أ. كمال خديم الله، الملهم الذي لا يعرف اليأس
26-04-2013, 02:20 PM
أ. كمال خديم الله، الملهم الذي لا يعرف اليأس..
. ضيف حوارات مزاب ميديا




الحياة مغامرة جريئة، لا مكان فيها لأنصاف الجهود، ولا أرباع الطموحات... الجنون روحها في التفكير... والإيمان القوي وقودها في التنفيذ... هكذا يمكن أن نبدأ حوارنا هذه المرة، لنستضيف ظاهرة نادرة من ظواهر الطموح والتحدي، موعدنا من جديد في حوارات شباب الفعل، مع الأستاذ الملهم كمال خديم الله، في دردشة صريحة نكتشف فيها لأول مرة خيوطا من خيوط حياته الخاصة والفنية، هي مغامرات جديرة بالتأمل والاعتبار، فهكذا يا شباب كونوا أو لا تكونوا...

مزاب ميديا: بداية نرحب بك بيننا... من هو كمال خديم الله؟

كمال: و عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته أولا بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا على هذه الاستضافة الطيبة...

كمال بن عبد الرحمن خديم الله، المولود الرابع بين إخوته الخمس، ولدت يوم الثلاثاء 21 جويلية 1983م بالجزائر العاصمة تحديدا – براقي – حيث درست بها كل الأطوار إلى أن وصلت إلى مرحلة الثانوية، السنة 3 ثانوي فتخليت عن شهادة البكالوريا لظروف عائلية اظطررت للانتقال إلى الحياة العملية حيث عملت كحمّال للسلع في السمار في مؤسسة خاصة لمدة سنة، ثم عملت في مقهى الانترنت ليلا و الميناء نهارا لمدة خمسة سنوات، كنت في الميناء مع مؤسسة EPAL، بداية كنت حمالا، بعدها كاتب ثم مترجم فمصلح أجهزة كمبيوتر وأخيرا سكرتيرا، وكانت المدة بين كل مهنة وأخرى حوالي ثمانية أشهر، ولكل نقطة انتقال حكمة تجعلني أوحد الله تعالى...

بعدها مباشرة إلى معهد المناهج حيث كنت اشتغل فيه كموظف له مختلف المهام ثم انتقلت إلى المدرسة العلمية بالحميز في الجزائر العاصمة أستاذا لمادة الإبداع لمدة 4 سنوات ثم واصلت في العلمية "طيف" برج الكيفان لمدة سنتين وأخيرا ها أنا ذا أبدأ مولودا جديدا لطالما كنت أتمناه Dreamanim.

مزاب ميديا: كيف كانت بداياتك وما الذي استهواك في مجال تخصصك؟

كمال: بدايتي كانت من مرضي فلقد كنت لا أحتمل أشعة الشمس ومنع علي الخروج من المنزل في طفولتي إلى غاية الخامسة، فلم يكن أمامي سوى التلفاز الذي أحببت فيه الرسوم المتحركة فأردت أن أمتلك صورة من هذه الرسوم ولكن كان أبي ضد فكرة الرسم والرسوم المتحركة فكنت أحاول جاهدا أن أجسد شخصية من هذه الشخصيات بكل الطرق وشتى الوسائل وغالبا ما كنت أرسم إما تحت السرير بأقلام أخواتي أو ألغي خرجات والدي لأبقى وحدي في المنزل وأستفرد بالرسم. كان رسمي دائما لا يعجب أفراد العائلة ما عدا والدتي التي تشجعني و تفهم ما أريده تحديدا...

أحبطت طيلة أيامي الدراسية في المدرسة الابتدائية حيث كانت علاماتي كلها أصفار أو فتات أرقام وهذا لأن خيالي الواسع أخرجني من العالم المحصور الذي يعيشه معلمي ومعلمتي، بعد ما أحسست أنني تطورت قليلا حاولت أن أذهب للعمل مع شركة جزائرية للرسوم المتحركة لكنهم استقبلوني بسخرية واستهزاء وأنا كنت في سن المراهقة فاشتعلت في قلبي نار التحدي...

مباشرة بعدما غادرت من عندهم اشتغلت على صناعة أول حلقة كرتون مع الرغم من أنني لم أكن أمتلك جهاز حاسوب فصنعت حلقة من دقيقتين **هاني ومي** لكنني سرعان ما توقفت وهذا لأنني شعرت أن الجودة تنقصني فبدأت تعلم الفوتوشوب فاشتريت القرص و بقيت أتعلمه عصاميا متنقلا عبر مقاهي الانترنت.

