رد: مبادئ أصول الدين
07-09-2014, 02:07 PM
كلّما أوجب اليقين صار حجة.
إنّ القينَ هو اطمئنان النفس تمام الاطمئنان في اعتقاد صحة حكم ما على أمرٍ سواء كان سلبًا أو ايجابًا ويقتضيه إلا صحة المأخذ والمستند أو ترتيب المقدّمات الصحيحة والنتيجة الصادقة وهو إما عام وإما خاص.
فالعام في الضروريات من الدرجة الأولى أي بلا قيدٍ ككون الواحد نصف الاثنين أو أنّ الكل أكبر من الجزء فذلك ضروري الجزم بلا قيدٍ من القيودِ ما دام الطرفان معلومين وإمّا نظري يوجب العلم الاستدلالي بالعلة على المعلول، أو المعلول على العلةِ مثلاً وذلك يستلزم اليقين متى أقترن بشهود الصحة من كل وجه وانتفاء العوارض المانعة للتصديق.
وأما الخاص فهو كذلك لكن يفيد اختصاصه بأهل ذكره أي بأهل العلم الخاص به كالعلوم الخاصة فإن معلوماتها الأوليّة ضرورية الصدق عند أهلها وهي نظرية عند غيرهم مطلقًا لجهلهم بها مثلاً أن المرض الفلاني يعم بالأعراض المخصوصة فيستدل بها على وجوده في المريض بحيث لا ينفك ذلك الحكم مطلقًا فهو ضروري عند الطبيب المشخص وذلك عينه عند غير الطبيب نظري يحتاج فيه إلى تأمل، والقضية الرياضية ضرورية الصدق عند العلم الرياضي بحيث لو اجتمع كل رياضي في الدنيا وطرحت على كلّ واحدٍ منهم لم تختلف أحكامهم فيها، وكذلك القضية الكيميائية وخاصة التفاعل بين الجسم الفلاني والجسم الفلاني ذلك ضروري الحكم بين الكيميائيين لا يختلف فيه إثنان ( كتفاعل واتحاد الهيدروجين مع الأوكسجين حسب ذراتهما فنحصل على الماء الذي رمزه h²o)
وهو عند غيرهم من أشكل المشكلات وأصعبها.
وهكذا فإن كلّ أهل علم فإن عندهم قواعد كلية ضروريةالمفهوم، وهي عند غيرهم نظرية فيهل مواد شاذة أو هي مستفادة من التجارب أو التخمين أو الاحتمالات فهي نظرية عندهم كما هي عند غيرهم من أغمض المسائل.
لأجل ذلك أمر الله سبحانه وتعالى بسؤال أهل الذكر في كل شيء:
" وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر "
إذن أن كل أمرٍ يوجب اليقين في علمٍ من العلوم، أو في كل فنّ من الفنون، أو في كل بحث من الابحاث فهو حجة لأهله على أهله لا على غيرهم إذ لا تعلق له بعلومهم ولا إحاطة لهم به متى كان ذلك المفهوم خاصًّا بعلمٍ دون علمٍ، وأمّا إذا كان منَ الأمور الضرورية عند عموم البشر فهي توجب اليقين عند الكل فهي حجة للكل عند الكل.