"بيت العنكبوت"
13-03-2015, 10:18 PM
نظرت إحدى محاكم العاصمة مؤخرا ،في قضية عروس لم تبلغ أيام زواجها سوى 20 يوما جاءت لتخلع زوجها لأنه لم يعجبها؟؟؟ وبعد جلستيْ صلح فاشلة قررت العروس أن تعطيه 15ألف دينار مقابل تطليقها،؟؟؟طبعا الزوج الشاب فرح بالقيمة المالية وشكرها لأنه سيتمكن من الزواج بأخرى؟؟؟
والسؤال ، إذا كان حق الخلع استعمل خطأ وأصبحنا نعيش حالات طلاق وخلع جنونية (2000حالة خلع خلال السنة الماضية عبر مختلف محاكم التراب الوطني )،فما بالكم بالقوانين التي صادق عليها البرلمان مؤخرا(دون استشارة أصحاب الشأن في المجتمع الزوج والزوجة) والتي تدين العنف بكل أنواعه ضد الزوج أو الزوجة حتى العنف النفسي؟وكأني بالمشرع الجزائري وهو يشرع لقوانين حساسة لهذا المجتمع لا ينظر إلا من زاوية واحدة ألا وهي تطوير المنظومة الحقوقية للمرأة أو لنقل الزوجة(لأنه في المادة 330مكرر الخاصة بالذمة المالية للمرأة والتي ركزت على معاقبة الزوج الذي يمارس أي شكل من اشكال العنف ضد زوجته ليأخذ مالها دون وجه حق واستثنى المشرع الحكيم الأم والأخت والجدة والخالة والعمة ؟؟ وكأن هؤلاء لسن نساء؟)وهذه النظرة ستكون قاصرة لا محالة (وهي كذلك) لأن زاويا أخرى غابت عن مرمى بصر مشرعنا أو غيبت بفعل فاعل أو لنقل بأمر آمر (أمريكا وحليفاتها) لا لشيئ إلا لتدمير الأسرة الجزائرية التي لازالت متماسكة بفضل الله أولا وبفضل قانون الأسرة المستمد من الشريعة السمحة، وقد أمر رئيس الجمهورية الحكومة في رسالة بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة العالمي، المصادف لـ8 مارس أمرها بمراجعة وتعديل قانون الأسرة في مواده ذات الصلة بالطلاق فيما يضمن حماية حقوق الزوجين والأطفال ،إنني أشك في أن يكون هذا التعديل لصالح الأسرة بما فيها الزوجين والأطفال حتى أنه أمر بمضاعفة دور الحضانة (ليصبح كل أطفال الجزائر خريجي هذه الدور) ومضاعفة مراكز استقبال الأحداث( ليصبح كل أطفال الجزائر مجرمين) ،أبعد خراب مالطة يقرر هذا القرار؟إن التعديلات التي صودق عليها من طرف المجلس الشعبي (عفوا بل المَخْلي من تمثيل الشعب) قد فتحت بابا من أبواب جهنم لحرق كل ما تبقى من تماسك الأسرة الجزائرية التي تقوم العلاقة فيها بين الزوجة والزوج على الرحمة والمودة والسكينة ،كما أقر بذلك القرآن الحكيم منذ أربعة عشر قرنا وجعل ذلك آية من آيات الله :" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(آية 21من سورة الروم)،فهلا تفكرنا في آيات الله؟؟، إن هذه القوانين ستحيل الرحمة والمودة والسكينة إلى قسوة وكره وتوتر دائمين ،وستنشأ حرب لا هوادة فيها داخل البيت،وسنصبح أمام وضعيات لأسر تعيش الشك الدائم بين الزوجين والتهديد وزوال الثقة وستترصد الزوجة زوجها بكل الطرق وقد تضع الكاميرات في كل مكان لتثبت بأنها تعرضت لعنف لفظي وحتى نفسي ؟؟ من زوجها لتشتكي عليه ويسجن من 3سنوات إلى المؤبد ؟؟؟ وتدخل المسكينة في دوامة من القضايا أمام المحكمة وستؤجل القضية شهرا أو شهرين بل قل سنة أو سنتين لتنال حقها إن كان لها حق ،كما أنها سيشار إليها بالبنان من طرف الناس:هاهي التي أدخلت زوجها وشريك حياتها وأبو أولادها السجن لتعيش على حل شعرها " وهل سيعود لها زوجها بعد خروجه من السجن؟ أم أنه سيصاب بعقدة الزواج لأنه سيتحتم عليه أن يعيش أصما وأبكما طيلة حياته و ربما ايضا أعمى حتى لا يسجن مرة أخرى من امرأة أصبحت متجبرة وظالمة وماهيش متربية بنص القانون ...
شاب قال لي :لن أتزوج يا أستاذة وخليني عزوبي أحسن من التبهديل؟؟؟ وآخر قال: جات دولة النساء....وثالث يقول: هذه القوانين جعلتني غولا تخافه زوجته ،وستتعلم كل أنواع الحيل وطرق القتال حتى لا يأكلها الغول وإن تعبت استنجدت بالمحكمة التي ستضع حدا لرعبها وقلقها وتزج به في غياهب السجن لتنعم "المخبلة في شعورها" بحياة الاستقرار بعيدا عن منغصات الزوج عفوا(الغول) ولا يهمها مصير الأولاد ولا من يعيلهم...إنها في هذه الحالة كالعنبوت التي بعد أن تبني بيتها الذي يكون عامل جذب قوي للذكر وبعد عملية التزاوج و التلقيح تعمد إلى قتله ثم أكله لتكمل حياتها وتحضن أولادها من دونه ،فما أوهن هذا البيت !!؟ *.
إنه ليصيبني الفزع كلما تصورت حال الأسرة في بلدي بعد سنوات من تطبيق هذه القوانين، ومن قال أنه يحافظ على المرأة وحقوقها من(الغول) الرجل ويحافظ على الأسرة الجزائرية، ،أقول له إنكم تحجبون الشمس بالغربال وتستغبون المرأة التي تدعون الدفاع عنها وكل الشعب لأن الحقيقة أنكم ملتزمون بالاتفاقيات الدولية التي جاءت لمناهضة العنف ضد المرأة مثل اتفاقية "سيداو" وبكين 5 وبكين 10 وغيرها ،ليرضى عنكم أسيادكم ولا يهمكم الأسرة الجزائرية فلتذهب إلى الجحيم ولتذهب معها قيم المجتمع لأنكم تغريبيون وأنتم لا تؤمنون أصلا بثوابت الأمة لأنها لا تخدم مصالحكم...وإن كنتم حقا تهمكم المرأة الجزائرية وتريدون تكريمها في عيدها فلترفعوا عنها الغبن ولتضمنوا لها العيش الكريم بتخفيض ثمن المواد الغذائية والخضر واللحوم (القفة اليومية)، وتوفير منصب شغل لزوجها ،وحماية ابنها من شبح المخذرات التي دخلت كل بيت في الجزائر وأصبح الشاب الجزائري منوما على مدى الأربعة والعشرون ساعة ،كارها للحياة مثبط العزيمة سهل الانقياد بفعل بارونات تعيش على رفات الشباب ،سهلوا عليه الزواج بخلق مناصب شغل وتوفير سكنا له، ارفعوا لها من منحة المكوث بالبيت، مددوا لها في عطلة الأمومة لتهتم بتربية ابنها في أحرج السنوات ولا تنشغل عنه بعد ثلاثة أشهر من مجيئه لهذه الحياة ،خفضوا لها ساعات العمل،وسنوات التقاعد،امنعوا عنها التمييز في فرص العمل بسبب اللباس(الخمار)، ارحموها من شدة الارهاق الذي يطالها وهي تطالب بحقها في الطلاق أو الخلع وذلك بانشاء " محكمة الأسرة " التي تختص بالنظر في جميع قضايا الأحوال الشخصية والتي تشمل، الطلاق والنفقة والأجور سواء بالنسبة للزوجة أو الأولاد أو الأقارب وكذلك حضانة الأطفال كما تختص في حصر كل قضايا الأسرة في محكمة واحدة وذلك لضمان تحقيق العدالة السريعة واحباط محاولة أي من الطرفين المتنازعين بزيادة معاناة الآخر وذلك عبر إقامة عدة دعاوى فى محاكم متباعدة لإطالة أمد القضية وتشتيت الجهد والمال .
إن كنتم حقا تريدون الخير للمرأة في هذه الربوع الطيبة فلتعجلوا بوضع سياسة تنموية حقيقية يكون بناء الفرد أساسها وذلك بإصلاح سياسي واجتماعي وثقافي عميق وتعاون كل القوى الوطنية الحرة في تحقيق ذلك ،وإنقاذ المنظومة التربوية ومراجعتها ووضع منظومة قيمية مستمدة من الشريعة الاسلامية ـ التي وحدها تستطيع إنقاذ المجتمع ـ ومتطلعة لآفاق التقدم والرقي،وسن قوانين وقائية قبل القوانين الردعية وذلك لمعالجة الأسباب المؤدية للعنف لا النتائج(فالله تعالى قبل أن يضع عقوبة الزنى أمر الرجل والمرأة بغض البصر وحفظ الفرج )،نشر ثقافة الحب والمودة والرحمة بتقوية المنظومة الاعلامية والمنظومة الفنية الجمالية في مراحل متقدمة من عمر الطفل ، تعميم الارشاد والتأهيل الأسري للمقبلين على الزواج و مرافقتهم بعد الزواج لتمكينهم من تجاوز العقبات التي تواجههم في بداية حياتهم الزوجية وتأهيلهم لتكوين أسرة وتربية الأبناءعلى أسس سليمة .
في الأخير أتوجه للقاضي الأول للبلاد بأن يختم عهدته بتقديم خدمة جليلة للأسرة الجزائرية والمجتمع الجزائري ويقف سدا منيعا أمام المساس بهوية وأصالة وثوابت هذا المجتمع ‬في* ‬مقدمتها أسس الدين الإسلامي* ‬وهو دين الدولة ثم اللغة العربية،* ‬و التي هي صمام أمان له،وأمام تفكيك الأسرة الجزائرية ومسخ عاداتها وتقاليدها ، لأن الانسلاخ عن قيمنا وثوابتنا لن يزيد المجتمع إلا تشرذما وضياعا وسيسهل على الأعداء المتربصين بنا القضاء علينا في أول عثرة نعثرها ،ولا ينبغي الانبطاح لمن يسنون قوانين تأتينا من وراء البحرظاهرها فيه الرحمة وباطنها العذاب، وسيجد مجتمعُنا نفسه بعد عقودٍ من الزمن في وضعية مشابهة تماماً للمجتمعات الغربية؛ حيث أصبحت الإباحية هي القاعدة،
والزواج هو الاستثناء، ولا يعرف معظمُ أطفاله من هم آباؤهم.
سيدي الرئيس....هكذا كن...أو لا تكون.
بقلم"أم الهيثم"