غزَّة: فِداء..ونِداء..للحلبي.
29-07-2009, 04:47 PM
غزَّة: فِداء..ونِداء..


عليُّ بنُ حسنٍ الحلبيُّ الأثريُّ

يا غزَّةَ الإباء...
نحنُ جميعاً -كُلُّنا- سواء..
ولو تنوَّعت ديارُنا أو الأسماء...
بِقِسمةِ الأَجْزاء..
إلى متى البلاء؟!
إلى متى الجُروحُ والإغماء؟!
إلى متى الدِّماء؟!
إلى متى الأشلاء!؟
إلى متى يظلُّ حالُنا هَبَاء؟!
وجَمْعُنا غُثاء...
إلى متى نظلُّ دونَ خُبزٍ دون ماء؟!
أو كهرباء؟!
فلْنَكْشِف الغِطاء:
إلى متى خِذلانُنا يا أقرباء...
... يا أسوياء...
... يا عُقَلاء...
يا أيُّها الوُسَطاء؟!!
إلى متى سَيَنْمَحِي الظلامُ في الصباحِ والمساء؟!
إلى متى يا أُمَّتِي الصَّمَّاء...
على عيونِكِ الغِشاء؟!
متى متى يأتينا الارتواء...
لِنُسقِيَ الظِّماء؟!
متى سيستقيمُ الالتواء؟!
متى سيُشرِقُ السَّناء؟!
متى متى يكُفُّ مَن أساء؟!
متى متى يُرَجَّعُ الرَّخاء؟!
متى متى الشِّفاءُ مِن ذا الدّاء؟!
متى متى نَقُضُّ للأعداء...
مضاجعَ الأهواء؟!
متى متى تُمسَحُ عَنْ عيونِنا الأقذاء؟!
متى متى تُزغردُ النِّساء...
مِن فرحةٍ تُنهي العَناء؟!
متى متى نشفى بلا دواء؟!
متى متى يكون مُبْرَمُ القضاء...
فيه نهايةُ العِداء؟!
يا هُودُ مهما يعظُمِ الشَّقاء..
وتقتلوا الأحياء....
كما قتلتُمُ -قبلاً- للانبِياء...
بكُلِّ مَكْرٍ واضِحِ الجَلاء...
يا سادةَ الجُبَنَاء...
ومهما تَكْثُرِ الأدواء...
وتُكثِروا الصِّياحَ... والعُواء..
والصُّغَراء...
والعُمَلاء..
والدُّخلاء..
والأُجَراء..
وتقطعوا عنا الشرابَ والغِذاء..
وتمنعوا الغَداءَ والعَشاء..
وتقصِفوا في الصُّبح في العِشاء:
في الصيف في الشتاء...
لن تمنعوا عنّا الهواء..
ولا عواملَ البقاء..
لا لنْ يَحُلَّ أرضَنا فَناء...
لا بُدَّ مِن بعد المذلَّة مِن وِقاء..
فيه الوفاء..
لا بدَّ مِن بُعْدٍ عن الجفاء...
ومِن تَجَاوُزٍ للقالةِ البَلْهَاء...
لا بُدَّ مِن فرحةٍ تَعُمُّ ذا اللقاء...
فيها الهَناء...
بالأصدقاء...
بالإخوة الكُرَماء...
والفُضلاء...
والشُّرَفاء...
مِن غير أيِّ أوْصِياء...
فلعلَّ ما في غَزَّةِ الشُّرفاء...
بابٌ يكونُ النصرُ منه جاء...
فلْنُعظِم الأداء..
بغيرِ تثبيطٍ ولا إبطاء...
بكلِّ عزمٍ يملأُ الأرجاء..
بالكِبْرِياء..
فلْنُفرح الأبناءَ والآباء..
وكُلُّنا حزمٌ، وكُلُّنا (إباء)...
فَلْنَجْفُ للجَفاء..
فَلْنَنتَهِ مِن الآثام والأخطاء..
فَلْنَتْركِ الجُشاء..
مِن كُلِّ بطنٍ غَصَّهُ امتلاء..
فلْنُوقنِ الحقَّ بلا امتراء...
لا نُكثر المِراء...
لا نُهْذِ قولاً كُلُّه هُراء...
يا غزَّةَ السَّرَّاء والضَّرّاء...
فلْتَسْمَعِي لأصدق الأنْباء..
فَلْيَنْتَظِرْ لحقِّنا مَن شاء..
تَكَاثَرَتْ على (خِراشنا) الظِّباء..
تعدَّدت أمامَنا الأشياء..
تفاصَحَ الغوغاء..
تطاوَلَ السُّفَهاء...
قد دُلِّيَت بالباطلِ الدِّلاء..
فلْتَسمعوا -يا قومَنا- النداء:
فلْنُكثر الدُّعَاء...
لربِّنا الحميد ذي الثناء...
فلْنُغلقِ العزاء..
فليس ينفعُ الرِّثاء..
وليس يَصْلُحُ البُكاء...
ولا الغُواةُ الشُّعَراء...
بقصيدةٍ عَصماء..
بخُطبة الخُطباء..
ولا بلاغةُ البُلغاء..
والفُصحاء...
فحالُنا تُشابِهُ العَمَاء...
وإنَّنا نقولُ كِلْمةً سواء:
أين القلوبُ البِيضُ في النَّقاء؟!
أين القلوبُ الطُّهْرُ في الصفاء؟!
أين اتِّباعُ الأنبياء؟!
إنْ كان مِنَّا كُلُّ ذا العطاء...
فيه المَضاء...
فالنصرُ حقًّا دائماً هو الجزاء...
مِن ربِّنا المُدَبِّر الأمرَ مِن السَّماء...
هو العظيمُ ذو الآلاء..
هو الجليلُ ذو العطاء
له يكونُ الالتجاء...
له يؤوبُ ذو الرجاء...
به يُقَرَّبُ النَّجاء...
به تزولُ كُلُّ عَقْبةٍ كأداء...
به يَعُمُّ الأرضَ كُلَّها الأَنوارُ.. والأضواء...
هذا هو -يا قوميَ- الفِداء..
هذا هو الفِداء....
والافْتِداء...

* * * * *

ولو أني أسعى لأدنى معيشة
كفاني ولم أطلب قليلا من المال
ولكني أسعى لمجد مؤثل
وقد ينال المجد المؤثل أمثالي
(امرؤ القيس)