انتشار الإسلام غزوات أم فتوحات ؟
31-01-2014, 06:00 PM
سلام الله عليكم .
كثير من التقاطعات والإنسجامات حادثة بيننا يا ( الأمازيغي المسلم ) وإن كنت معاتب عليك ذلك الوصف ( الإسلامي) الذي يشير ضمنيا إلى وجود أمازيغي ( كافر ) ، وهو ليس كذلك ، والإختلاف في الفهم والقراءة سنة الرحمن في عباده ، وهو لا يفسد للود قضية ، ويجب أن تفهم بأنني لست ضد الإسلام ، ولا ضد فهوم الناس للإسلام ، وإنما أنا ضد احتكار فهم الدين ، أو استخدامه كآله حاصدة لقمع المخالفين في الفهم، ومن جملة اختلالات و تباين الفهم بيننا هو[الإنتساب للعرب ] وقد أوضحت رأيي فيه في مشاركتي السابقة ،
وسأوضح بشيء من التوسع حول النقطة الثانية التي تستنكرها وهي ما تعلق بالتوسع الإسلامي [ أهو فتح أو غزو] ليس بغرض الإنتقاص من قيمة العرب وجهدهم ، وإنما إحقاقا للحق والحقيقة والعدل ، فالعرب حقوقهم الثقافية مصانه بيننا بدعمنا ، والواجب هو مد يد العون لنا للحصول على حقنا الهوياتي الذي لا نستمده من أصلنا وإنما من أرضنا وتاريخنا .
فنحن نعيش في دولة مدنية يفترض أن تأخذ الدولة فيها مسافة واحدة من جميع مكوناتها .
مقدمات وقناعات لا بد منها :
°°°أنا لا أؤمن بالفكر المؤدلج الذي يرى الأمور منظور إني عاطفي ، وإنما أنظر للأمور بمنظور عقلاني مستأنس [بوقائع وأحداث] تعمق المصطلح وتثريه .
°°° كم تمنبت أن يكون إسلامنا إسلامنا مرتكزا على فهم وسطي عقلاني يعمل على خير البشرية لا خير فصيل دون الآخر ، فالدين في جوهره رحمة و هدي وتبيان لسبل الرشاد لصالح دنيانا وآخرتنا .
°°° واجب التمييز في المعالجات الشرعية و التاريخية بين أمرين اثنين ، أولهما التمييز بين النص وقراءته ، فقراءة النصوص الدينية يخضع لفهوم متعددة - حسب طبيعة القاريء واتجاهاته وميوله - لهذا نجد تفاوتا في فهم آي القرآن وتأويلها ، ونجد الخصومات الفهمية التي تتحول إلى مذهبيات متناحرة داخل خيمة الإسلام ، ( كل حزب بما لديه فرح ) ، صراع بين السنة والشيعة ، صراع بين مذاهب السنة ، وصراع محتدم بين مذاهب الشيعة وفرقها .... ثانيهما التمييز بين الدين الرباني ، والدين البشري ، فعندما نصبغ الفهم البشري ونجعله أمرا إلهيا نحز به الرؤوس و نحول الأحرار به إلى عبيد ، وتحويل العدوان إلى فتح فذاك مجاوزة وتجاوز .
°°° واجب التمييز كذلك في قراءة التاريخ ، فقراءة التاريخ في تقديري لا يكون إلا للنبهاء الذين لا يقبلون الأفكار إلا بعد غربلتها وإخضاعها لمبدأ الشك الموصل إلى اليقين ، فأحد نبهاء الأندلس (موسى بن سعيد الأندلسي) قال :[ما كل ما قيل كما قيل..... فقد باشر الناس الأباطيل] ، ، فالقراءة التاريخانية ليست ذاتها القراءة الشرعية ، ودولة بني أمية ليست إسلامية إلا شكلا لأنها في حقيقة أمرها هي طيف من أطياف الدول [ الشمولية ] السابقة واللاحقة من عمر دول الإسلام ، وبنو أمية جعلوا من الدولة الإسلامية [هرقلية جديدة] وتوسعاتهم التي نسميها فتحا شابتها اختلالات جوهرية أفقدتها الروح المعنوية وحولتها إلى صراع بين المسلمين القدامى [العرب] والجدد [ الموالي ] .
°°° العدوان مهما كان..... ( ولو لنشر دين الله ) أمر مستنكرومستبغض من الله والعقول السوية ، مصداقا لقوله تعالى :
وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة : 190]
فهل قدرة الله عاجزة عن جعل الأمم كلها مسلمة مؤمنة ؟ وهو القائل :
وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ [الأنعام : 107]
وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ [يونس : 99]
مابين الغزو والفتح من اختلاف .
