ملف عن حياة نجيب محفوظ
23-07-2009, 01:17 PM
بسم الله ...
ملف عن حياة نجيب محفوظ
النشأة والتكريم ولد نجيب محفوظ عبد العزيز أحمد إبراهيم الباشا يوم الاثنين 11 ديسمبر عام 1911 بميدان بيت القاضي بحي الجمالية بالقاهرة. وله أربعة أخوات هو أصغرهم وتنحدر أسرة نجيب محفوظ من مدينة رشيد. وكان جده قد نزح إلى القاهرة ولقب بالسبيلجي لأنه يملك سبيلاً يشرب منه عابرو السبيل. حصل على ليسانس آداب قسم الفلسفة من جامعة القاهرة "فؤاد الأول" عام 1934 وعمل في بداية حياته العملية كاتباً في إدارة الجامعة 1934 ثم سكرتيراً برلمانياً لوزير الأوقاف عام 1939 ثم مديراً عاماً لمكتب بمصلحة الفنون العامة 1955 ثم مديراً عاماً للرقابة على المصنفات الفنية عام 1959. وتولى رئاسة مجلس إدارة مؤسسة السينما عام 1966 ثم عمل مستشاراً لوزير الثقافة عام 1968، وهو عضو بالمجلس الأعلى للثقافة وبنادي القصة وجمعية الأدباء. وهو أول كاتب مصري وعربي يحصل على جائزة نوبل في الأدب، نوفمبر عام 1988. وقد جاء في حيثيات استحقاقه بجائزة نوبل أن إنتاجه أعطى دفعة كبرى للقصة كمذهب يتخذ من الحياة اليومية مادة له، كما أسهم في تطوير اللغة العربية كلغة أدبية، لكن ما حققه نجيب محفوظ هو أعظم من ذلك فأعماله تخاطب البشرية كلها.. فثلاثيته وتصويرها للحياة في مدينة القاهرة في الفترة ما بين الحربين تضارع أعمال الأديب البريطاني تشارلز ديكنز عن الحياة في لندن والأديب الفرنسي إميل زولا عن الحياة في باريس. حصل نجيب محفوظ على جائزة قوت القلوب في الرواية، وجائزة وزارة التربية والتعليم وجائزة مجمع اللغة العربية عن قصة خان الخليلي وجائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1968 ووسام الجمهورية من الدرجة الأولى عام 1972 ثم قلادة النيل عام 1988 وهي أرفع الأوسمة المصرية. قدمت عن حياته وأعماله عشرات الرسائل الجامعية لنيل رسالتي الماجستير والدكتوراه في مصر والعالم العربي وكتب عنه العديد من الكتب وسجلت أعماله في مكتبة الكونجرس الأمريكي باعتباره أحد الكتاب البارزين في العالم وصدرت عن حياته وأعماله الأدبية مع تحليل لأدبه الروائي موسوعة باللغة الألمانية بعنوان "نجيب محفوظ حياته وأدبه" عام 1978. قائمة أعماله - همس الجنون نشرت لأول مرة 1938 - عبس الأقدار 1939 - رادوبيس 1939 - كفاح طيبة 1943 - القاهرة الجديدة 1944 - خان الخليلي 1945 - زقاق المدق 1946 - السراب 1947 - بداية ونهاية 1948 - قصر الشوق 1956 - السكرية 1957 - أولاد حارتنا جريدة الأهرام من 21 / 9 / 1959 إلى 25 / 12 / 1959 ولم تطبع في كتاب فى مصر - اللص والكلاب 1963 - السمان والخريف 1964 - دنيا الله 1965 - الطريق 1965 - بيت سيء السمعة 1966 - الشحاذ 1967 - ثرثرة فوق النيل 1968 - ميرامار – بلا تاريخ - خمارة القط الأسود – بلا تاريخ - حكاية بلا بداية ولا نهاية 1971 - شهر العسل 1971 - المرايا 1972 - الحب تحت المطر 1973 - الجريمة 1973 - الكرنك 1974 - حكايات حارتنا 1975 - قلب الليل 1975 - حضرة المحترم 1975 - ملحمة الحرافيش 1977 - الحب فوق هضبة الهرم 1979 - الشيطان يعظ 1979 - عصر الحب 1980 - أفراح القبة 1981 - ليالي ألف ليلة 1982 - رأيت فيما يرى النائم 1982 - الباقي من الزمن ساعة 1982 - أمام العرش 1983 - رحلة ابن فطومة 1983 - التنظيم السري 1984 - العائش في الحقيقة 1985 - يوم مقتل الزعيم 1985 - حديث الصباح والمساء 1987 - صباح الورد 1987 - قشتمر – الفجر الكاذب 1988 - أصداء السيرة الذاتية 96 - أحلام فترة النقاهة حتى وفاته نجيب محفوظ.. صفحات من مذكراته رجاء النقاش كان زواجي من "عطية الله" زواجاً عملياً بمعنى أنني اخترت الزوجة المناسبة لظروفي، ولم تنشأ بيننا قصة حب سابقة على الزواج. كنت في حاجة إلى زوجة توفر لي ظروفاً مريحة تساعدني على الكتابة ولا تنغص حياتي. زوجة تفهم أنني لست كائناً اجتماعياً ولا أحب أن أزور أحداً أو أن يزورني أحد وأنني وهبت حياتي كلها للأدب. ووجدت في عطية الله هذا التفهم وتلك الصفات المناسبة لي. واستطاعت هذه الزوجة أن توفر لي جواً مناسباً جعلني أتفرغ للكتابة والقراءة حتى أن إخوتي عندما كانوا يقومون بزيارتهم المعتادة لنا كانت زوجتي تستقبلهم وتجلس معهم لتتركني وشأني حتى لا أضيع وقتي في مثل هذه الواجبات الاجتماعية. وليس معنى هذا أنني كنت مشغولاً عنها على الدوام ففي أوقات الراحة عندما أنتهي من عملي وتفرغ هي من أعمال المنزل نجلس سوياً لسماع الإذاعة أو مشاهدة التليفزيون وبعد إنجاب البنتين "أم كلثوم" و"فاطمة" خصصنا يوماً في الأسبوع نخرج فيه وفي الغالب نذهب لمشاهدة أحدث الأفلام السينمائية أو التنزه في الحدائق العامة. والآن أصبح الخروج بالنسبة لي ولزوجتي أمراً صعباً لأسباب كثيرة منها حالتي الصحية. وطوال حياتي الزوجية لم يحدث وأن طلبت مشورة من زوجتي أو بنتي في أي عمل أدبي أكتبه ولم يحدث وأن عرضت عليهن عملاً لي قبل صدوره. وكن يقرأنه عندما يخرج للنور مع القراء. وأعمالي التي نقلتها السينما أو تحولت إلى أعمال تليفزيونية كن يشاهدنها أيضاً مع الجمهور ويبدين رأيهن فيها وآراؤهن في الغالب انطباعية غير متخصصة مما لا يفيدني على المستوى الأدبي. مفيد فوزي: نجيب محفوظ لم يكن زوجاً سعيداً في بيته رغم أن مفيد فوزي لم يكن من حرافيش أو دراويش محفوظ لكنه كان أكثر شخص أجرى حوارات ولقاءات مع محفوظ. ويقول فوزي إن أول مرة يظهر فيها كمحاور تليفزيوني كانت في لقاء مع محفوظ. وقبل التسجيل سأل فوزى محفوظ هل جئت إليك في وقت غير مناسب فقال: ليه أنا عندي ألم داخلي وهو أن ابنتي ليست لهما علاقة بأدبي فلا يقرآن لي.. وسألني: هل ابنتك تقرأ لك؟ فقلت: نعم.. وكذلك آمال العمدة زوجتي. فرد قائلاً: لا أتحدث عن الزوجة، أنا أتحدث عن البنات ماذا أفعل معهما؟ فسألته أين تدرسان؟ فقال في الجامعة الأمريكية فسألته: وما علاقتهما بك؟ فقال: هما تشاهدان الأفلام المأخوذة عن رواياتي، لكن حتى هذه لا تكملانها وتقولان لي على سبيل المجاملة: أكيد الرواية أحسن من الفيلم يا بابا. وقالت لي إحداهما مرة إن فيه واحد بيقول إن نجيب محفوظ بيعطي اسمه ولا يعنيه شكل السيناريو ولا الحوار. وأضاف محفوظ أن من يقدم فيلماً عن إحدى رواياتي يكتب فقط عن رواية كذا لنجيب محفوظ ولا يكتب أنها قصة نجيب محفوظ.. البنات يا أستاذ مفيد بيقولوا لي: يعني يا بابا أنت بتعطي اسمك وبعدين يعملوا فيك اللي بيعملوه. سأله مفيد: وهل هناك اختلاف بين أم كلثوم وأختها الصغرى فاطمة؟ فقال: لا.. الاثنتان واحد مثلما شاهدتهما في حفل تسليم جائزة نوبل - مفيد كان حاضراً وقريباً من مراسم الاحتفال وتسليم الجائزة.. لقد وقفت كل منهما في الحفلة وملك السويد يستعد لتقديم الجائزة فمد يده فوجد الاثنتين تمدان أيديهما في نفس الوقت.. فضحك الملك وضحك كل من في الصالة.. فرجع الملك بالجائزة وسأل عن الأكبر في السن بينهما، قالت أم كلثوم أنا.. فأخذت الجائزة.. يقول نجيب إن كلتا البنتين طبعة واحدة فلا واحدة منهما تقرأ أدبه ولا تسمع أم كلثوم.. فقط تسمعان الأغاني الأجنبية بغزارة.. ثم إن طريقة تثقيفهما بعيدة كل البعد عن اللغة العربية. وعن زوجته عطية الله: يقول فوزي أنها قليلة الكلام، لم تتحدث معه عن زوجها. كانت تعاسة الدنيا كلها عندما يجلس في المنزل لساعات طويلة من غير محمد سلماوي، والزوجة تتركه في حاله، تؤدي بعض الطلبات له والبنتان لا تفعلان له شيئاً، مجرد الطلة عليه. لكن سعادته كانت تتحقق أكثر بمجيء أصدقائه يوسف القعيد أو محمد سلماوي أو جمال الغيطاني.. يؤكد فوزي أن محفوظ لم يكن زوجاً سعيداً. اعتقال لم يتم أصدر المشير عبد الحكيم عامر قراراً باعتقال نجيب محفوظ بعد أن قرأ رواية "ثرثرة فوق النيل". رأى أن محفوظ يرمز إلى شخصه في الرواية وأنه قد تجاوز حدوده، واستعدت قوة بالفعل لإلقاء القبض على محفوظ لولا تدخل د. ثروت عكاشة الذي أخبر الرئيس عبد الناصر بقرار المشير عامر.. فأمر بإلغاء الاعتقال وعادت القوة من طريقها بعد أن تحركت بالفعل. سر الحقيبة السوداء بعد خبر فوزه بجائزة نوبل. فوجئ نجيب محفوظ بوفد من كبار المسئولين بدولة عربية يطلبون زيارته في منزله وعندما دخلوا لاحظ أن معهم حقيبة سوداء مريبة عرف من رئيس الوفد أنها مليئة بأموال تساوي قيمة الجائزة وقال له المسئول كل ما في الحقيبة لك بشرط الاعتذار وتوجيه بعض اللوم والنقد ولا بأس من بعض الشتائم للغرب الذي يعادينا". محفوظ رفض العرض وأكد لصاحبه أن الجائزة ليست له وحده وإنما للأدب العربي كله! وكتم محفوظ السر ولم يتحدث عنه بعد ذلك أبداً إلا مرة واحدة مع الناقد رجاء النقاش الذي نشر ذلك في كتابه. ومات محفوظ وهو يحتفظ لنفسه باسم الدولة والمسئول الذي قدم النصيحة! • أولاد حارتنا ليست مجرد شخصيات روائية بل هى معركة حضارية. د.خالدمنتصر. أولاد حارتنا للأديب العبقرى الراحل نجيب محفوظ ليست مجرد رواية ولكنها معركة حضارية فاصلة، وعلامة تنويرية فارقة، وتوفيرها للقراء المصريين وإطلاعهم عليها هو تحد حضارى يجب أن يتصدى له كل من له اهتمام بالثقافة وبمستقبل الإبداع فى هذا الوطن، فنجيب محفوظ بعد أن مات مازال المتطرفون والمتعصبون يصدرون بياناتهم تحت اسم المراجعات، ويقولون بأسلوب بهلوانى مفضوح أن الراحل قد تاب وأناب عن روايته المحظورة، ولذلك هم يصدرون فرمان العفو عنه، وأن الشاب الذى حاول إغتيال نجيب محفوظ لو كان قد استشار قادة الجماعة الإسلامية ما كانوا قد وافقوا على القتل!!، يا سلام بهذه البساطة، وكأن نجيب محفوظ هذا العقل الإبداعي الجبار مجرد سمسار أو ساعى بريد عند هؤلاء المتأسلمين، لابد أن يقبل أعتابهم ويأخذ أذنهم قبل أن يتصدى لكتابة أي قصة أو رواية، فهم يعتبرون أنفسهم وكلاء قطع غيار الفكر المصرى وسماسرة الآخرة وكهنة صكوك الغفران، ولذلك يوزعون أوراق الإفراج والبراءة على من يريدون، ويسحبونها ممن يريدون فيكفروهم ويغتالوهم معنوياً وجسدياً. ولم يقتصر الحال على المنخرطين في تنظيمات إرهابية، ولكن امتد الأمر إلى بعض رجال الأزهر الذين صرحوا فى الصحف أنه لا يجب الحديث في أولاد حارتنا وإثارة اللغط حولها مثلها مثل الفتنة الكبرى، ومن باب اذكروا محاسن موتاكم طالبوا بإغلاق الموضوع لأن الرجل تاب عنها قبل موته!