استغفار النبي عليه الصلاة والسلام-فائدة-
22-06-2018, 06:32 PM
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو مِنَ اللَّيْلِ: «اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، قَوْلُكَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ لِي غَيْرُكَ» ،
__________




قوله: "اللهم لك الحمد " الحمد هو الثناء بالقول على المحمود بصفاته اللازمة والمتعدية، و"ال" فيه للاستغراق، والاستقصاء، أي جميع الحمد واجب ومستحق لله تعالى، فهو المحمود على صفاته، وأسمائه، وعلى نعمه، وأياديه، وعلى خلقه وأفعاله، وعلى أمره وحكمه، وهو المحمود أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً.
وأما
الشكر: فلا يكون إلا على الصفات المتعدية، ويكون بالقلب واللسان والجوارح، قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} (1) .
وقال الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا



وفي هذا الحديث وأمثاله دليل على وقوع الذنوب من الأنبياء، إذ لو لم يكن له ذنب كيف يسأل المغفرة؟ وقد قص الله -تعالى- ما وقع لبعض الرسل من
المخالفات، وهذه مسألة مشهورة عند العلماء، وقد ألف فيها مؤلفات خاصة، وقد اتفق أهل السنة على أن ما يبلغونه من أمر الله وشرعه أنهم معصومون فيه من الخطأ....


" اتفق المسلمون على أنهم معصومون فيما يبلغون عن الله -تعالى-، وبهذا يحصل المقصود من البعثة، ولو لم تقع منهم الذنوب لفاتهم ما في التوبة من محبة الله وفرحه، ورفع درجة التائب، وكون التائب بعد التوبة أفضل منه قبلها، مع ما في القول بأن الذنوب لا تقع منهم من تكذيب لكتاب الله، وأخبار رسوله، أو تحريف لها، ومن اعتقد أن كل من لم يكفر، ولم يذنب، أفضل من كل من آمن بعد كفره، أو تاب بعد الذنب، فهو مخالف لما علم بالاضطرار من دين الإسلام، فإن من المعلوم أن الصحابة أفضل من أبنائهم الذين ولدوا في الإسلام.
وقد قال -تعالى- في أفضل الرسل: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} لما نزلت قال الصحابة: يا رسول الله، هذا لك، فما لنا؟ فأنزل – عز وجل -: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ} .
وتوبة الأنبياء واستغفارهم أدلته كثيرة، فكيف يقال: إنه لم يكن لهم ما يوجب التوبة والاستغفار، ولا تفضل الله عليهم بمحبته، وفرحه بتوبتهم، ومغفرته لهم ورحمته،
واعتراف جليل القدر بما هو عليه من الحاجة إلى التوبة والاستغفار دليل على صدقه، ورفعته، وتواضعه، وعبوديته لله تعالى – والغنى عن الحاجة من خصائص الربوبية وقد قال –صلى الله عليه وسلم-: " اللهم اغفر خطئي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي" (1) .

من شرح لكتاب التوحيد من صحييح االبخاري.