'صفوة الصفوة' عبدالباري عطوان
13-01-2009, 08:11 PM
عبدالباري عطوان

"طفح كيل السيد اردوغان، وكشف عن معدنه الاسلامي الاصيل، عندما شن هجوما غير مسبوق على الدولة العبرية وقياداتها، واعلن دون تردد انحيازه الى اشقائه الذين تذبحهم آلة الدمار الاسرائيلية في قطاع غزة، وذّكر اليهود بأن الامبراطورية العثمانية الذي هو احد احفادها وفرت لهم الحماية عندما تعرضوا للقتل والاضطهاد، وقال انهم الآن يطحنون عظام الابرياء والاطفال ويديرون ظهورهم لكل ثقافات التعايش.
واكد امام اجتماع لحزبه ان ما يجري حاليا في قطاع غزة هو بقعة سوداء في تاريخ اليهود والانسانية عامة.
هذا الكلام الذي يصدر عن زعيم دولة تركية علمانية تريد الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، واقامة علاقات وثيقـــة مع الغــرب، لم يصـــدر عن اي زعيم عربي مـــن دول الاعتدال او الممانعة على حـــد سواء، لانهـــم ما زالوا يمسكون العصا من الوسط، ويخشون سطوة اللوبي الاسرائيلي والغضب الامريكي.
من المؤسف ان جميع الذين يتحركون حاليا لوقف المجازر الوحشية في حق اشقائنا واهلنا في قطاع غزة هم من غير العرب، وكأن هذه الامة غير موجودة على خريطة الفعل، لا بل الخريطة الانسانية،وكأن هذه 'المجازر الوحشية' على حد وصف السيد اردوغان، لا تعني القادة العرب ولا تحرك شعرة كرامة في رؤوسهم.
الزعماء العرب يستطيعون ان يفعلوا الكثير، لو ارادوا وقف هذا العدوان البشع والدموي. فالمملكة العربية السعودية هزت مصداقية اعظم قضاء مستقل في العالم، ومرّغت سمعته في الارض عندما هددت بوقف التنسيق الامني مع بريطانيا اذا لم توقف تحقيقاتها في عمولات ورشاوى صفقة اسلحة اليمامة ، المتورط فيها بعض ابناء الاسرة الحاكمة. اما الجماهيرية الليبية فقد اذلت سويسرا واوقفت النفط عنها، وهددت بسحب الارصدة من بنوكها اذا لم تتوقف الحكومة السويسرية عن مقاضاة احد ابناء الزعيم الليبي بتهمة الاعتداء على بعض الخدم العاملين لدى اسرته اثناء وجوده في سويسرا.

صور اشلاء الاطفال تحرك صخور جبال الهــملايا، ولكن يبدو ان قلوب الزعماء العرب اكثر صلابة، وتحصينا من اي تعاطف مع هؤلاء الضحايا واهاليهم.

باكستان فتحت حدودها للمهاجرين الافغان، طوال العقود الماضية، ويوجد على اراضيها ثلاثة ملايين منهم، والكونغو الفقيرة المعدمة استقبلت مليوني لاجئ، اما السودان، وقبل اكتشاف النفط، فقد استوعب اكثر من اربعة ملايين اريتري واثيوبي وأوغندي.
سورية استقبلت مليوني عراقي، والاردن مليونا ونصف المليون، فلماذا يغلق الرئيس مبارك الحدود بهذه الطريقة الوحشية امام الاطفال والمدنيين، ويتفرج في الوقت نفسه من منتجعه الفخم في شرم الشيخ على الطائرات والزوارق والدبابات الاسرائيلية وهي تطحن عظام الاطفال والنساء؟
هذه ليست مصر التي نعرفها !!!!!!!!!!!!!!

هؤلاء هم الذين طردوا الاسرائيليين مهزومين من قطاع غزة قبل خمس سنوات، وهم الذين سيجعلونهم يدفعون ثمنا غاليا في عودتهم الحالية.
انهم 'صفوة الصفوة' يحملون في دمائهم جينات امة عربية اسلامية عريقة، لا يترددون في التضحية، ويرفضون الردة."