، وبالطبع صدق بعض البسطاء إشاعة الرواية الملحدة الكافرة، ومدوا الخط على استقامته وقاموا بتكفير نجيب محفوظ نفسه بعد وفاته، كما كفره عمر عبد الرحمن أثناء حياته، والتقط هذه الفتوى مراهق عابر واستل سكيناً ليغتال أجمل صوت روائى عرفته الأمة العربية قاطبة. القضية بعد وفاة نجيب محفوظ انتقلت من خانة إعادة الاعتبار للرجل بعد وفاته وإنقاذه من مقصلة التكفير، إلى خانة ومساحة أكبر وأوسع وأشمل وأرحب، وهى خانة الصراع بين التنوير والظلام، هل نختار أن نساق مثل الغنم استجابة لوساوس مرضية وهلاوس نفسية نتيجة لكبت وتهاويم البعض ممن يفسرون ويقرأون كل إبداع فنى من خلال نظارات فقهاء القرن الأول الهجرى؟!، إن القضية أصبحت الآن لا تحتمل المهادنة ولا الطبطبة ولا المماينة ولا إمساك العصا من المنتصف، بل أستطيع أن أقول أن الأمر تعدى وصية نجيب محفوظ بألا تطبع فى مصر إلا بعد موافقة الأزهر، فالرواية ليست إرثاً مادياً ولا هي قطعة أرض أو شقة تمليك، ولكنها دلالة حضارية وخطاب تنويرى واختبار حقيقى لمدى وعى الناس، وتدريب مهم على كيفية قراءة الرواية ومن ثم أي عمل فني، وهى بكل هذه المعاني تتخطى حاجز مقتضيات التوريث والوصايا، ولم تعد ملك نجيب محفوظ وحده، وإنما هى ملكنا جميعاً، ملك كل إنسان مصرى يحترم الإبداع وحق الاختلاف والتفكير، ملك كل إنسان يريد استخدام عقله، هذه الهبة الربانية التى عطلناها وبعناها تأجير لكل عابر سبيل يحشوها بخزعبلات وتخاريف، ويطالبنا بالترغيب والترهيب، وبسيف المعز وذهبه، أن نقبل قدميه ونتوب على يديه، لأنه يدعى أنه يحتكر الحقيقة، ويصر على أنها بوجه واحد مع أنها ذات أطياف متعددة ووجوه مختلفة كقطعة الماس. الدولة تقف موقفاً متخاذلاً من طباعة رواية أولاد حارتنا، ومازال تقرير الأزهر الصادر فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عابراً للزمن وسارياً حتى اليوم، مازال سيفاً مسلطاً على رقابنا حتى هذه اللحظة، الدنيا تغيرت والقوانين تبدلت والأحزاب أعلنت والاشتراكية صارت رأسمالية والقطاع العام تخصخص والمواطن المصرى تعصعص... الخ، كل هذا قد تغير وتبدل وتحول إلا هذا القرار الأزهرى السرمدى بتكفير رواية نجيب محفوظ، ظل جاثماً رابضاً يتحدى الزمن مثل تمثال" أبو الهول" والمادة 76!، حاول البعض الفكاك من أسر هذا القرار السرمدى الأزلى الكهنوتى وطباعة الرواية، إلا أن سوط المتأسلمين وصوت المتطرفين جعل كل من فكر فى نشر الرواية يلملم أوراقه ويؤثر السلامة ويطلب الستر ويكمل تربية العيال، حتى المؤسسة الرسمية دار الهلال والأستاذ مجدى الدقاق رئيس تحرير أقدم مجلة ثقافية مصرية وهى مجلة الهلال، فشلت محاولاته فى إصدارها برغم ثقل المؤسسة الرسمى وعلاقات مجدى الدقاق القوية مع مراكز صنع القرار، باءت المحاولات بالهزيمة، وعاد الكل خلف در كما كنت إلى المربع رقم واحد، وأصاب الخرس الجميع، وأطلقوا على هذا التصرف عقلانية مع أن العقل يقول أن منع الرواية هو منتهى اللاعقلانية. إنطلاقاً من أن نشر الرواية معركة حضارية وليس مجرد نشر ومطابع وتصاريح وتسلية، فأنا أقترح على جيل الشباب الذى لم يتلوث بعض بفيروس السكوت والمماينة أن يقوم عشرون أو ثلاثون شاباً من محترفي الإنترنت بإنشاء موقع يطلقون عليه أولاد حارتنا دوت كوم وينشرون فيها الرواية كاملة، كل منهم يكتب جزء أو فصلاً، حتى ينتهوا من كتابتها وتنقيحها فى أسبوع وينشرونها على الإنترنت، وأتمنى من الناشر إبراهيم المعلم ألا يرفع عليهم قضايا وأن يترك رواية أولاد حارتنا فقط للنشر العام مناصرة للتنوير ونظراً لأهمية القضية، وبرغم أنها منشورة على مواقع كثيرة مثل منتدى أزاهير الأدبي ومنتدى الساخر إلا أننى مصر على أن يكتبها وينقحها الشباب المصرى وليس غيره لأن القضية قضيته و لأن فعل كتابة الرواية ونسخها على الإنترنت سيمنح شحنة معنوية هائلة للجميع ممن يريدون لهذا الوطن الرفعة والتقدم، ويجعل القضية قضية عامة، قضية وطن وليست قضية فرد، ومن سيريد قراءة الرواية سيقرأها مجاناً على الإنترنت أو يطبعها فصلاً فصلاً ضغطاً للنفقات، أو ينقلها على سى دى بأقل من جنيه واحد، وحينها ستنتشر الرواية، وتصبح فى متناول يد وعقل وقلب كل فرد مصرى بسيط ممن كتب عنهم ولهم نجيب محفوظ، بدلاً من شراء الرواية فى نسختها اللبنانية التى تتجاوز المائتى جنيه، إنها محاولة من محاولات ثقافة التحايل التى يمارسها المصرى والتى كتب عنها د. على فهمى عالم الإجتماع الكبير، هذه الثقافة التحايلية التى تبدأ من ابتكار عشرات الأنواع من أكلات الفول وانتهاء بأقفاص الجرجير والفجل على الأرصفة تحايلاً على الفقر، مروراً ببيع التمغة وركن العربيات وبيع الفل فى الإشارات وطبع المذكرات فى الجامعات وتوصيل أسلاك الدش الشعبى للفضائيات..... الخ، وأتمنى لهذا الموقع ألا يكون موقعاً لنسخ الرواية فقط، بل أطمح إلى أن يجمع فى خطوة لاحقة المقالات التحليلية لهذه الرواية البديعة، والقراءات المتعددة الفاهمة والواعية لها، وظروف كتابة هذه الرواية ويومياتها، وحكاية منعها، وتقرير الأزهر الذى حاكمها ومنعها، وممكن إضافة تسجيل " AUDIO&video" " للأحاديث الإذاعية والتليفزيونية لنجيب محفوظ والتى تحدث فيها عن الرواية، ومن الممكن أيضاً إنشاء قسم للروايات والكتب الممنوعة والمسكوت عنها والمصادرة فى مصر، هذه مجرد اقتراحات وأنا واثق فى الشباب الذين أبدعوا بمدوناتهم على الإنترنت عالماً بديلاً لثرثرات الكبار، إنهم سيكرمون نجيب التكريم الذى يستحقه والذى حرم منه فى جنازة السلطة الباردة المسلوقة المعلبة المنشية!