أرضها الذهب و نساؤها لعب و رجالها لمن غلب يحيضون حيض النساء؟
27-11-2009, 11:56 AM
هذا المجتمع يحب أن يظهر يائسا كى يبرر عجزه ويتظاهر بالسماحة كى يخفى جبنه ويتطرف فى التدين كى يدارى انحرافه! وفى الوقت الذى أنفتح فيه فساد الدولة على مصراعيه تركوا باب الفساد وإفساد الشعب موارباً...إفساد الشعب من أجل إسكاته عن فساد الحكم! الشرفاء حتى لو كانوا عبيداً لايمكن أن يتحملوا فساد رؤسائهم.. والمحترمون –مهما كانوا جبناء – لا يمكن أن أن يتحملوا انحراف حكامهم .

عزيزى المواطن المصرى ..

لماذا يصر الشعب المصرى على التعامل مع مبارك على طريقة اللى يتجوز أمى أقوله ياعمى؟
لماذا يبدو الشعب مستسلماً رخوا ومائعاً أمام حكم مبارك الأبدى الذى أوصل المواطن المصرى إلى ما هو فيه من ضنك وفقر وضيق ذات اليد؟ ومع ذلك هذا المواطن إللى طالع دينه وروحه لا يطلع فى المظاهرات ولاينوى فى الغالب أن يطلع للجان الانتخابيه ليقول لا لمبارك وينتخب غيره!

أنا مستعد أسمع أغانى عن أصاله الشعب المصرى وتحمله وقدرته على الصبر وكل هذه الحجج الباليه الرقيقة التى نسمعها مثل الشريط السافف. ومتأهب تماماً للإنصات لنظريات يتكرم بها البعض علينا ويقول إن السبب فى استسلام وعبوديه المصريين لحاكمهم هى سنوات البطش والقهر والقمع والخوف الذى صار طبيعياً وجزءاً من جينات المواطن المصرى!

لكننى لا أظن أن هذا العبث النظرى له قيمة حقيقية الأن، فهذا الضغط الرهيب الذى يعانيه المجتمع وتلك الظروف الاقتصاديه المروعة وهذه العيشة الزفت التى يحياها والبطالة المريعة التى يعيشها كل شباب مصر تقريباً والفساد الذى نراه ونشمه ونتحسسه عند كبار المسئولين وعيالهم وتلك الأمراض الغريبة المنتشرة فى البلد الذى جعلت صحته معتله مختله، وتلك المبيدات التى أكلناها والتلوث الذى تتعفن معه مياه الشرب وكل هذا السواد إذا لم يحرك الملايين من أجل أكل عيشهم وصحتهم وحياة عيالهم فمتى بروح أمهم يتحركون؟! الشعب المصرى مسئول قطعاً عما ألت إليه مصر فالحقيقة أنك عندما تذهب للإبلاغ عن سرقة حدثت فى بيتك فسوف يسألك الضابط أول سؤال: هل نسيت شباك المطبخ مفتوحا؟ هل أضعت مفاتيح الشقة من قبل؟ لا بد إذن من ثقب فى الصالة تدخل منه الفئران.

لا شك عندى إذن أن هناك سببا أخر عميقاً وقويا هو الذى يجعل من المجتمع المصرى شياطين خرسا، ساكتين عن الحق، معميين عن النظر للظلم، مشلولين شللا رباعيا عن الحركة، وهذا المجتمع يحب أن يظهر يائسا كى يبرر عجزه ويتظاهر بالسماحة كى يخفى جبنه ويتطرف فى التدين كى يدارى إنحرافه!

