ثيران اسبانيا.. و دولارات بلاتير
13-07-2010, 09:25 PM
نطفأت أنوار ملعب سوكر سيتي بجوهانسبورغ معلنة عن انتهاء

كأس العالم لكرة القدم، واختارت الكأس الذهبية منتخب اسبانيا، أو لنقل إنه استحقها بعد أن أبهر العالم بفنه واستماتته ونجومه. ومر الشهر الذي سيطر فيه المونديال على عقول الناس بسرعة، كان فيه فيّا الإسباني ومولر الألماني وروبن الهولندي وغيرهم يشدون الأنظار ويصنعون الحدث، لينتهي المشهد بفوز إسباني باهر كذب كل من قال إن الكرة لا منطق لها.

انتهى المونديال بفوز اسبانيا لأول مرة، وشاءت الكرة أن يكون دخول الثيران الحمراء إلى حلبة صراع العمالقة من بوابة إفريقيا، فكان لانتصارها أكثر من معنى ودلالة في منافسة تتنفس المال و تعرف صراعات خفية ينتصر فيها الكبار دائما في النهاية.
و بلا شك أن مونديال جنوب إفريقيا سيبقى محفورا في ذاكرة كل من تابعه واهتم به، فقد انتهى في أمسية كبيرة، بكى فيها كازياس لأنه منح بلاده الكأس الذهبية وبكى فيها روبن لأنه حرم هولندا من تتويج انتظرته منذ خسارتها الأولى عام 1974، و تأسف الخاسرون (وما أكثرهم) لأنهم خرجوا خائبين رغم كمشة الدولارات التي وزعتها "الفيفا" على الفاشلين.
وسيحتفظ سجل المونديال بعدة ملاحظات لا يمكن بأي حال من الأحوال القفز عليها.. لقد خرج الطليان أبطال العالم وأصحاب صناعة الكرة مهزومين مهزوزين حتى أن حكومتهم قررت إعادة النظر في قوانين توظيف اللاعبين الأجانب الذين ألصقت بهم مصيبة الإقصاء، وخرجت فرنسا الوصيفة بمهزلة ستذكرها الأجيال القادمة بمرارة بعد أن أصبحت مسألة الهوية في منتخب فرنسا "جابولاني" تتقاذفها أقدام معوجة.
كما خرج منتخبنا الوطني بعد مائتي وسبعين دقيقة فقط من المونديال بقدم عارية وأخرى لا شيء فيها دون إحراز هدف يتيم يمني به النفس، لكنه أدرك على الأرض ما معنى المونديال والمستوى العالي والتحضير الجدي. وإذا كان الإسبان قد عادوا إلى بلادهم بالكأس الساحرة، فإن الانتصار الأكبر ذهب بلا شك إلى دولة جنوب إفريقيا التي كذبت كل التوقعات ودحضت كل الأكاذيب، فلم تنل منها انتقادات "فوفوزيلا" ولا "جابولاني" ولا "لصوص المونديال" الذين نسجت بشأنهم الأساطير قبل انطلاق البطولة.
ومهما يكن من أمر، فإن مونديال جنوب إفريقا وإن كان قد جرح منتخبات كثيرة عرفت بخبرتها وقوتها، إلا أنه أعاد الكرة إلى المرمى الصحيح، لأن فوز اسبانيا يعني بكل بساطة فوز الكرة الحديثة والكرة الهجومية وفوز الإبداع قبل وبعد كل شيء.