، وأثق في أنهم سيستعيدون لنجيب محفوظ حقه الضائع، وبالتالى حق الوطن الضائع، حقه فى عقل جسور لا يخاف، وإبداع لا يعرف الأسوار، ودهشة تتعدى المألوف وتتخطى المرسوم والبديهى والمفروض، ففى الإمكان دائماً أبدع وأجمل مما كان التفاحة المحرمة في أدب نجيب محفوظ o رواية أولاد حارتنا بين التفسير والرؤية السياسية والرؤية الصوفية والرؤية المسيحية o رواية واحدة و4 رؤى مختلفة! o هل الجبلاوي هو الله؟ o هل أدهم هو آدم؟ o هل قاسم هو نبي الإسلام؟ o هل رفاعة هو المسيح؟ تحقيق أدبي بقلم ماري رمسيس أخطر عمل يمكن أن يقوم به أحد هو التفتيش في ضمير إنسان والبحث عن علاقته بربه وهي آفة مدمرة تحتل حيزاً كبيراً داخل العقل العربي. وللأسف الشديد وقع تحت طائلة محكمة التفتيش هذه العديد من الأدباء والمفكرين الكبار نذكر منهم عميد الأدب العربي طه حسين بسبب كتابه "في الشعر الجاهلي" وعميد المسرح العربي توفيق الحكيم بسبب مقالاته "أحاديث إلى الله" والأديب الفذ جبران خليل جبران بسبب كتابه "النبي" والأديب محمد شكري بسبب روايته "الخبز الحافي" ومحمد خلف الله بسبب كتابه "الفن القصصي في القرآن" والشيخ على عبد الرازق بسبب كتابه "أصول الحكم في الإسلام" وجمال البنا بسبب كتابه "قضايا معاصرة" والأديب يوسف السباعي بسبب روايته الساخرة "نائب عزرائيل" ودفع فرج فوده حياته من أجل أفكاره عن العلمانية وكاد أن يدفع نجيب محفوظ حياته عندما حاول إرهابي – كان يعمل بائع سمك - أن يغتاله بسبب روايته الفذة "أولاد حارتنا" والتي نحن بصدد فتح ملفها ذو الألغام المتفجرة. (الشربة بالشوكة والسكين) عندما يقحم أحد نفسه في مجال لا يفهم فيه فإنه يشبه تماماً إنساناً يريد أن يشرب "الشوربة" بالشوكة والسكين. وللأسف، غير المتخصصين في عالمنا الغوغائي صوتهم أعلى ونفوذهم أقوى وحكمهم نافذ، وذلك لأن الصوت العالي – في غياب ثقافة القراءة - يعطي المصداقية للمنتمين إلى الثقافة السمعية التي تجعل من "الأذن" إلهاً تخضع له في استسلام عجيب، لذلك لم يكن غريباً أن يدلى ذلك الإرهابي في تحقيقات النيابة أنه لم يقرأ سطراً واحداً لنجيب محفوظ. ولكي نصل إلى معنى وأسلوب الواقعية الجديدة التي كتبت بها "أولاد حارتنا" لابد أن نتعرف أولاً على الخريطة المرحلية التي تحدد الإطار الأدبي لنجيب محفوظ الذي يسير في الموكب الأدبي منذ عام 1936. فقد بدأ أدبه بكتابة الروايات التاريخية والتي استلهم فيها التاريخ الفرعوني وهي روايات "عبث الأقدار" عام 1939 ورادوبيس عام 1923 وكفاح طيبة عام 1944 وكان في ذلك متأثراً بالتيار القومي الفرعوني الذي اتجه إليه كثير من المصريين. ثم بدأ مرحلة أخرى برواية "فضيحة في القاهرة" والتي سميت فيما بعد "بالقاهرة الجديدة" والتي قدمتها السينما في فيلم "القاهرة 30" وهي مرحلة الرواية الاجتماعية والتي منها "بداية ونهاية" والثلاثية الشهيرة "قصر الشوق، بين القصرين، السكرية" وميرامار وزقاق المدق والكرنك وقشتمر وصباح الورد وثرثرة فوق النيل. وقد سار نجيب على نهج القالب القصصي للأدب الأوربي في القرن الـ19 وأوائل القرن العشرين. وإن رواياته تترك أثراً تشاؤمياً في نفس القارئ بسبب هزيمة أبطاله. والطبقة الوسطى كانت هي البيئة الاجتماعية التي تناولها محفوظ في رواياته. أما المرحلة الثالثة في أدب شيخ الأدباء فبدأت برواية "أولاد حارتنا" وتسمى بمرحلة "الواقعية الجديدة" والتي يعرفها نجيب محفوظ قائلاً "بأنه إذا كانت الواقعية التقليدية أساسها الحياة فأنت تصورها وتبين مجراها وتستخرج منها اتجاهاتها وما تتضمنه من رسالات، وتبدأ القصة وتنتهي وهي تعتمد على الحياة وملابساتهم بكل تفاصيلها، أما في الواقعية الجديدة فالباعث إلى الكتابة أفكار وانفعالات معينة تتجه إلى الواقع لتجعله وسيلة للتعبير عنها فأنا أعبر عن المعاني الفكرية بمظهر واقعي تماماً وهذا ما فعله أديبنا الكبير في "أولاد حارتنا" حيث عبر عن الأنبياء وأفكارهم بشكل إنساني واقعي تماماً. هل كان بالإمكان أن يفهم السماك أو حتى الشيخ عبد الرحمن الذي أفتى بقتل نجيب محفوظ معنى أو أسلوب الواقعية الجديدة؟! وطبعاً من الصعب أن نقدم تلخيصاً وافياً لهذه الرواية الكبيرة والتي قد تعطي مقدمتها فكرة عنها. يقول النجيب: "كلما ضاق أحد بحاله أو ناء بظلم أو سوء معاملة، أشار إلى البيت الكبير على رأس الحارة من ناصيتها المتصلة بالصحراء وقال في حسرة هذا بيت جدنا.. جميعنا من صلبه.. ونحن مستحقو أوقافه. فلماذا نجوع وكيف نضام؟ ثم يأخذ في قص قصص أدهم الذي يستمع إلى إدريس ويرغب في معرفة المستقبل بقراءة "حجة" أبيه الجبلاوي الذي يكتشف الأمر ويطرده إلى الخارج مع زوجته. وفي الخارج يبيع الخيار وبعد أيام يقتل ابنه قدري شقيقه همام. وقصة "جبل" الذي تنتشله ابنة الهانم عندما كان يستحم في الطين فهو من آل حمدان المقهورين تحت سطوة الناظر والفتوات لذلك يدافع عنهم ويقتل أحد الفتوات ثم يهرب ويتعلم من المعلم البلقيطي مهارات "الحاوي" ويعود ليأخذ حق آل حمدان في مقابل أن يطرد الثعابين. أما رفاعة فإنه يرفض أن يعمل نجاراً مثل والده ويهتم بطرد الشياطين والبحث عن الرحمة والسعادة وعندما يتجمهر القوم لرجم ياسمينة الزانية يضطر للزواج منها لكي ينقذها من الموت. وأكد محفوظ على أنه لم يمس أبداً ياسمينة جسدياً وعلى الرغم من إنقاذه إياها إلا أنها تبيعه للفتوة الذي يقتله. ثم يقص قصة قاسم الذي يحاول أن يقيم العدل في حي الجرابيع وأخيراً قصة عرفة الغريب عن الحارة والذي يجد في السحر ويصنع زجاجة متفجرة ويتعاقد مع الناظر والفتوات ضد الغلابة. هذا ملخص قصير جداً جداً للرواية. (التفسير المتشدد) التفسير الديني للأدب مرفوض. لأن لكل من الأدب والدين أدواته المختلفة في العرض والنقد. والتفسير يختلف عن الرؤية لأن الرؤية أمر ذاتي غير ملزم وغالباً ما يكون مؤيداً للعمل وواسع الصدر في الاختلاف أما التفسير فهو يضع العمل تحت حد السكين لكي يؤكد الحكم الذي غالباً ما يكون سابقاً للقراءة وعندما يرتبط التفسير بكلمة الدين فهو يوحي بامتلاك الحقيقة المطلقة التي تعني الخضوع والتصديق لكل ما جاء في هذا التفسير. والتفسير المتشدد لأولاد حارتنا بدأ مع بداية نشرها مسلسلة في جريدة الأهرام عام 1959 عندما كتب شيوخ الأزهر تقريراً سرياً تم منع الرواية في مصر وقد ازدهر هذا التفسير المتشدد بعد أن أصدر الإمام الخوميني فتوى بإهدار دم الكاتب سليمان رشدي عقاباً له على روايته "آيات شيطانية" عام 1989 حيث أدن نجيب محفوظ قرار الإمام الخوميني بإهدار دم الكاتب الهندي سلمان رشدي حيث قال إن القتل جريمة والتحريض عليه أيضاً جريمة، هنا صدرت جريدة "النور الإسلامية" يوم الأربعاء 23 فبراير 1989 وقد شغلت قضية سلمان عددها واعتبرت أن سلمان من تلاميذ رواية نجيب محفوظ "أولاد حارتنا" الذين باعوا أنفسهم للشيطان على حد تعبير الجريدة. وبدأ أئمة المتطرفين على المنابر في التهييج ضد محفوظ الذي قام بتشخيص الله في صورة "الجبلاوي" وصورة رسول الإسلام في شخصية "قاسم" وهكذا أهان الأنبياء. وهكذا وصل التفسير المتشدد لمحاولة اغتيال نجيب محفوظ. (الرؤية السياسية) أما الرؤية السياسية لأولاد حارتنا فقد بدأت في الجبلاوي – جمال عبد الناصر - والعسكر الذين قاموا بالثورة هم الفتوات الذين يرضخ تحت نبابيتهم الغلابة وهذه الرؤية مقحمة لحد كبير على الرواية. وإن كان هناك بعض الأدباء الذين كانوا يحنقون على "محفوظ" الذي اعتاد على وضع آرائه السياسية في أعماله الأدبية وجدوا في أولاد حارتنا فرصة لكي يوغر صدر النظام المستبد على هذا الكاتب البديع. ولكنهم فشلوا في ذلك حيث كانت التشبيهات مفتعلة لحد كبير. وكما لم يصدق عبد الناصر أنه "عتريس" في رواية وفيلم "شيء من الخوف" لثروت أباظة لم يصدق أنه الجبلاوي. (الرؤية الصوفية) وقدم الرواية بالبعد الصوفي الدكتور مصطفى عبد الغني حيث قال إن الرواية بدت في إطار صوفي أخاذ لكن الفكرة المحورية فيها تستلهم الواقع والفكر في وقت واحد وذلك لأن "أولاد حارتنا" تحتفي بالاثنين –الواقع والفكر - فهي تقوم على أساس فكرة فلسفية وخاصة وهي ترتكز على قضايا مثل البحث عن العدالة وتحقيق الحرية ويرى عبد الغني أن محفوظ يركز في "أولاد حارتنا" على الأنبياء في رموز فنية واعية مفسراً القيم الدينية تفسيراً اجتماعياً واعياً والتصوف عند نجيب محفوظ رؤية أو موقف يمكن إجماله في نوعين من الرغبات، الرغبة في مزيد من الحب ثم الرغبة في مزيد من المعرفة وهاتان الرغبتان – الحب والمعرفة - تتصارعان داخل التكوين البشري، الرغبة في معرفة أوسع والرغبة في حب أعمق. وبمتابعة كتابات محفوظ الإبداعية يمكن أن نؤكد أن الفكرية الصوفية لديه لم تخرج عن 3 عناصر هي الحب والمعرفة والقيم ويمكن ترجمتها إلى الراحة النفسية والإيمان بالعلم والقيم الاجتماعية، ولكن الحب هنا يتحول إلى نوع من الوعي الذي يسعى للتعبير عن حسه الشعوري برغبة الكتابة. (الرؤية المسيحية) عندما أصدرت هذه الرؤية في كتاب وعرف عنها نجيب محفوظ والتقي بالكاتب روبير الفارس في فندق شبرد بالقاهرة وسأله وهو قلق "رؤية مسيحية إزاي" كان التفسير الديني الذي أدى به إلى غرس مطواه في رقبته مازال مسيطراً عليه ولكن عندما علم أن الرؤية المسيحية اتجاه للرؤية متسامح ومؤيد للرواية هدأت نفسه وارتسمت الراحة على وجهه وقبل النسخ ووافق على التصوير مع المؤلف رغم الإرهاق الشديد الذي يسببه فلاش الكاميرا له. فماذا قدمت هذه الرؤية يقول الفارس: لقد قرأت "أولاد حارتنا" لأول مرة عندما أصدرتها جريدة الأهالي عام 1994 كنوع من التحدي والتصدي للإرهابيين الذين حاولوا قتل محفوظ بسببها. وفي أوائل عام 2006 قرأتها من جديد ووجدت فكرة تقديم رؤية مسيحية لهذه الرواية الفلسفية الجميلة تراودني بقوة وقسوة. وهنا أقول إنها وجهة نظر ظنية – ولا أقول تفسيراً - فتذوق الأدب بالأساس يبنى على الدليل الظني في تفهم روح النص وقراءة ما بين السطور وإبراز مكنونه أو المسكوت عنه فيه وأنا لا أقصد من هذه الرواية غير تقديم مجموعة من التأملات المسيحية الروحية لشخصيات وأحداث هذه الرواية التي تصور طموح البشر في تحقيق العدالة والسعادة. وتحاول هذه الرواية أن ترى الشخصيات رموزاً لشخصيات الكتاب المقدس ومن ذلك نجد هناك دلالات على مستوى أسماء الشخصيات ودلالات على مستوى المواقف والأحداث فمثلاً. شخصية "الجبلاوي" من حيث الاسم نجد أن الجبلاوي نسبة إلى "الجبل" و"الجبلة" بكسرتين وتثقيل اللام تعني الطبيعة والخليقة والغريزة، يقال "جبله الله على كذا" أي خلقه الله. فالجبلاوي هو الخالق أما إذا أخذنا بالمعنى القريب فنجد أن الجبلاوي هو ساكن الجبل وهنا نجد العديد من آيات الكتاب المقدس تقدم صوراً لعلاقة الله بالجبال، وأول ما يتبادر إلى الذهن قول المزمور: "رفعت عيني إلى الجبال من حيث يأتي عوني" (مز 121) وكذلك "أساسه في الجبال المقدسة" (مز 87). وشبهت وقاية الله وحمايته لشعبه بالجبال كما جاء بالمزمور 125 "المتوكلون على الرب مثل جبل صهيون" وفي إشعياء ورد تشبيه ملكوت المسيح بجبل (إشعياء 2 : 2 -3) وكما جبل الله آدم من تراب هكذا فعل الجبلاوي الذي اختار "أدهم – آدم" ابن الجارية –الأرض السوداء - بالمجد والكرامة توجه وعلى أعمال يديه (أقامه – إدارة الوقف) وقامت أميمة بدور أمنا حواء على أكمل وجه أما إدريس – إبليس المتكبر الذي كان يشتم ويلعن وهو يقول "كنت كوكب البيت المنير" تماماً كما جاء في سفر إشعياء وهو يتساءل: "كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح" وقدم محفوظ الجبلاوي في صورة أب كامل العدل وإن كان يراه البعض أباً قاسياً في عقابه وأكبر دليل على كونه عادلاً أن "أدهم وأميمة" أقرا بأنهما يستحقان الموت ولكن الجبلاوي اكتفى بطردهما من البيت الكبير. أما شخصية موسى النبي فقدمها نجيب محفوظ باسم "جبل" المنتمي إلى "آل حمدان" الذين يرددون داخل نفوسهم أنهم أسياد الحارة – شعب الله المختار - ولكنهم يضربون كالكلاب. وكما يقول الكتاب عن "بني إسرائيل" في سفر الخروج الأصحاح الأول: "فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم ومرروا حياتهم بعبودية قاسية" أو كما يقول محفوظ "آل حمدان ضاع حقهم في الوقف. آل حمدان تمرغوا في تراب القذارة والبؤس. آل حمدان تسلط عليهم فتوة ليس منهم بل من أحط الأحياء". ويقدم محفوظ (جبل) على أنه تعلم مهارات الحواة بعد أن هرب من الحي لقتله أحد الفتوات الذي تعدى على واحد من آل حمدان و(جبل) أصبح قادراً على طرد الثعابين لينقذ الحي وهو أمر يذكرنا برفع موسى للحية النحاسية للإنقاذ من لدغات الثعابين. أما شخصية "رفاعة" فيمكن أن تجد فيها رمزاً لشخصية السيد المسيح، فرفاعة يذكرنا بالآية التي تقول "الرافع البائس من المزبلة" وحتى والدة رفاعة سميت عبدة كما قالت العذراء للملاك "هوذا أنا أمة "عبدة" الرب. وفي هذه الحارة نجد ياسمينة الزانية التي كادت أن ترجم لولا تدخل رفاعة الذي يتزوج منها زواجاً روحياً لكي ينقذها وهو قريب جداً هنا من جزئية كون المسيح هو عريس النفوس الخاطئة. وقد شبه الكتاب المقدس علاقة الله مع شعبه وعلاقة المسيح مع كنيسته بعلاقة العريس بالعروس كما جاء في سفر إشعياء "لأن بعلك – زوجك - هو صانعك رب الجنود اسمه ووليك قدوس إسرائيل إله كل الأرض يدعى" (إشعياء 54 : 5) وفي سفر هوشع نجد: "وأخطبك لنفسي إلى الأبد وأخطبك لنفسي بالعدل والحق والإحسان والمراحم وأخطبك لنفسي بالأمانة فتعرفين الرب (هوشع 2 : 19). ويقول بولس الرسول: "فإني أغار عليكم غيرة الله لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح". ويتأمل أحد الآباء القديسين في هذه الرابطة الروحية قائلاً: إن أساس الزواج هو الإخلاص فهل أخلصت ياسمينة لرفاعة وقدمت توبة حقيقية. يخبرنا محفوظ بأن ياسمينة ظلت على جحودها ونكرانها وظلت على علاقتها الآثمة بالفتوة "بيومي" الذي يقتله "مقابل متعة وقتية" (وتبقى الرواية) عمل شامخ كالهرم. كثير العطاء كالنيل ولذلك تتعدد الروئ. وتبقى الرواية وينسحق المفترون والمتشددون والسطحيون، فأدب محفوظ يحتاج أن تدخل إلى العمق لكي ترى عجائب. ماري رمسيس «الجماعة الإسلامية» تتبرأ من محاولة اغتيال نجيب محفوظ تبرأت «الجماعة الإسلامية» المحظورة في مصر، من محاولة اغتيال الأديب الراحل نجيب محفوظ، بعد نحو12 عاماً من وقوعها، ووصف الخلاف معه بأنه كان «مجرد خلاف فكري». وأصدرت الجماعة بياناً لفتت فيه إلى أن محفوظ، دافع في كتاباته في تسعينيات القرن الماضي عن الحركة الإسلامية. وأضاف البيان: «أن محاولة الاعتداء على الأديب الكبير نجيب محفوظ، لم تكن تمثل خطاً عاماً في الجماعة، فالخلافات الفكرية إنما هي محل الجدل والحوار، وليس القتل والاغتيال، وما وقع للأديب