الحقيقة أن حكم مبارك منذ اللحظة الأولى لتوحشة الناعم فى منتصف الثمانينات تحول إلى نا أسماه دكتور جمال حمدان فى كتابه الأخطر ( شخصية مصر ) بالعصابه الحاكمة، يقول حمدان (لسوء الحظ أكثر عرفت مصر غالباً العصابه الحاكمة- ولا نقول أحياناً الحثالة الحاكمة- بمعنى عصبة مغتصبة تستمد شرعيتها من القوة غير الشرعية، ومن هنا فلئن كانت مصر الطبيعية حديقة لا غابة فقد كانت على العكس بشريا غابه لا حديقة، وإن كانت زراعياً مزرعة لا مرعى فقد كانت سياسياً مرعى لا مزرعة للأسف، وبالتالى فكثيراً ما كانت مصر إلى حد بعيد حكومة بلا شعب سياسيا وشعبا بلا حكومة أقتصادياً)
هذه اللحظة التى وصلت فيها مصر إلى المنحدر الكبير وهو وهو تحويل مبارك من رئيس فوجئ برئاسته إلى زعيم مدشن من منافقيه ومؤلّه من المنتفعين بفرعنة الحاكم ثم بدأ تخلى مبارك عن شعوره ببشريه الرئيس إلى استمراء واستمرار واستقرار إحساسه بقدسية الرئيس وهو ما تراه مكتوباً على مصر كما يشرح جمال حمدان (وهذا ما يصل بنا فى النهاية إلى زروة النظام وزروة المأساه أيضاً، لقد كانت مصر أبدا هى حاكمها وحاكمها هو عادة أكبر أعدائها وأحياناً أشر أبنائها، وهو على أية حال يتصرف على أنه"صاحب مصر" و"ولى النعم" أو "الوصى على الشعب القاصر الذى هو عبيد إحساناته" وظيفته أن يحكم ووظيفة الشعب أن يحكم بضم الياء، وأن الشعب الأمين هو شعب أمين ، والمصرى الطيب هو وحده المصرى التابع الخاضع، إن لم يعتقد حقاً أن المصرى لا يكون مصرياً إلا إذا كان عبداً أو كاد.... شخصية مصر صفحة 577 الجزء الرابع)
لكن جمال حمدان لم يصل إلى ما وصلت أليه العقليه الحاكمة منذ منتصف الثمانينات فلم يكن كافياً أن يكون الشعب خاضعاً وعبداً، والرئيس فرعونا بل أدرك النظام أنه لا يمكن أن يستكين شعب ولا تخضع أمه لحاكم إلا حين تشارك الناس فعلياً فى فساد الحكم، فالشرفاء – حتى لو كانوا عبيداً – لا يمكن أن يتحملوا فساد رؤسائهم، والمحترمون – مهما كانوا جبناء - لا يمكن أن يتحملوا انحراف حكامهم، فكان لابد من جعل الشعب مكسورة عينه وممسوكا عليه ذلة، وفى الوقت الذى أنفتح فيه فساد الدولة على مصراعيه تركوا باب فساد وإفساد الشعب موارباً، فلا يمكن لمرؤوس أو موظف يرى مديرة مرتشياً ويسكت فإما يفضحة أو يرتشى مثله أو يقسم معاه، وبذمتك ودينك كم مرة رحت تخلص حاجة فى مصلحة حكومية ورفض الموظف أن يرتشى منك "بخمسة جنية" فقط وقال لك: هى دى فلوس ثم دى مش ليه لوحدى، إحنا كله بيقسم هنا واللقمة واكلها كتير!
هنا تتجلى عبقرية إفساد الشعب من أجل إسكاته عن فساد الحكم! قرر الحكم أن يتغاضى عن الفساد والرشوة حتى صار قاعدة حياة ومنهج بلد بكامله، فلا يمكن أن تفعل شيئ فى مصر بدون رشوة، بل وأطلق المواطن المنافق على الرشوة كلمات بديلة مثل الحلاوة بتاعتنا، وإحنا فين عرقنا يا بيه، وفين الشاى يا باشا؟ ( أقترح أن نحرم الشاى دينياً من كثرة ما أصبح مرادفاً للرشوة)، ليست الرشوة فى المصالح الصغيرة فقط بل فى كل مراكز الدولة من العدالة ( ويالهوى على بلد يدخل أهل تطبيق العدالة السجن بتهمة الرشوة !) وحتى الجامعات والمدارس وكليات الشرطة وغيرها وطلبات التوظيف، بل والتوزير أيضاً!

