جحيم نهر البارد ، علامات استفهام ؟
26-05-2007, 08:04 AM
﴿ جحيم نهر البارد ، علامات استفهام ﴾ ؟

يعيش لاجئو الشتات في مخيم نهر البارد شمال لبنان مأساة حقيقية أدت إلى سقوط ضحايا وجرحى ونزوح جماعي نحو المجهول هربا من الجحيم الذي صنعه الكبار تحت عنوان ( فتح الإسلام) ، الأيام المقبلة قد تحمل المزيد من التعقيد والسواد وقد تزداد معها معاناة اللاجئين داخل مخيم الأشباح وهذا بالنظر إلى ما يلي :
أولا: العزم الواضح لحكومة لبنان على حسم القضية عسكريا لا غير ومهما كان الثمن ، نستشف هذا من تصريح وزير الدفاع اللبناني" إلياس المر" لقناة العربية الذي جاء فيه أن فقدان 27 عسكري يتطلب على الأقل رؤوس 270 مسلح( بمعدل عشرة مسلحين لكل جندي قتيل) وأضاف: لن نرضى بأقل من ذلك ووضع أعضاء التنظيم بين خيارين إما الاستسلام أو الحسم العسكري .
ثانيا: تأكيد من يفترض أنه الناطق باسم فتح الإسلام " أبوسليم طه" بأن تنظيمه لن يكون الحلقة الأضعف في المعادلة اللبنانية ومستعدون للقتال إلى آخر قطرة دم ، بل هدد بفتح نار جهنم على لبنان وتوسيع دائرة النار إلى كل القطر اللبناني وبأساليب قتالية قد تفاجئ الجميع ثم تأكيد من يفترض أنه القائد العسكري للتنظيم "شهاب القدور" الملقب "أبو هريرة "على أن التفجيرات المتنقلة في الأشرفية والفردان وعالية لم تكن سوى البداية وحديثه عن ملاجئ وتحصينات داخل المخيم وكمية هائلة من الذخيرة تكفي للمواجهة مدة تسع أشهر مع فتح كافة الجبهات قائلا : ليس لدينا ما نخسره؟
رغم التعقيد والتداخل الشديدين إلا أن ما رشح إلى حد الآن من خلال وسائل الإعلام وكذلك تتبع كرونولوجيا ظاهرة فتح الإسلام منذ النشأة في نوفمبر 2006 إثر الانشقاق الشهير عن "فتح الانتفاضة" إلى غاية بداية الأزمة الحالية فجر الأحد الماضي يثير أمام المتابع لما يجري العديد من علامات الاستفهام الكبيرة جدا والأسئلة التي تبقى معلقة بدون أجوبة اللهم لدى "أمراء الظلام" في لبنان ودول الجوار الجغرافي ومنها على سبيل الذكر لا الحصر :
ما حقيق تصريح ضابط كبير في قوى الأمن اللبناني برتبة عميد يدعى "محمود ج" شقيق المرافق الشخصي السابق للرئيس المغتال " رفيق الحريري" من أن الزعيم المفترض لفتح الإسلام الفلسطيني الأردني " شاكر العبسي " صنيع المخابرات الأردنية ؟ احتضنه تيار المستقبل ورعاه بتنسيق مع الأمريكان والأردنيين وجهات سنية نافذة في لبنان بغية استعمال تنظيمه السني الجهادي كحاجز لفرملة التمدد الشيعي القادم من الجنوب ؟ لماذا تدخل سعد الحريري لإطلاق سراح الكثير من الموقوفين عن طريق العفو النيابي ودفع الكفالات ثم تبين أنهم من الأعضاء القياديين في التنظيم ؟ ما حقيقة ما كشف عنه " سيمور هيرش" من أن فتح الإسلام تنظيم (صنعته) جهات نافذة في الموالاة اللبنانية ودعمته ماليا دولة خليجية كبرى بالتنسيق بين "ديك تشيني" ومستشار الأمن القومي في تلك الدولة؟ كيف تحولت جماعة لا يتجاوز أفرادها ال15 فردا إلى تنظيم مهيكل منظم و مسلح بأسلحة ثقيلة وأجهزة اتصال وصواريخ بين عشية وضحاها ؟ كيف نقلت هذه الترسانة الهائلة أمام أعين الرقيب الذي ضبط مؤخرا شاحنة أسلحة موجهة لحزب الله وصادرها بما تحمل ؟ لماذا لم يحرك الأمن اللبناني ساكنا عندما كانت عناصر التنظيم تتوافد نهارا جهارا قادمة عبر الحدود من العراق ؟بل إن منهم من انتقل من صيدا ومن مطار بيروت مباشرة نحو مخيمات اللاجئين وخاصة مخيم برج البراجنة ؟ ما حقيقة ما أدلى به مؤسس التيار السلفي في لبنان " الشيخ داعي الإسلام الشهال " من أن تواصله مع هذا التنظيم كشف له أن السواد الأعظم من عناصره من جنسيات خليجية ويمنية وسورية وجزائرية وتونسية ومغربية ولبنانية وأن أحد أقطاب السنة هو من رعى ودعم وسلح الحركة الفتية قصد تدعيم الجبهة السنية في مواجهة التسونامي الشيعي خاصة بعد تداعيات حرب لبنان الأخيرة ؟ ما حقيقة انعدام التنسيق بين قوى الأمن الداخلي اللبناني وقيادة الجيش قبل عملية الاقتحام فجر الأحد الماضي ؟ أما كان الواجب أن يأخذ الجيش علما بحيث يكون على أهبة الاستعداد لردات الفعل التي كلفته خسائر فادحة في الأرواح على حين غرة ؟ هل بامكان هذا الجيش خوض حرب استنزاف داخل المخيمات بإمكانياته المتواضعة نسبيا ؟ وفي حالة عجزه من سيتبرع بتقديم العون العسكري ؟ ، أمريكا ، حلف الناتو أم ستلجأ الحكومة التي تعاني من المعارضة الشديدة إلى قوات "اليونيفيل" الدولية بتحريك ترسانتها نحو الشمال وبالتالي الانتشار على طول الحدود السورية – اللبنانية وهو ما تحلم به بعض الأطراف منذ مدة طويلة ؟ ثم لأي غرض يتدفق السلاح الأمريكي والعربي وملايين الدولارات على لبنان في هذا الوقت بالذات ؟لأجل سواد عيون " فؤاد السنيورة "أم لمآرب أخرى ؟ أسئلة كثيرة يبدو أن الإجابة الشافية عنها ستكشف الكثير من الأوراق التي لعبت تحت الطاولة .
نتمنى أن تجد الوساطات والحلول السياسية طريقها إلى النجاح ،كنا نتمنى أن يتصارع أمراء الظلام وجها لوجه دون أقنعة بدل أن يستخدموا شتات الشعب الفلسطيني الجريح المقاوم المنكوب كباش فداء ، تبيدهم آلة الإرهاب الصهيوني في غزة بدون شفقة صباح مساء وتدك بيوتهم المهترئة في مخيم نهر البارد تحت دوي مدافع ودبابات الأشقاء العرب وتلك إحدى مفارقات الواقع اللبناني المأزوم.

كتبه : جمـــاعي لخــضر / ولاية تندوف
[email protected]
التعديل الأخير تم بواسطة جماعي لخضر ; 28-05-2007 الساعة 06:23 PM سبب آخر: إضافة