الكبير إنما كان عملا فردياً، قام به بعض المنتمين إلى الجماعة والمطاردين آنذاك، ولو رجعوا إلينا لنهيناهم أشد النهي عن هذا العمل، الذي تعتبره الجماعة خطأ في حق المفكر الوحيد في التسعينات، الذي كان يطالب بحقها في الوجود الشرعي». وأشار البيان، إلى أنه رغم الخلاف الفكري، الذي كان محتدماً بين الحركة الإسلامية خصوصاً، وعلماء المسلمين عموماً وبين محفوظ، وذلك منذ كتابته لرواية «أولاد حارتنا»، إلا أن «هذا الخلاف الفكري لا يمنعنا من ذكر ما للرجل وما عليه». وقال البيان في موقع «الجماعة الإسلامية» على الإنترنت، بوفاة الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ، تكون الرواية العربية قد فقدت أحد أهم أركانها، بل لا نبالغ إذ نقول إنها قد فقدت الأب الروحي لها فقد استطاع محفوظ على مدار حوالي سبعين عاما، مارس فيها الكتابة أن يضع الرواية العربية في مصاف الأدب العالمي، وأن ينتقل بها من مراحل المراهقة إلى مراحل الرشد والاكتمال، إضافة إلى ذلك فقد استطاع محفوظ تصوير هموم الطبقة الوسطى في مصر، وإبرازها إلى الوجود من خلال رواياته التي استطاع من خلالها معالجة الوضع الاجتماعي لهذه الطبقة، ومعروف أن «الجماعة الإسلامية» خاضت صراعاً عنيفاً مع السلطات المصرية منذ اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 وحتى حادثة مذبحة الأقصر، التي وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني) .1997 وفي إشارة إلى الخلاف مع محفوظ، ذكر بيان «الجماعة»: «رغم أن الراحل نجيب محفوظ كتب «أولاد حارتنا» التي كانت تمثل إهانة للأديان كلها وليس للإسلام فحسب، إلا أنه مما يحمد للكاتب الكبير، أنه رفض نشرها وطبعها إلا إذا وافق عليها الأزهر الشريف، وهذه والله نعتبرها رجوعاً منه عن هذه القصة ونفضاً ليده منها وتوبة إلى الله من وزرها، فالرجوع إلى الحق فضيلة. ورغم ذلك فقد استغل بعض خصوم الإسلام فرصة محاولة اغتياله لنشر هذه القصة على نطاق واسع، وهذه والله هي النقيصة بعينها». وشدد البيان على أن محاولة الاعتداء على محفوظ «لم تكن تمثل خطاً عاماً في الجماعة، وأنها كانت عملا فردياً قام به بعض المنتمين إلى الجماعة والمطاردين آنذاك»، مؤكداً أن «منفذي العملية لو كانوا سألوا قادة الجماعة وقتها لنهوهم عن خطأ في حق المفكر الوحيد في التسعينات، الذي كان يطالب بحقها في الوجود الشرعي». أولاد حارتنا، هل صارت لعنة نجيب محفوظ؟ بعد قيام ثورة يوليو 1952 ظل نجيب محفوظ عازفا عن الكتابة بحجة أن العالم الذي كان يسعى بالكتابة إلى تغييره غيرته الثورة بالفعل ولم تعد للكتابة جدوى بعد أن أنهى الثوار مرحلة تاريخية كان يريد لها أن تنتهي. وحين انحرفت التجربة الثورية كما قال محفوظ في أكثر من مناسبة عن الشعارات التي أعلنتها وظهرت فجوة عميقة بين النظرية وتطبيقاتها كتب محفوظ رواية "أولاد حارتنا" التي عاد بها إلى الكتابة عام 1959. وبعد بدء نشر الرواية مسلسلة في صحيفة الأهرام الحكومية ابتداء من 21 سبتمبر حتى 25 ديسمبر 1959 حث بعض رموز التيار الديني المحافظ على وقف النشر استنادا إلى تأويل الرواية تأويلا دينيا يتماس مع قصص بعض الأنبياء. ألا أن ذلك لم يتسبب في وقف النشر ولكنه تسبب في عدم طبعها في كتاب داخل مصر إلى اليوم. وقال الكاتب المصري سليمان فياض أنه كان يعمل آنذاك بوزارة الأوقاف سكرتيرا للجنة كانت تحمل عنوان "الدفاع عن الإسلام" مع الشيخين سيد سابق ومحمد الغزالي وكانا مسؤولين معا عن إدارة المساجد والدعوة والدعاة. وأضاف فياض أنه في إحدى جلسات تلك اللجنة "قدم الشيخ الغزالي ورقتين معدتين من قبل يستعرض فيهما 'أولاد حارتنا' من زاوية الاتهام وحدها. وفي الورقتين كانت الإدانة لأولاد حارتنا في غيبة من الدفاع والمتهم. ومنذ ذلك الحين وقصة التكفير والاتهام بالإلحاد لا تتوقف." وصدرت الرواية في بيروت عن دار الأدب ومن هناك تصل إلى القارئ المصري الذي لا يجد صعوبة في الحصول عليها. ولا تزال مكتبة مصر الناشر الدائم لأعمال محفوظ تسقط "أولاد حارتنا" من قائمة أعمال الكاتب إلى اليوم ولم يعترض محفوظ لأنه لم يكن يريد خوض معركة لإصدار الرواية في مصر. وظلت الرواية متاحة في مصر لمن يريدها بدون أن إثارة أزمات إلى أعلنت لجنة جائزة نوبل في تقريرها أن الكاتب استحق الجائزة عام 1988 عن أربعة أعمال منها "أولاد حارتنا" وكانت تلك الإشارة أشبه بباب جهنم على محفوظ حتى أن الشاب الذي حاول قتله بسكين في أكتوبر/تشرين الأول عام 1994 قال "انهم" قالوا له أن هذا الرجل (محفوظ) مرتد عن الإسلام. ومن بين الكتب التي صدرت عن الرواية "كلمتنا في الرد على أولاد حارتنا" لمحمد جلال كشك و"كلمتي في الرد على نجيب محفوظ" للشيخ عبد الحميد كشك. وفي حماسة الاحتفال بجائزة نوبل أعلنت صحيفة المساء الحكومية القاهرية إعادة نشر الرواية مسلسلة وبعد نشرت الحلقة الأولى اعترض محفوظ وبعض الخائفين عليه فتم إيقاف النشر. وعقب المحاولة الفاشلة لاغتيال محفوظ تحمست صحيفة الأهالي المصرية التي تصدر كل أربعاء عن حزب التجمع اليساري المعارض لنشر الرواية