة البلاد تيميمون ..
من مواضيعي
0 20 نصيحة هامة لمجتازي شهادة الباكلوريا
0 " الزيارات" أو " الوعدات " بين دعوات المقاطعة ووجوب الاستمرار الحضاري
0 اطلاق مشروع الحماية الاجتماعية
0 قصيد مسيّس ..
0 شجن الفراق ..
0 التوزيع السنوي لمادة اللغة العربية
0 " الزيارات" أو " الوعدات " بين دعوات المقاطعة ووجوب الاستمرار الحضاري
0 اطلاق مشروع الحماية الاجتماعية
0 قصيد مسيّس ..
0 شجن الفراق ..
0 التوزيع السنوي لمادة اللغة العربية
التعديل الأخير تم بواسطة يوسف جزائري ; 17-09-2013 الساعة 01:27 AM