( النصائح الحسان ... في كيفية حدود معاملة الخطيبان )
04-09-2014, 04:22 PM
( النصائح الحسان ... في كيفية حدود معاملة الخطيبان )


بقلم الشيخ الفاضل جمال بن فريحان



يا شيخ سؤال :

كيفية حدود معاملة الخطيب خطيبته بعد عقد بينهم قبل الدخول ـ عقد رسمي يا شيخ نحن في بلدنا نقول في فترة خطوبة يعني قبل موعد الفرح ـ هل يجوز ان يتكلم معها هاتفيا و هل واجب عليه السؤال عنها علما بأنه يمتاز بالحياء بارك الله فيكم؟



الجواب:

بسم الله .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالعقد الشرعي هو ما توفرت أركانه وشروطه : وجود الزوجين وتعيينهما، و حُصول الإيجاب من الوليِّ، و حصول القبول من الزوج، والشهود.

فهذا الرجل إن حصل وتم العقد على ما ذُكر أعلاه؛ فهو زوج لهذه المرأة شرعا، وله عليها في الحقوق جميع حقوق المرأة لزوجها.

فلا عبرة بالألفاظ والعادات، فكونكم تقولون: خطيبته، أو فترة خطوبة قبل حفل الزواج، كل ذلك لا يغير من الحكم شيئا.

والخطبة تُعد عند السلف عقداً يلزم الطرفين، وعائشة رضي الله عنها من أعرف الناس بلغة العرب، فكانت تعبر بالزواج عما نحن نعبر به الخطبة، ففي الحديث:

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: ( تَزَوَّجَنِى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسِتِّ سِنِينَ وَبَنَى بِى وَأَنَا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ). البخاري (3681)، ومسلم (1422) واللفظ له.

فهنا قول عائشة رضي الله عنها: ( تَزَوَّجَنِى) في عرفنا اليوم: خطبني وعقد عليَّ، إذْ لم يكن وحينئذ ثم كتابة عقود، كان إيجاب وقبول وشهود، فتلك الفترة الثلاث سنوات كانت ما نسميه اليوم: فترة خِطبة. ومع هذا فهي زوجته وتُسمى "أهله" وكان يدخل عليهم النبي صلى الله عليه وسلم في أي وقت، فتروي عائشة الحديث:

قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ( فَبَيْنَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ في بَيْتِنَا في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ فقال قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ هذا رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا مُتَقَنِّعًا في سَاعَةٍ لم يَكُنْ يَأْتِينَا فيها قال أبو بَكْرٍ فِدًا له بأبي وَأُمِّي والله إن جاء بِهِ في هذه السَّاعَةِ لِأَمْرٍ فَجَاءَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ له فَدَخَلَ فقال حين دخل لِأَبِي بَكْرٍ أَخْرِجْ من عِنْدَكَ قال إنما هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أنت يا رَسُولَ اللَّهِ). أخرجه البخاري (5470).

الشاهد في الحديث، قول أبو بكر: (إنما هُمْ أَهْلُكَ ).

ولأن الزواج لا مزاح فيه فمتى تقدم الشخص لخطبة امرأة وتم القبول من والولي وحضر الشهود ؛ فهو زواج، فهزله جد، ففي الحديث:

عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ ). أخرجه: سعيد بن منصور (1/415)، وأبو داود (2194)، وابن ماجه (2039)، والحاكم (2/216) وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد". وصححه الألباني في"صحيح الجامع" (5338).

فهنا نقول: لهذا الشخص يجوز له ان يكلم هذه الفتاة كزوجة ويقابلها ويجلس معها بخلوة وغيرها.

غير أن هناك تنبيه يرتبط بالعرف، وهو: إنه في بعض المجتمعات اليوم لا يدخل الزوج بزوجته ولا يبني بها إلا بعد إقامة حفل الزفاف لمن يرى ذلك.

فهنا نقول: إن كان كذلك، فهم على عُرفهم يسيرون في مسألة البناء فقط، إذ إن هذا العرف مبني على درء المفسدة التي تحصل من أنْ لو تركوا هذا الزوج يخلُ بزوجته حتى يتمكن من مجامعتها سواء في بيت أهلها أو يأخذها لأي مكان بمعرفتهم، ثم بعد ذلك حصل خلافٌ بين الزوجين أو الأسرتين كما هو واقع اليوم، كم من زوجين تفارقا قبل حفل الزواج بسبب مشاكل أسرية نشبت بينهم، فاضطر الزوج لتطليق زوجته، فلو أنه حصل جماع بينهما وحصل منه حملٌ، ثم أنكر هذا الزوج أنه جامع زوجته أو اختلا بها؛ فمن يتحمل هذه القضية وهذه الفضيحة بحد زعم أهل الزوجة إذا أنكر الزوج أنه جامع زوجته؟ ـ طبعا جماعه لها حلال وليس فيه حرام ولا يعتبر زنا لأنها زوجته شرعا ـ.

فعلى هذا، ودرءً للمفسدة، نقول: للزوج أن يستمتع بزوجته بالكلام واللقاء والخلوة بعض الوقت عند أهلها شرط أن لا تمكنه من نفسها ( الجماع ) للسبب الذي ذكرنا وعليه قام العرف؛ أنه لا بناء ولا جماع إلا بعد حفل الزفاف.

إلا أن يكون في مجتمع تظهر الأسرتين للأقارب والجيران أن فلان أصبح زوجا لفلانة ويدخل ويخرج بها واعتادوا أن يخلوَا بمعرفة الجميع فلا بأس بذلك وإن تأخر حفل الزفاف، لأنها زوجته لا شك ولا ريب.

والله أعلم.

كتبه

أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
كود: