تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية Hambraoui
Hambraoui
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 03-07-2008
  • الدولة : ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين
  • المشاركات : 463
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • Hambraoui is on a distinguished road
الصورة الرمزية Hambraoui
Hambraoui
عضو فعال
الأعشى بن قيس ومعلقته
23-07-2008, 11:43 AM
الأعشى بن قيس


(... - 7 هـ = ... - 628 م)


هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضُبيعة، من بني قيس بن ثعلبة، وصولاً إلى علي بن بكر بن وائل، وانتهاء إلى ربيعة بن نزار. يعرف بأعشى قيس، ويكنّى بأبي بصير، ويقال له أعشى بكر بن وائل، والأعشى الكبير. عاش عمراً طويلاً وأدرك الإسلام ولم يسلم، ولقب بالأعشى لضعف بصره، وعمي في أواخر عمره. مولده ووفاته في قرية منفوحة باليمامة، وفيها داره وبها قبره.
من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية، كان كثير الوفود على الملوك من العرب، والفرس، فكثرت الألفاظ الفارسية في شعره. غزير الشعر، يسلك فيه كل مسلك، وليس أحد ممن عرف قبله أكثر شعراً منه. كان يغني بشعره فلقب بصنّاجة العرب، اعتبره أبو الفرج الأصفهاني، كما يقول التبريزي: أحد الأعلام من شعراء الجاهلية وفحولهم، وذهب إلى أنّه تقدّم على سائرهم، ثم استدرك ليقول: ليس ذلك بمُجْمَع عليه لا فيه ولا في غيره.
أما حرص المؤرخين على قولهم: أعشى بني قيس، فمردّه عدم اقتصار هذا اللقب عليه دون سواه من الجاهليين والإسلاميين، إذ أحاط هؤلاء الدارسون، وعلى رأسهم الآمدي في المؤتلف والمختلف، بعدد ملحوظ منهم، لقّبوا جميعاً بالأعشى، لعل أبرزهم بعد شاعرنا- أعشى باهلة، عامر ابن الحارث بن رباح، وأعشى بكر بن وائل، وأعشى بني ثعلبة، ربيعة بن يحيى، وأعشى بني ربيعة، عبد الله بن خارجة، وأعشى همدان، وأعشى بني سليم.
وأبوه قيس بن جندل هو الذي سمّي بقتيل الجوع، سمّاه بذلك الشاعر جهنّام في معرض التهاجي فقال:
أبوك قتيلُ الجوع قيس بن جندلٍ- وخالُك عبدٌ من خُماعة راضعُ
وتفسير ذلك أن قيساً لجأ إلى غار في يوم شديد الحرارة فوقعت صخرة كبيرة سدّت عليه مدخل ذلك الغار فمات جوعاً.
يفهم من قول ابن قتيبة: وكان ميمون بن قيس- أعمى، أن لقبه كما يرى- إنّما لحقه بسبب ذهاب بصره، ولعلّ الذين كنّوه بأبي بصير، فعلوا ذلك تفاؤلاً أو تلطفاً، أو إعجاباً ببصيرته القوية، ولذا ربطوا بين هذا الواقع الأليم وبين كنيته "أبي بصير" لكنّ آخرين لم يذهبوا هذا المذهب والعشى في نظرهم تبعاً لدلالته اللغوية ليس ذهاب البصر بل ضعفه، فلئن كان الأعشى لا يبصر ليلاً فلا شيء يحول دون أن يكون سليم البصر نهاراً. ومن هذه الزاوية اللغوية على الأرجح كنّي الأعشى بأبي بصير بباعث الثناء على توقّد بصيرته، وتعويضاً يبعث على الرضا في مقابل سوء بصر، ولعلّ ما جاء في شعر الأعشى حين طلبت إليه ابنته- كما قال في بعض قصائده- البقاء إلى جانبها لتجد بقربه الأمن والسلام ولتطمئن عليه بالكفّ عن الترحال وتحمل مصاعب السفر والتجوال- هو الأقرب إلى تصوير واقعه وحقيقة بصره، فهو يصف ما حلّ به في أواخر حياته من الضعف بعد أن ولّى شبابه وذهب بصره أو كاد وبات بحاجة إلى من يقوده ويريه طريقه، وإلى عصاه يتوكأ عليها، هكذا يصف نفسه فيقول:
رأتْ رجُلاً غائب الوافدي- ن مُخلِف الخَلْق أعشى ضَريراً
وأما تفسير لقب الأعشى الآخر- أي: "صنّاجة العرب"- فمختلف فيه هو الآخر، فقد سمّي- كذلك- لأنه أول من ذكر الصّنج في شعره، إذ قال:
ومُستجيبٍ لصوتِ الصَّنْج تَسَمعُهُ- إذا تُرَجِّع فيه القينةُ الفُضلُ
لكن أبا الفرج أورد تعليلاً مخالفاً حين نقل عن أبي عبيدة قوله: وكان الأعشى غنّى في شعره، فكانت العرب تسميه صنّاجة العرب. وإلى مثل هذا أشار حمّاد الرواية حين سأله أبو جعفر المنصور عن أشعر النّاس، فقال "نعم ذلك الأعشى صنّاجها".
وموطن الأعشى هو بلدة منفوحة في ديار القبائل البكرية التي تمتد من البحرين حتى حدود العراق. التي نشأ فيها أبو بصير شاعر بني قيس بن ثعلبة. وكانت دياره أرضاً طيبة موفورة الماء والمرعى بغلالها وثمار نخيلها. ولئن كان الأعشى قد رأى الحياة في بلدته منفوحة وأقام فيها فترة أولى هي فترة النشأة والفتوّة، فالراجح أنّه بعد أن تتلمذ لخاله الشاعر المسيّب بن علس، خرج إثر ذلك إلى محيطه القريب والبعيد فنال شهرة واكتسب منزلة عالية بفضل شاعريته الفذّة في المديح بخاصة والاعتداد بقومه البكريين بعامّة. فاتصل بكبار القوم، وكان من ممدوحيه عدد من ملوك الفرس وأمراء الغساسنة من آل جفنة وأشراف اليمن وسادة نجران واليمامة. ومن أبرز الذين تعدّدت فيهم قصائده قيس بن معد يكرب وسلامة ذي فائش وهوذة بن علي الحنفي.
ولقد بات الأعشى بحافز من مثله الأعلى في الّلذة التي تجسّدت في الخمرة والمرأة، في طليعة الشعراء الذين وظّفوا الشعر في انتجاع مواطن الكرم يتكسب المال بالمدح، ويستمطر عطاء النبلاء، والسادة بآيات التعظيم والإطراء حتى قيل عنه، كما أورد صاحب الأغاني: " الأعشى أوّل من سال بشعره" لكنّ هذا الحكم لا يخلو من تعريض تكمن وراءه أسباب شتّى من الحسد وسطحية الرأي وربما العصبيّة القبليّة. إن الأعشى نفسه لم ينكر سعيه إلى المال، ولكنّه كان دائماً حريصاً على تعليل هذا المسعى والدافع إليه، فلم يجد في جعل الثناء قنطرة إلى الرخاء والاستمتاع بالتكسّب عاراً فهوعنده جنى إعجابٍ وسيرورة شعر. وفي مثل هذا الاتجاه يقول لابنته مبرّراً مسعاه إلى الثروة، رافضاً الثّواء على الفقر والحرمان:
وقد طُفتُ للمالِ آفاقَهُ- عُمانَ فحِمص فأورى شِلمْ
أتيتُ النّجاشيَّ في أرضه- وأرضَ النَّبيط، وأرضَ العجمْ
فنجران، فالسَّروَ من حِمْيرٍ- فأيَّ مرامٍ له لم أَرُمْ
ومن بعدِ ذاك إلى حضرموت- ت، فأوفيت همّي وحينا أَهُمْ
ألمْ تري الحَضْرَ إذ أهلُه- بنَعُمى- وهل خالدٌ من نَعِمْ
كان الأعشى بحاجة دائمة إلى المال حتى ينهض بتبعات أسفاره الطويلة ويفي برغباته ومتطلباته فراح بلاد العرب قاصداً الملوك.. يمدحهم ويكسب عطاءهم. ولم يكن يجتمع إليه قدر من المال حتى يستنزفه في لذّته.. ثم يعاود الرحلة في سبيل الحصول على مال جديد، ينفقه في لذّة جديدة.
هذا هو الغرض من استدرار العطاء بعبارة الثناء، فكسبه النوال إنما كان لتلك الخصال التي عدّدنا، ولم يكن الأعشى في حياته إلا باذلاً للمال، سخيّاً على نفسه وذويه وصحبه من النّدامى ورفاقه في مجالس الشراب، فلا يجد غضاضة أن يحيط ممدوحه بسيرته هذه كقوله مادحاً قيس بن معد يكرب:
فجِئتُكَ مُرتاداً ما خبّروا- ولولا الذي خبّروا لم تَرَنْ
فلا تحرِمنّي نداكَ الجزيل- فإنّي أُمرؤ قَبْلكُمْ لم أُهَنْ
بحكم ما تقدّم من فعل النشأة وتكوين العرى الأولى في شخصيّة الأعشى تطالعنا في ثنايا ديوانه، وبالدرس والتحليل والاستنتاج جوانب غنيّة من عالم الشاعر نكتفي منها بلُمع نتلمس مصادرها في قصائده ومواقفه وردّات أفعاله وانفعالاته. وفي قمة ما يمور به عالمه النفسي والفكري اعتقادٌ أملاه الواقع بعبثية الحياة، وتداخل مهازلها بصلب طبيعتها التي لا تني في تشكيلها وتبدّلها بصور شتى لا تغيّر من جوهرها المرتكز على ظاهرة التلوّن وعدم الثبات والزوال. وقد ضمّن الأعشى شعره هذه التأمّلات وهو يصف الموت الذي يطوي الملوك والحصون والأمم والشعوب كمثل قوله في مطلع مدحه المحلّق:
أرقتُ وما هذا السُّهادُ المؤرّقُ- وما بي من سقم وما بي مَعْشَقُ
ولكن أراني لا أزالُ بحادثٍ- أُغادي بما لم يمسِ عندي وأطرقُ
فما أنتَ إنْ دامتْ عليك بخالدٍ- كما لم يُخلَّدْ قبل ساسا ومَوْرَقُ
وكِسرى شهِنْشاهُ الذي سار مُلكُهُ- له ما اشتهى راحٌ عتيقٌ وزنْبقُ
ولا عادياً لم يمنع الموتَ مالُه- وحصنٌ بتيماءَ اليهوديّ أبلقُ
والأعشى من كبار شعراء الجاهلية: جعله ابن سلاّم أحد الأربعة الأوائل، في عداد امرئ القيس والنّابغة وزهير فهو "بين أعلام" الجاهلية، وفحول شعرائها، وهو متقدّم كتقدّم من ذكرنا دونما إجماع عليه أو عليهم، ومع ذلك فليس هذا بالقليل:
أو ألم يُسأل حسّان بن ثابت ... عن أشعر الناس كقبيلة لا كشاعر بعينه فقال: "الزّرق من بني قيس بن ثعلبة" ولا غرو أنّه عنى في المقام الأول الأعشى أبا بصير، وهو ما أكده الكلبي عن مروان بن أبي حفصة حين أشاد بالأعشى وأحلّه مرتبة الشاعر الشاعر لقوله:
كلا أبَويْكم كان فرعَ دِعامةٍ- ولكنّهم زادوا وأصبحت ناقصاً
وحدّث الرياشي نقلاً عن الشعبيّ ففضّل الأعشى في ثلاثة أبيات واعتبره من خلالها أغزل النّاس وأخنثهم وأشجعهم، وهي على التوالي:
غرّاء فرعاءُ مصقولُ عوارضُها- تمشي الهُوَيْنى كما يمْشي الوَجى الوَحِلُ
قالتْ هريرةُ لمّا جِئتُ زائرَها- ويلي عليكَ وويلي منك يا رجلُ
قالوا الطّرادُ فقلْنا تلكَ عادتُنا- أو تنزِلونَ فإنّا معْشرٌ نُزُلُ
كان الأعشى يعتبر الشرّ في الطبيعة البشرية قدراً ليس يدفع فهل غذّى فيه هذا الاعتقاد الكفاح في سبيل متع الوجود وجعله يرتضي بالتالي مصيره، وهو مصير الورى جميعاً أي حتمية الزوال.
وأوجز ما يقال في الأعشى شاعراً، أّنه صورة الرجل فيه: فقد كان جريئاً في غزله وخمرته وكانت جرأته واضحة المعالم في صدق مقالته حين يمدح أو يفتخر أو يهجو وهكذا اكتسب شعره سيرورة ونزل من القلوب منزلة رفيعة فكان أقدر الشعراء على وضع الرفيع، ورفع الوضيع، ويكفي برهاناً على الطرف الآخر خبره من المحلَّق الكلابي وهو الخبر الذي تناقلته كتب الأدب وجعلت منه مثالاً، لا لتأثير الشعر في نفوس العرب وحسب، بل ولسموّ الشاعر في صنيعه وهو ما أتاح له أن ينتزع إعجاب الأدباء والشرّاح من ناحية، وأن يتبوّأ بالتالي منزلة رفيعة في تاريخ الشعر الجاهلي، إن لم نقل في تاريخ العربي على مرّ العصور.
ولئن تعذر أن نمضي على هذا المنوال، في ثنايا شعر أبي بصير، المقدّم في نظر نفر صالح من النقّاد، على أكثر شعر الجاهليين كافة، ولا سيّما في غزله ومدائحه وملاهيه وأوصافه. ولئن كنّا نتجاوز المواقف المختلفة من سعي الأعشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومسألة إسلامه فنحن نقف عند واحد جامع من آراء الشرّاح القدامى، نرى فيه غاية ما نرمي إليه في هذا الموضع، قصدنا قول أبي زيد القرشي في جمهرته: "الأعشى أمدح الشعراء للملوك، وأوصفهم للخمر، وأغزرهم شعراً وأحسنهم قريضاً".
أما ديوان الأعشى فليس أقلّ من دواوين أصحاب المعلقات منزلة عند النقّاد والرواة. عني به بين الأقدمين أبو العباس ثعلب- كما ذكر صاحب الفهرست- ثمّ عكف الأدباء على ما جمعه ثعلب، ينتقون منه القصائد والشواهد، وفي طليعة هؤلاء التبريزي الذي جعل قصيدة الأعشى اللامية "ودّع هريرة" إحدى معلقات الجاهليين كذلك اعتبرت لامية الأعشى: "ما بكاءُ الكبير بالأطلال" .. من المعلقات العشر في شرح آخر لتلك القصائد. وبين المستشرقين الذين أكبوا على شعر أبي بصير جمعاً واستدراكاً وشرحاً سلفستر دي ساسي (1826م- 1242هـ)، ثوربكه (1875م- 1292هـ)، ورودلف جاير الذي أمضى نصف قرن في صحبة الأعشى وشعره، بحيث أصدر في (1928م- 1347هـ) ديوان الشاعر القيسي في طبعة بعنوان: "الصبح المنير في شعر أبي بصير"..