ما عدا تطوري في الجانب الفكري من الدكتور محمد باباعمي في معهد المناهج فلقد كانت فرصة عظيمة لي اذ التقيت بعدة أشخاص متميزين جعلوني أدخل عالم الاحترافية واكتسب ما كان ينقصني لأواصل مشواري العصامي وهذا كله بفضل الله سبحانه وتعالى.

مزاب ميديا: عرفت بموهبتك في فن الرسم... لماذا المانغا بالذات؟

كمال: في الحقيقة في الفترة التي ولدت فيها هي نفس الفترة تقريبا التي بدأ فيها هذا النوع يتغلغل في القنوات كما أنه بالنسبة لي هو النوع الفريد الذي يمكن أن أمرر من خلاله النكته والجد والهزل...الخ، كما أن المانجا هو من أصعب الأنواع مقارنة بنوع الديزني أو الكوميكس أو الكارتونز زيادة على أن المانجا فيه مساحة أكبر لتجسيد الخيال دون حواجز بقوانين مضبوطة ودقيقة والله اعلم.

مزاب ميديا: من هم قداوتك في الحياة؟ وبمن تتأثر في مجالك؟

كمال: قدوتي في الحياة كلها هو سيدنا محمد صلى الله عليه في أخلاقه وصبره ومسيرته... وحياته كلها.

في مجال تخصصي لا توجد شخصية ثابة صراحة أنا أهتم بمن هو أقوى مني دون تحديد، أضعه هدفا مؤقتا أدرس عمله وفنَه واستنتج نقاط القوة منه وأواصل السير باحثا عن هدف أقوى للتطور وفي الوقت الحالي المانغا الياباني مرحلة 1990.

مزاب ميديا: كانت لديك مسيرة حافلة في معهد المناهج والمدرسة العلمية، ورفقة طيبة مع الدكتور محمد باباعمي... حدثنا عن التجربة

كمال: اسمحوا لي هنا أن أذكر مسيرة في بضع خواطر... إن أجمل شيء في الحياة أن تعلم ما لم تكن تعلم وأن تدرك شيئا كان يمكن أن يفوتك... وأي شيء هو لو كان دنيويا لكان عندي هين لكنه مصيري بين الجنة والنار وخصوصا إن كان يتعلق بالدين... إلى كل مسلم أقول ابحث في دينك جيدا.

إنه على الانسان أن لا يكتفي بأقوال وتجارب الناس بل عليه أن يتأكد من صحتها وليعلم أن كل الأخلاق الجميلة والسيئة موجودة في كل فرد منا سواء كان عالما أو جاهلا غنيا أم فقيرا...

أجمل شيء هو أنني تعلمت أسس اللهجة المزابية وهذا لأتفقه في الدين وأعرف حقيقته من أصحابه، ليس هذا فحسب وإنما لأكسر حاجز المستحيل الذي كان منتشرا في تلك الفترة، زيادة على أني أحب اللغات وبالخصوص اللغات الغريبة.

أروع شيء أحببته في "العلمية" حين تنزع الظلم عن تلميذ أو تغير تلميذا من السلب الى الإيجاب، و يأتيك بعد سنوات ليعانقك و يقول أنت أبي.

أرقى حكمة قدمت لي... إذا أردت أن تغير أشخاصا وتعلمهم شيئا فابدأ بنفسك.

مزاب ميديا: كانت لك مشاركة في برنامج Djezzy PRODIGES، حدثنا عن المغامرة؟

كمال: في الحقيقة مسابقة النوابغ لبرنامج جيزي كانت مزحة بسيطة، إذ إنني كنت أكتب رسالة في عجالة في سهرة رمضانية وإذا بلافتة تمر بها مسابقة فملأت الفراغات وأرسلت مقطع الفيديو وبعد شهرين أتلقى مكالمة فإذا بي ضمن المراكز الأولى، ولكن النكته هي أنني في ذلك الوقت كنت أدرّس فما إن دخلت القسم فإذا بتلاميذي وأولادي الأحباء يرفعون الجرائد بها صورتي ويهللون: تحيا.... معلمنا بارع ... معلمنا بارع... فعلا أيام حلوة... الحمد الله.