كل شيئ طالته الرشوة ووصلت أليه إتاوات الفساد والإثراء غير المشروع، وصار كل هذا عادياً وغير مستغرب ولا مستنكر، ألا تتذكر معى خطبة لمبارك قال فيها: " إن عساكر المرور بياخدوا فلوس من أصحاب العربيات أصلهم غلابة ح يعملوا أيه؟ تخيل لما حاكم الدولة فى خطبه يقول غلابه ح يعملوا أيه؟! " وخد عندك خطة مدبرة ومنظمة ومافياوية تماماً لإفساد الشعب نفسه، تركوا الناس تحل مشاكلها الماليه بالف والدوران والسرقة الناعمة والرشوة المقننة والمقنعة، وتركوا أساتذة الجامعات والدكاترة والموظفين الكبار يورثون أولادهم حتى لا يملك أحد شجاعة رفض التوريث بل ويكون القبول به طبيعياً، ثم أغرقوا الأحزاب فى الفساد وتركوا زعامتها تغرق فى الأغراءات والهبات حتى إن الدولة تعرف كل حزب وكل زعيم وكل صحفى قبض من العراق أو ليبيا أو السعودية ولم تقترب منهم بإصبع لأن فساد هؤلاء يقوى فساد الحكم وقتسم معه اللعبة، حسيبك تقبض من صدام أو القذافى بس ماليكش دعوة بما أفعلة أنا فى البلد، حتى إن دولاً نفطيه كانت ترشو رجال الحكم والمعارضة فى نفس واحد، وأصبح الشعار ما تعمل قرشين لعيالك أحسن، وتحولت مصر إلى أكبر منطقة تواطؤ بين الشعب والحكم، كل طرف سايب التانى يسرق بمعرفته وكل واحد وشطارته وكل برغوت على قد دمه.

كل مصلحة حكومية الرشوة تنقسم فيها من المدير وحتى الفراش، ولا يقدر نشال على أن يعترض على فتاح خزن ولا يستطيع أمين مخزن مختلس أن يفتح عينه فى مدير مشتريات حرامى، كل مدرسة الدروس الخصوصية تتظبط فيها بين المدرسين وكل واحد ياخد نصيبه، الجامعة قته محلوله تتفتح أمام الأساتذه أبواب الدروس الخصوصية والكتب الجامعية والأقسام اللى بفلوس ومراكز الأبحاث المموله والمكافآت المفتوحة والرشاوى المباشرة، وكل مؤسسة صحفية متروكة ميغة وفتة كوارع لرئيسها ورجاله ونسوانه وملايين تبعثر وعمولات تتلم وبدلات ومكافآت وبلاوى سودة ما يعلم بيها إلا ربنا، وأحزاب تنطلق تحت رعاية الدولة فى التمويل من الدول النفطية والثورية والتهليب الحزبى بل والتجارة فى فيزات الحج( أكثر من كدة أيه! ) وضباط البوليس يتحصلون على إتاوات ويشاركون بنفوزهم فى مشروعات تجارية أو نصيب من السرقات الكبرى ولا أحد يسأل ضابط بوليس فى قسم جايب حضرتك كل ده منين ؟، ثم لن أضيف كلمه عما تعرفه عن جهات مفترض أنها رفيعة وحساسة، وماذا جرى فيها لإخماد جذوة الشرف والغضب فى عروقها؟، وطبعاً حضرتك عرفت بنفسك ما جرى فى ساحات العدالة من أمور كفيلة بضياع وطن! وبدا الحكم قد نجح تماماً فى جعل الشعب فى نفس قيم وأخلاقيات وسكون ونعومة قرنى!!

طبعاً تعرفون قرنى!

هنا جوهر الأزمة فكيف تطلب من شعب أمتلأت بطنه بالمال الحرام أن يحاسب حكما على فساده وماله الحرام ؟
وكيف نطلب من متولى أن يغسل عاره ويقتل أخته شفيقة بينما متولى يعمل فى نفس الكبارية ؟
ولأن قرنى هو قرنى فهو لا يستطيع أن يغضب من أجل شرفه فساعتها سوف يصرخ فيه الحاكم : جرى أيه إنت نسيت نفسك يا قرنى! .
ما يبغي لنا أن ننسى ذكرى 04/مارس/1924tears
*رأس الحكمة مخافة الله...