°°° قرأت لمؤرخين مسلمين ، فوجدت أن مصطلحي ( الفتح ، والغزو ) وردا بتهافت لديهم ، فتوسعات المسلمين داخل حيز جزيرة العرب كانت ( غزوا) : ( غزوة بدر ، غزوة ، أحد ، غزة حنين) ...... بالرغم من أنها تدخل ضمن مصطلح ( جهاد الدفاع ، في حين أنها انقلبت فيما بعد إلى مصطلح (فتح ) في التوسع خارج الجزيرة ، ( فتح فارس ، فتخ مصر ، فتح المغرب ، فتح الأندلس ....) بالرغم من أنها هجومية عدوانية ، وما حيرني هو أن مؤرخنا الجزائري ( مبارك الميلي ) في كتابه ( تاريخ الجزائر في القديم والحدبث ) ذكر الفعل [ بالغزو ] .
معنى الغزو :
لا يمكن الجزم بصحة تعريف [ الغزو] من وجهة المنطوق الشرعي ولا التاريخي ، فقد تتعدد الفهوم وتتنوع ، كل ما أفهمه من هذا المصطلح بأنه فعل إرادي مقصود في اجتياح بلدان معينة بالقوة لتحقيق أهداف ما غالبا ما تكون استرانيجية نفعية بغطاء ديني ( فهل الإيمان والإسلام ) يغزو القلوب والوجدان أم أنه لغزو البلدان والأوطان ) ؟ والذي سيترك بلا شك صحائف من الغل ، ويرسم أوشاما يصعب محوها بفعل عدوان الناس على الناس باستخدام يافطة الدين ،
إذا كان الهدف هو نشر الإسلام ، فالإسلام ( دين طيار) بنتشر بسهولة ويسر بين البشر لما يحمله من قيم إنسانية سامية ومثل عليا لا تحتاج إلى القتال والقتل والرمي بالنشاب والجرح بالرماخ والإفناء بالسبف ،[
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ] [الشورى : 48]
معنى الفتح :
ورد مصطلح ال( فتح ) بمشتقاته في القرآن العظيم 33 مرة ، بمعنى التسهيل و الهداية الطوعية للإيمان بعد اقتناع ومعرفة ، وليس الإيمان الذي يأتي والسيوف مرفوعة فوق الأعناق ، كل الفعل النبوي الدفاعي سمي غزوا ، سوى دخول مكة في السنة 8 للهجرة سمي فتحا ( فتح مكة ) فتح سلمي مبين دون إراقة دماء ،
لماذا مصطلح الفتح ؟ :
غر ضه إخفاء الخطأ البشري في سير عمليات نشر الإسلام ، ونحن حين نقرأ التاريخ من مصادره الإسلامية نكتشف دناءاة وغرورا سياسيا إنسانيا يطفوا على الفعل التوسعي ، فكانا لزاما على الخلف تليين المسميات ليكون وقعها أقل خدشا للضمير ، ونحن نعلم أن الكثير من الحقائق ذكرت من باب [التمجيد ] دون أن يعلم قائلوها بأنها ستصبح يوما سلاحا حادا ضدهم ، وما [خفي] و[أخفي ] أعظم ... ونحن ها هنا عندما نستحضر حقائق الماضي ببعض ظلمه لا يعني أننا ضد الإسلام، وإنما ضد ممارسات بعض الدول (الإسلامية ) التي حولت الدين إلى وسيلة لتحقيق الرفاه الدنيوي ، وقد لا يتسع المقام هنا لذكر بعض من تفاصيل هذه التجاوزات والأخطاء في حق الأمم المغلوبة والمعارضة ، ومن هنا كان الواجب هو قراءة تاريخنا من منظورنا لا منظور غيرنا .
°°° إذا لم تقنع بالقول فأنا على استعداد لتزويدك لاحقا بما سيقنعك بأمثلة من تجاوزات اقترفت أيام غزو افريقية وبشهادة مؤرخين مسلمين .
وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة : 190]
لم يرد أن الرسول صلوات الله عليه قام بغزو واعتداء من أجل نشر الدين ، فكثيرا ماكان يمر على قبائل غير مسلمة في طريقة لمحاربة المعتدين دون أن يقتلهم ، امتثالا لقول ربنا العزيز ( لا إكراه في الدين ) .
فما يسميه الساسة والراغبون في تحقيق منافع دنوية لجنسهم ودولهم في التوسع وتكوين الأمبراطوريات العظيمة باستعباد الأقوام الأخرى و سبي نسائهم وذراريهم ، لا علاقة له بالنهج الرباني الصحيح ، فالفتح السليم لا يكون شرعيا إلا لسببين :
° الدفاع عن الذات والوطن .
° نصرة المظلوم الذي يعاني استبداد وجور الحكام .
فلا وجود في القرآن مبررا ومسوغا للإعتداء على الأقوام الأخرى إلا هذان المسوغان .( الدفاع عن النفس ، ومناصرة المظلوم ) .
سواء أكان ذلك على المستوى الفردي ( تعامل الإنسان كفرد مع الآخرين ) أو الجمعي ( تعامل الدولة الإسلامية مع غيرها من الملل والنحل ) .
هناك شطط في فهم مشروعية الجهاد ، وفُُسر الجهاد على أنه قتل المخالف غير المسلم ، ولعب التوجه الحربي الهجومي على فكر الناس منذ عهد الخليفة الراشدي الثالث ، الذي رغم ورعه وتقواه فقد كان ضعيفا في تسيير الفتوحات فقد استبد عماله بالأقاليم ، ( عبد الله بن عامر ، عبد الله بن أبي سرح ، الوليد بن العاص ، معاوية بن أبي سفيان ) في تحويل الجهاد إلى مغنم دنيوي باستعمل مسوغ ديني ، ( تحقيق الطموح الشخصي والدنيوي يتوظيف الدين ) .
سأل أحد الحصاف قائلا : لماذا اتجه الغزو ناحية الشمال ( الشام والعراق ) والغرب شمال افريقيا ، في حين أن جبهة إفريقيا هي أولى بالفتح بشساعتها و سذاجة إنسانها ؟ ، لماذا لم يجند المسلمون جيشا من الدعاة وإرسالهم لتلك الأصقاع لنشر ديننا الحنيف؟ كما فعلت الدولة المرابطية الأمازيغية التي يرجع لها الفضل في وصول الإسلام إلى غرب افريقيا سلما ؟ أو كما فعل بعض المسلمين التجار في نقل الإسلام إلى أصقاع العالم الشرقي دون الحاجة الى سيف الحجاج ، أو كما يفعل بعضنا حاليا في نشر الإسلام بين أمم أوروبا .
يبدوا أن زخرف الدنيا قد لعب دوره في شن الحرب المقدس غربا على شريط لا يتعدى عرضه 10 كلم من الأسكندرية حتى طنجة ، ظاهره نشر الإسلام وجهاد في سبيل الله ، وخفيه سياسي [ توسيع الأمبراطورية الأموية وكسب المزيد من النعم الدنيوية ]، وهو ما تفسره غزوةالعبادلة التي عاد بها المجاهدون من ( افريقية ) بأحمال من الغنائم والذهب حملوها على ظهور السفن الى مصر ،وما خفي اعظم ، أو حملات موسى بن نصير التي جعلت من شمال افريقيا خزانا لتزويد دار الخلافة بعبيد الأمازيغ بمسوغ السبي .
مع العلم أن التأصيل القرآني لم يرد فيه الإسترقاق صر يحا ، فالآية الرابعة من سورة محمد التي نصها ( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ) ففي الأية أمران إما ( منا) إطلاق سراح الأسير بدون مقابل ، أو ( فداء) أي طلب فدية لإطلاقة ، فالحالتان ليس فيهما ( السبي والإسترقاق ) ، الذي ملأ الدنيا ضجيجا ، ففصل الزوج عن زوجه ، واعتدى الجند على عرض المسبيات على شكل الجاهلية ، ومزقت أسر ، ويتمت الذراري ....
ورد في الكامل فبي التاريخ للابن الأثير أن الصحابي ( ابن الدرداء ) رضي الله عنه ، لما غزا المسلمون جزيرة قبرص حيث كان مشاركا في غزوها مر بسبي ، فغاضه ما شاهد من هول البكاء والنواح والتذلل من قبل النسوة والأطفال الذين أسروا وأصبحوا من جملة السبي ، فجعل يبكي من فرط ما شاهد ورآى فقال له جبير بن نفير :ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأذل الكفر وأهله؟؟، قال : فضرب منكبي بيده، وقال : ثكلتك أمك ياجبير، ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره، بينما هي أمة ظاهرة قاهرة للناس لهم الملك، إذا تركوا أمرالله فصاروا إلى ماترى، فسلط الله عليهم السباء، وإذا سلط الله السباء على قوم فليس لهُ فيهم حاجة.
ثنميرث أميس نتمورث .
التعديل الأخير تم بواسطة الأمازيغي52 ; 31-01-2014 الساعة 09:23 PM