العميل الفرنسي الذي اخترق جيش الأمير عبد القادر وقوض أركان دولته
27-08-2009, 11:44 AM
العميل الفرنسي الذي اخترق جيش
الأمير عبد القادر وقوّض أركان دولته!!
الأمير عبد القادر وقوّض أركان دولته!!
ذكي، طموح، جريء، شخصية مغامرة، دبلوماسي محنك...!
صفات كثيرة تعلقت بهذا الرجل، فمن يكون؟
وما هي حقيقته التي أخفاها عن الجميع؟
وما سر المهمة التي أداها لصالح الاحتلال الفرنسي في الجزائر
خلال فترة مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري؟
صفات كثيرة تعلقت بهذا الرجل، فمن يكون؟
وما هي حقيقته التي أخفاها عن الجميع؟
وما سر المهمة التي أداها لصالح الاحتلال الفرنسي في الجزائر
خلال فترة مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري؟
ليون روش في الجزائر (1832- 1847)؟
اسمه ليون روش (Léon Roches)، وُلد في مدينة غرونوبل (Grenoble) بفرنسا في 27 سبتمبر 1809، نال شهادة البكالوريا (1828) ودرس في معهد الحقوق لمدة ستة أشهر فقط، ثم غادرها، ومارس التجارة الحرة مع احد أصدقاء والده، إلى أن طلب منه هذا الأخير أن يلتحق به في الجزائر، ليساعده في مزرعته بسهل متيجة.
في الجزائر احتك ليون روش بالجزائريين والفرنسيين على حد سواء، وتعلم اللغة العربية عن طريق أستاذ عربي مسلم في ظرف ثمانية أشهر، لغرض التفاهم مع الفلاحين المستخدمين عند والده، والتحدث مع فتاة عربية أحبها.
كُلّف بالترجمة بين أعضاء اللجنة الإفريقية الأولى والعرب الحاضرين (1833)، واشتغل بعد ذلك كمترجم في عدة مواقع حساسة، آخرها مهمته كترجمان ملحق في الجيش الإفريقي.
إلى هنا كل شيء عادي! ابن بارّ ترك تجارته ومغامراته البحرية التي يحبها، لأجل أن يستقر بالقرب من والده ويساعده في أعماله الفلاحية! ويتعلم العربية في وقت قياسي ليتكلم مع العرب بلغتهم؟! ويشتغل كمترجم في الجيش الفرنسي؟!
كل هذه الدلائل تشير إلى أن طموح ليون روش لا يتوقف عند هذا الحد، ويوشك أن يبدأ مغامرة جديدة من نوع آخر أكثر خطورة وأبعد تأثيرا!
لكن المثير للتساؤل هنا هو ما الذي كان يحرك ليون روش ليفعل كل ما فعل؟
هل هو حب المغامرة حقا؟
أم هي أيدي خفية كانت تنسج مصيره إن درى أو ما كان يدري بذلك؟!
ليون روش
داخل جيش الأمير عبد القادر (1837- 1839):
داخل جيش الأمير عبد القادر (1837- 1839):
عندما عقد الأمير عبد القادر الجزائري معاهدة التافنة مع الجنرال بيجو (ماي 1837)، وكان من بنودها السماح للمسلمين بالعيش أينما أرادوا، قرّر ليّون روش اعتناق الدين الإسلامي والالتحاق بالأمير عبد القادر!!
بدأ روش ينظم اتصالاته مع بعض الفرنسيين والجزائريين بهدف جمع المعلومات الكافية حول أحوال الأمير عبد القادر، وساعدته الظروف ليصل إلى الأمير في وادي نوغة، وطلب منه إدخاله في خدمته، والقبول به كمسلم جديد! طبعا ما كان من الأمير سوى الترحيب به فرحا بهدايته.
وهنا يستوقفنا سؤال مهم: هل اعتناق الإسلام يضفي على صاحبه الثقة والأمان للوهلة الأولى ودون اختبار وتمحيص لحقيقته؟ وهل فعلا العاطفة الدينية هي التي دفعت الأمير لاحتواء هذا الشاب والترحيب به دون التدقيق في هويته، أم كانت له وجهة نظر خاصة فيما يفعله مع خصومه ولو كان معهم في حالة سلم؟؟
ومهما يكن من أمر فقد بدأ ليون روش مهمته "التجسسية" بحذر شديد داخل دولة الأمير عبد القادر، وكان يبعث لرجال دولته بأخبار الأمير سواء منها ما تعلق بشخصه أو بأخلاقه و سياسته.
وركز على نقاط القوة في دولته ومنها العاطفة الدينية الجياشة للمسلمين، التي تعتبر مصدر حيويتهم وسبب انتصارهم، ونقاط الضعف مثل تعدد الطرق الصوفية واختلافها الذي يشتت صف المسلمين الواحد!
وإذا كانت فرنسا قد استفادت من الهدنة مع الأمير عبد القادر في القضاء على مقاومة أحمد باي في الشرق (1837)، فقد عادت من جديد لتتفرغ لمقاومة الأمير في الغرب، واستغلت المعلومات التي تزودت بها من ليون روش لتحقيق انتصارها الأكيد هذه المرة، فقد استخدم الجنرال بيجو تقارير ليون روش عن أحوال الأمير العسكرية والسياسية لإقليمي الجزائر ووهران، للتخطيط لحملاته العسكرية عليها، وأثمر ذلك انتصاره على الأمير في تاقدامت ومعسكر (1841).
ليون روش
يستصدر فتوى لتحريم قتال فرنسا على المسلمين:
يستصدر فتوى لتحريم قتال فرنسا على المسلمين:
لم يتوقف الجنرال بيجو على الانتصارات العسكرية فقط للقضاء على الأمير، بل قرر استخدام الدين الإسلامي أيضا كسلاح لإضعاف قوته، فكان اقتراحه على ليون روش ليقوم باستصدار فتوى من العلماء المسلمين تحرم القتال ضد فرنسا.
سافر ليون روش إلى القيروان في جويلية 1841، بصحبة وفد من شيوخ الطريقة التيجانية المتحالفة معه وعلى رأسهم الشيخ التيجاني، ونال روش الفتوى من مجلس علماء القيروان، ثم واصل رحلته إلى الحجاز، مرورا بمصر، وصادق علماء الأزهر، وشريف مكة والطائف على محتوى هذه الفتوى!!!
وخلاصة الفتوى: " أنه يجب على المسلمين مهادنة الكفار الذين غزوا بلادهم (أو أراضيهم) بالقوة، وذلك إذا لم يؤذ هؤلاء نساءهم، وأطفالهم، وسمحوا لهم بممارسة دينهم وتركوا لهم حرية إيمانهم".
و قد تأثر المسلمون من ضعاف النفوس بهذه الفتوى وتثبّطت عزائمهم عن الجهاد، وتفرقت صفوفهم عن نصرة الأمير عبد القادر، فتضعضعت جهوده في مقاومة العدو، ونالت منه فرنسا بجرة قلم ما لم تنله بالسيف!
ولم تتوقف جهود ليون روش عند هذا الحد، بل تعدته للتشويش على الأمير في المغرب، وتأليب السلطان المغربي عليه، مما أدى إلى التضييق أكثر عليه وعلى مقاومته، إلى أن اضطر إلى الاستسلام سنة 1847.
عرض الباحثة: حفيظة بن دحمان
* لمزيد من التفاصيل حول الموضوع يمكن الرجوع إلى كتاب:
مناصرية (يوسف)، مهمة ليون روش في الجزائر والمغرب (1832- 1847)،
المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر 1990.
* لمزيد من التفاصيل حول الموضوع يمكن الرجوع إلى كتاب:
مناصرية (يوسف)، مهمة ليون روش في الجزائر والمغرب (1832- 1847)،
المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر 1990.
من مواضيعي
0 قراءة في كتاب:"الحرف والحرفيون بمدينة الجزائر(1700- 1830م)" تأليف: د. عائشة غطاس
0 تقديم كتاب: النشاط التنصيري للكاردينال لافيجري في الجزائر
0 عرض إصدار جديد حول تاريخ الثورة الجزائرية
0 القصيدة الكاملة لسيدي لخضر بن خلوف حول معركة مازغران
0 مجرد رأي: الشعر الشعبي والتاريخ
0 دعاء الإمام الذي غير حياتي
0 تقديم كتاب: النشاط التنصيري للكاردينال لافيجري في الجزائر
0 عرض إصدار جديد حول تاريخ الثورة الجزائرية
0 القصيدة الكاملة لسيدي لخضر بن خلوف حول معركة مازغران
0 مجرد رأي: الشعر الشعبي والتاريخ
0 دعاء الإمام الذي غير حياتي
التعديل الأخير تم بواسطة الزنبقة السوداء ; 05-09-2009 الساعة 09:52 AM