العلمانية و العالمية "تلاعب بالالفاظ"
02-07-2008, 09:34 PM
العلمانية..العالمية يحرص أصحاب هذا المذهب ، ومن دعا إليه من العرب أن ينطقوه ويكتبوه بالصورة الآتية :
العِلْمانية( بكسر العين وتسكين اللام ) إيهاما بارتباطه بالعلم ، وليس بين المصطلح – حتى في تعريف أصحابه – أدنى صله بالعلم ، ولكن الارتباط الحقيقي بالعالم أو الدنيا ، فالكلمة في أصلها الإنجليزي :Secularism . وتعريفها في دائرة المعارف البريطانية :
هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحياة الدنيا وحدها : ذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا ، والتأمل في الله واليوم الآخر . ومن أجل مقاومة هذه الرغبة طفقت الـ Secularism .تعرض نفسها من خلال تنمية النزعة الإنسانية ، حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية البشرية . وظل الاتجاه إلى الـ Secularism يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله باعتبارها حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية .
وكان الدافع القوي لظهور العلمانية كمفهوم سياسي واجتماعي في أوربا إبان عصور التنوير والنهضة وهو معارضة سيطرة الكنيسة على الدولة والمجتمع ، وتنظيمها على أساس الانتماءات الدينية والطائفية ، فرأت أن من شأن الدين أن يعني بتنظيم العلاقة بين البشر وربهم ، ونادت بفصل الدين عن الدولة .
**********
وهكذا يتضح أنه لا علاقة للكلمة بالعلم ، إنما علاقتها قائمة بالدين ، ولكن على أساس سلبي ، أي على أساس نفي الدين والقيم الدينية عن الحياة .. وأولى الترجمات بها في العربية أن نسميها " اللادينية " بصرف النظر عن دعوى " العالمانيين في الغرب بأن العالمانية لاتعادي الدين ، وإنما تبعده فقط عن مجالات الحياة الواقعية : السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والفكرية ... ألخ . ولكنها تترك للناس حرية التدين بالمعنى الفردي الاعتقادي ، على أن يظل هذا التدين مزاجا شخصيا ، لا دخل له بأمور الحياة العملية .
وبهذا تكون العلمانية قد فصلت بين الممارسة الدينية التي اعتبرتها ممارسة شخصية ، والممارسة السياسية التي نظرت إليها كممارسة اجتماعية .
وهذا هو جوهر العلمانية التي تمخضت عن صراع بين الكنيسة ونفوذ رجال الدين من ناحية ، وبين التنويريين الماديين من ناحية أخرى .
**********
" وتبدو نشأة العلمانية في أوربا أمرا منطقيا مع مسير الأحداث هناك ، نظرا لعبث الكنيسة بدين الله المنزل ، وتحريفه وتشويهه ، وتقديمه للناس في صورة منفرة دون أن يكون عند الناس مرجع يرجعون إليه لتصحيح هذا العبث ، وإرجاعه إلى أصوله الصحيحة المنزلة ، كما هو الحال مع القرآن المحفوظ – بقدر الله ومشيئته – من كل عبث ، أو تحريف خلال القرون .
كان هناك نفوذ ضخم جدا لرجال الدين يمارس باسم الدين في مجال العقيدة وفي مجالات الحياة العملية كلها من قبل رجال الدين ، ويتمثل في حس الناس هناك على أنه هو الدين ... وهذا النفوذ كان نفوذا شاملا على الملوك وعامة الناس :
فالملوك لايجلسون على عروشهم إلا بإذن البابا ومباركته ، ولا يتولون سلطانهم على شعوبهم إلا بتوليه البابا لهم ، وإذا غضب عليهم البابا غضبا شخصيا لا علاقة له بالدين نبذتهم شعوبهم ، ولم تذعن لأوامرهم .
وأما نفوذهم على عامة الناس فيضمن أنهم لايصبحون مسيحيين إلا بحضور الكاهن أمامهم في الكنيسة . وفي الموت لابد من إقامة قداس الجنازة لهم على يد الكاهن .
فلم يكن الدين في ذاته إذن هو مصدر السوء في الحياة الأوربية في تلك الفترة ، إنما كان فساد الدين – على أيدي رجال الدين – هو السبب في ذلك الظلام الذي اكتنف أوربا في قرونها الوسطى المظلمة الحالكة السواد ... فكانت سيطرة الدين الكنسي على الحياة الأوربية في قرونها المظلمة أمرا سيئا ؛ لأن فساد رجال الدين وجهالتهم كان مفسدا للحياة ، ومعطلا لدفعتها الحية ، كما كان مفسدا للعقول ، ومعطلا لها عن التفكير السليم .
لذلك كان نبذ ذلك الدين والانسلاخ منه أمرا ضروريا لأوربا ، إذا أرادت أن تتقدم وتتحضر وتعيش .
ولكن البديل الذي اتخذته أوربا بدلا من دينها لم يكن أقل سوءا إن لم يكن أشد ، وإن كان قد أتحاح لها كل العلم والتمكن المادي الذي يطمح إليه البشر وهو العلمانية .
وينتج من ذلك المفهوم أن يُيستبعد الدين من دائرة الوعي الاجتماعي ، والعادات والتقاليد ، والسلوكيات ، ومضامين الآداب ، والمذاهب الفكرية ، والقوانين ؛ اللهم إلا إذا دخلت عناصر منه على سبيل المؤثرات التاريخية أو التراثية ، أو إذا وجدت كعوامل هامشية في نطاق مارسم لها من أثر روحي أو وجداني غير فعال على المستوى المخصص للأمور الدنيوية .
فالواقع الأوربي الساقط هو الذي أفرز هذه العلمانية كرد فعل لهذا السقوط في شتى المجالات ... ذلك السقوط الذي صنعه رجال الكهنوت ، أو ما يسمى بالسلطة الدينية . ولا نكون غالين إذا رأينا مع الدكتور محمد البهي أن الإسلام لو كان في أوربا ، ما نشأت العلمانية في الفكر الأوربي ، ولما وصل تفكير بعض المفكرين في أوربا إلى التطرف في المادية ، والجنوح إلى شحن النفوس بالأحقاد ، ودفعها إلى الانقلاب الدموي لحل بعض المشاكل الاجتماعية
من مواضيعي
0 نقطة نظام حول تعمد العضوين الافريقي و ابن عربي نشر الاكاذيب بالنقاش الحر
0 مقتل الاب الروحي للشيعة حسن شحاتة 3 آخرين
0 ادخل .....و اختبر نسبة ذكائك ـ طريقة يابانية
0 جريمة بشعة في حق الطفل مهدي 7 سنوات بعد اختطافه بغرداية
0 حريق مهول بحي ثنية المخزن بغرداية يسفر عن مقتل 6 اشخاص
0 هجوم كاسح على سوناطراك و مقدرات البلاد لحساب الإطاليين
0 مقتل الاب الروحي للشيعة حسن شحاتة 3 آخرين
0 ادخل .....و اختبر نسبة ذكائك ـ طريقة يابانية
0 جريمة بشعة في حق الطفل مهدي 7 سنوات بعد اختطافه بغرداية
0 حريق مهول بحي ثنية المخزن بغرداية يسفر عن مقتل 6 اشخاص
0 هجوم كاسح على سوناطراك و مقدرات البلاد لحساب الإطاليين