وَدّعْ هُرَيْـرَةَ إنّ الرَّكْـبَ مرْتَحِـلُ

وَهَلْ تُطِيقُ وَداعـاً أيّهَـا الرّجُـلُ ؟

غَـرَّاءُ فَرْعَـاءُ مَصْقُـولٌ عَوَارِضُـهَا

تَمشِي الهُوَينَا كَمَا يَمشِي الوَجي الوَحِلُ

كَـأَنَّ مِشْيَتَـهَا مِنْ بَيْـتِ جَارَتِهَـا

مَرُّ السَّحَابَةِ ، لاَ رَيْـثٌ وَلاَ عَجَـلُ

تَسمَعُ للحَلِي وَسْوَاساً إِذَا انصَرَفَـتْ

كَمَا استَعَانَ برِيـحٍ عِشـرِقٌ زَجِـلُ

لَيستْ كَمَنْ يكرَهُ الجِيـرَانُ طَلعَتَـهَا

وَلاَ تَـرَاهَـا لسِـرِّ الجَـارِ تَخْتَتِـلُ

يَكَـادُ يَصرَعُهَـا ، لَـوْلاَ تَشَدُّدُهَـا

إِذَا تَقُـومُ إلـى جَارَاتِهَـا الكَسَـلُ

إِذَا تُعَالِـجُ قِـرْنـاً سَاعـةً فَتَـرَتْ

وَاهتَزَّ مِنهَا ذَنُـوبُ المَتـنِ وَالكَفَـلُ

مِلءُ الوِشَاحِ وَصِفْرُ الـدّرْعِ بَهكنَـةٌ

إِذَا تَأتّـى يَكَـادُ الخَصْـرُ يَنْخَـزِلُ

صَدَّتْ هُرَيْـرَةُ عَنَّـا مَـا تُكَلّمُنَـا

جَهْلاً بأُمّ خُلَيْدٍ حَبـلَ مَنْ تَصِـلُ ؟

أَأَنْ رَأَتْ رَجُلاً أَعْشَـى أَضَـرَّ بِـهِ

رَيبُ المَنُونِ ، وَدَهْـرٌ مفنِـدٌ خَبِـلُ

نِعمَ الضَّجِيعُ غَداةَ الدَّجـنِ يَصرَعهَـا

لِلَّـذَّةِ المَـرْءِ لاَ جَـافٍ وَلاَ تَفِـلُ

هِرْكَـوْلَـةٌ ، فُنُـقٌ ، دُرْمٌ مَرَافِقُـهَا

كَـأَنَّ أَخْمَصَـهَا بِالشّـوْكِ مُنْتَعِـلُ

إِذَا تَقُومُ يَضُـوعُ المِسْـكُ أصْـوِرَةً

وَالزَّنْبَقُ الـوَرْدُ مِنْ أَرْدَانِهَـا شَمِـلُ

ما رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الحَـزْنِ مُعشبـةٌ

خَضرَاءُ جَادَ عَلَيـهَا مُسْبِـلٌ هَطِـلُ

يُضَاحكُ الشَّمسَ مِنهَا كَوكَبٌ شَرِقٌ

مُـؤزَّرٌ بِعَمِيـمِ الـنَّبْـتِ مُكْتَهِـلُ

يَوْماً بِأَطْيَـبَ مِنْـهَا نَشْـرَ رَائِحَـةٍ

وَلاَ بِأَحسَنَ مِنـهَا إِذْ دَنَـا الأُصُـلُ

عُلّقْتُهَا عَرَضـاً ، وَعُلّقَـتْ رَجُـلاً

غَيرِي ، وَعُلّقَ أُخرَى غَيرَهَا الرَّجـلُ

وَعُلّقَتْـهُ فَـتَـاةٌ مَـا يُحَـاوِلُهَـا

مِنْ أهلِها مَيّتٌ يَهْـذِي بِهَـا وَهـلُ

وَعُلّقَتْنِـي أُخَيْـرَى مَـا تُلائِمُنِـي

فَاجتَمَعَ الحُـبّ حُبًّـا كُلّـهُ تَبِـلُ

فَكُلّنَـا مُغْـرَمٌ يَهْـذِي بِصَـاحِبِـهِ

نَــاءٍ وَدَانٍ ، وَمَحْبُـولٌ وَمُحْتَبِـلُ

قَالَتْ هُرَيـرَةُ لَمَّـا جِئـتُ زَائِرَهَـا

وَيْلِي عَلَيكَ ، وَوَيلِي مِنـكَ يَا رَجُـلُ

يَا مَنْ يَرَى عَارِضاً قَـدْ بِـتُّ أَرْقُبُـهُ

كَأَنَّمَا البَـرْقُ فِي حَافَاتِـهِ الشُّعَـلُ

لَـهُ رِدَافٌ ، وَجَـوْزٌ مُفْـأمٌ عَمِـلٌ

مُنَطَّـقٌ بِسِجَـالِ الـمَـاءِ مُتّصِـلُ

لَمْ يُلْهِنِي اللَّهْوُ عَنْـهُ حِيـنَ أَرْقُبُـهُ

وَلاَ اللَّذَاذَةُ مِنْ كَـأسٍ وَلاَ الكَسَـلُ

فَقُلتُ للشَّرْبِ فِي دُرْنِى وَقَدْ ثَمِلُـوا

شِيمُوا ، وَكَيفَ يَشِيمُ الشَّارِبُ الثَّمِلُ

بَرْقاً يُضِـيءُ عَلَى أَجـزَاعِ مَسْقطِـهِ

وَبِالـخَبِيّـةِ مِنْـهُ عَـارِضٌ هَطِـلُ

قَالُوا نِمَارٌ ، فبَطنُ الخَـالِ جَادَهُمَـا

فَالعَسْجَـدِيَّـةُ فَالأبْـلاءُ فَالرِّجَـلُ

فَالسَّفْحُ يَجـرِي فَخِنْزِيـرٌ فَبُرْقَتُـهُ

حَتَّى تَدَافَعَ مِنْـهُ الرَّبْـوُ ، فَالجَبَـلُ

حَتَّى تَحَمَّـلَ مِنْـهُ الـمَاءَ تَكْلِفَـةً

رَوْضُ القَطَا فكَثيبُ الغَينـةِ السَّهِـلُ

يَسقِي دِيَاراً لَهَا قَدْ أَصْبَحَـتْ عُزَبـاً

زُوراً تَجَانَفَ عَنهَا القَـوْدُ وَالرَّسَـلُ

وَبَلـدَةٍ مِثـلِ التُّـرْسِ مُـوحِشَـةٍ

للجِنّ بِاللّيْـلِ فِي حَافَاتِهَـا زَجَـلُ

لاَ يَتَمَنّـى لَهَـا بِالقَيْـظِ يَرْكَبُـهَا

إِلاَّ الَّذِينَ لَهُـمْ فِيـمَا أَتَـوْا مَهَـلُ

جَاوَزْتُهَـا بِطَلِيـحٍ جَسْـرَةٍ سُـرُحٍ

فِي مِرْفَقَيـهَا إِذَا استَعرَضْتَـها فَتَـلُ

إِمَّـا تَرَيْنَـا حُفَـاةً لاَ نِعَـالَ لَنَـا

إِنَّا كَـذَلِكَ مَـا نَحْفَـى وَنَنْتَعِـلُ

فَقَدْ أُخَالِـسُ رَبَّ البَيْـتِ غَفْلَتَـهُ

وَقَدْ يُحَـاذِرُ مِنِّـي ثُـمّ مَـا يَئِـلُ

وَقَدْ أَقُودُ الصِّبَـى يَوْمـاً فيَتْبَعُنِـي

وَقَدْ يُصَاحِبُنِـي ذُو الشّـرّةِ الغَـزِلُ

وَقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُـوتِ يَتْبَعُنِـي

شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُـولٌ شُلشُـلٌ شَـوِلُ

فِي فِتيَةٍ كَسُيُوفِ الـهِندِ قَدْ عَلِمُـوا

أَنْ لَيسَ يَدفَعُ عَنْ ذِي الحِيلةِ الحِيَـلُ

نَازَعتُهُمْ قُضُـبَ الرَّيْحَـانِ مُتَّكِئـاً

وَقَهْـوَةً مُـزّةً رَاوُوقُهَـا خَـضِـلُ

لاَ يَستَفِيقُـونَ مِنـهَا ، وَهيَ رَاهنَـةٌ

إِلاَّ بِهَـاتِ ! وَإنْ عَلّـوا وَإِنْ نَهِلُـوا

يَسعَى بِهَا ذُو زُجَاجَـاتٍ لَهُ نُطَـفٌ

مُقَلِّـصٌ أَسفَـلَ السِّرْبَـالِ مُعتَمِـلُ

وَمُستَجيبٍ تَخَالُ الصَّنـجَ يَسمَعُـهُ

إِذَا تُـرَجِّـعُ فِيـهِ القَيْنَـةُ الفُضُـلُ

مِنْ كُلّ ذَلِكَ يَـوْمٌ قَدْ لَهَـوْتُ بِـهِ

وَفِي التَّجَارِبِ طُولُ اللَّهـوِ وَالغَـزَلُ

وَالسَّاحِبَـاتُ ذُيُـولَ الخَـزّ آونَـةً

وَالرّافِلاتُ عَلَـى أَعْجَازِهَـا العِجَـلُ

أَبْلِـغْ يَزِيـدَ بَنِـي شَيْبَـانَ مَألُكَـةً

أَبَـا ثُبَيْـتٍ ! أَمَا تَنفَـكُّ تأتَكِـلُ ؟

ألَسْتَ مُنْتَهِيـاً عَـنْ نَحْـتِ أثلَتِنَـا

وَلَسْتَ ضَائِرَهَا مَـا أَطَّـتِ الإبِـلُ

تُغْرِي بِنَا رَهْـطَ مَسعُـودٍ وَإخْوَتِـهِ

عِندَ اللِّقَـاءِ ، فتُـرْدِي ثُـمَّ تَعتَـزِلُ

لأَعْـرِفَنّـكَ إِنْ جَـدَّ النَّفِيـرُ بِنَـا

وَشُبّتِ الحَرْبُ بالطُّـوَّافِ وَاحتَمَلُـوا

كَنَاطِـحٍ صَخـرَةً يَوْمـاً ليَفْلِقَـهَا

فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَـى قَرْنَـهُ الوَعِـلُ

لأَعْـرِفَنَّـكَ إِنْ جَـدَّتْ عَدَاوَتُنَـا

وَالتُمِسَ النَّصرُ مِنكُم عوْضُ تُحتمـلُ

تُلزِمُ أرْمـاحَ ذِي الجَدّيـنِ سَوْرَتَنَـا

عِنْـدَ اللِّقَـاءِ ، فتُرْدِيِهِـمْ وَتَعْتَـزِلُ

لاَ تَقْعُـدَنّ ، وَقَـدْ أَكَّلْتَـهَا حَطَبـاً

تَعُـوذُ مِنْ شَرِّهَـا يَوْمـاً وَتَبْتَهِـلُ

قَدْ كَانَ فِي أَهلِ كَهفٍ إِنْ هُمُ قَعَـدُوا

وَالجَاشِرِيَّـةِ مَـنْ يَسْعَـى وَيَنتَضِـلُ

سَائِلْ بَنِي أَسَدٍ عَنَّار ، فَقَـدْ عَلِمُـوا

أَنْ سَوْفَ يَأتِيكَ مِنْ أَنبَائِنَـا شَكَـلُ

وَاسْـأَلْ قُشَيـراً وَعَبْـدَ اللهِ كُلَّهُـمُ

وَاسْألْ رَبِيعَـةَ عَنَّـا كَيْـفَ نَفْتَعِـلُ

إِنَّـا نُقَـاتِلُهُـمْ ثُـمَّـتَ نَقْتُلُهُـمْ

عِندَ اللِّقَاءِ ، وَهُمْ جَارُوا وَهُمْ جَهِلُـوا

كَـلاَّ زَعَمْتُـمْ بِـأنَّـا لاَ نُقَاتِلُكُـمْ

إِنَّا لأَمْثَالِكُـمْ ، يَـا قَوْمَنَـا ، قُتُـلُ

حَتَّى يَظَـلّ عَمِيـدُ القَـوْمِ مُتَّكِئـاً

يَدْفَعُ بالـرَّاحِ عَنْـهُ نِسـوَةٌ عُجُـلُ

أصَـابَـهُ هِنْـدُوَانـيٌّ ، فَأقْصَـدَهُ

أَوْ ذَابِلٌ مِنْ رِمَـاحِ الخَـطِّ مُعتَـدِلُ

قَدْ نَطْعنُ العَيـرَ فِي مَكنُـونِ فَائِلِـهِ

وَقَدْ يَشِيـطُ عَلَى أَرْمَاحِنَـا البَطَـلُ

هَلْ تَنْتَهُونَ ؟ وَلاَ يَنهَى ذَوِي شَطَـطٍ

كَالطَّعنِ يَذهَبُ فِيهِ الزَّيـتُ وَالفُتُـلُ

إِنِّي لَعَمْـرُ الَّذِي خَطَّـتْ مَنَاسِمُـهَا

لَـهُ وَسِيـقَ إِلَيْـهِ البَـاقِـرُ الغُيُـلُ

لَئِنْ قَتَلْتُمْ عَمِيـداً لَمْ يكُـنْ صَـدَداً

لَنَقْتُلَـنْ مِثْـلَـهُ مِنكُـمْ فنَمتَثِـلُ

لَئِنْ مُنِيتَ بِنَـا عَنْ غِـبّ مَعرَكَـةٍ

لَمْ تُلْفِنَـا مِنْ دِمَـاءِ القَـوْمِ نَنْتَفِـلُ

نَحنُ الفَوَارِسُ يَـوْمَ الحِنـوِ ضَاحِيَـةً

جَنْبَيْ ( فُطَيمَةَ ) لاَ مِيـلٌ وَلاَ عُـزُلُ

قَالُوا الرُّكُوبَ ! فَقُلنَـا تِلْكَ عَادَتُنَـا

أَوْ تَنْزِلُـونَ ، فَإِنَّـا مَعْشَـرٌ نُـزُلُ


أَلَيسَ الصُّبحُ بِقَرِيبٍ

تَحسَبُهُم جَمِيعًا وَقُلُوبُهُم شَتَّى
التعديل الأخير تم بواسطة بوبكر حداد ; 24-07-2008 الساعة 07:20 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية حمبراوي
حمبراوي
مشرف شرفي
  • تاريخ التسجيل : 03-05-2008
  • الدولة : استضعفوك فوصفوك
  • المشاركات : 5,147
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • حمبراوي will become famous soon enough
الصورة الرمزية حمبراوي
حمبراوي
مشرف شرفي
رد: الأعشى بن قيس ومعلقته
23-07-2008, 02:39 PM
مرحا بشاعر بكر بن وائل
ومؤرخ ذي قار شعرا
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي /// وراكبها يوم القاء وقلت
هم ضرباو بالحنوحنو قراقر /// مقدمة الهامرز حتى تولت
شكرا لك على النقل المميز