مزاب ميديا: وما قصتك في المسابقة الوطنية "علي معاشي"؟

كمال: في هذه المرحلة كنت قد مررت بموقف تحد خطير مع شخص حيث كان يستهين بقدراتي وإمكاناتي في صنع مقطع ولو بسيط في الرسوم المتحركة، ولكنني لم أجبه في تلك اللحظة بل كتمتها ورجعت للمنزل وأنا في جلسة حميمية منزلية اذا بإعلان يظهر على التلفاز يتضمن مسابقة وطنية تحت إشراف وزيرة الثقافة الجزائرية، فيها مختلف المجالات، لا أدري كيف حتى وجدت جرس الإنذار يرن في رأسي ليشحن فكري بأن هذا هو ردك للموقف السابق مع العلم أن أجل المسابقة لم يبقى منه سوى 5 أيام، فأسرعت بالعمل والرسم والتلوين والتحريك ناسيا إن ذلك التاريخ كان 1 من مارس وإن الشهر الذي قبله فيفري وفيفري فيه 28 يوم فقط وقدر الله أني أنهيت العمل ليلة 27 لأنطلق 28 إلى المكان المقصود لإيذاع العمل وحين وصلت أدركت أنه آخر يوم فأسرعت لصديقي سفيان حفار لأنه كان هو الآخر مصمم على المشاركة.

وكم كانت فرحتي كبيرة حيث إنني حين رجعت إلى المكان المقصود أجد الإدارة المستقبلة للملفات تذكر اسمي وكأنهم يعرفونني منذ زمن وتتهاطل علي بالاسئلة من وكيف... ولماذا؟ ومرت 3 أشهر وإذا بالهاتف يرن ليبلغني شخص من المسرح الوطني أنني ضمن الفائزين فانطلقنا وكم كان خوفي كبير ليس لكوني سأستلم الجائزة بل كوني سأستلمها من امرأة "وزيرة الثقافة" واحمر وجهي خجلا، وسبحان الله الخالق حين حان دوري فإذا بها تطلب مدير القنوات الفضائية يساعدها ففرحت كثيرا ومددت له يدي وعانقني بفخر واستلمت الجائزة بشرف!

مزاب ميديا: الواضح في أعمالك الفنية اهتمامك الكبير بفئة الأطفال، إلى ماذا يرجع ذلك؟ وماذا تنصح من في ميدان الطفل؟

كمال: في الحقيقة أكثر شيء يركز عليه الطفل للتعلم هو الصورة وهذا بديهي لأن الطفل يولد بصيرا ثم يتعلم النطق، ولكن هذه الصورة نحن من نحيطه بها فإذا أحطناه بصور تلم بأخلاقنا ومعتقداتنا سيبقى له دائما خيط الحنين لها وينمو على فطرته وأخلاقه السليمة أما إن أهملنا هذا الجانب فلن يكون إلا ما خطط له غيرنا.

إن الطفل يكتسب شخصيته منذ الولادة إلى 3 سنوات، وبعدها يتعلم الأخلاق والمعاملات...الخ ولهذا فنصيحتي للمربين أن يحاولوا قدر المستطاع اختيار الصور والإعلام الهادف لأولادهم قبل أن يُختار لهم.

مزاب ميديا: ما نصيحتك للشباب عموما؟ ولذوي تخصصك خصوصا، ممن يود أن يحذو حذوك؟

كمال: أيها الجيل الصاعد أعطاك الله في الدنيا حياة واحدة ولديك هدف واحد فلن يحققه شخص غيرك فحاول أن تكون مميزا في تخصصك ولا تنس أن تضيف صبغة دينك لأن التوفيق من عند الله...

مزاب ميديا: انطلقتم قبل أيام في مشروع واعد باسم "Dreamanim"، صف لنا التجربة، وما آفاقك وطموحاتك فيه؟

كمال: دريم انيم dreamanim مثل البيضة التي كانت تبحث عن أم تحتضنها لتفقس، إذ كنا قد بدأنا التفكير في المشروع قبل شهور، لكنه بدون عنوان ومبهم حتى قررنا مع شركة softart تبني المشروع بعدما حددنا الخدمات المتاحة والتي هي:

* التصميم الفني التلفزيوني
* الخدع السينمائية / المؤثرات البصرية
* الرسوم المتحركة الثنائية وثلاثية الأبعاد

ولقد كان الافتتاح الرسمي يوم 16 مارس 2013.

مزاب ميديا: في رأيكم... ما السبيل لمشروع إنتاج رسوم متحركة هادف للأطفال؟

كمال: أولا التوكل على الله والنية الخالصة لله.