في عدد خاص منها. وصدرت "أولاد حارتنا" كاملة بعد أيام من الحادث في عدد خاص من الأهالي يوم الأحد 30 أكتوبر/تشرين الأول 1994 وأعلن أنه نفد بالكامل. وحملت عناوين الصفحة الأولى.. "لأول مرة في مصر النص الكامل لرائعة نجيب محفوظ أولاد حارتنا بعد 35 عاما من غيابها عن الشعب المصري." ومهدت الصحيفة لنص الرواية بمقالات لنقاد وصحفيين بارزين هم محمود أمين العالم وشكري محمد عياد وفريدة النقاش وجابر عصفور ومحمد رضا العدل وسلامة أحمد سلامة والممثل عادل أمام. وزيادة في الحفاوة تمت الاستعانة برسوم مصاحبة للنص للفنانين عبد الغني أبو العينين وجودة خليفة فضلا عن غلاف الطبعة البيروتية. وعقب نشر الرواية في الأهالي أصدر كتاب وفنانون بيانا طالبوا فيه بعدم نشر الرواية في مصر بدعوى حماية حقوق المؤلف الذي نجا قبل أيام من الذبح. في حين وصف كتاب آخرون ذلك البيان بأنه "محزن". وبعد محاولة الاغتيال قام الشيخ الغزالي بزيارة محفوظ في مستشفى هيئة الشرطة على شاطئ نهر النيل حيث كان يتلقى العلاج. وكانا يلتقيان لأول مرة. والشيخ الغزالي بشهادة فياض هو صاحب المذكرة التي صودرت بموجبها "أولاد حارتنا". وروى الكاتب المصري يوسف القعيد الذي حضر اللقاء أن الغزالي علق على إتاحة الرواية في مصر قائلا ان "السموم أيضا تنشر خلسة والناس تقبل عليها" وشدد على أنه ضد الرواية ولكنه أدان محاولة الاغتيال التي "لا يقرها شرع ولا دين". وردا على التمهيد للمحاولة ببعض الكتب التحريضية ومنها كتاب الشيخ كشك قال الغزالي انه "رجل جاهل" في إشارة إلى كشك. وتعرض محفوظ لمشكلة أخرى ليس بسبب "أولاد حارتنا" مباشرة ولا بسبب قصة قصيرة كتبها في الستينيات وتحمل عنوان "الجبلاوي" وإنما بسبب دعابة. فبعد محاولة اغتياله سألته ممرضة عن حالته الصحية فداعبها قائلا "يظهر (يبدو أن) الجبلاوي راض علي". فالتقط محام من مدينة المنصورة هذه الدعابة بعد نشرها في صحيفة الأخبار في السابع من ديسمبر عام 1994 ورفع يوم 12 من الشهر نفسه دعوى قضائية ضد محفوظ متهما إياه "بالافتئات على حقوق الله عز وجل وتسميته بالجبلاوي." وطلب المحامي تعويضا مؤقتا قدره 501 جنيه لما أصابه من ضرر نتيجة الحوار المنسوب إلي محفوظ إلا أن محكمة جنايات المنصورة أصدرت حكمها النهائي يوم 26 ديسمبر عام 1995 برفض الدعوى. ثم تجدد الجدل حول "أولاد حارتنا" نهاية عام 2005 حيث أعلنت مؤسسة دار الهلال عن نشر الرواية في سلسلة "روايات الهلال" الشهرية ونشرت الصحف غلافا للرواية التي قالت دار الهلال أنها قيد الطبع حتى لو لم يوافق محفوظ بحجة أن الإبداع بمرور الوقت يصبح ملكا للشعب لا لصاحبه. وحالت قضية حقوق الملكية الفكرية التي حصلت عليها دار الشروق دون ذلك. وأعلنت دار الشروق مطلع عام 2006 أنها ستنشر الرواية بمقدمة للكاتب الإسلامي أحمد كمال أبو المجد. ونشرت مقدمة أبو المجد التي أطلق عليها "شهادة" في بعض الصحف لكن الرواية لم نفسها لم تصدر إلى الآن. فيما يلي قائمة بأسماء أهم شخصيات و أحداث الرواية و تفاسيرها القياسية بالاعتماد على التفسيرين الديني و النقدي لها: الجبلاوي: الله الخالق عز و جل، و ذلك بسبب صفات الجبلاوي الأزلية، و أخذاً من الجَبْل (بتسكين الباء) أي الخلق. أدهم: آدم، التشابه الواضح بين لفظ الاسمين، و كون أدهم الابن الصغير المفضل للجبلاوي، ولادته من أم سمراء (التراب)، وواقعة طرده من البيت/الجنة. إدريس: إبليس، التشابه بين الاسمين، و فكرة تكبره و كراهيته لأدهم، و خروجه من زمرة الأبناء المفضلين بتمرده على أبيه. جبل: النبي موسى، مأخوذ من حديث القرآن عن حديث الله لموسى على جبل الطور، و من تجلي الله للجبل. رفاعة: المسيح، و حسب الفكر الإسلامي لم يُصلب و إنما رُفع إلى السماء/أخذه الجبلاوي إلى بيته. قاسم: محمد، و ذلك من كنية الرسول (أبي القاسم)، و منه أنه جاء في حي كان يدعى حي الجرابيع فأعلى شأن قومه، و كان له أصحاب، و تزوج نساء كثيرات. صادق: أبو بكر الصديق، و ذلك من اسمه و صحبته لقاسم، و خلافته له. عرفه: عرفه من المعرفة أو العلم، و هو العلم في الرواية، فليس جبلياً، أو رفاعياً، أو قاسمياً/ ليس يهودياً، مسيحياً، أو مسلماً. و ينسبه كل فريق إليهم، و هو قاتل الجبلاوي. الحدث/ المكان رمزه ولادة أدهم من أم سمراء خلق آدم من الطين. تمرد إدريس تمرد إبليس على الله و رفضه السجود. إطلاع أدهم على الحجرة حيث الوصية الأكل من الشجرة المحرمة. قتل قدري لأخيه قصة قابيل و هابيل. حديث جبل و الجبلاوي حديث الله و موسى. موت رفاعة و الاختلاف فيه واقعة تعذيب المسيح و الاختلاف بين المسيحية و الإسلام حول صلبه من عدمه. تحول رفاق رفاعة إلى حكام بناء القديس بطرس للكنيسة. خروج قاسم من الحي الهجرة من مكة إلى المدينة . المعركة الأولى بالنبابيت غزوة بدر. وراثة صادق لقاسم خلافة أبي بكر للرسول محمد. جهل نسب عرفة العلم لا جنسية له و لا دين. موت الجبلاوي موت الإله. تسمي كل حي من أحياء الحارة باسم الأبرز فيه الإختلاف بين أتباه الديانات التوحيدية الثلاث. عزبة الجبلاوي الجنة. الحارة الأرض