  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بوبكر حداد
بوبكر حداد
مشرف منتدى الأدب
  • تاريخ التسجيل : 19-01-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,642
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • بوبكر حداد will become famous soon enough
الصورة الرمزية بوبكر حداد
بوبكر حداد
مشرف منتدى الأدب
رد: الأعشى بن قيس ومعلقته
24-07-2008, 07:21 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Hambraoui مشاهدة المشاركة
الأعشى بن قيس


(... - 7 هـ = ... - 628 م)


هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضُبيعة، من بني قيس بن ثعلبة، وصولاً إلى علي بن بكر بن وائل، وانتهاء إلى ربيعة بن نزار. يعرف بأعشى قيس، ويكنّى بأبي بصير، ويقال له أعشى بكر بن وائل، والأعشى الكبير. عاش عمراً طويلاً وأدرك الإسلام ولم يسلم، ولقب بالأعشى لضعف بصره، وعمي في أواخر عمره. مولده ووفاته في قرية منفوحة باليمامة، وفيها داره وبها قبره.
من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية، كان كثير الوفود على الملوك من العرب، والفرس، فكثرت الألفاظ الفارسية في شعره. غزير الشعر، يسلك فيه كل مسلك، وليس أحد ممن عرف قبله أكثر شعراً منه. كان يغني بشعره فلقب بصنّاجة العرب، اعتبره أبو الفرج الأصفهاني، كما يقول التبريزي: أحد الأعلام من شعراء الجاهلية وفحولهم، وذهب إلى أنّه تقدّم على سائرهم، ثم استدرك ليقول: ليس ذلك بمُجْمَع عليه لا فيه ولا في غيره.
أما حرص المؤرخين على قولهم: أعشى بني قيس، فمردّه عدم اقتصار هذا اللقب عليه دون سواه من الجاهليين والإسلاميين، إذ أحاط هؤلاء الدارسون، وعلى رأسهم الآمدي في المؤتلف والمختلف، بعدد ملحوظ منهم، لقّبوا جميعاً بالأعشى، لعل أبرزهم بعد شاعرنا- أعشى باهلة، عامر ابن الحارث بن رباح، وأعشى بكر بن وائل، وأعشى بني ثعلبة، ربيعة بن يحيى، وأعشى بني ربيعة، عبد الله بن خارجة، وأعشى همدان، وأعشى بني سليم.
وأبوه قيس بن جندل هو الذي سمّي بقتيل الجوع، سمّاه بذلك الشاعر جهنّام في معرض التهاجي فقال:
أبوك قتيلُ الجوع قيس بن جندلٍ- وخالُك عبدٌ من خُماعة راضعُ
وتفسير ذلك أن قيساً لجأ إلى غار في يوم شديد الحرارة فوقعت صخرة كبيرة سدّت عليه مدخل ذلك الغار فمات جوعاً.
يفهم من قول ابن قتيبة: وكان ميمون بن قيس- أعمى، أن لقبه كما يرى- إنّما لحقه بسبب ذهاب بصره، ولعلّ الذين كنّوه بأبي بصير، فعلوا ذلك تفاؤلاً أو تلطفاً، أو إعجاباً ببصيرته القوية، ولذا ربطوا بين هذا الواقع الأليم وبين كنيته "أبي بصير" لكنّ آخرين لم يذهبوا هذا المذهب والعشى في نظرهم تبعاً لدلالته اللغوية ليس ذهاب البصر بل ضعفه، فلئن كان الأعشى لا يبصر ليلاً فلا شيء يحول دون أن يكون سليم البصر نهاراً. ومن هذه الزاوية اللغوية على الأرجح كنّي الأعشى بأبي بصير بباعث الثناء على توقّد بصيرته، وتعويضاً يبعث على الرضا في مقابل سوء بصر، ولعلّ ما جاء في شعر الأعشى حين طلبت إليه ابنته- كما قال في بعض قصائده- البقاء إلى جانبها لتجد بقربه الأمن والسلام ولتطمئن عليه بالكفّ عن الترحال وتحمل مصاعب السفر والتجوال- هو الأقرب إلى تصوير واقعه وحقيقة بصره، فهو يصف ما حلّ به في أواخر حياته من الضعف بعد أن ولّى شبابه وذهب بصره أو كاد وبات بحاجة إلى من يقوده ويريه طريقه، وإلى عصاه يتوكأ عليها، هكذا يصف نفسه فيقول:
رأتْ رجُلاً غائب الوافدي- ن مُخلِف الخَلْق أعشى ضَريراً
وأما تفسير لقب الأعشى الآخر- أي: "صنّاجة العرب"- فمختلف فيه هو الآخر، فقد سمّي- كذلك- لأنه أول من ذكر الصّنج في شعره، إذ قال:
ومُستجيبٍ لصوتِ الصَّنْج تَسَمعُهُ- إذا تُرَجِّع فيه القينةُ الفُضلُ
لكن أبا الفرج أورد تعليلاً مخالفاً حين نقل عن أبي عبيدة قوله: وكان الأعشى غنّى في شعره، فكانت العرب تسميه صنّاجة العرب. وإلى مثل هذا أشار حمّاد الرواية حين سأله أبو جعفر المنصور عن أشعر النّاس، فقال "نعم ذلك الأعشى صنّاجها".
وموطن الأعشى هو بلدة منفوحة في ديار القبائل البكرية التي تمتد من البحرين حتى حدود العراق. التي نشأ فيها أبو بصير شاعر بني قيس بن ثعلبة. وكانت دياره أرضاً طيبة موفورة الماء والمرعى بغلالها وثمار نخيلها. ولئن كان الأعشى قد رأى الحياة في بلدته منفوحة وأقام فيها فترة أولى هي فترة النشأة والفتوّة، فالراجح أنّه بعد أن تتلمذ لخاله الشاعر المسيّب بن علس، خرج إثر ذلك إلى محيطه القريب والبعيد فنال شهرة واكتسب منزلة عالية بفضل شاعريته الفذّة في المديح بخاصة والاعتداد بقومه البكريين بعامّة. فاتصل بكبار القوم، وكان من ممدوحيه عدد من ملوك الفرس وأمراء الغساسنة من آل جفنة وأشراف اليمن وسادة نجران واليمامة. ومن أبرز الذين تعدّدت فيهم قصائده قيس بن معد يكرب وسلامة ذي فائش وهوذة بن علي الحنفي.
ولقد بات الأعشى بحافز من مثله الأعلى في الّلذة التي تجسّدت في الخمرة والمرأة، في طليعة الشعراء الذين وظّفوا الشعر في انتجاع مواطن الكرم يتكسب المال بالمدح، ويستمطر عطاء النبلاء، والسادة بآيات التعظيم والإطراء حتى قيل عنه، كما أورد صاحب الأغاني: " الأعشى أوّل من سال بشعره" لكنّ هذا الحكم لا يخلو من تعريض تكمن وراءه أسباب شتّى من الحسد وسطحية الرأي وربما العصبيّة القبليّة. إن الأعشى نفسه لم ينكر سعيه إلى المال، ولكنّه كان دائماً حريصاً على تعليل هذا المسعى والدافع إليه، فلم يجد في جعل الثناء قنطرة إلى الرخاء والاستمتاع بالتكسّب عاراً فهوعنده جنى إعجابٍ وسيرورة شعر. وفي مثل هذا الاتجاه يقول لابنته مبرّراً مسعاه إلى الثروة، رافضاً الثّواء على الفقر والحرمان:
وقد طُفتُ للمالِ آفاقَهُ- عُمانَ فحِمص فأورى شِلمْ
أتيتُ النّجاشيَّ في أرضه- وأرضَ النَّبيط، وأرضَ العجمْ
فنجران، فالسَّروَ من حِمْيرٍ- فأيَّ مرامٍ له لم أَرُمْ
ومن بعدِ ذاك إلى حضرموت- ت، فأوفيت همّي وحينا أَهُمْ
ألمْ تري الحَضْرَ إذ أهلُه- بنَعُمى- وهل خالدٌ من نَعِمْ
كان الأعشى بحاجة دائمة إلى المال حتى ينهض بتبعات أسفاره الطويلة ويفي برغباته ومتطلباته فراح بلاد العرب قاصداً الملوك.. يمدحهم ويكسب عطاءهم. ولم يكن يجتمع إليه قدر من المال حتى يستنزفه في لذّته.. ثم يعاود الرحلة في سبيل الحصول على مال جديد، ينفقه في لذّة جديدة.
هذا هو الغرض من استدرار العطاء بعبارة الثناء، فكسبه النوال إنما كان لتلك الخصال التي عدّدنا، ولم يكن الأعشى في حياته إلا باذلاً للمال، سخيّاً على نفسه وذويه وصحبه من النّدامى ورفاقه في مجالس الشراب، فلا يجد غضاضة أن يحيط ممدوحه بسيرته هذه كقوله مادحاً قيس بن معد يكرب:
فجِئتُكَ مُرتاداً ما خبّروا- ولولا الذي خبّروا لم تَرَنْ
فلا تحرِمنّي نداكَ الجزيل- فإنّي أُمرؤ قَبْلكُمْ لم أُهَنْ
بحكم ما تقدّم من فعل النشأة وتكوين العرى الأولى في شخصيّة الأعشى تطالعنا في ثنايا ديوانه، وبالدرس والتحليل والاستنتاج جوانب غنيّة من عالم الشاعر نكتفي منها بلُمع نتلمس مصادرها في قصائده ومواقفه وردّات أفعاله وانفعالاته. وفي قمة ما يمور به عالمه النفسي والفكري اعتقادٌ أملاه الواقع بعبثية الحياة، وتداخل مهازلها بصلب طبيعتها التي لا تني في تشكيلها وتبدّلها بصور شتى لا تغيّر من جوهرها المرتكز على ظاهرة التلوّن وعدم الثبات والزوال. وقد ضمّن الأعشى شعره هذه التأمّلات وهو يصف الموت الذي يطوي الملوك والحصون والأمم والشعوب كمثل قوله في مطلع مدحه المحلّق:
أرقتُ وما هذا السُّهادُ المؤرّقُ- وما بي من سقم وما بي مَعْشَقُ
ولكن أراني لا أزالُ بحادثٍ- أُغادي بما لم يمسِ عندي وأطرقُ
فما أنتَ إنْ دامتْ عليك بخالدٍ- كما لم يُخلَّدْ قبل ساسا ومَوْرَقُ
وكِسرى شهِنْشاهُ الذي سار مُلكُهُ- له ما اشتهى راحٌ عتيقٌ وزنْبقُ
ولا عادياً لم يمنع الموتَ مالُه- وحصنٌ بتيماءَ اليهوديّ أبلقُ
والأعشى من كبار شعراء الجاهلية: جعله ابن سلاّم أحد الأربعة الأوائل، في عداد امرئ القيس والنّابغة وزهير فهو "بين أعلام" الجاهلية، وفحول شعرائها، وهو متقدّم كتقدّم من ذكرنا دونما إجماع عليه أو عليهم، ومع ذلك فليس هذا بالقليل:
أو ألم يُسأل حسّان بن ثابت ... عن أشعر الناس كقبيلة لا كشاعر بعينه فقال: "الزّرق من بني قيس بن ثعلبة" ولا غرو أنّه عنى في المقام الأول الأعشى أبا بصير، وهو ما أكده الكلبي عن مروان بن أبي حفصة حين أشاد بالأعشى وأحلّه مرتبة الشاعر الشاعر لقوله:
كلا أبَويْكم كان فرعَ دِعامةٍ- ولكنّهم زادوا وأصبحت ناقصاً
وحدّث الرياشي نقلاً عن الشعبيّ ففضّل الأعشى في ثلاثة أبيات واعتبره من خلالها أغزل النّاس وأخنثهم وأشجعهم، وهي على التوالي:
غرّاء فرعاءُ مصقولُ عوارضُها- تمشي الهُوَيْنى كما يمْشي الوَجى الوَحِلُ
قالتْ هريرةُ لمّا جِئتُ زائرَها- ويلي عليكَ وويلي منك يا رجلُ
قالوا الطّرادُ فقلْنا تلكَ عادتُنا- أو تنزِلونَ فإنّا معْشرٌ نُزُلُ
كان الأعشى يعتبر الشرّ في الطبيعة البشرية قدراً ليس يدفع فهل غذّى فيه هذا الاعتقاد الكفاح في سبيل متع الوجود وجعله يرتضي بالتالي مصيره، وهو مصير الورى جميعاً أي حتمية الزوال.
وأوجز ما يقال في الأعشى شاعراً، أّنه صورة الرجل فيه: فقد كان جريئاً في غزله وخمرته وكانت جرأته واضحة المعالم في صدق مقالته حين يمدح أو يفتخر أو يهجو وهكذا اكتسب شعره سيرورة ونزل من القلوب منزلة رفيعة فكان أقدر الشعراء على وضع الرفيع، ورفع الوضيع، ويكفي برهاناً على الطرف الآخر خبره من المحلَّق الكلابي وهو الخبر الذي تناقلته كتب الأدب وجعلت منه مثالاً، لا لتأثير الشعر في نفوس العرب وحسب، بل ولسموّ الشاعر في صنيعه وهو ما أتاح له أن ينتزع إعجاب الأدباء والشرّاح من ناحية، وأن يتبوّأ بالتالي منزلة رفيعة في تاريخ الشعر الجاهلي، إن لم نقل في تاريخ العربي على مرّ العصور.
ولئن تعذر أن نمضي على هذا المنوال، في ثنايا شعر أبي بصير، المقدّم في نظر نفر صالح من النقّاد، على أكثر شعر الجاهليين كافة، ولا سيّما في غزله ومدائحه وملاهيه وأوصافه. ولئن كنّا نتجاوز المواقف المختلفة من سعي الأعشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومسألة إسلامه فنحن نقف عند واحد جامع من آراء الشرّاح القدامى، نرى فيه غاية ما نرمي إليه في هذا الموضع، قصدنا قول أبي زيد القرشي في جمهرته: "الأعشى أمدح الشعراء للملوك، وأوصفهم للخمر، وأغزرهم شعراً وأحسنهم قريضاً".
أما ديوان الأعشى فليس أقلّ من دواوين أصحاب المعلقات منزلة عند النقّاد والرواة. عني به بين الأقدمين أبو العباس ثعلب- كما ذكر صاحب الفهرست- ثمّ عكف الأدباء على ما جمعه ثعلب، ينتقون منه القصائد والشواهد، وفي طليعة هؤلاء التبريزي الذي جعل قصيدة الأعشى اللامية "ودّع هريرة" إحدى معلقات الجاهليين كذلك اعتبرت لامية الأعشى: "ما بكاءُ الكبير بالأطلال" .. من المعلقات العشر في شرح آخر لتلك القصائد. وبين المستشرقين الذين أكبوا على شعر أبي بصير جمعاً واستدراكاً وشرحاً سلفستر دي ساسي (1826م- 1242هـ)، ثوربكه (1875م- 1292هـ)، ورودلف جاير الذي أمضى نصف قرن في صحبة الأعشى وشعره، بحيث أصدر في (1928م- 1347هـ) ديوان الشاعر القيسي في طبعة بعنوان: "الصبح المنير في شعر أبي بصير"..



وَدّعْ هُرَيْـرَةَ إنّ الرَّكْـبَ مرْتَحِـلُ

وَهَلْ تُطِيقُ وَداعـاً أيّهَـا الرّجُـلُ ؟

غَـرَّاءُ فَرْعَـاءُ مَصْقُـولٌ عَوَارِضُـهَا

تَمشِي الهُوَينَا كَمَا يَمشِي الوَجي الوَحِلُ

كَـأَنَّ مِشْيَتَـهَا مِنْ بَيْـتِ جَارَتِهَـا

مَرُّ السَّحَابَةِ ، لاَ رَيْـثٌ وَلاَ عَجَـلُ

تَسمَعُ للحَلِي وَسْوَاساً إِذَا انصَرَفَـتْ

كَمَا استَعَانَ برِيـحٍ عِشـرِقٌ زَجِـلُ

لَيستْ كَمَنْ يكرَهُ الجِيـرَانُ طَلعَتَـهَا

وَلاَ تَـرَاهَـا لسِـرِّ الجَـارِ تَخْتَتِـلُ

يَكَـادُ يَصرَعُهَـا ، لَـوْلاَ تَشَدُّدُهَـا

إِذَا تَقُـومُ إلـى جَارَاتِهَـا الكَسَـلُ

إِذَا تُعَالِـجُ قِـرْنـاً سَاعـةً فَتَـرَتْ

وَاهتَزَّ مِنهَا ذَنُـوبُ المَتـنِ وَالكَفَـلُ

مِلءُ الوِشَاحِ وَصِفْرُ الـدّرْعِ بَهكنَـةٌ

إِذَا تَأتّـى يَكَـادُ الخَصْـرُ يَنْخَـزِلُ

صَدَّتْ هُرَيْـرَةُ عَنَّـا مَـا تُكَلّمُنَـا

جَهْلاً بأُمّ خُلَيْدٍ حَبـلَ مَنْ تَصِـلُ ؟

أَأَنْ رَأَتْ رَجُلاً أَعْشَـى أَضَـرَّ بِـهِ

رَيبُ المَنُونِ ، وَدَهْـرٌ مفنِـدٌ خَبِـلُ

نِعمَ الضَّجِيعُ غَداةَ الدَّجـنِ يَصرَعهَـا

لِلَّـذَّةِ المَـرْءِ لاَ جَـافٍ وَلاَ تَفِـلُ

هِرْكَـوْلَـةٌ ، فُنُـقٌ ، دُرْمٌ مَرَافِقُـهَا

كَـأَنَّ أَخْمَصَـهَا بِالشّـوْكِ مُنْتَعِـلُ

إِذَا تَقُومُ يَضُـوعُ المِسْـكُ أصْـوِرَةً

وَالزَّنْبَقُ الـوَرْدُ مِنْ أَرْدَانِهَـا شَمِـلُ

ما رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الحَـزْنِ مُعشبـةٌ

خَضرَاءُ جَادَ عَلَيـهَا مُسْبِـلٌ هَطِـلُ

يُضَاحكُ الشَّمسَ مِنهَا كَوكَبٌ شَرِقٌ

مُـؤزَّرٌ بِعَمِيـمِ الـنَّبْـتِ مُكْتَهِـلُ

يَوْماً بِأَطْيَـبَ مِنْـهَا نَشْـرَ رَائِحَـةٍ

وَلاَ بِأَحسَنَ مِنـهَا إِذْ دَنَـا الأُصُـلُ

عُلّقْتُهَا عَرَضـاً ، وَعُلّقَـتْ رَجُـلاً

غَيرِي ، وَعُلّقَ أُخرَى غَيرَهَا الرَّجـلُ

وَعُلّقَتْـهُ فَـتَـاةٌ مَـا يُحَـاوِلُهَـا

مِنْ أهلِها مَيّتٌ يَهْـذِي بِهَـا وَهـلُ

وَعُلّقَتْنِـي أُخَيْـرَى مَـا تُلائِمُنِـي

فَاجتَمَعَ الحُـبّ حُبًّـا كُلّـهُ تَبِـلُ

فَكُلّنَـا مُغْـرَمٌ يَهْـذِي بِصَـاحِبِـهِ

نَــاءٍ وَدَانٍ ، وَمَحْبُـولٌ وَمُحْتَبِـلُ

قَالَتْ هُرَيـرَةُ لَمَّـا جِئـتُ زَائِرَهَـا

وَيْلِي عَلَيكَ ، وَوَيلِي مِنـكَ يَا رَجُـلُ

يَا مَنْ يَرَى عَارِضاً قَـدْ بِـتُّ أَرْقُبُـهُ

كَأَنَّمَا البَـرْقُ فِي حَافَاتِـهِ الشُّعَـلُ

لَـهُ رِدَافٌ ، وَجَـوْزٌ مُفْـأمٌ عَمِـلٌ

مُنَطَّـقٌ بِسِجَـالِ الـمَـاءِ مُتّصِـلُ

لَمْ يُلْهِنِي اللَّهْوُ عَنْـهُ حِيـنَ أَرْقُبُـهُ

وَلاَ اللَّذَاذَةُ مِنْ كَـأسٍ وَلاَ الكَسَـلُ

فَقُلتُ للشَّرْبِ فِي دُرْنِى وَقَدْ ثَمِلُـوا

شِيمُوا ، وَكَيفَ يَشِيمُ الشَّارِبُ الثَّمِلُ

بَرْقاً يُضِـيءُ عَلَى أَجـزَاعِ مَسْقطِـهِ

وَبِالـخَبِيّـةِ مِنْـهُ عَـارِضٌ هَطِـلُ

قَالُوا نِمَارٌ ، فبَطنُ الخَـالِ جَادَهُمَـا

فَالعَسْجَـدِيَّـةُ فَالأبْـلاءُ فَالرِّجَـلُ

فَالسَّفْحُ يَجـرِي فَخِنْزِيـرٌ فَبُرْقَتُـهُ

حَتَّى تَدَافَعَ مِنْـهُ الرَّبْـوُ ، فَالجَبَـلُ

حَتَّى تَحَمَّـلَ مِنْـهُ الـمَاءَ تَكْلِفَـةً

رَوْضُ القَطَا فكَثيبُ الغَينـةِ السَّهِـلُ

يَسقِي دِيَاراً لَهَا قَدْ أَصْبَحَـتْ عُزَبـاً

زُوراً تَجَانَفَ عَنهَا القَـوْدُ وَالرَّسَـلُ

وَبَلـدَةٍ مِثـلِ التُّـرْسِ مُـوحِشَـةٍ

للجِنّ بِاللّيْـلِ فِي حَافَاتِهَـا زَجَـلُ

لاَ يَتَمَنّـى لَهَـا بِالقَيْـظِ يَرْكَبُـهَا

إِلاَّ الَّذِينَ لَهُـمْ فِيـمَا أَتَـوْا مَهَـلُ

جَاوَزْتُهَـا بِطَلِيـحٍ جَسْـرَةٍ سُـرُحٍ

فِي مِرْفَقَيـهَا إِذَا استَعرَضْتَـها فَتَـلُ

إِمَّـا تَرَيْنَـا حُفَـاةً لاَ نِعَـالَ لَنَـا

إِنَّا كَـذَلِكَ مَـا نَحْفَـى وَنَنْتَعِـلُ

فَقَدْ أُخَالِـسُ رَبَّ البَيْـتِ غَفْلَتَـهُ

وَقَدْ يُحَـاذِرُ مِنِّـي ثُـمّ مَـا يَئِـلُ

وَقَدْ أَقُودُ الصِّبَـى يَوْمـاً فيَتْبَعُنِـي

وَقَدْ يُصَاحِبُنِـي ذُو الشّـرّةِ الغَـزِلُ

وَقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُـوتِ يَتْبَعُنِـي

شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُـولٌ شُلشُـلٌ شَـوِلُ

فِي فِتيَةٍ كَسُيُوفِ الـهِندِ قَدْ عَلِمُـوا

أَنْ لَيسَ يَدفَعُ عَنْ ذِي الحِيلةِ الحِيَـلُ

نَازَعتُهُمْ قُضُـبَ الرَّيْحَـانِ مُتَّكِئـاً

وَقَهْـوَةً مُـزّةً رَاوُوقُهَـا خَـضِـلُ

لاَ يَستَفِيقُـونَ مِنـهَا ، وَهيَ رَاهنَـةٌ

إِلاَّ بِهَـاتِ ! وَإنْ عَلّـوا وَإِنْ نَهِلُـوا

يَسعَى بِهَا ذُو زُجَاجَـاتٍ لَهُ نُطَـفٌ

مُقَلِّـصٌ أَسفَـلَ السِّرْبَـالِ مُعتَمِـلُ

وَمُستَجيبٍ تَخَالُ الصَّنـجَ يَسمَعُـهُ

إِذَا تُـرَجِّـعُ فِيـهِ القَيْنَـةُ الفُضُـلُ

مِنْ كُلّ ذَلِكَ يَـوْمٌ قَدْ لَهَـوْتُ بِـهِ

وَفِي التَّجَارِبِ طُولُ اللَّهـوِ وَالغَـزَلُ

وَالسَّاحِبَـاتُ ذُيُـولَ الخَـزّ آونَـةً

وَالرّافِلاتُ عَلَـى أَعْجَازِهَـا العِجَـلُ

أَبْلِـغْ يَزِيـدَ بَنِـي شَيْبَـانَ مَألُكَـةً

أَبَـا ثُبَيْـتٍ ! أَمَا تَنفَـكُّ تأتَكِـلُ ؟

ألَسْتَ مُنْتَهِيـاً عَـنْ نَحْـتِ أثلَتِنَـا

وَلَسْتَ ضَائِرَهَا مَـا أَطَّـتِ الإبِـلُ

تُغْرِي بِنَا رَهْـطَ مَسعُـودٍ وَإخْوَتِـهِ

عِندَ اللِّقَـاءِ ، فتُـرْدِي ثُـمَّ تَعتَـزِلُ

لأَعْـرِفَنّـكَ إِنْ جَـدَّ النَّفِيـرُ بِنَـا

وَشُبّتِ الحَرْبُ بالطُّـوَّافِ وَاحتَمَلُـوا

كَنَاطِـحٍ صَخـرَةً يَوْمـاً ليَفْلِقَـهَا

فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَـى قَرْنَـهُ الوَعِـلُ

لأَعْـرِفَنَّـكَ إِنْ جَـدَّتْ عَدَاوَتُنَـا

وَالتُمِسَ النَّصرُ مِنكُم عوْضُ تُحتمـلُ

تُلزِمُ أرْمـاحَ ذِي الجَدّيـنِ سَوْرَتَنَـا

عِنْـدَ اللِّقَـاءِ ، فتُرْدِيِهِـمْ وَتَعْتَـزِلُ

لاَ تَقْعُـدَنّ ، وَقَـدْ أَكَّلْتَـهَا حَطَبـاً

تَعُـوذُ مِنْ شَرِّهَـا يَوْمـاً وَتَبْتَهِـلُ

قَدْ كَانَ فِي أَهلِ كَهفٍ إِنْ هُمُ قَعَـدُوا

وَالجَاشِرِيَّـةِ مَـنْ يَسْعَـى وَيَنتَضِـلُ

سَائِلْ بَنِي أَسَدٍ عَنَّار ، فَقَـدْ عَلِمُـوا

أَنْ سَوْفَ يَأتِيكَ مِنْ أَنبَائِنَـا شَكَـلُ

وَاسْـأَلْ قُشَيـراً وَعَبْـدَ اللهِ كُلَّهُـمُ

وَاسْألْ رَبِيعَـةَ عَنَّـا كَيْـفَ نَفْتَعِـلُ

إِنَّـا نُقَـاتِلُهُـمْ ثُـمَّـتَ نَقْتُلُهُـمْ

عِندَ اللِّقَاءِ ، وَهُمْ جَارُوا وَهُمْ جَهِلُـوا

كَـلاَّ زَعَمْتُـمْ بِـأنَّـا لاَ نُقَاتِلُكُـمْ

إِنَّا لأَمْثَالِكُـمْ ، يَـا قَوْمَنَـا ، قُتُـلُ

حَتَّى يَظَـلّ عَمِيـدُ القَـوْمِ مُتَّكِئـاً

يَدْفَعُ بالـرَّاحِ عَنْـهُ نِسـوَةٌ عُجُـلُ

أصَـابَـهُ هِنْـدُوَانـيٌّ ، فَأقْصَـدَهُ

أَوْ ذَابِلٌ مِنْ رِمَـاحِ الخَـطِّ مُعتَـدِلُ

قَدْ نَطْعنُ العَيـرَ فِي مَكنُـونِ فَائِلِـهِ

وَقَدْ يَشِيـطُ عَلَى أَرْمَاحِنَـا البَطَـلُ

هَلْ تَنْتَهُونَ ؟ وَلاَ يَنهَى ذَوِي شَطَـطٍ

كَالطَّعنِ يَذهَبُ فِيهِ الزَّيـتُ وَالفُتُـلُ

إِنِّي لَعَمْـرُ الَّذِي خَطَّـتْ مَنَاسِمُـهَا

لَـهُ وَسِيـقَ إِلَيْـهِ البَـاقِـرُ الغُيُـلُ

لَئِنْ قَتَلْتُمْ عَمِيـداً لَمْ يكُـنْ صَـدَداً

لَنَقْتُلَـنْ مِثْـلَـهُ مِنكُـمْ فنَمتَثِـلُ

لَئِنْ مُنِيتَ بِنَـا عَنْ غِـبّ مَعرَكَـةٍ

لَمْ تُلْفِنَـا مِنْ دِمَـاءِ القَـوْمِ نَنْتَفِـلُ

نَحنُ الفَوَارِسُ يَـوْمَ الحِنـوِ ضَاحِيَـةً

جَنْبَيْ ( فُطَيمَةَ ) لاَ مِيـلٌ وَلاَ عُـزُلُ

قَالُوا الرُّكُوبَ ! فَقُلنَـا تِلْكَ عَادَتُنَـا

أَوْ تَنْزِلُـونَ ، فَإِنَّـا مَعْشَـرٌ نُـزُلُ


.
[COLOR="Blue"]أحييك على المجهود .... تحياتي و تقديري
التعديل الأخير تم بواسطة بوبكر حداد ; 24-07-2008 الساعة 07:24 PM
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
ما المغزي من استبدال رئيس الحكومة برئيس الوزراء
النابغة الذبياني ومعلقته
ماهو المغزى لإبتسامة الطفل
زهير بن أبي سلمى ومعلقته
عمر و ابن كلثوم التغلبي ومعلقته
الساعة الآن 05:14 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى