تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى العام > نقاش حر

> محمد اركون . والده شارك في بناء مسجد سنة 1917باحدى قرى الغرب الجزائري.

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
خوجة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 12-01-2007
  • المشاركات : 488
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • خوجة is on a distinguished road
خوجة
عضو فعال
محمد اركون . والده شارك في بناء مسجد سنة 1917باحدى قرى الغرب الجزائري.
03-02-2007, 09:05 PM
السلام . محمد أركون يبحث في اخفاق الحداثة الفكرية
الفلسفة تبق العقل في حيوته فلنعد لها.


حث الكاتب الجزائري البارز محمد أركون على ضرورة الاهتمام بالفلسفة مشيرا الى أنه منذ وفاة الفيلسوف العربي ابن رشد عام 1198 ميلادية لم تعتن التيارات الفكرية الاسلامية بالفلسفة في حين كان لافكار ابن رشد تأثير واضح على الفكر الغربي. وأضاف مساء الاربعاء في محاضرة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب أن للفلسفة دورا مهما في الابقاء على العقل في حالة حيوية تدفعه الى الابداع قائلا ان الموقف الفلسفي هو موقف التساؤل عن صحة ما يقدمه العقل وان ما مر بالجزائر على سبيل المثال منذ حرب التحرير في منتصف الخمسينيات الى الان له علاقة بالفكر والفلسفة.
وأشار في المحاضرة التي حملت عنوان (سوسيولوجيا اخفاق الحداثة الفكرية في السياقات الاسلامية) الى أنه كان قريبا من تجربة بلاده بعد تحررها من الاستعمار الفرنسي حيث لم تحظ الثقافة بما يليق بها في بناء الدولة وترتب على ذلك "اخفاق سياسي... كان هناك خطأ أيديولوجي وانحرافات عن تاريخ الفكر الاسلامي."
ولاركون دراسات منها (الاسلام.. أصالة وممارسة) و(تاريخيات الفكر العربي الاسلامي) و(الفكر الاسلامي.. قراءة علمية) و(الاسلام.. نقد واجتهاد) و(العلمنة والدين) و(من الاجتهادات الى نقد العقل الاسلامي) و(من فصل التفرقة الى فصل المقال.. أين هو الفكر الاسلامي المعاصر) و(الاسلام. أوروبا. والغرب.. رهانات المعنى وارادات الهيمنة) و(الفكر الاصولي واستحالة التأصيل) و(من التفسير الموروث الى تحليل الخطاب الديني).
وعمل أركون أستاذا لتاريخ الفكر الاسلامي والفلسفة بجامعة السوربون التي حصل منها على درجة الدكتوراه في الفلسفة بين عامي 1968 و1991 كما كان أستاذا زائرا بجامعات ألمانية وأمريكية وايطالية وهولندية وبريطانية. وكرم في أكثر من محفل علمي كما نال جوائز اخرها جائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2003 من مؤسسة عربية بألمانيا.
وفي بداية المحاضرة قال أحمد زايد عميد كلية الاداب بجاعة القاهرة ان كتب أركون جعلت كثيرا من الباحثين العرب أكثر وعيا بتاريخهم حيث توصل الى نتائج منها "نفي مركزية أي حضارة... دافع عن الفهم الاستشراقي ذي الافق الضيق" للتاريخ والتراث العربيين. وقال أركون ان هناك ظاهرة تتكرر في المجتمعات حيث يتم قبول بعض المذاهب مقابل رفض أخرى مستشهدا باثنين من الفلاسفة العرب هما ابن حزم وهو أبرز ممثلي المذهب الظاهري في الفكر الاسلامي وهو مذهب يعتمد على الظاهر فقط مشيرا الى أن ابن حزم واجه صعابا لوجوده في الاندلس التي ساد فيها المذهب المالكي. وأضاف أن المثال الثاني هو ابن رشد الذي كان ينتمي الى عائلة عريقة "وأحاط بتاريخ الفلسفة وقدم لنا ما قدم من أعمال أثرت الفكر الفلسفي وكان قاضي القضاة ولم يشكك أحد في انتمائه للاسلام" قائلا ان الفقهاء غضبوا من اعتنائه بالفلسفة "التي كانت سبة في ذلك الوقت باعتبارها من العلوم الدخيلة." وأشار الى أن مؤلفات ابن رشد همشت في العالم الاسلامي في سياق "الصراعات بين العقل الديني والعقل الفلسفي" قائلا ان البيئة الاسلامية في ذلك الوقت أدت الى "اخفاق ابن رشد" لاسباب منها الخوف من طرح الاسئلة في حين نجحت مؤلفات ابن رشد "في البيئة المسيحية الغربية لانهم يقيمون أهمية للعقل."
وقال أركون ان احتكار السلطة السياسية لا يختلف كثيرا عن احتكار السلطة الفكرية التي تغلق الابواب أمام المختلف عن توجهات أصحابها مشيرا الى أن "أهل السنة والجماعة" وصفوا الشيعة بأنهم "الروافض أي الذين يرفضون أهل السنة" كما وصف الشيعة أنفسهم بأنهم "أهل العصمة والعدالة". وأضاف أن الخوارج اضطهدوا في زمن معاوية بن أبي سفيان مؤسس الدولة الاموية في القرن السابع الميلادي "اضطهادا مبنيا على العصبية القبيلة." وعلق قائلا ان كل فرقة أو طائفة من المسلمين الان تعيش على تاريخ يقصي الفرق ويستثني منها فرقة واصفا ذلك بأنه من تجليات "سوسيولوجيا الاخفاق". وأشار الى أنه منذ ستة قرون والعلوم الاسلامية متوقفة عن النقد والاعتراف بالتعددية.
وقال انها "ستة قرون من انغلاق الابوب والنوافذ" مشيرا الى تجربة مع تلاميذه الذين جمعوا خطبا لخطباء مساجد في فرنسا وهولندا وبلجيكا وقاموا بتحليل مضمونها "وما تؤدي اليه من تصورات مخيالية للاسلام" قائلا ان كثيرا منها ينطلق من بناء أيديولوجي وليس تصورا نقديا. وعلق أستاذ الادب العربي بجامعة القاهرة سيد البحراوي قائلا ان "المشكلة تنبع من التبعية الذهنية حيث لازال الذهن العربي الحديث غير قادر على التفكير ولهذا يلجأ الى حل جاهز من النموذج الاوروبي أو الاسلاموي."
  • ملف العضو
  • معلومات
إلياس
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 03-01-2007
  • المشاركات : 259
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • إلياس is on a distinguished road
إلياس
عضو فعال
رد: محمد اركون . والده شارك في بناء مسجد سنة 1917باحدى قرى الغرب الجزائري.
03-02-2007, 11:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم

محمد أركون علماني يختبئ وراء النقد و الفلسفة لتمرير أفكاره الغربية المستوردة و محاولة إدخالها في مجتمعاتنا الإسلامية التي ترفضها شكلا و مضمونا. هذا الأستاذ الجامعي كان المسلم الوحيد الذي شارك في اللجنة الفرنسية التي منعت الحجاب بحجة حماية العلمانية و بدل أن يتكلم عن العقل و الفلسفة ليفكر أولا في مصير المسلمات اللواتي منعن من الدراسة رغم أنهن فرنسيات لهن ما لجميع المواطنين الفرنسيين من الحقوق و الواجبات. هؤلاء المتواطؤن مع الغرب تكلم عنهم المؤرخ الإنجليزي أرنولد توينبي في كتبه حيث اعتبر أن العالم الإسلامي لن يركع أبدا بالقوة و السلاح و إنما بإغراء بعض المسلمين و تكوينهم فكريا و علميا لتمرير الأفكار الغربية بواسطتهم حتى تسهل السيطرة على المجتمعات الإسلامية.
العلمانية أكل عليها الدهر و شرب و العبرة في معظم الأنظمة العربية الفاشلة طولا و عرضا و التي ليست إلا أنظمة علمانية تستغل الدين لأغراض دنيئة. العلمانية مثلها مثل الصوفية الهدامة داء ينخر جسد الأمة الإسلامية و ليست إلا مطية و وسيلة من بين الوسائل المستعملة ضمن الخطة التي عرضها توينبي و هي تهدف في آخر المطاف إلى إبعاد الإسلام عن الحياة لتسهيل السيطرة على المسلمين و ثرواتهم دون أدنى مقاومة أو رفض.
و الصلاة على من اتبع الهدى
  • ملف العضو
  • معلومات
خوجة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 12-01-2007
  • المشاركات : 488
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • خوجة is on a distinguished road
خوجة
عضو فعال
رد: محمد اركون . والده شارك في بناء مسجد سنة 1917باحدى قرى الغرب الجزائري.
04-02-2007, 10:50 PM
السلام -- يا الياس .. محمد اركون علماني حسب رأيك ... و انت يا الياس من تكون؟ المرة المقبلة سأعطيك قراءات عن العلمانية و المسلمين لكي تعرف أكثر دينك وكدا عصرك ...لأن يا الياس عدو الانسان ليس في السماء و انما هو في الأرض ينخر حقه .... و أعلم بأن أركون محمد ابن الوناس لم يختبىء من أي موقف ....و أظن ان المختبئين هم المغرر بهم و المرتزقة.... الى الموضوع المقبل .. الاسلام السياسي الجهل و التطرف..
  • ملف العضو
  • معلومات
إلياس
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 03-01-2007
  • المشاركات : 259
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • إلياس is on a distinguished road
إلياس
عضو فعال
رد: محمد اركون . والده شارك في بناء مسجد سنة 1917باحدى قرى الغرب الجزائري.
04-02-2007, 11:48 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خوجة مشاهدة المشاركة
السلام -- يا الياس .. محمد اركون علماني حسب رأيك ... و انت يا الياس من تكون؟ المرة المقبلة سأعطيك قراءات عن العلمانية و المسلمين لكي تعرف أكثر دينك وكدا عصرك ...لأن يا الياس عدو الانسان ليس في السماء و انما هو في الأرض ينخر حقه .... و أعلم بأن أركون محمد ابن الوناس لم يختبىء من أي موقف ....و أظن ان المختبئين هم المغرر بهم و المرتزقة.... الى الموضوع المقبل .. الاسلام السياسي الجهل و التطرف..
محمد أركون يدعو لتطبيق العلمانية و يدافع عنها أكثر من الفرنسيين أنفسهم و هو يعلن ذلك صراحة و قد دافع عن القانون الذي فرضته فرنسا ظلما على المسلمات و كان عضوا في اللجنة التي سنت القانون فكيف تتكلم عن شخص لا تعرف حتى من يكون؟ أما من أكون أنا فهذا لا يهمك و أنصحك ألا تنساق انسياقا أعمى وراء ما تطالعه من كتب لأنك تعيد نفس الأسطوانة في كل المنتديات و لست قادرا حتى على تركيب جملة مفيدة واحدة
  • ملف العضو
  • معلومات
خوجة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 12-01-2007
  • المشاركات : 488
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • خوجة is on a distinguished road
خوجة
عضو فعال
رد: محمد اركون . والده شارك في بناء مسجد سنة 1917باحدى قرى الغرب الجزائري.
07-02-2007, 06:23 AM
أطلق المفكر الجزائري الكبير محمد أركون صرخة مدوية الأربعاء الفارط من القاهرة، محذرا من غياب العقل في الثقافة الاسلامية الظاهرة التي تستمر منذ وفاة ابن رشد سنة 1198 وأجاب على ما يحدث أو بالأحرى ما لا يحدث في الوضع الراهن باسقاطات من عهد ابن رشد الذي لم يجد تقبلا في محيطه الثقافي الاسلامي في الوقت الذي استفاد منه الغرب المسيحي الذي كان يملك قنوات تلقي خطابه العقلاني.وانتقد أركون غياب الفلسفة في العالم الاسلامي الذي يعني عدم الابقاء على العقل في حالة حيوية تدفعه إلى الإبداع مؤكدا ان "الموقف الفلسفي هو موقف التساؤل عن صحة ما يقدمه العقل".
وفي تشخيص لوضع الجزائر قال المفكر أن ما يحدث منذ الثورة التحريرية في خمسينيات القرن الماضي إلى اليوم له علاقة بالفكر والفلسفة ، مشيرا إلى انه كان قريبا من بلاده بعد الاستقلال ولا حظ بان الثقافة لم تحظ بما يليق بها في بناء الدولة وترتب على ذلك " اخفاق سياسي" إلى جانب " خطأ إيديولوجي وانحرافات عن تاريخ الفكر الاسلامي" وتتقاطع محاضرة أركون مع تشخيصات سابقة قدمها عن الوضع في الجزائر، حيث أكد أكثر من مرة أنه كان مؤمنا بإيديولوجيا الكفاح حين كان في جامعة الجزائر منتصف الخمسينيات، إلا أنه كان يريد إرفاق هذه الإيديولوجيا بأسئلة عن بناء الأمة وهو ما لم يحدث وانجر عنه ما انجر.
واستعاد أركون في ذات المحاضرة محنة ابن رشد كما في الكثير من مؤلفاته وكأنه يسقط المحنة على نفسه هو الذي كفر في الازمنة الحديثة، وشبه بالمستشرقين بل أن الكثير من هواة النقد اعتبروه سفيرا للمستشرقين لكنه وكما سلفه الصالح ابن رشد وجد التقبل في الغرب المسيحي لأن هذا الغرب ببساطة يتوفر على أجهزة تلقي المنتوج العقلي وقال أن ابن رشد رغم انتمائه إلى عائلة كبيرة وشغله لمنصب قاضي القضاة ، إلا أنه نبذ بمجرد ما انصرف إلى الفلسفة التي "كانت سبة في ذلك الوقت باعتبارها من العلوم الدخيلة" لتهمش مؤلفات الرجل في العالم الاسلامي في سياق الصراع بين العقل الديني والعقل الفلسفي. وشبه أركون احتكار السلطة الفكرية التي تغلق الأبواب امام المختلف من التوجهات، باحتكار السلطة السياسية. والنتيجة توقف العلوم الاسلامية عن النقد والاعتراف بالتعددية طيلة ستة قرون من الإنغلاق. وحتى المسلمين الذين يحتكون بالغرب يظلون أسرى الايديولوجية المنغلقة على نفسها واعطى أركون مثالا ببحوث كلف طلبته بها وتتمثل في تحليل محتوى خطباء المساجد بأوروبا وكشف التحليل أن أغلب الخطب تنطلق من تصور ايديولوجي وليس تصورا نقديا. هذه الوضعية مشفوعة بثقافة الإقصاء انجبت ما اطلق عليه أركون في تسمية بديعة "سوسيولوجيا الإخفاق" . ويجب التنويه هنا أن تغطية المحاضرة التي اعتمدنا عليها في هذه القراءة وردت في برقية لوكالة رويترز للانباء وبالتالي فإنها لا تحيط بمقولات المفكر الكبير الذي يتعاطى مصطلحات دقيقة، لكنها على أية حال تحيل إلى انشغال أساسي دأب عليه هذا الفتى البربري الواقف في معبد المعرفة منذ نصف قرن، والذي واجه عاصفة من الانتقادات في العالم الاسلامي لانه استخدم ادوات حديثة لإعادة قراءة التاريخ الاسلامي بعيدا عما يسميه بالتخيلات الاجتماعية.. فلم يتقبل بعض المتكلمة دراساته الهامة التي أسماها "الإسلاميات التطبيقية" وتتمثل في إعمال المناهج العلمية في التاريخ الاسلامي ولعل أهم ما سوقه خصومه هو دراسته للقرآن كنص بل ومن النقد الشائع عنه مقولة أسطرته للقرآن، ورد على ذلك بقوله بان منتقديه لم يحسنوا الترجمة وأخلطوا بين مصطلح القص (نحن نقص عليك أحسن القصص) ومصطلح أسطورة. وفي حوار هام مع الباحث اللبناني سليمان بختي أكد المفكر الجزائري ان الالتباس الحاصل في الفهم هو الذي جعله يهرب من الكتابة بالعربية فالناس في هذه اللغة " يفهمون القول بغير قصده ويكتبون أشياء ضد ما تقصده فيما قصدك أنت تحرير العقول وتحطيم الأغلال " و أضاف بأنه يتألم من هكذا وضع إلى حد اليأس. وذلك ما جعله يلجأ إلى الكتابة بالانجليزية قصد مخاطبة مسلمي آسيا من هنود واخوتهم!
ويدافع أركون في ذات الحوار عن استخدامه أدوات الانتربولوجيا الحديثة وانتربولوجيا الثقافات والأديان، بقوله بأن هذه الأدوات تفتح الآفاق وتحررنا ولا تفسد شيئا في العقائد بل تقويها وتضعها في مرتبة أعلى من التي يتم التخبط فيها مع الايديولوجيات. ويشدد من جهة اخرى بان مجتمعات ما بعد الاستقلال تعاطت مع التراث بممارسة ميثولوجية إيديولوجية. ويرى أن مرحلة ما بعد الاستقلال انتجت بلبلة وعراقيل معرفية، وفي تشخيصاته المختلفة ينتقد نظام التعليم في الوطن الذي عزل أجيالا عن المعارف الحديثة.
صاحب نظرية "الأنسنة" وهي مقولة ترفض أطروحة وجود حضارات مركزية وتؤمن بشمولية الحضارة الانسانية أصبح يدعو في مختلف مقالاته ومحاضراته التي ضمنها في كتب إلى إدخال الاسلام في الحداثة ورافع في مقالة مثيرة له عن ضرورة تزويج مفهومي الإسلام والحداثة وإعادة العمل على المفهومين للخروج من الغموض الراهن الذي يغذي المجادلات العقيمة التي تجعل المفهومين في موقع تعارض ولهذا الغرض يقترح تجنيد مختلف المعارف لتحليل وتفكيك رهانات الثقافة والحضارة للوصول إلى ما يسميه " تاريخ الزمن الراهن" وتجاوز احقاد العصور الوسطى التي فجرتها الحرب العالمية الثانية والتي جعلت الجماعات الدينية تلجأ إلى كهوفها وترى كل منها أنها مصطفاة من طرف الله وأن الحق والحقيقة إلى جانبها، هذا الإعتقاد لازال ساريا إلى اليوم وهو الذي انجب مفهوم "الحروب العادلة" وهي حروب تتغذى على الفوارق الدينية والرمزية وما يحدث في العراق اليوم خير مثال على ذلك وهو موضوعة كتاب " من مانهاتن إلى بغداد" عاصمة الحضارة الاسلامية
المنكوبة. الحدث الابرز بعد أحداث 11سبتمبر التي يرى أركون أنها
"النتيجة الأكثر مأساوية للاخفاقات المتتالية لأنظمة ما بعد الاستعمار".
ويرى في مقاربته هذه أن النتائج المأساوية كانت نتيجة وبدرجات مختلفة لاهمال الشعوب من طرف ما يسمى بالنخب ( ما يسمى بالنخب وليس النخب) وقال أن كل أنظمة مابعد الكولونيالية تسببت في مآس جماعية مبرمجة سياسيا بتواطؤ قوى غربية، وأن الإخفاقات بدأت مباشرة بعد الاستقلال حيث فرضت أنظمة بوليسية وعسكرية نفسها.. ويفسر أركون عجز البلدان الإسلامية في الدخول إلى حظيرة الديموقراطية بافتقادها إلى أنموذج تتكئ عليه منذ القضاء على نظام الخلافة الاسلامية سنة 1258 بدخول المغول إلى بغداد وسقوط النظام العثماني الذي ورثه و كون ما يشبه القوة السياسية وكان على دول ما بعد الاستعمار ان تختار بين النموذج الثوري السوفييتي والتقاليد اليعقوبية الامريكية والاوروبية، ويرى ان الديموقراطية الاسلامية، شرط عدم إقصاء العقل والفكر النقدي والثقافة الخلاقة.
هذه المقولات الأركونية تبدو وصفة لراهن عربي وإسلامي يتأبى على التطور ويسرف في انتاج العراقيل والعوائق. والسؤال الآن هو هل أصغينا إلى صوت هذا المثقف الكوني المصر على جزائريته. الجواب يبدو غبيا كالعادة ، لأن المناهج التربوية التي انتقدها الرجل لا زالت تجود على الامة بكائنات معطوبة لا تملك أدوات رؤية العالم فما بالك بتفكيكه او تقبل المعارف الراهنة الضرورية ؛ حتما؛ من أجل البقاء.
  • ملف العضو
  • معلومات
خوجة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 12-01-2007
  • المشاركات : 488
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • خوجة is on a distinguished road
