بيان للقارئ بخصوص حالة الطوارئ
12-11-2007, 11:19 AM
بيان للقارئ بخصوص حالة الطوارئ

عجبا لهؤلاء الذين يحكمون البلاد ورقاب العباد بقوة الحديد والنار في بلدان العالم الإسلامي،يستيقظ الجنرال صباحا فيقرر على حين غفلة من الناس فرض عقوبات جماعية على الشعب تحت ذريعة حالة الطوارئ مثلما حدث مؤخرا في باكستان .
إن حالة الطوارئ في موسوعة حقوق الإنسان تعرف على أنها: " ظرفا استثنائيا يسمح للسلطة التنفيذية في بلد ما بالتحرر من بعض الالتزامات الحقوقية المعينة مع حتمية ضمان النواة الصلبة للحقوق الأساسية للإنسان غير القابلة للمساس" ( هيثم مناع / الإمعان في حقوق الإنسان ص 151) وقد ورد في المادة الرابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية ما يشير إلى جواز إقدام الدول على إعلان حالة الطوارئ شريطة توفر حالة عامة تهدد حياة الأمة على أن نفس المادة تشير بوضوح ودون لبس إلى وجوب التزام الدولة المعنية بإخطار الدول الأخرى العضوة في العهد مسبقا عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة عن النصوص التي عطلتها والأسباب التي دفعتها إلى ذلك مع إعلان تاريخ رفع حالة الطوارئ .
لقد طرحت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان أربعة عناصر لابد من توافرها لإعلان حالة الطوارئ وهي :
1- حدوث موقف استثنائي خطير أو وشيك
2- أن يكون تأثيره على عامة الشعب
3- أن يهدد استمرار الحياة العادية داخل المجتمع
4- أن تتخطى مواجهته الإجراءات العادية
كما لا يمكن لأي تشريع استثنائي أن يكون منسجما مع المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان إلا في حال توافر ثلاثة شروط وهي :
* أن يخضع لقانون صارم ويسبق بقانونيته وقوقع الأزمة
* أن يخضع لمبدأ الرقابة قبليا وبعديا
* أن يخضع لمبدأ التوقيت ( محدد زمنيا)

إضافة إلى كل هذا فان المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان تجمع على عدم المساس مطلقا أثناء حالة الطوارئ بالحقوق الأساسية الثابتة ومنها : - الحياة ، سلامة الجسد والنفس، منع العبودية، حقوق المرأة والطفل،الجنسية ، المشاركة في الحياة العامة.
الأسئلة التي تطرح في الحالة الباكستانية الأخيرة كثيرة ومحيرة ومنها على سبيل الذكر لا الحصر: ما هي الحالة العامة التي هددت حياة الأمة ودفعت الجنرال إلى فرض حالة الطوارئ فجأة؟ ما هو الخطر الذي هدد الحياة العامة وعطل استمرار الحياة العادية هناك؟ هل أخطر الجنرال الأمين العام الأمم المتحدة عن نواياه قبل الإقدام عليها؟هل أخضع حالة الطوارئ لرقابة دولية منعا لحدوث انتهاكات وتجاوزات خطيرة لحقوق الأفراد بحجة الظرف الاستثنائي؟هل حالة الطوارئ تبيح للعسكر أصحاب الأحذية الغليظة أن ينهالوا على خيرة النخبة المثقفة الباكستانية من إعلاميين وسياسيين وقضاة ومحامين بالضرب المبرح والقنابل المسيلة للدموع والاعتقال التعسفي وفرض الإقامة الجبرية دون وجه حق ؟وهل حالة الطوارئ تجيز غلق محطات الإعلام المسموع والمرئي مقابل الإبقاء على أبواق الاستبداد؟هل حالة الطوارئ تبيح حبس القضاة في منازلهم ومنعهم من الخروج إلى أرض الله الواسعة لمزاولة أعمالهم؟هل حدث اجتياح للحدود الباكستانية من قبل القوات الهندية مثلا؟هل كانت البلاد مهددة بانقلاب عسكري ؟وهل؟وهل؟وهل؟وهل؟ أسئلة قد لا نجد أجوبة لها سوى في عقول أساتذة الاستبداد العامي.

قراءة خفايا المشهد الباكستاني تشير إلى ما يلي : الجنرال الانقلابي أشعل موجة من السخط والغليان الشعبي فاق ما كان يتصوره بسياساته الداخلية القمعية وموالاته لأعداء الشعب الباكستاني وتورطه في منطقة القبائل وفتح جبهة من الصراع مع القضاة الذين قرروا قول : لا للاستبداد ، مشرف اخلع البذلة العسكرية وعد إلى بيتك وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير إقدامه على مجزرة المسجد الأحمر مما ولد ضده معارضة مسلحة متصاعدة وربما تناهى إلى علمه أن المحكمة العليا كانت على وشك إصدار قرار بعدم شرعية وجوده على كرسي الرئاسة وأن الأطراف الخارجية التي لطالما دعمت سياسته التسلطية بدأت مواقفها تتململ اتجاهه فوجد الجنرال أن لا مناص من مواصلة" سياسة النعامة" التي يقال أنها تسارع بدفن رأسها في التراب حال شعورها بالخطر متناسية أن كل جسدها عرضة لهذا الخطر .
أخيرا ومن على منبر شروقنا الحر نوجه تحية خاصة إلى أولئك الأحرار من الشعب الباكستاني رجالا ونساء الذي خرجوا بصدور عارية يواجهون هراوات وقنابل المستبد المسيلة للدموع في وقت خيم صمت القبور ولم نسمع كلمة واحدة ولو للدعم المعنوي من حكام المحميات الغربية في عالمنا العربي والإسلامي ، في حين انشغل الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة بزيارة القطب الجنوبي للاطلاع على تأثيرا الانحباس الحراري؟!ما كل مرة تسلم الجرة يا جنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا ل.



كتبـــه : جمــــــــــاعي لخضـــر
أستـــاذ الاجتماعيات / ولاية تندوف
[email protected]