ثانيا يحتاج المشروع لأشخاص ذوو الصبر الطويل لأن الرسوم المتحركة لمن يهتم بالجودة فإنه يأخذ وقتا وفيه روتين ممل لمن لا يملك الصبر.

ثالثا والأهم هو التخصص، فالمشروع يحتاج إلى عدة تخصصات منها... كاتب سيناريو ملم بالمجال والخيال الطفولي، رسام خلفيات، رسام شخصيات، محرك شخصيات، متقن لبرامج التحريك على الحاسوب...إلخ

رابعا دعم مادي... هذه هي أهم الأشياء المؤسسة لمشروع رسوم متحركة.

مزاب ميديا: قبل الختام... من خلال احتكاكك بالمجتمع المزابي، ما الذي استهواك فيه؟ وما رسالتك إليه؟

كمال: في طفولتي كنت أحب الهدوء والأشياء الطبيعية والحياة البسيطة، حيث كنت أحس نفسي أنني لا أنتمي للعاصمة فلقد كنت لا أترك عطلة أو فراغ إلا وقضيته في مدينة العلمة، ولاية سطيف (مسقط رأس والدتي) حيث إن الحياة فيها في تلك الأيام كانت بسيطة وراءها المياه من الآبار، الغابات والتنقل فيها مشيا أو ركبا على الدواب والحيوانات المختلفة، حتى أن أحب ما فيها أنني كنت أحب اللعب بالضفادع، ولكن مع مرور الزمن تغير فيها كل شيء وبقي حنيني لتلك الأيام كبير وشاءت الأقدار أن ألتقي بأول صديق لي من غرداية وهو محمد بكوش، ولقد كانت أول قدم وضعتها في غرداية هي في بني يزقن، وبالضبط "إنتيسا" لا أعلم لم لكنني أحسست بالشعور القديم الذي كنت أحبه -ولهذا لن أنسى ذلك المعروف لمحمد أبدا- فلقد أحببت المنظر الأصفر للمنازل والبساطة والثرات لا أعرف لمَ كنت أحب أن أكلم كل شخص من المنطقة وأسأله هل هو سعيد بما يفعل؟ كيف يشعر وهو في هذا النعيم؟ ومع أني كنت مقيدا في الرحلات من طرف والدي الذي لا يحبذ البقاء خارج المنزل وخصوصا بمنازل لا يعرفها إلا أني تجاوزت قراره في تلك اللحظة حيث بقيت أسبوعا خوفا من كوني لن أتمكن من العودة لهذا المكان.

ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن يرجعني إليها وأطوف بقصورها في مشروع الرؤيا المستقبلية 1444هـ 2022م لمعهد المناهج حينها، وفي كل مرة تحدث حكاية جديدة مع شخصية جديدة إلا وأزور فيها غرداية فعلا إنها ساحرة.

بعدما اندمجت مع المجتمع المزابي لاحظت عدة أشياء رائعة وأشياء أخرى كنت أتمنى تواجدها، فالأشياء الرائعة التي لاحظتها هي الاحترام والوقار الذي لا يزال موجودا بين فئات الأعمار والنظام الديني الذي لا يتحدثون عنه لأنه بالنسبة لهم شيء بديهي، فكنت أقع في حيرة كل مرة في كيفية التصرف لأنني لست متعودا على كل هذه التصرفات، وأحيانا كنت أستاء من التعميمات التي تلقى على الناس الذين هم من غير المنطقة...

صحيح إن مجتمع مزاب كان يعاني الكثير من المعاملات السلبية من الخارج ولكن هذا لايعني أن كل الناس لهم نفس الطباع، فجعلت هذه هي رسالتي في الحياة حيث تمنيت ودعوت الله أن يساعدني لأفُهم الناس بأن التغيير ممكن ولكنه يأتي بالعمل وليس النفر، فكم كنت أسعد حين أتكلم باللهجة المزابية مع أشخاص وأخبرهم بحقيقتي فلا يصدقون... بل يبقون يتساءلون... فالحمد الله أن جعلني سببا ربما لأكون عبرة على أننا أمة مسلمة قادرة على التوحيد مهما اختلفت ألسنتنا وألبستنا وأجناسنا.

مزاب ميديا: كلمة أخيرة لمزاب ميديا.

كمال: بارك الله فيكم وأعانكم على إبقاء شمعة النور والحق مشتعلة كنتم خير نور لنا، ندعو الله أن يبقى نورك مضيء نورك لمن يخلفنا، جزاكم الله خيرا و السلام عليكم.