خوجة
عضو فعال
رد: محمد اركون . والده شارك في بناء مسجد سنة 1917باحدى قرى الغرب الجزائري.
09-02-2007, 01:47 PM
كتاب سؤال الهوية ( الى الياس ) شريف يونس المقدمة مأزق التنوير بين السلطة والأصولية الإسلامية تحليل عام. آن الأوان لإلقاء نظرة فاحصة على تلك الظاهرة التى نشطت فى السنوات الأخيرة والتى أسمت نفسها "التنوير" أو "التنوير الجديد" . وليس ذلك لمحض مرور وقت كاف على نشاطها العلنى، أو العلو الملموس لصوتها فى منابر حكومية وغير حكومية فحسب ، ولكن للكشف عن جذور التدهور الخطير الذى صحب الظاهرة منذ البداية ذاتها ، والذى ترافق مع علو صوتها . ذلك أن التنوير الجديد فى مصر ، الذى بدأ محتجا على التحالف غير المعلن بين السلطة فى عصر السادات وبين الإسلام السياسى والأصولية الإسلامية عموما، كشف فى مجريات الصراع عن طاقة محدودة للغاية ، سواء لمواجهة النظام وإنجاز تنوير حقيقى ، أو مواجهة الأصولية الإسلامية .. ومحصلة جهوده ، والتى تعبر تماما عن طابعه ، هى الوثوب على الفجوة التى قامت بين الأصولية والسلطة مع احتدام الصراع بينهما ، والارتماء فى حضن السلطة لترفع عنهم خطر شيطان الأصولية الرجيم ، بمقابل غير معلن ، هو التحرك فى إطار خطة النظام ، التى هى ليست بخطة تنويرية بأى حال من الأحوال . وهكذا فإن جهود السادة أقطاب التنوير المعاصر أصبحت تدور حول محورين أساسيين : رفع راية الوطنية فى مواجهة راية الأصولية ، بل وتقديم هذا التفسير (غير الفقهى) بوصفه "التفسير الصحيح" للإسلام فى مشهد غريب لا يقنع أحدا . وجمعا بين المحورين فقد اجتمع السادة مثقفو التنوير ووقعوا بيانا يندد بمحاولة اغتيال الأديب الكبير نجيب محفوظ ، دمغ المتورطين فى المحاولة بأنهم "أعداء الأديان والأوطان" . وتأكيدا على هذا التوجه الأيديولوجى حرص البيان على الإشارة إلى الإسلام السياسى الراديكالى باسم "الإرهاب المتستر بالدين" . وبمعنى أوضح ، فقد تطوع هؤلاء السادة فى مشهد كوميدى عجيب بتعيين أنفسهم فقهاء للإسلام ، يقدمون "تفسيرا صحيحا" . أما العلمانية ، جوهر التنوير ، فقد تاهت فى الزحام ، وما لها من ولى ولا نصير !! والعلمانية ، حتى لا ننسى ، هى ذلك المبدأ الذى ينادى بفصل الدين عن الدولة وعن التعليم العام ، وتحويل الدين ، كل دين ، إلى شأن خاص بالفرد ، وكفالة حرية العقيدة ، بمعنى حق الأفراد فى تغيير عقائدهم كيفما شاءوا ، دون اعتبار ذلك إخلالا بالنظام العام ، ومن ثم رفض ادعاءات أتباع أى دين أو ملة بأن من حقهم فرض تصوراتهم الخاصة على المجتمع . وهى مطالب لا يستقيم طرحها دون طرح أساسها الفكرى ، الذى ينطلق من رؤية إنسانية غير لاهوتية للعالم ، تحرر الفرد من الخضوع للقهر باسم الغيبى والمطلق والمقدس ، وتأكيد مسئولية الإنسان عن عالمه ونظامه الاجتماعى - بأوسع معنى للكلمة - وبالتالى رفض الأصوليات الدينية على اختلافها . وأخيرا فإن العلمانية ترى فى هذه المطالب أو تلك الأسس الفكرية لا مجرد مبادئ صحيحة فى حد ذاتها ، بل ترى فيها شروطا ضرورية للتقدم التاريخى ، وتحرير البشر من أشكال القهر والوصاية الفكرية ، وتمكينهم من بناء عالمهم بحرية ، ومن التحقق والازدهار . وفى ظل النظام العلمانى ، لا يجوز للدولة أن تستند إلى مرجعية دينية من أى نوع ، ولا يجوز لها أن تحجر النقاش الحر حول الأديان والعقائد ، بل وتحمى حق نقدها . وفى إطار واقعنا المعاصر فإن المسألة الجوهرية هى مطلب تحرير الفكر والممارسات السياسية والاجتماعية من الأديان ، أى من التقيد بأى مرجعية دينية. والحال أن التنوير المصرى المعاصر أصبح شاغله الأساسى هو بالذات التهرب من هذه المسألة .. بل يبدو أنه قد نسيها أصلا !! ولا أدل على ذلك من أن التنوير المعاصر ، وهو يذود عن فرج فودة أو نصر حامد أبو زيد أو نجيب محفوظ لدى تعرضهم للإرهاب - المسلح وغير المسلح - من جانب الأصوليين ، فشل فى الدفاع عن حريتهم المطلقة فى التعبير ، وجنح بالمقابل إلى الدفاع عن صحة إسلامهم ، الأمر الذى يعنى التسليم الضمنى بحق الأصوليين فى قتل المرتدين عن الإسلام (ذلك طبعا لأن الكفر بالمسيحية أو أى دين آخر لا عقاب عليه أصلا ، بل يثاب المرء عليه فى الدنيا، وربما فى الآخرة أيضا!) ، وهو ما لا يساوى فحسب التنصل من مبدأ حرية العقيدة ، والعلمانية ، ولكنه يعنى أيضا انعدام القدرة على الدفاع عن حرية الفكر ، التى هى أولى الحريات اللصيقة بأشخاص التنويريين ، ناهيك إذن عن الحريات الأعم ، أو مطلب التنوير الأيديولوجى الحقيقى على نحو ما سنرى . وإزاء هزال التنوير المعاصر فقد رأت هيئة الكتاب أن تستدعى الموتى - كُتاب التنوير القدامى - لينوبوا عن الأحياء فى مواجهة الأصولية ، فأصدرت سلسلة "المواجهة" بين الأحياء والأموات ! وحتى فى هذه الحدود فقد رأت أن تحذف من نصوص الموتى التنويرية ما يتخطى قدرتها هى على "المواجهة" . وبصرف النظر عن الطبيعة المراوغة لنصوص التنوير القديمة نفسها فإن التنوير ليس معركة نصوص وإنما معركة سياسية - اجتماعية - أيديولوجية حية ، والأصولية لا تستمد قوتها من إعادة طبع ابن كثير وإنما من أعمال مفكريها الأحياء الذين يطرحون إجابات أصولية على قضايا الواقع المعاصر ، وفى إطار هذا الطرح تأتى استعادة أفكار ابن كثير أو غيره . والحال أن العلمانية المعاصرة تتجنب بالذات الاشتباك مع جوهر الطرح الأصولى ، سواء فى كتابات حسن البنا أو سيد قطب أو الغزالى أو غيره من المشايخ ، اللهم إلا ما يمكن تصيده من عباراتهم مما يصدم الرأى العام ، سواء أكان يصدم بديهيات الإسلام الشعبى ، كالتكفير ، أو الأفكار الوطنية . أما جوهر مفهوم العلمانية، كما أوضحناه ، فلا يجرى الدفاع عنه إلا بشكل ملتوٍ ، وفى أقصى الحالات ، حالة الدكتور فؤاد زكريا ، عن طريق محاولة إيضاح تناقضات كامنة فى فكرة الحاكمية . وسوف تكشف هذه الحالة بالذات كيف أن هذا "اللف والدوران" ليس من شأنه أن يجنبنا الاصطدام بحائط الحاكمية . فردا على طرح الدكتور فؤاد زكريا فى ندوة قديمة بعنوان "الإسلام والعلمانية" ، ومؤداه أنه لا مفر من أولوية العقل على النص ، حيث أن حكم الإسلام لا يخرج عن كونه حكما بشريا مبنيا على تأويل للنص ، أوضح القرضاوى وآخرون أن هذا لا يمنع من أن الحكم البشرى استرشادا بالنص الإلهى يظل أفضل من الحكم بغير هذا الاسترشاد ، وأن الإسلام يأمر بهذا الاسترشاد ، وهو أمر صادر ممن هو أعلم بالبشر ، وأن القدرة على التأويل ليست مطلقة وإنما لها حدود يعرفها "أولو العلم" . وفضلا عن ذلك ، فإن القول بمطاطية مطلقة فى تأويل النصوص من شأنه أن يجرد المطلب العلمانى ذاته من أى معنى ، فإذا كان التأويل مطلق القدرة، فهذا يعنى الهبوط بالنص الأصلى إلى مرحلة العدم . والحال أنه ما من عاقل يطالب بتنحية حكم العدم . وحقيقة الأمر أن الطرح العلمانى إنما يريد أن يتخلص من حاكمية النص عن وعى وإدراك كاملين بمخاطر محتواه ، وهو محتوى تشكل تاريخيا عن طريق الفقه . فالإسلام فى تفسيراته السنية والشيعية والخارجية على حد سواء دين ودولة . والأصولية بمعنى إخضاع مجمل الكيان الاجتماعى لأحكام فقهية أمر يلقى اتفاقا يمتد من الأزهر وحتى "التكفير والهجرة" . ومع اعتقادى بأن الخلافات بين مختلف اتجاهات التيار الأصولى هى اختلافات وصراعات حقيقية وليست صورية ، فإن هذه الاتجاهات تشترك فى تبنى قيم معينة تقوم على إهدار الحريات والفردية والمواطنة ، وتنطلق من نظرة سلطوية نخبوية للمجتمع ترمى إلى إخضاعه لرؤيتها التى تعتبر الإسلام فى المقام الأول مبدأً شاملا لتنظيم كل مناحى الحياة الاجتماعية يتعين فرضه فرضا ، بالإضافة إلى بث روح الوسواس القهرى عن طريق الحث على الخوف المتواصل مما يسمى المعاصى ، والترويج لأداء عبادات وآداب لا تنتهى ، تحكم كل تفاصيل الحياة ، بدءا من دخول دورة المياه والسلوك داخلها ، فضلا عن الروح التجارية المنفعية التى تقوم على تنمية غرائز الخوف والطمع فى علاقة الإنسان بربه ، وامتدادها لعلاقته بأقرانه من البشر . ذلك كله بالإضافة إلى المحتوى التفصيلى للتفسير السائد الذى يعادى حرية المرأة ويؤيد النظام الطبقى للمجتمع والاستبداد السياسى والفكرى . وبالطبع فإن ثمة حسنات، مثل رفض النزعة العنصرية ، وعديد من التوجهات الأخلاقية الخيرة ذات الطابع الإنسانى . غير أن الفصل بين هذه المجموعات من المحتويات والسمات لا يمكن أن يتم عن طريق الانتقائية ، وإنما يتطلب أصلا رفضا صريحا للمبدأ الجوهرى للأصولية ، وهو حاكمية النص ، بوصفه فى حد ذاته إخلالا بقيم الحرية والفردية والمواطنة والنزعة الإنسانية عموما ، ثم الانتقاء من القيم المطروحة على الأساس الراسخ لمبدأ العلمانية . ومن هذا المنطلق فإن على العلمانيين أن يشجعوا محاولات تقديم تفسير ليبرالى للإسلام ، على نمط جهود هبة رءوف أو أحمد صبحى منصور ، على أساس أن هذه الاجتهادات إنما تنطلق من ، وتعبر عن ، الاتجاه العام للتطور التاريخى وتستجيب لمطالب أساسية دشنتها التطورات الاقتصادية متمثلة أساسا فى سيادة نمط الإنتاج الرأسمالى ، والسياسية متمثلة فى الشعارات الجبارة للثورة الفرنسية : الحرية والإخاء والمساواة ، والأيديولوجية متمثلة فى فكر التنوير العقلانى . ومع ذلك ، فهذه الاتجاهات تظل مقيدة بمبدأ حاكمية النص ، وتظل بالتالى مجرد تفسير غير سائد للأسف . ومن منطلق علمانى فإن تأييد مثل هذه التفسيرات إنما يجب أن يقوم على أساس تأييد محتواها التحررى ، وليس بالقول بأنها تمثل "التفسير الصحيح" للإسلام . وبمعنى آخر ينبغى أننميز تمييزا واضحا بين الإصلاح الدينى والتنوير . إن معركة الإصلاح الدينى إنما تدور حول تطهير الإسلام مما يعتبره المصلحون شوائب تهدد جوهر فهمهم للدين ، فى حين أن العلمانية تنطلق فى هذا الصدد من مبدأ حرية العقيدة بصفة عامة ، ولا شأن لها بمشكلة "التفسير الصحيح" .
  • ملف العضو
  • معلومات
خوجة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 12-01-2007
  • المشاركات : 488
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • خوجة is on a distinguished road
خوجة
عضو فعال
رد: محمد اركون . والده شارك في بناء مسجد سنة 1917باحدى قرى الغرب الجزائري.
10-02-2007, 06:07 PM
- الى الياس 02- - بالإضافة إلى ذلك ، فمن المفهوم أن ظهور التفسير الليبرالى لعقيدة ما لا ينشأ من محض أذهان المفكرين ، وإنما يظهر كاستجابة لاحتياجات أساسية يفرضها التطور الاجتماعى العام ، وبصفة خاصة تطور الأيديولوجيا . ومن هنا فإن انتشار هذا التفسير الليبرالى إنما يتطلب لدفعه وجود ممارسة فعلية لحرية العقيدة ، وممارسة واقعية لحق نقد الدين . ومن جهة أخرى فإن حرية العقيدة تعد شرطا ضروريا لسيادة نمط الإيمان القلبى أو الوجدانى ، أى الإرادى الفردى ، لا الإيمان السياسى ، أى الإسلام كحاكمية ، كنظام اجتماعى وسياسى وثقافى مفروض فرضا ، تحميه سلطة الدولة ، وبالتالى الإيمان المنافق ، وعموما مجتمع النفاق الذى نعيش فيه .
أما الممارسة المنافقة للعلمانية الحالية ، فليس من شأنها سوى تأكيد موقفها الدفاعى ، دون أمل فى الخروج منه ، وتدعيم المبدأ الأصولى بالالتفاف الدائم حوله وعدم مواجهته ، فضلا عن اضطرارها للتراجع المستمر كلما تعرضت لابتزازات الأصولية ، التى تثير من حين إلى آخر مسألة تكفير حتى هذه العلمانية المحافظة انطلاقا من مبدأ الحاكمية .

وأحب أن أوضح هنا أن هذا المنطق البسيط الذى عرضت به الموضوع ليس اختراعا جديدا ولا فكرة عبقرية .. ونقاط ضعف التنوير وما يُخفيه خلف شعارات الوطنية والتسامح الدينى ليست اكتشافا . فما فعلت سوى أن كشفت عن المسكوت عنه ، عن "السر" الذى يعرفه الجميع ، أصدقاء وأعداء ، والذى يعرف كل مهتم أن الجميع يعرفونه أيضا !! ومع ذلك يظل "سرا" لا يجوز الإفصاح عنه علنا .
مثل هذا الكتمان ، خصوصا من جانب العلمانيين أنفسهم ، يتطلب تفسيرا . وبداية فنحن نستبعد الاتهام بالجبن الشخصى تفسيرا للمسألة . فعدد لا بأس به من "أعيان" مفكرى التنوير قد أثبت فى مواقف أخرى قدرته على التمسك بمبدأ ما فى مواجهة سجون ومعتقلات وتعذيب أو خنق لحركتهم أدى ببعضهم إلى المنفى "الاختيارى" لسنوات . وبدلا من هذا التفسير البسيط سوف نطرح تشريحا لبنية العلمانية المصرية المعاصرة على مستويات ثلاثة ، تفسر فى ذات الوقت ظاهرة استخفاء التنوير التى تناولنا معالمها .
والمستوى الأول هو أن الطرح العلمانى يحاول بقدر الإمكان أن يقصر نفسه على المستوى السياسى . فهو يرى أن معركته ليست مع الأصولية إلا بقدر ما تشكل أساسا نظريا للإسلام السياسى .. وهكذا يطرح التنوير نفسه ، كما يعرف الجميع ، فى مواجهة الإسلام السياسى بالذات . ومن هذا المنطلق يهتم التنوير السائد بصفة أساسية بما يمكن أن نسميه التشهير السياسى ، وينظم نفسه فى تظاهرات ثقافية كرد فعل على أعمال القمع المسلحة التى يمارسها تيار الإسلام السياسى . ومن الطبيعى أن تؤدى هذه الممارسة الفكرية إلى قصر المواجهة أكثر فأكثر على مسألة الإرهاب وأساسها الفقهى : التكفير .
بالإضافة إلى ذلك يدافع العلمانيون من حين إلى آخر عن قضايا مثل حرية المرأة أو العدالة الاجتماعية أو الديمقراطية أو حقوق الأقلية المسيحية ، ولكن بغير مواجهة مباشرة غالبا للطرح الأصولى تجاه هذه القضايا ، وبغير رفض صريح لسلطة النص أو لمبدأ إسلامية الدولة والمجتمع . وبمعنى أوضح ، استبعاد الأساس الأيديولوجى الضرورى لمثل هذا الطرح إذا أريد له حقا أن يواجه أيديولوجية الحاكمية .
وتكمن ضرورة طرح هذا الأساس الأيديولوجى فى حقيقة أن الأصولية تعد فى المحل الأول أيديولوجية متكاملة ، أو موقف من العالم ، قبل أن تكون مجموعة من الشعارات السياسية ، والمفهوم المحورى بالأدق ، فى هذه الأيديولوجية هو الحاكمية ، الذى يتحدد بمبدأ الطاعة ، الخضوع للنص ، أو تأويلاته المحددة بالأدق، والذى يؤكد نفسه كبديهية عبر سلسلة أوامر تفصيلية لتنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأيديولوجية تطرح نفسها باعتبارها تفسيرا مطابقا للنص ذاته . ويتكامل هذا الطرح كأيديولوجية عبر تجسيده فى تفسر للتاريخ ، أو بالأدق كتابات أيديولوجية فى التاريخ تحدد مواقف من السلطنة العثمانية أو أتاتورك أو الناصرية ، فضلا عن التاريخ الأوربى ، بالإضافة إلى الطرح الديماجوجى فى أوساط المثقفين لما يسمى "أسلمة العلوم" الإنسانية ، بل والطبيعية أيضا ! وأخيرا يكتمل هذا الطرح فى كتابات مباشرة عديدة تدافع عن مبدأ الحاكمية بحد ذاته ، لعل أشهرها كتابات سيد قطب ، تتميز عن الطرح العلمانى فى أنها تضع نفسها مباشرة فى مواجهة صريحة مع العلمانية ورموزها ، فضلا عن رأس حربتها داخل العلمانية ، ممثلا فى "الأصوليين الجدد"، الذين يطرحون مبدأ الحاكمية من زاوية ارتباطه بالثقافة السائدة للجمهور ، وبرصفه ، بناء على ذلك طوق نجاة دنيوى للشعوب العربية المقهورة .
وبالمقابل فإن الطرح شبه العلمانى لمبدأ التسامح الدينى ، أو التفسير اللا حاكمى للإسلام ينزلق على نحو ما رأينا فى الحلقة المفرغة لمبدأ تفسير النص ، والإقرار بمرجعيته بشكل غير مباشر . أما البديل الآخر ، وهو مبدأ القومية (المصرية أو العربية) ، فهو عاجز بطبيعته ذاتها عن تقديم بديل مكافئ . ذلك أن مبدأ القومية هو فى التحليل الأخير مفهوم سياسى يستند إلى طرح ضعيف عن خصوصية الأمة المعنية . والحال أن أية أمة تحوى بداخلها فوارق ثقافية واضحة ، كما تحوى تشابهات ثقافية أوضح مع جيرانها . والتركيز على حدود معينة للقومية ليس فى حقيقة الأمر سوى مشروع سياسى لمحو ، أو التقليل من شأن ، خصوصيات الداخل والمبالغة فى الخصوصيات بالمقارنة مع الخارج . وفضلا عن ذلك .. فالطرح القومى عموما - كما أشار سيد قطب بحق - طرح متخلف ، وإذا قورن بالمبدأ الأممى الإنسانى للإسلام الأصولى (أى الذى يطرح نفسه كرسالة عالمية) يصبح فقيرا للغاية . وبالإضافة إلى ذلك فإن مبدأ القومية بحد ذاته عاجز عن حمل مشروع اجتماعى واضح يقوم على موقف من التناقضات الداخلية فى الأمة .. فى حين أن الأصولية تطرح من خلال مبدأها (الحاكمية) مشاريع اجتماعية محددة . وفوق هذا كله أثبتت الأصولية من خلال معاركها مع العلمانيين على اختلاف توجهاتهم قدرتها على تحطيم هذه المتاريس الورقية ، سواء باستيعاب مبدأى القومية والتسامح الدينى داخل الإطار الأصولى (جزئيا) ، أو برفضهما ، انطلاقا من مبدأ الحاكمية . وفى كلتا الحالتين يطرح الأصوليون براحة تامة موقفهم فى إطار محاكمة مبادئ العلمانية من وجهة نظر تفسيرهم للنص . وإذا لزم الأمر فباستطاعتهم ، ببساطة متناهية ، رفع شعارات الجنسية الإسلامية فى مواجهة مبدأ القومية ، ونظرية أهل الذمة فى مواجهة مبدأ المواطنة ، ودفع العلمانيين إلى الدفاع عن إسلامهم ، أو بالأصح أصوليتهم ، وقد وصل الحال ببعض السادة المفكرين العلمانيين إلى الرد على تهمة التكفير بتكفير مضاد ، بدلا من الدفاع عن مبدأ حرية العقيدة ، حتى أصبحنا نسمع بعضهم يصف خصومه "بالمتأسلمين" ، ويجلس على المنصات ليشرح أصوليته الخاصة نفهمه الخاص للإسلام ، ويسعى للظهور بمظهر الفقيه ، ليخفى ، بغير نجاح كبير ، حقيقة العلمانى .. المهزوم للأسف .
وإدراكا من جانب الأصوليين لمدى ضعف الموقف العلمانى ، فإن أعقلهم سوف يسعى ، بدلا من الهجوم ، إلى "تهدئة المخاوف" ، وإطلاق الوعود بالحفاظ على حد أدنى من الحريات فى ظل الحكم الإسلامى المرتقب ، سواء للعلمانيين أو الأقليات الدينية ، وهو موقف طبيعى من جانب أيديولوجية متكاملة تجاه بضع أطروحات واعتراضات جزئية لا ترمى فى نهاية المطاف إلا إلى الدفاع عن جلود فئة محاصرة ، ولا تطرح نفسها أصلا كمنافس كفء ، أيديولوجيا ولا سياسيا .

العلمانية المبتورة إذن قد أصبحت قضية نخبة ، نِحلة مضطهدة تمارس تقية مكشوفة تغطى بها على أفكار حكم عليها أصحابها أنفسهم بأنها لا تصلح للتداول العام . جيتو يهودى ، مستقيل سياسيا وأيديولوجيا . وإذا تخيلنا امتداد هذا الخط على استقامته ، فسوف تصبح العلمانية بدورها أصولية جديدة ، سرية، تمارس مع انعزالها المتزايد "تكفير" المجتمع باسم العقل المجرد والتقدم ، وقد تبحث لنفسها عن "هجرة" تحتمى بها من "الجاهلية الإسلامية" القادمة .
والواقع أن هذا الاتجاه الذى تتجه نحوه العلمانية المعاصرة لا يمكن فهمه بمعزل عن الموقف النخبوى المحاصَر للتيار العلمانى ، الذى يتداول فى أوساطه الخاصة ، وعلنا أحيانا ، همّ الرعب من التدين الشعبى التقليدى (المبالغ فى تصوره مع ذلك) . إن التنوير إذا كان يستخفى خوفا ، فإنه لا يستخفى خوفا من السلطة أساسا ، وإنما من هذه "الجماهير" كما يتصورها ، أى ذلك الكيان الجمعى المجهول الغامض ، المثير للرعب بمجهوليته ذاتها ، والذى يتضخم شبحه مع تزايد انعزال التنوير جماهيريا ، وإحجامه عن التوجه الفعال الصريح برسالة محددة لهذا الجمهور.
والحال أن الممارسة الحالية للعلمانية إنما تنم عن قبول ضمنى أو صريح لمسألة إسلامية هذه الجماهير . غير أن هذا القبول من شأنه فى الواقع أن يضع قضية العلمانية ذاتها محل شك ، سواء من حيث معناها أو قيمتها ، لأنه يتضمن التسليم بجوهر الطرح الأصولى الذى يرفع الدين إلى مستوى أيديولوجيا شاملة ، بل ونابعة مباشرة من وعى الجماهير وتراثها ، الأمر الذى يستدعى قبول أطروحة برهان غليون ، الذى ألمح أكثر من مرة إلى أن الإسلام هو الأيديولوجية المؤهلة للدفاع عن حق الجماهير فى الحياة ، والحد من امتيازات الطبقة العليا التى تتمثل - على العكس - القيم الغربية (أو بالأحرى مظاهرها) بدرجة أو بأخرى ، وتتخذها سدا للحفاظ على امتيازاتها وتبريرها . وهنا تصبح العلمانية أيديولوجية استبدادية فى جوهرها .
وبالطبع فإنه ما من قانون يؤكد أن العلمانية أو الأيديولوجيات الدينية تكون تقدمية أو رجعية بالضرورة أيا كان السياق التاريخى . وإذا كان السياق الحالى للعلمانية - نحو ما رأينا وسنرى - يجعل من الصعب الدفاع عنها من هذه الزاوية، فمن المؤكد أن السياق الحالى للأصولية لا يشجع على تبنى أطروحة برهان غليون.
فأولا : من المؤكد أن الطبقة السائدة ودولتها تستمد جانبا مهما من شرعيتها، بل وشرعية ممارساتها اللا ديمقراطية تحديدا من الإسلام ، مجسدا فى أجهزة الدولة الدينية . ومن المعروف أن الأزهر بالذات قد ساند دون هوادة جميع النظم والسياسات المتعاقبة ، ومارس دورا فعالا فى تبرير القهر السياسى والاجتماعى على حد سواء .
وثانيا : أن الإسلام السياسى - أكثر بكثير من إسلام الأزهر - لا يتمثل "عقيدة الأمة" -على نحو ما يقول عادل حسين مثلا - بقدر ما يتمثل الثقافة السياسية الغربية ، خصوصا فى جوانبها السلطوية والتمييزية ، كما حاولت أن أبين فى مكان آخر () . والواقع أن التراث الشعبى الدينى ذاته مختلف اختلافا بينا عن الإسلام الفقهى الأزهرى ، ناهيك عن أصولية الإسلام الاحتجاجى ، فطابعه الطقوسى وروحه شبه الصوفية شبه السحرية تختلف اختلافا بينا عن إسلام أهل السنة . ومصداقا لذلك فقد شهد تغلغل الإسلام الفقهى فى الريف المصرى فى مطلع العصر الحديث ، ضمن تغلغل آلة الدولة المركزية عموما فى حياة الريف ، صدامات عديدة بين الإسلامين الرسمى والشعبى .
وليس حال الأصولية الاحتجاجية أفضل . فقد انتشر هذا النمط الأيديولوجى أول وأكثر ما انتشر فى أوساط "الطبقة الوسطى" الحديثة من المتعلمين تعليما مدنيا حديثا () ، وخصوصا بين من انتُزعوا من بيئات أكثر تقليدية أصلا عن طريق هذا النمط من التعليم . وهنا ينبغى أن نلاحظ أن اعتناق هؤلاء للأصولية لا يؤدى بهم إلى عودة إلى القيم الاجتماعية التقليدية أو إلى استعادة التوافق مع بيئاتهم الأصلية ، بل يؤدى بهم إلى انفصال جذرى عن هذه القيم وتلك البيئات . وكلما ازدادت النظرية الأصولية جذرية ، كما هو الحال مع جماعة التكفير والهجرة ، كلما أدت إلى فصل متزايد على مستوى الوعى بين المتأثرين بها وبين المجتمع وتراثه ، ليصل الأمر إلى رفض كامل وشامل .
ثالثا : أن جوهر الطرح الأصولى ، وهو مبدأ الحاكمية ، مهما قيل فى شأن قيامه على مبدأ المساواة بين البشر ، إنما يقوم أولا وأخيرا على تصور وجود علاقة "عبدية" بين الإنسان واللـه ، دور الإنسان فيها - أو دور الصفوة عمليا - هو استطلاع الأوامر الإلهية وتنفيذها حرفيا ، بصرف النظر عن السياق التاريخى والاجتماعى المعاصر . فاللـه فى الأصولية لا يشار إليه بوصفه خالقا أو راعيا إلا بقدر ما يكون ذلك مبررا لكونه سُلطة .
  • ملف العضو
  • معلومات
خوجة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 12-01-2007
  • المشاركات : 488
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • خوجة is on a distinguished road
خوجة
عضو فعال
رد: محمد اركون . والده شارك في بناء مسجد سنة 1917باحدى قرى الغرب الجزائري.
18-02-2007, 07:12 AM
نجح خصوم الديمقراطية وبخاصة تيارات الإسلام السياسي بمختلف اتجاهاتها في تشويه العَلمانية ومحاصرة معانيها والأفكار والتاريخ الطويل الذي ارتبط بها، وفعلوا ذلك حين قرنوا بينها وبين الكفر والإلحاد رغم أنهم يعلمون جيدا أن هناك ملحدين كثيرين ليسوا علمانيين، وأن هناك علمانيين ليسوا ملحدين، ويعلمون أيضا أن الإلحاد ينتمي إلى ميدان الفلسفة وأنه وجد مبكرا جدا في تاريخ البشرية حتى قبل عصر الديانات؛ ويعلمون أيضا أن العلمانية تنتمي إلى ميدان الفكر السياسي، وأننا إذا شئنا تقديم تعريف مبسط لها فسوف نقول إنها فصل الدين عن السياسة والدولة وليس فصله عن المجتمع والحياة. ذلك أن الدولة الدينية هي بالضرورة دولة استبدادية ليس فقط لأن هذا هو التاريخ الذي عرفناه عن الدولة الدينية سواء كانت تلك التي هيمنت عليها الكنيسة في التاريخ الأوروبي في العصور المظلمة، أو كانت دولة الخلافة الإسلامية التي كانت دولة استبداد وفساد في غالبية عهودها وكانت سنوات العدل والشورى والرحمة فيها هي الاستثناء والنشاز
  • ملف العضو
  • معلومات
بويدي
مستشار
  • تاريخ التسجيل : 21-01-2007
  • المشاركات : 3,462
  • معدل تقييم المستوى :

    21

  • بويدي is on a distinguished road
بويدي
مستشار
رد: محمد اركون . والده شارك في بناء مسجد سنة 1917باحدى قرى الغرب الجزائري.
19-02-2007, 07:00 AM
إليك أخي إلياس اعتراف آخر ... لمحمد أركون !
بقلم الدكتور : سليمان بن صالح الخراشي
هذا اعتراف آخر للمفكر المتفرنس ( محمد ! ) أركون أقدمه للقراء لتتبين لهم سذاجة مثل هؤلاء المفكرين الذين كانوا يعيشون أحلاما وخيالات ظانين أن الإنسان الغربي بفضل الحداثة والتنوير ! اللذين مر بهما قد ترقى تفكيره فتخلص مما يسمونه الأيدلوجيا وتعصباتها ، مستبدلا ذلك بالتفكير العلماني المتسامح ...الخ

ثم يتفاجأ هؤلاء السذج الذين باعوا دينهم وعزهم بأبخس الأثمان : أن الغرب النصراني هو هو لم يتغير ولم يتبدل ؛ حيث لا زالت النظرة الصليبية تحكمه عند حديثه عن الإسلام ، مهما ستر ذلك بزخارف الشعارات التي لا تنطلي على العقلاء . وهذا مما رسخ عند أهل القرآن الذين أخبرهم ربهم فيه بأنه ( لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) .. وغيرها من الآيات ,

ومحمد أركون من هذا النوع الساذج الذي اغتر بالقوم حتى استبدل دينه بما يسميه ( الأنسنة ) التي تعني عنده – كما يقول مترجم كتبه هاشم صالح - : ( كل مجتمع لا يعترف بالتعددية العقائدية والسياسية هو مجتمع تنقصه الأنسنة ) ( معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية ، ص 16 ) .

ويقول عنها في كتاب آخر : ( أعود مرة أخرى إلى مصطلح الأنسية أو النزعة الإنسانية ، وأقول بأن أركون يقصد بها ازدهار العقلانية وتراجع الظلامية والتعصب الديني . ففي القرون الوسطى كان التركيز يتم على الله فقط وما كان يجوز الاهتمام بالانسان إلا من خلال علاقته بالله أو عبادته له . باختصار كنا نعيش في ظل المركزية اللاهوتية . ثم انتقلنا بعد عصر النهضة في أوروبا إلى التركيز على الانسان والاهتمام به كقيمة بحد ذاتها ، وهكذا انتقلنا إلى ما يمكن أن ندعوه بالمركزية الانسانية أو بالنزعة الانسانية ) ( نزعة الأنسنة في الفكر العربي ، ص 12 ) .

وكأن الاهتمام بعبادة الله القائل ( وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) – عند أركون - تعني إهمال الإنسان وما يصلحه في الحياة الدنيا !! مما أداه إلى نبذ الإسلام ومعاملته كما يعامل الديانات الأخرى ، أو تحريفه إن اضطر إلى ذلك .. في مقابل تضخيم ( الإنسانية ) واتخاذها دينًا وأيدلوجية .

وللحديث عن ( الإنسانية ) ومناقضتها للإسلام مكان آخر .. ومن أراد بيان ذلك فليرجع إلى رسالة دكتوراة بعنوان ( الإنسانية في فكر المسلمين المعاصر ) للدكتور محمد إدريس عبدالصمد ( لم تطبع بعد / جامعة الإمام ، قسم الثقافة ) . وليرجع إلى كتاب ( مذاهب معاصرة ) لمحمد قطب .

أعود إلى اعتراف محمد أركون .. الذي اكتشف مؤخرا ! تعصب الغربيين ضد الإسلام ، مهما ادعوا التعددية والبحث العلمي المجرد .. الخ

يقول أركون في كتابه ( معارك من أجل الأنسنة .. ، ص 282 – 288 ) :
( لم تؤد ظاهرة جلاء الاستعمار في الستينيات والسبعينات عن بلدان العالم الثالث إلى زعزعة اليقينيات المتراكمة للعقل الغربي. أقصد العقل الظافر، المنتصر، المهيمن، الذي يستمر في توظيف نفسه في مجال الاقتصاد والصناعة والتكنولوجيا والعلوم الصلبة أكثر مما يوظف نفسه في مجال العلوم الرخوة. صحيح أن البنيوية الألسنية والانتربولوجيا أوهمتنا لفترة بأنها قادرة على التوصل إلى علوم إنسانية في نفس صلابة العلوم الدقيقة: أي باردة، يقينية، بدون أي حكم قيمة، ولكنها وضعت اليهودية والمسيحية بمنأى عن تفحصها ودراستها، هذا في حين أن بقية الأديان دُمجت داخل التحريات الاتنوغرافية المحصورة بالمجتمعات المدعوة بالتقليدية أو العتيقة البالية، وهنا نلاحظ أنهم تخلّوا أو تراجعوا عن صفة "البدائية" للدلالة على نهاية العلم الاستعماري.

ولكننا نلاحظ أنهم خصَّصوا للإسلام مكانة غامضة في هذا السياق المستجد، فقد أصبح في آن معاً مادة يدرسها المستشرقون الكلاسيكيون طبقاً للمنهجية الفيلولوجية والتاريخوية البحتة، ثم مادة يدرسها علم الاتنوغرافيا المطبَّق على المجتمعات غير الأوروبية أو غير الغربية، وهذا الموقف الملتبس الذي اتخذه العلم الغربي في أعلى ذراه تقدماً يستحق منا وقفة خاصة من أجل تحليله وتفسير أسبابه.

في الواقع إنهم حرصوا على تمييز الأديان المدعوّة بأديان الوحي عن الأديان الآسيوية المتروكة لبعض الاختصاصيين الاستشراقيين، وعن الأديان الأفريقية التي يهتم بها عادة علماء الاتنوغرافيا أو دراسة خصائص الأعراق والشعوب. كما أن هذا التمييز يزداد وضوحاً عندما يتعلّق الأمر بالموضوعات الكبرى للاعتقاد المدعو عادة بالإيمان، وهو موضوع محصور بعلماء اللاهوت فيما يخص أديان الكتاب، ولكنه أصبح عادياً مبتذلاً مع الثقافة بالمعنى الاتنوغرافي للكلمة، وذلك فيما يخص المجتمعات التي لا علاقة لها بالثقافة الأوروبية والمدعوة أيضاً بالمجتمعات التي "لا كتابة لها"، والتي لا تمتلك تاريخاً محورياً ذا نقطة أساسية تفصل الما قبل عن الما بعد، وحتى داخل أديان الوحي نفسها نلاحظ أنهم يخصصون للإسلام مكانة هجينة تدعو للاستغراب، فهم تارة يلحقونه بالأديان الآسيوية الكبرى ويصبح عندئذ محصوراً بدائرة المستشرقين، وتارة يلحقونه بالموقع الذي يحدده علماء الاتنوغرافيا للمجتمعات التي يدرسونها، ولكن بما أنه أحد أديان الكتاب، وبما أنه خاض معارك جدالية في القرون الوسطى مع المسيحية واليهودية، فإنه يحظى أيضاً ببعض الدراسات الخاصة باللاهوت المقارن.

منذ انعقاد المجتمع الكنسي الشهير باسم الفاتيكان الثاني، ظهرت أدبيات غزيرة ومكرورة عن موضوع الإسلام في الغرب، وقد غذَّاها الحوار الإسلامي –المسيحي وأحياناً نادرة الإسلامي- اليهودي- المسيحي، ولكن على الرغم من كل هذه الأدبيات، فإن التاريخ المقارن للأنظمة اللاهوتية الثلاثة لم يحقق تقدماً قادراً على تحريرنا من الموضوعاتية القروسطية للنَبْذ أو الاستبعاد المتبادل.

فيما وراء الموروثات اللاهوتية التي يستمرون في تعليمها داخل إطار المنظور الأرثوذكسي الخاص بكل طائفة دينية، فإنه يمكننا أن نعمم الملاحظة السابقة لكي تشتمل تاريخ الأديان، ثم بشكل أخص فلسفة الدين.

أقول ذلك ونحن نعلم أن فلسفة الدين لا تحظى باهتمام كبير بسبب الحواجز الابستمولوجية التي تستمر في فصل الفلسفة عن اللاهوت.

بقي علينا أن ندرس حالة اليهودية والمسيحية. كانت المسيحية تحلم منذ زمن طويل بضمّ اليهودية إليها عن طريق بلورة تركيبة يهودية – مسيحية تدل على تراث متواصل ومشترك، ولكن التراث اليهودي يرفض بالطبع هذا الاستلحاق، ونلاحظ أن الديانة اليهودية تسعى منذ تأسيس دولة إسرائيل للتوكيد على خصوصيتها إزاء الجهود الاستلحاقية التي تبذلها المسيحية. فالتركيبة التوفيقية المدعوة باليهودية – المسيحية تبدو فعالة على المستوى السياسي، ولكنها مرفوضة كلياً على المستوى اللاهوتي والثقافي، ونلاحظ أنه منذ انعقاد المجمع الكنسي للفاتيكان الثاني ونشره لقراراته اللاهوتية الشهيرة، فإنه هناك إرادة مشتركة قليلاً أو كثيراً من أجل العثور على استمرارية تواصلية تمتد من اليهودية إلى المسيحية وذلك على كافة الأصعدة من روحانية، وتاريخية، وثقافية، وعقائدية، ولكن نلاحظ أيضاً ظاهرة أخرى تدعو للدهشة والاستغراب: وهي الرغبة المشتركة لليهود والمسيحيين في استبعاد الإسلام ليس فقط لاهوتياً، وإنما أيضاً ثقافياً وسياسياً، ونلاحظ أيضاً أن هذا الاستبعاد يُطبَّق أيضاً على كيفية تقسيم تاريخ العالم المتوسطي، فهنا أيضاً نلاحظ أن التراث الجامعي "العلماني" يقوي الرؤيا التقليدية لعالم اللاهوت المسيحي، دون أن يستخدم بطبيعة الحال البواعث نفسها والتفسيرات اللاهوتية نفسها، فجنوب المتوسط وشرقه تركا للمستشرقين المختصين باللغة العربية والفارسية والتركية بشكل خاص، وأما الشمال والغرب فعلى العكس ملحقان بأوروبا المسيحية واللاتينية سابقاً ثم الحديثة حالياً، وأما الجنوب والشرق فيقيا بمنأى عن هذه الحداثة. إن لهذا التقسيم انعكاساته على وضع الدراسات التاريخية المتعلقة بكلتا الضفتين، والأكثر أهمية من ذلك هو أن حروب التحرير الوطنية وحركات المعارضة السياسية التي تستلهم الأصولية الراديكالية ساهمتا في توليد مخيالين سياسيين للاستبعاد المتبادل بين القطبين الإيديولوجيين المدعوّين "الإسلام"، و"الغرب".

لنتوقف الآن قليلاً عند حالة المسيحية بكل تجلياتها الكاثوليكية، والبروتستانتية، والأرثوذكسية، والإنكاليكانية. نلاحظ أنها تحظى بإقبال الباحثين العلميين على دراستها بكل طيبة خاطر وبنوع من التفضيل الضمني أو الصريح لها على غيرها، فالمؤمنون الغربيون يستخدمون موهبتهم ومعرفتهم وهيبتهم الفكرية لكي يكرّسوا تفوق المسيحية على جميع الأديان الأخرى، ولكي يثبتوا فرادتها وقدرتها على التأقلم مع الحداثة. وأما العلمانيون الذين يعيشون على الرغم من كل شيء في مجتمعات متأثرة جداً بالفكر والثقافة المسيحية، فإنهم يقبلون ضمنياً بالمحافظة على امتيازات هذا الدين ومعاملته معاملة خاصة، ولذلك فلا يطبقون عليه الاشكاليات الاتنوغرافية نفسها أو الأحكام السياسية السلبية نفسها التي يطبقونها على الأديان الأخرى) .
  • ملف العضو
  • معلومات
خوجة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 12-01-2007
  • المشاركات : 488
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • خوجة is on a distinguished road
خوجة
عضو فعال
رد: محمد اركون . والده شارك في بناء مسجد سنة 1917باحدى قرى الغرب الجزائري.
19-02-2007, 08:10 PM
- السلام .الفقرةالأولى1- اليك يا بويدي رأي للجنة المصرية و المسمات لجنة النظر بتطبيق مبدأ العلمانية. 1 - العلمانية، مبدأ عالمي شامل، هو من قيم الجمهورية 1.1 مبدأ جمهوري تكون عبر التاريخ إن العلمانية صنعت تاريخنا الجماعي. إن شهادة ميلاد العلمانية في مفهومها المعاصر قد خطتها الثورة (الفرنسية) مؤكدة على استقلالية المعتقد، بما في ذلك على الصعيدين الروحاني والديني. وهذا المفهوم هو مفهوم حديث لدرجة أنه تمت صياغته بحذر في المادة 10 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 : " يمنع التعرض لأي شخص بسبب آراءه وأفكاره، بما في ذلك الدينية منها، شريطة ألا يخل التعبير عنها بالنظام العام الذي أرساه القانون". وقامت الجمعية التشريعية في 20 أيلول/سبتمبر 1792 بعلمنة الأحوال المدنية والزواج وبهذا لم تعد المواطنة مرتبطةً بالدين. كما أن تاريخ العلمانية لم يخلوا من الأزمات والمواجهات فقد أدى اعتماد مرسوم التشكيل المدني لهيئة رجال الكهنوت، مكوناً تدخلاً سياسياً في مجال الدين، إلى انقسامات دامية. كما أن دخول القانون المدني حيز التنفيذ قد أضفى نهائياً صفة العلمنة على حقوق الأشخاص والمجتمع. وأخذت الكنيسة والجمهورية تدخلان تدريجياً في صراع بين وجه للبلاد يقابله وجه آخر بحيث أصبحت فرنسا ذي وجهان. وعندها ترسخت العلمانية في مؤسساتنا مع اعتماد القانون الجمهوري الهام بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 1905 القاضي بالفصل ما بين الدين والدولة. وهكذا لم تعد فرنسا تعرف بنفسها على أنها أمة كاثوليكية المذهب، وقد كان هذا الانفصال مؤلماً لكثير من الفرنسيين وأثار العديد من النزاعات. أما في المستعمرات، حيث تلتقي العلمانية الفرنسية بالإسلام، فقد اتسمت سياسة الجمهورية بالغموض والإبهام. ففي الجزائر التي كانت تعد جزأً لا يتجزأ من الجمهورية حتى العام 1962، نص قانون عام 1905 على التطبيق الكامل لمبادئ العلمانية. ولكن، ومن خلال مراسيم تطبيق استثنائية اعتمدتها محافظة الجزائر آنذاك، تم العمل بنظام استثنائي يرتكز على قانون خاص بالسكان الأصليين تم بموجبه الإبقاء على قواعد الأحوال الشخصية للمسلمين أو اليهود. وقد كشف الإعلان عن مبادئ جمهورية علمانية، والاستثناءات في تطبيقها على أراض معينة، عن تناقض خاص بالدولة الفرنسية المستعمرة. وحالت هذه العملية دون ازدهار علوم الإسلام في بيئة علمانية. وبالرغم من هذه الاستثناءات، وما كان للمشادات والتصادمات العنيفة من دلالة رمزية، نجحت علمانية القرن العشرين في تحويل راية الحرب هذه إلى قيمة من القيم الجمهورية تحظى بقبول واسع النطاق، إذ التفت كافة مكونات المجتمع حول الميثاق العلماني. وقد كان إدراج العلمانية ضمن المبادئ الدستورية في عام 1946 ومن ثم في عام 1958 بمثابة تكريس لحالة التهدئة هذه. فتاريخ العلمانية ليس قصة سير حتمي نحو التقدم بل إن العلمانية خرجت من كل معركة من تلك المعارك التي خاضتها بحلة جديدة، متجددة. ويندرج التجاذب القائم اليوم في هذا المنظور. 1.2 مفهوم العلمانية وما تحمله من آمال من غير الممكن حصر العلمانية في مفهوم حياد الدولة. فركائزها الأساسية تقوم على الاحترام والضمانات والمتطلبات والعيش المشترك. وتشكل كل هذه الأمور مجموعة حقوق وواجبات للدولة والأديان والأفراد. 1.2.1 احترام تنوع الخيارات الروحانية والمذاهب تتطلب العلمانية استقلالية السلطة السياسة كما استقلالية مختلف الخيارات الروحانية أو الدينية التي لا سلطة لها على الدولة كما أن ليس لهذه الأخيرة سلطة عليها. وفي حيز علماني، يعد كل تدخل سياسي في ما يختص بالتوجهات الروحانية أمر غير مشروع. إن العلمانية تنطوي على حياد الدولة: فعليها ألا تمنح أية أفضلية لخيار روحاني أو ديني دون غيره. واستناداً إلى مبدأ المساواة لا تمنح الدولة العلمانية أي امتياز عام إلى أي من العبادات والأديان، كما أن العلاقات التي تقيمها مع كل منها يميزها مبدأ الفصل القانوني. كما أنه يجب على كل ما هو ديني وروحاني الامتناع عن فرض أي هيمنة على الدولة وأن ينأى عن أي بعد سياسي. فالعلمانية لا تتطابق مع أي تصور ديني قد يرغب من خلاله التحكم في النظام الاجتماعي أو السياسي، باسم المبادئ المفترضة التي يحملها هذا الدين. و تميز العلمانية بين حرية التعبير الروحانية أو الدينية في المجال العام، وهي حرية مشروعة وجوهرية للحوار الديمقراطي، وبين الهيمنة على المجال العام، الذي يعد أمر غير شرعي. ومن حق ممثلي هذه الخيارات الروحانية المختلفة أن يشاركوا بصفتهم هذه في الحوار العام، على غرار أي من مكونات المجتمع. ويستفـيد من هذا الانفصال كل من الديانات والدولة على حد سواء: فالأولى تركز على مهمتها الروحانية وتجد فيها الفسحة لحرية التعبير. والثانية، الغير مقيدة بأي رابط مذهبي، تعد ملكاً لجميع المواطنين. 1.2.2 ضمان حرية المعتقد علاوة على حيادية الدولة، فإن قانون عام 1905 يعطي العلمانية مضمونا إيجابيا : "تضمن الجمهورية حرية المعتقد. وتضمن الممارسة الحرة للشعائر الدينية، مع مراعاة القيود، المنصوص عليها فيما يلي، وذلك لصالح النظام العام". لا يمكن للدولة أن تحجب "بستار من الجهل" الواقع الروحي أو الديني. وفي العلاقات مع العبادات ومع مجموع العائلات الروحانية، فإن الدولة تسهر على تمكينها جميعا من التعبير عن نفسها. كما تسمح كذلك للمجموعات الأكثر ضعفا أو الأقل عددا أو الأحدث عهدا بالتمتّع بهذه الحرية وذلك مع مراعاة مقتضيات النظام العام. تضمن العلمانية لجميع الخيارات الروحانية أو الدينية الإطار الشرعي الملائم لهذا التعبير. وعلاوة على حرية العبادة والتعبير، فإن الدولة العلمانية، بصفتها ضامنة لحرية المعتقد، تحمي الفرد وتسمح بحرية الخيار للجميع، بأن يكون لهم اتجاها روحانياً أو دينيا، أو لا يكون، وبأن يغيّروا من هذا الاتجاه أو أن يعدلوا عنه. إنها تحرص على أن لا يكون بإمكان أي مجموعة أو أي طائفة فرض انتماء أو هوية طائفية على شخص ما، وبشكل خاص بسبب أصول هذا الأخير. إنها تحمي كل مواطنة ومواطن ضد أي ضغوط جسدية أو معنوية تمارس بذريعة الخضوع لأوامر روحية أو دينية ما. إن الدفاع عن حرية المعتقد الفردية ضد أي نوع من التبشير يأتي اليوم مكملاً لمفهومين مركزيين في قانون عام 1905 ، ألا وهما الفصل والحيادية. و ينطبق هذا الأمر الملزم بدايةً على المدرسة، حيث ينبغي تمكين التلاميذ من اكتساب العلم وبناء الذات في جو من الطمأنينة من أجل أن يتملّكوا استقلالية الرأي. و يتعين على الدولة أن تمنع عنف وترهيب المجتمع من التأثير على عقولهم: حتى ولو سلمنا بأن المدرسة لا يمكن أن تكون مكاناً مطهراً ومعقماً، لا ينبغي أن تصبح صدى لأهواء الناس و إلا تعرضت للفشل والإفلاس في مهمتها التربوية. لا يمكن للدولة العلمانية أن تبقى غير مكترثة أمام زعزعة النظام العام وممارسة الضغوط والتهديدات والممارسات العنصرية أو الداعية إلى التفرقة تحت ذرائع دينية أو روحية من شأنها نسف الأسس التي تقوم عليها المدرسة. والعلمانية في التصوّر الفرنسي ليست مجرد "حارس حدود" يقتصر عمله على فرض احترام الفصل ما بين الدولة والأديان وما بين السياسة والعالم الروحاني أو الديني. تسمح الدولة بتوطيد القيم المشتركة التي ترتكز عليها الروابط الاجتماعية في بلدنا. ومن بين هذه القيم، المساواة بين الرجل والمرأة والتي على الرغم من كونها من الإنجازات الحديثة قد احتلت حيزا هاما في تشريعاتنا. إنها عنصر من عناصر الميثاق الجمهوري الحديث. لا يمكن للدولة أن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء أية إساءة لهذا المبدأ. و بقيامها بهذه المهمة، فإن العلمانية لا تحل محل المقتضيات الروحانية أو الدينية الأخرى. إنها مجرد تأكيد على أن الدولة تدافع عن القيم المشتركة للمجتمع الذي انبثقت منه. وإذ تنطلق العلمانية من رؤية وطيدة للمواطنة، تتجاوز الانتماءات الطائفية أو المذهبية أو العرقية، فإنها تولد للدولة التزامات تجاه المواطنين. 1.2.3 مقتضيات مشتركة يذكّر التاريخ بالمجهود الذي كان يطلب في الماضي من الديانات لتتكيّف مع الإطار العلماني. فإن التحفّظ الشديد للكنيسة الكاثوليكية في البداية إنما جاء من خوفها من فقدان كل شيء. ولقد كان خضوعها ثم تقبلها للأمر الواقع وأخيرا انضمامها للإطار العلماني له تأثير أساسي على عملية التهدئة وطمأنة الخواطر في مجتمعنا. في الأساس، تتطلب العلمانية بذل مجهود تكيّف من جانب أية ديانة. وعليه، تفرض العلمانية بذل مجهود لشرح وتفسير كيفية التوفيق بين العقيدة الدينية والقوانين التي تحكم المجتمع، وذلك سعياً لجعل العيش معاً، على الأقل، ممكناً. و الإسلام، كونه الدين الأحدث توطنا في فرنسا والذي يضم عددا كبيرا من الأتباع، يصّور أحيانا على أنه غير قابل للتماشي مع العلمانية. بيد أن الفقه الإسلامي قد أنتج، في أوج عصره وفي الفترة الأكثر إشعاعا التي عرفها، فكراً خلاقاً حول العلاقة ما بين السياسة والدين، كما وإن التيارات الأكثر عقلانية من بين التي كان ينطوي عليها كانت ترفض الخلط ما بين السلطة السياسية والسلطة الروحية. و يمكن للثقافة الإسلامية أن تنهل من معين تراثها ما من شأنه أن يتيح لها التكيف مع إطار علماني، كما أن من شأن العلمانية أن تسمح بتبلور ثقافي كامل للفكر الإسلامي بمعزل عن قيود السلطة. وبالعلمانية يكتسب المواطن حماية لحرية معتقده، وفي المقابل، يتعين عليه احترام المجال العام الذي يمكن أن يتقاسمه الجميع. إن المطالبة بحيادية الدولة هو أمر يبدو من الصعب التوفيق بينه وبين إشهار نوع من التبشير الهجومي المثير خاصة في المجال المدرسي. وتقتضي روح العلمانية هذا التوازن بين الحقوق والواجبات. 1.2.4 العيش معا وبناء قدر مشترك و بالمقارنة مع ظروف عام 1905، فإن المجتمع الفرنسي قد تغيّر: لم يعد ينظر إلى سلطة الكنيسة الكاثوليكية على أنها خطر مهدد، حيث أن العلمانية أضحت في صميم الميثاق الجمهوري وفي حلّة جديدة. لقد عرف بلدنا خلال قرن من الزمن تحولا جذريا. لقد أصبح يعرف التعددية على الصعيد الروحاني. إن فرنسا التي كان يطلق عليها قديما مسمى "البنت الكبرى للكنيسة" والغنية بتقاليدها البروتستانتية المتنوعة، باتت تضم أكبر طائفة يهودية في أوروبا الغربية. وقد شهدت العقود الأخيرة تنامي أديان جديدة. فالإسلام المنبثق بشكل رئيسي عن السكان ذوي الأصول المغربية والإفريقية والشرق أوسطية، أصبح ممثلاً اليوم بمجموعة هي الأكبر في الاتحاد الأوروبي، كما أن الأرثوذكسية لها وجودها أيضاً إلى جانب البوذية. وتضم فرنسا أيضا عددا هاما من الملحدين وأتباع الفلسفة اللا أغنوصية والمفكرين الأحرار. ومن جهة أخرى، فإن العقليات قد تطوّرت. ويتم اليوم التنويه بشكل إيجابي بالتنوّع والتعددية، حيث يطالب البعض باحترام الحقوق الثقافية التي يعتبرونها جانبا أساسيا من هويتهم. إنه لمن العبث إنكار قوة الشعور بالانتماء إلى المجموعة أو الطائفة. ولكن تأجج مشاعر الانتماء لهوية ثقافية لا يجوز أن يتحوّل إلى تعصّب للتشبث بالاختلاف الذي يحمل بذور الاضطهاد والنبذ في مجتمع علماني ينبغي على كل فرد فيه أن يتمكن من أخذ البعد الكافي بالنسبة إلى التقاليد. ومن وجهة النظر هذه، فإن الخطر مزدوج. فإن انحرف الشعور بالانتماء إلى مجموعة نحو التشبث بطائفية متصلبة، قد يهدد ذلك مجتمعاتنا المعاصرة بالانقسام والتشرذم. وفي المقابل، إن التنكر للتنوّع أو التعدّدية من خلال التشبث بالترديد تكراراً، وكأنه رقية، بوجود ميثاق جمهوري مثالي، هو أمر بعيد عن الواقع وفيه إيهام. تقف العلمانية اليوم أمام تحدي صياغة الوحدة مع مراعاة تنوّع المجتمع وتعدده. انتهت الفقرة 1 يتبع. ( هذه الأفكار التي تزعج الحركات الأسلاموية لأنها أفكار انسانية خالية من القتل و التقتيل ومن الدم و الغبن . ان أحداث الرمكةو سيدي موسى و بن طلحة و الجرائم المرتكبة في الجزائر من طرف جماعة الفيس المختل تركت الجزائريون المخلصون لهذا البلد و لشهدائه ان ينهوا مع المختلين المعركة بفوز الجمهورية.)
التعديل الأخير تم بواسطة خوجة ; 19-02-2007 الساعة 08:13 PM
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 04:27 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى