رد: ¦¦๑¦¦ مذكرة ماجستير: مبدأ شرعية التجريم والعقاب ...
26-06-2009, 06:33 PM
المبحث الثاني
مدى سلطة القاضي في تحديد العقوبة
ان من بين اهم نتائج مبدأ شرعية التجريم والعقاب ان لا عقاب الا بموجب نص تشريعي تتباين فيه سلطة القاضي في تقدير هذا العقاب تحقيقا للملائمة بينه وبين ما في الجاني من خطورة وهذا ما يعرف بتفريد العقاب الذي يمثل السياسة العقابية المعاصرة ( [1]).
اذ يعد العقاب من الضروريات اللازمة لتحقيق السيطرة الاجتماعية والمحافظة على القيم والقواعد التي تنظم سلوك الافراد داخل المجتمع وهو بهذا الاعتبار ضرورة لتحقيق الامن الاجتماعي فهو يحقق ردعا للغير مخافة ان يتعرضوا للعقاب الذي نال المجرم بما يعرف بالردع العام، كما انه يحقق ردعا خاصا يتمثل في منع المجرم من ارتكاب الجريمة مرة اخرى خوفا من العقاب، غير ان الوظيفة الحقيقية للعقاب تهدف الى اصلاح المجرمين من خلال رفع وانماء روح الجماعة لديهم وزرع مفاهيم اجتماعية داخل انفسهم. بما يحقق تماسكا اجتماعيا بين المجرم بعد اصلاحه والمجتمع الذي يعيش فيه ( [2]). ولتحقيق هذه الاهداف كان لا بد من ان تكون العقوبة متناسبة مع ما يحمله الجاني من خطورة اجرامية ( [3])، ويتحقق ذلك من خلال سلطة القاضي في تحديد العقاب.
فما هي هذه السلطة؟ وهل تتعارض مع مبدأ شرعية التجريم والعقاب؟
المطلب الاول
مفهوم سلطة القاضي في تحديد العقوبة
لكي يتسنى بيان مفهوم هذه السلطة لا بد اولا من التطرق لتطور سلطة القاضي الجنائي في تقدير العقوبة ثم تحديد معنى هذه السلطة على ضوء النظام المستقر حاليا:
اولا: تطور سلطة القاضي في تقدير العقوبة:
يمكن استعراض هذا التطور في ثلاثة نظم ( [4])هي: -
1- نظام السلطة المطلقة: ففي المجتمعات البدائية كان لرئيس القبيلة سلطة مطلقة على افراد قبيلته فهو يحكم عليهم بما يشاء دون الالتزام باي قاعدة ثابتة، كما ان اغلب الملوك القدماء كانوا يباشرون سلطة القضاء بانفسهم او حتى بواسطة افراد من طبقة خاصة وكانوا يمارسون هذه السلطة بصورة مطلقة لا قيد فيها، غير ان هذه السلطة المطلقة التي استأثر بها القضاة فاساءوا استعمالها تعرضت للانتقادات والدعوات الى التنديد بالاستبداد القضائي وضرورة تقييد سلطة القاضي في فرض العقوبات فظهر نظام جديد هو نظام السلطة المقيدة.
2- نظام السلطة المقيدة : وفي هذا النظام فان القاضي يجرد من كل سلطة تقديرية في التجريم وفي العقاب وما على القاضي في هذا النظام الا ان يطبق نوع ومقدار العقوبة المحددة سلفا للجريمة من قبل المشرع، الا ان هذا النظام قد تعرض لانتقاد يتحدد بانه انحرف بعدالة العقاب نحو عدم مساواة بالغة وشديدة وبالتالي لم يحقق هذا النظام المساواة بين المواطنين امام القانون وبذلك فقد عرف نظام جديد هو نظام السلطة النسبية في تقدير العقوبة.
3- نظام السلطة النسبية في تقدير العقوبة: يقوم هذا النظام على التعاون بين المشرع والقاضي في مدى مساهمة كل منهما في تحديد العقاب الملائم للجاني، اما دور المشرع فيتحدد بتخصيص عقوبات متنوعة لاصناف متعددة من الجرائم وقد سبق ان بينا دور المشرع في تحديد الجريمة والعقاب لذا فسوف يقصر الكلام هنا على دور القاضي في تحديد العقاب بما يعرف بـ (التفريد القضائي). فالنظام النسبي هو النظام المعاصر لسلطة القاضي في تقدير العقاب.
ثانيا: التفريد القضائي: يعني التفريد القضائي ان (تتولى السلطة القضائية توقيع العقوبة المناسبة لتأهيل المجرم ضمن حدود المقاييس المقررة للجرائم في القانون) ( [5])فقد قضت المادة (109) من قانون الجرائم العقوبات اليمني النافذ ((يقدر القاضي العقوبة التعزيرية المناسبة بين الحدين الاعلى والادنى المقررين للجريمة مراعيا في ذلك كافة الظروف المخففة او المشددة وبوجه خاص درجة المسؤولية والبواعث على الجريمة وخطورة الفعل والظروف التي وقع فيها وماضي الجاني الاجرامي ومركزه الشخصي وتصرفه اللاحق على ارتكاب الجريمة وصلته بالمجني عليه وما اذا كان قد عوض المجني عليه او ورثته وعند تحديد الغرامة يراعي القاضي المركز الاقتصادي للجاني .....)) وللتفريد القضائي وسائل قانونية تتحدد بالاتي ( [6]):
1- التدرج الكمي للعقوبة: ويعني تحديد المشرع حدين ادنى واعلى للعقوبات التي تقبل بطبيعتها التجزئة مثل العقوبات السالبة للحرية والغرامة فترك المشرع للقاضي سلطة تقدير مقدار العقوبة دون تجاوز حديها وللتدرج الكمي طريقتي:
أ- التدرج الكمي الثابت: ويتحقق عندما يحدد المشرع حدين ادنى واعلى ثابتين.
ب- التدرج الكمي النسبي: حيث يلزم القاضي بتدريج مقدار العقوبة بالنسبة الى قيمة الضرر المترتب على الجريمة او قيمة الفائدة التي حصل عليها المجرم منها او بالنسبة للدخل اليومي للمجرم، والغرامة هي العقوبة الوحيدة التي يمكن تطبيق هذا النظام عليها ( [7]).
2- الاختيار النوعي للعقوبة ( [8]): ويتحقق هذا النظام عن طريق:
أ- نظام العقوبات التخييرية اذ يترك للقاضي في هذا النظام حرية الاختيار في الحكم على المجرم باحدى عقوبتين مختلفتين في النوع او يحكم بكليهما.
ب- نظام العقوبات البديلة: فيجوز للقاضي طبقا لهذا النظام ان يحل عقوبة من نوع معين محل عقوبة من نوع اخر مقرر اصلا لجريمة ما وذلك عند تعذر تنفيذ العقوبة الاصلية ولملائمة العقوبة البديلة لحالة المجرم الشخصية.
3- التخفيف والتشديد الاسثنائيان للعقوبة:
قد يوجه القاضي حالات وافعال تؤثر في تخفيف او تشديد العقوبة للجريمة المرتكبة يحددها المشرع او يترك تحديدها للقاضي فيجيز له عند توافر المخفف منها النزول بالعقوبة الى ما دون حدها الادنى المقرر للجريمة او احلال عقوبة اخرى من نوع اخف محلها، وهذه تعرف بالظروف المخففة او الاعذار المعفية او المخففة للعقوبة ( [9]).
اما المشدد منها فيجوز للقاضي عند توافرها ان يتجاوز الحد الاعلى المقرر للعقوبة او احلال عقوبة اخرى من نوع اشد محلها وهذه تعرف بالظروف المشددة ( [10]).
4- ايقاف تنفيذ العقوبة ( [11]): يقضي هذا النظام بمنح القاضي سلطة تعليق تنفيذ العقوبة على شرط موقوف خلال مدة تجربة يحددها القانون فاذا ما تبين للقاضي ان شخصية مرتكب الجريمة غير خطرة على امن المجتمع كان له ان يستخدم هذا النظام فيجعل العقوبة ملائمة لشخصية الجاني وبذلك يتحقق تفريد العقاب.
ومن هنا يتبين مفهوم سلطة القاضي في العقاب التي تتحدد بضرورة منح القاضي قدرا من الصلاحيات المحددة تشريعا لتحقيق تفريد العقاب بوصفه المنهج الحديث في السياسة الجنائية، ولكن هل يتعارض منح القاضي الجنائي مثل هذه السلطة مع مبدأ شرعية التجريم والعقاب الذي من اهم نتائجه انه حدد سلطة القاضي بتطبيق نصوص التجريم والعقاب؟ هذا ما سوف يتم الاجابة عليه من خلال المطلب الاتي:
المطلب الثاني
مدى توافق سلطة القاضي التقديرية مع المبدأ
ان سلطة القاضي في تحديد العقاب ليست سلطة تحكمية تعطي للقاضي امكانية فرض عقوبات لم يرد بشأنها نص انما هي سلطة تقديرية هدفها تحقيق الملائمة بين العقوبة وشخصية الجاني (فالقانون لا يمنح القاضي قوة خلاقة بل يعتبر دروه تأكيدا لارادة المشرع اذ ليس من حقه مسايرة افكاره الخاصة في تقدير حكمه لان الحكم الجنائي لا يجوز ان يكون حقلا للافكار الشخصية) ( [1]).
ومن هذا المنطلق فان سلطة القاضي الجنائي في تحديد العقاب لا تتعارض مع مبدأ الشرعية اذ يظل القاضي محددا بقيود معينة حتى عند ممارسته لسلطته التقديرية هذه ويبدو لنا ذلك من خلال الاتي:
اولا: سلب السلطة التقديرية للقاضي في تحديد العقاب في بعض الاحيان:
قد يقوم المشرع بتحديد عقوبة واحدة للجريمة المرتكبة ليس للقاضي عند توافر شروط نص التجريم ان يحكم بغير هذه العقوبة او ان ينزل بها او يرتفع بها. كما فعل المشرع العراقي في المادة (406/1) من قانون العقوبات العراقي النافذ التي نصت على ان ((يعاقب بالاعدام من قتل نفسا عمدا في احدى الحالات التالية: أ- اذا كان القتل مع سبق الاصرار والترصد)).
فبموجب هذه المادة ليس للقاضي ان يحكم بغير الاعدام عند توافر القتل عمدا مع سبق الاصرار او الترصد وبهذا فلا سلطة تقديرية له في مجال العقاب وان كان له سلطة في تكييف الواقعة المرتكبة ومثالها في قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ
المادة (298) الخاصة بحد السرقة حيث نصت على ان ((كل من سرق نصاب وتوافرت في فعله شروط الحد تقطع يده اليمنى من الرسغ حداً فاذا ارتكب جريمة مماثلة بعد ذلك تقطع رجله اليسرى من الكعب فاذا ارتكب ذات الجريمة بعد ذلك يستبدل بالقطع الحبس مدة لا تجاوز خمسة عشر سنة واذا تعدد الفاعلون للسرقة اقيم الحد على كل واحد منهم بصرف النظر عما ساهم به في السرقة)).
يتبين من خلال هذا النص ان القاضي اليمني ليس له سلطة تقديرية في تحديد عقاب السارق اذا ما توافرت شروط السرقة وبهذا فان عدم منح سلطة تقديرية هو امر يتفق مع مبدأ شرعية التجريم والعقاب.
ثانيا: عدم تعارض التدرج الكمي للعقوبة مع المبدأ:
فعلى الرغم من ان المشرع قد ترك للقاضي سلطة تقديرية لتحديد مقدار العقوبة في هذا النظام كما اسلفنا الا ان القاضي يظل مقيداً بالحد الاعلى او الحد الادنى الثابت بنص التجريم والعقاب ومن ثم فان القاضي لم يقض بعقوبة جديدة وانما قضى بعقوبة قد قررها المشرع سلفا وبهذا فانه لا تعارض بين السلطة الممنوحة للقاضي في حالة التدرج الكمي للعقوبة وبين مبدأ الشرعية وهذا ما ذهب اليه المشرع العراقي في المادة (407) من قانون العقوبات العراقي النافذ التي نصت على ان ((يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين او بالحبس مدة لا تقل عن سنة الأم التي تقتل طفلها حديث العهد بالولادة اتقاء للعار اذا كانت قد حملت به سفاحا)).
فالظاهر من خلال هذا النص ان القاضي له ان يحكم بالسجن عشر سنوات او بالحبس مدة لا تقل عن سنة او باي عقوبة بين هذين الحدين دون ان يكون له السلطة بالحكم مدة اقل من سنة او اكثر من عشر سنين. ويجد هذا الامر تطبيق له في قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ في المادة 131 الخاصة بجرائم الاعتداء على الدستور والسلطات الدستورية حيث نصت على ان ((يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات كل من توصل او شرع في التوصل بالعنف او التهديد او أي وسيلة اخرى غير مشروعة الى :1- الغاء او تعديل او ايقاف الدستور او بعض نصوصه. 2- تغيير او تعديل تشكيل السلطة التشريعية او التنفيذية او القضائية او منعها من مباشرة سلطتها الدستورية او الزامها باتخاذ قرار معين)) فيظهر من هذا النص ان ليس للقاضي الجنائي اليمني ان يفرض عقوبة الحبس مدة تزيد على عشر سنوات او ان يفرضها باقل من ثلاث سنوات التزاما منه بالخط التشريعي الذي حدده المشرع سلفا ضمن نص المادة (131) وبهذا فانه لا تعارض بين نظام التدرج الكمي للعقوبة وبين مبدأ الشرعية.
ثالثا: عدم تعارض نظام العقوبات التخييرية مع المبدأ:
على الرغم من ان للقاضي في هذا النظام حرية اختيار العقوبة الملائمة للمجرم الا ان القاضي لا يستطيع ان يقرر عقوبة جديدة غير تلك المحددة في النص العقابي، اذ يمكن للقاضي ان يفرض عقوبة السجن المؤبد او المؤقت على من قتل نفسا عمدا طبقا لما قررته المادة (405) من قانون العقوبات العراقي النافذ وليس للقاضي ان يقرر عقوبة اخرى غيرها كأن يفرض عقوبة الحبس مثلا كما يجد هذا الامر تطبيقه في قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ في المادة (223) منه الخاصة باخفاء الفارين والتي نصت على ان ((يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة اشهر او بالغرامة كل من اخفى بنفسه او بواسطة غيره احد الفارين من الخدمة العسكرية)) فعلى الرغم من ان القاضي اليمني مخير بين عقوبة الحبس او الغرامة وتطبق اكثرها ملائمة مع شخصية الجاني الا انه لا يستطيع فرض عقوبة اخرى غير عقوبة الحبس او الغرامة كعقوبة الجلد مثلا.
رابعا: عدم تعارض التخفيف او التشديد الاستثنائيين للعقوبة مع المبدأ:
فعلى الرغم من ان للقاضي عند توافر هذه الاسباب ان ينزل بالعقوبة الى ما دون حدها الادنى المقرر للجريمة او ان يتجاوز الحد الاعلى المقرر لها فان هذا الامر لا بد ان يكون مقيدا بحدود معينة ينص عليها القانون، كشرط عدم تجاوز ضعف الحد الاقصى للعقوبة او بشرط عدم تجاوز مدة السجن المؤقت في أي حال عن خمس وعشرين سنة على وفق ما قررته المادة (136) من قانون العقوبات العراقي النافذ التي نصت ((اذا توافر في جريمة ظرف من الظروف المشددة يجوز للمحكمة ان تحكم على الوجه الاتي: 1- اذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد جاز الحكم بالاعدام. 2- اذا كانت العقوبة السجن المؤقت او الحبس جاز الحكم باكثر من الحد الاقصى للعقوبة المقررة للجريمة بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد على ان لا تزيد مدة السجن المؤقت في أي حال عن خمس وعشرين سنة ومدة الحبس على عشر سنوات)). ويظهر عدم التعارض بين تشديد العقوبة او تخفيفها مع مبدأ الشرعية مما جاء في المادة (220) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ الخاصة بجريمة التخلف عن اداء خدمة الدفاع الوطني الإلزامية فعلى الرغم من اعتبار القيام بالتخلف في زمن او في حالة استدعاء الاحتياط العام ظرفا مشددا يمكن للقاضي ان يعاقب المتخلف عنه بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات بدلا من الخمس سنوات الا انه لا يستطيع ان يفرض عقوبة الحبس بما زاد عن العشر سنوات كما انه لا يستطيع ان يفرض عقوبة اشد من الحبس كعقوبة الاعدام تطبيقا لما حدده المشرع من قيد على سلطة القاضي في التشديد اذ نصت هذه المادة على ان ((أ- كل يمني ارتكب جريمة التخلف عن اداء خدمة الدفاع الوطني الالزامية يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات. ب- اذا كان التخلف في زمن او في حالة استدعاء الاحتياط العام يعاقب المتخلف بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات)).
كما يظهر عدم تعارض تخفيف العقوبة في قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ في المادة (109) التي نصت على ان (( ..... اذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي الاعدام واقترنت بظرف مخفف طبق القاضي عقوبة الحبس بحد اعلى يتجاوز خمس عشرة سنة وبحد ادنى لا يقل عن خمس سنوات)).
فعلى الرغم من ان القاضي له سلطة في التخفيف بموجب هذه المادة الا ان هذا التخفيف قد قيده المشرع بحدين اعلى وادنى لا يستطيع القاضي تجاوزهما وهذا ينسجم مع مقتضيات مبدأ الشرعية.
خامسا: عدم تعارض ايقاف تنفيذ العقوبة مع المبدأ :
اذ يمنح هذا النظام للقاضي سلطة تعليق تنفيذ العقوبة على شروط معينة يجب على الجاني ان يلتزم بها ومن هذا المنطلق فان هذا النظام لا يتعارض مع مبدأ شرعية التجريم والعقاب لان القاضي ملزم بالشروط المحددة سلفا في التشريع ولا يستطيع ان يحيد عن تطبيقها اذ نصت المادة (144) من قانون العقوبات العراقي النافذ على ان ((للمحكمة عند الحكم في جناية او جنحة بالحبس مدة لا تزيد على سنة ان تأمر في الحكم نفسه بايقاف تنفيذ العقوبة اذا لم يكن قد سبق الحكم على المحكوم عليه عن جريمة عمدية ورأت من اخلاقه وماضيه وسنة وظروف جريمته ما يبعث على الاعتقاد بانه لن يعود الى ارتكاب جريمة جديدة .....)) كما نص في المادة (145) من القانون ذاته على ان ((للمحكمة عند الامر بايقاف التنفيذ ان تلزم المحكوم عليه بان يتعهد بحسن السلوك خلال مدة ايقاف التنفيذ ....)) كما قررت في المادة (146) على ان ((تكون مدة ايقاف التنفيذ ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم)).
ومن خلال استقراء النصوص السابقة يتبين جملة القيود التي وضعها المشرع العراقي لتحقيق ايقاف تنفيذ العقوبة فإذا ما اراد القاضي ان يميل الى تطبيق هذا النظام فعليه ان يتبع ويلتزم بتلك القيود. هذا وقد عرف قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ نظام وقف التنفيذ بموجب المادة (118) منه والتي نصت على ان ((للقاضي عند الحكم بالغرامة او الحبس مدة لا تزيد على سنة ان يامر بوقف تنفيذ العقوبة اذا تبين من فحص شخصية المحكوم عليه وظروف جريمته ما يبعث على الاعتقاد بانه ليس يعود الى ارتكاب جريمة اخرى... ويكون وقف تنفيذ العقوبة لمدة سنتين من تاريخ الحكم النهائي واذا انقضت هذه المدة دون ان يتوافر سبب من اسباب الغاء وقف التنفيذ اعتبر الحكم كان لم يكن)) ( [2]).
ومن خلال كل ما سبق يظهر ان مبدأ شرعية التجريم والعقاب قد اثر وبشكل واضح على دور القاضي سواء في التجريم او في العقاب، فاما دوره في التجريم فانحصر في تكييف الواقعة المرتكبة بانها جريمة ووصف هذه الجريمة بوصف قانوني معين ولم يكن له أي دور في ايجاد نصوص التجريم فضلت هذه الاخيرة من اختصاص المشرع.
وقد اثر ايضا مبدأ الشرعية على سلطة القاضي في تحديد العقاب فظهر ان القاضي مطبق للنص مع امكانية ان تكون له سلطة تقديرية تنسجم ومبدأ الشرعية اذ لا يستطيع هذا القاضي ان يفرض عقوبة لم يرد بشانها نص ولا ان يتنازل عقوبة بغير الطريقة المحددة من قبل المشرع.
الفصل الرابع
العوامل المؤثرة في المبدأ
وضمانات تطبيقه
بعد ان تم تحديد شامل لماهية مبدأ الشرعية وتحديد النتائج المترتبة عليه سواء في مجال التجريم والعقاب فان هذا المبدأ كغيره من المبادئ التي تحكم سير الدول يتأثر بعوامل عديدة توسع او تضيق من نطاقه وقد يصاحب هذه العوامل ظرف عادي وفي بعض الاحيان ظرف استثنائي قد يصل تأثيره الى تهديد كيان الدولة ووجودها وهنا تظهر الحاجة الماسة الى وسيلة بيد الافراد لابقاء مبدأ الشرعية ضمن المدى الذي يحقق ضمان حرياتهم وحقوقهم التي ما قرر المبدأ الا لصونها وحمايتها ومن ثم عدم التوسع في التجريم والعقاب او التضييق بصورة تؤدي الى خرق هذا المبدأ تحت ذريعة تأثير هذه العوامل لكي نعرف كيف نحمي مبدأ الشرعية ( [1]). وبغية ايضاح كل ذلك كان لزاما ان نبحث تلك العوامل لاثبات اثرها على مبدأ الشرعية اتساعا او ضيقا ثم نتكلم عن الضمانات التي تحقق التطبيق السليم لمبدأ الشرعية.
المبحث الاول
العوامل المؤثرة في المبدأ
يهدف كل نظام حكم الى تحقيق اهداف سياسية واقتصادية واجتماعية في المجتمع الذي يمارس فيه سلطته السياسية مستعينا بالقانون وسيلة لتنظيم وسائل تحقيق هذه الاهداف ومن هنا كان لهذه الاهداف دور مؤثر في مبدأ الشرعية من حيث مضمونه والنتائج المترتبة عليه. فما هو تأثير هذه العوامل على نطاق التجريم والعقاب؟.. للوقوف على حقيقة تأثير هذه العوامل لا بد من التمييز بين تأثير العوامل تحت ظرف عادي وتأثيرها تحت ظرف استثنائي يهدد كيان الدولة ووجودها ومن هذا المنطلق سوف يتم تقسيم هذا المبحث على مطلبين يتم تخصيص الاول لدراسة تأثير العوامل في الظرف العادي على نطاق التجريم والعقاب وفي الاخر تأثير تلك العوامل على نطاق التجريم والعقاب في الظرف الاستثنائي.
المطلب الاول
نطاق التجريم والعقاب في الظرف العادي
تتنوع الاهداف التي يبغي المشرع تحقيقها عند ممارسة التجريم والعقاب فهي اما ان تكون سياسية او اقتصادية او اجتماعية فقد نص المشرع العراقي ودعما للجانب السياسي في المادة (156) من قانون العقوبات العراقي النافذ ((يعاقب بالاعدام من ارتكب عمدا فعلا بقصد المساس باستقلال البلاد او وحدتها او سلامة اراضيها وكان الفعل من شانه ان يؤدي الى ذلك)).
كما نص المشرع اليمني في المادة (125) من قانون الجرائم والعقوبات النافذ ((يعاقب بالاعدام كل من ارتكب فعلا بقصد المساس باستقلال الجمهورية او وحدتها او سلامة اراضيها ويجوز الحكم بمصادرة كل او بعض امواله)).
ومن خلال استقراء النصين السابقين يتضح دور العامل السياسي في التجريم حيث تمثل باعتباره فعل الاعتداء على استقلال الجمهورية جريمة كما يظهر تأثير العامل السياسي في العقاب من خلال العقوبة التي فرضت على مرتكب الفعل وهي عقوبة شديدة تمثلت بالاعدام على ان هناك اختلاف في منهج المعالجة الذي اتبعه كلٌ من المشرع اليمني من جهة والمشرع العراقي من جهة اخرى وهذا يتضح من اشتراط العمد بصورة صريحة في التشريع العراقي وعدم اشتراطه بتلك الصورة عند المشرع اليمني.
ويظهر اختلاف المنهج في اشتراط المشرع العراقي ان يكون الفعل المرتكب من شانه ان يؤدي الى الاعتداء على سلامة البلاد في حين لم يشترط المشرع اليمني هذا الامر وكان الاولى به ان يشترطه ضمانا لحريات الافراد.
كما اضاف المشرع اليمني عقوبة اخرى غير عقوبة الاعدام وجعلها جوازية تمثلت بمصادرة كل او بعض اموال الجاني وكان الاولى به ان يحدد معيارا لسلطة القاضي في هذا الامر لان عقوبة المصادرة سوف تمس باثرها ورثة الجاني بعد اعدامه، في حين لم ينص المشرع العراقي على هذا الحكم ضمن نص المادة (156) سالفة الذكر وتحت تأثير العامل السياسي المتمثل في الحفاظ على امن الدولة الخارجي فقد نص المشرع العراقي في المادة (158) من قانون العقوبات العراقي النافذ على ان ((يعاقب بالاعدام او السجن المؤيد كل من سعى لدى دولة اجنبية او تخابر معها او مع احد ممن يعملون لمصلحتها للقيام باعمال عدائية ضد العراق قد تؤدي الى الحرب او الى قطع العلاقات السياسية او دبر لها الوسائل المؤدية الى ذلك)).
كما نص المشرع اليمني وتحت تأثير العامل السياسي ايضاً في المادة (128) من قانون الجرائم والعقوبات النافذ على ان ((يعاقب بالاعدام : 1- كل من سعى لدى دولة اجنبية او احد ممن يعملون لمصلحتها او تخابر معها او معه وكان من شان ذلك الاضرار بمركز الجمهورية الحربي او السياسي او الدبلماسي او الاقتصادي.....))
من خلال استقراء النصين السابقين يبدو جليا تأثير العامل السياسي على نطاق التجريم بوصفه السعي او الاتصال مع دولة اجنبية للقيام باعمال عدائية جريمة يعاقب عليها بالاعدام ضمن التشريع اليمني او بالاعدام او السجن المؤبد ضمن التشريع العراقي.
- وتحت تأثير العامل الاقتصادي او رد المشرع العراقي عددا من النصوص التي تهدف الى حماية مصالح اقتصادية من ذلك نص المادة (465) من قانون العقوبات العراقي النافذ التي نصت على ان ((يعاقب بالحبس وبغرامة لا تزيد على الف دينار او باحدى هاتين العقوبتين من اقرض اخر نقودا باي طريقة بفائدة ظاهرة او خفية تزيد على الحد الاقصى المقرر للفوائد الممكن الاتفاق عليها قانونا وتكون العقوبة السجن المؤقت بما لا يزيد على عشر سنوات اذا ارتكب المقرض جريمة مماثلة للجريمة الاولى خلال ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الحكم الاول نهائيا)) وعلى اثر العامل الاقتصادي فقد نص المشرع اليمني على جريمة الربا في المادتين (314) و (315) فنصت المادة (314) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ على ان ((كل قرض جر منفعة فهو ربا ولا يعد كذلك غرامة المطالبة للتأخير بعد المطل ولا ما لحق الدائن من المصاريف بقدر اجرة المثل التي يسمح بها القانون)) ونصت المادة (315) من القانون نفسه على ان ((يعاقب المقرض بالربا بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بالغرامة)).. من خلال استقراء النصوص السابقة يظهر تأثير العامل الاقتصادي على نطاق التجريم فجرم فعل الاقراض بالفائدة وعوقب فاعله (المرابي) بالحبس او الغرامة على ان اختلاف منهج كل من المشرع اليمني والعراقي كان واضحا في اطلاق التجريم لكل فعل اقراض بفائدة من قبل المشرع اليمني وتحديد فعل الاقراض بفائدة تزايد على الحد الاقصى المقرر للفوائد قانونا عند المشرع العراقي.
وكان الاجدر بالمشرع العراقي ان لا يتخذ هذا المنهج لانه قد جوز الاقراض بفائدة اذا كانت ضمن الحد القانوني.
ويبدو ان اختلاف منهج المشرع اليمني والعراقي في هذا المجال كان انعكاسا لاختلاف منهج السياسة الاقتصادية لكل من الدولتين باعتماد اليمن على الشريعة الاسلامية مطلقا واعتماد العراق على الشريعة الاسلامية والقانون الوضعي.
ويظهر اختلاف منهج المشرع اليمني من جهة والمشرع العراقي من جهة اخرى في اعتبار ارتكاب المقرض في القانون العراقي لجريمة الربا مرة ثانية ظرف مشدد يوجب الحكم بالسجن المؤقت مدة لا تزيد على عشر سنوات.
في حين لم ينص على هذا التشديد في قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ. كما يظهر تأثير السياسة الاقتصادية على نطاق التجريم والعقاب من خلال تقرير مسؤولية الاشخاص المعنوية الجزائية لما تمارسه هذه الاشخاص من دور فعال في المجال الاقتصادي فقررت المادة (80) من قانون العقوبات العراقي النافذ على ان ((الاشخاص المعنوية فيما عدى مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية مسؤولة جزائيا عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوها او مديروها او وكلاؤها لحسابها او باسمها ولا يجوز الحكم عليها بغير الغرامة والمصادرة والتدابير الاحترازية المقررة للجريمة قانونا فاذا كان القانون يقرر للجريمة عقوبة اصلية غير الغرامة ابدلت بالغرامة ولا يمنع ذلك من معاقبة مرتكب الجريمة شخصيا بالعقوبة المقررة في القانون)).
وقد جاء في المادة (1) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ ((الاشخاص الاعتبارية تشمل الشركات والهيأت والمؤسسات والجمعيات التي تكتسب هذه الصفة وفقا للقانون وتأخذ حكم الاشخاص الطبيعية بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ويكتفي في شانها بالعقوبات التي يمكن تطبيقها عليها)).
وبهذا يتضح اختلاف المنهج في معالجة مسؤولية الشخص المعنوي بين كل من قانون العقوبات العراقي النافذ من جهة وقانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ من جهة اخرى من خلال مساواة المشرع اليمني للاشخاص المعنوية العامة والاشخاص المعنوية الخاصة على خلاف ما ذهب اليه المشرع العراقي من استثناء الاشخاص المعنوية العامة من نطاق المسؤولية الجزائية.
وكان على المشرع اليمني ان ينص على هذا الاستثناء في قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ لان الاشخاص المعنوية العامة تهدف الى تحقيق الصالح العام وبالتالي لا يجوز مساءلتها جزائيا خوفا من عرقلة ما تقدمه من خدمات عامة.
- وقد مارس العامل الاجتماعي تأثيره كسابقيه على نطاق التجريم والعقاب فقد نصت المادة (386) من قانون العقوبات العراقي النافذ على ان ((يعاقب بغرامة لا تزيد على عشرة دنانير من وجد في طريق عام او محل عام او محل مباح للجمهور في حالة سكر بين بان فقد صوابه او احدث شغبا او ازعاجا للغير)).
ونصت المادة (283) من قانون الجرائم العقوبات اليمني النافذ على ان ((يعاقب بالجلد ثمانين جلدة حدا كل مسلم بالغ عاقل شرب خمرا فاذا شربها في محل عام جاز تعزيره بعد اقامة الحد بالحبس مدة لا تزيد على سنة)).. ومن خلال استقراء النصين السابقين يظهر تأثير العامل الاجتماعي على نطاق التجريم فجرم فعل السكر كما يظهر تأثير هذا العامل في نطاق العقاب بان فُرض على من يرتكب عقوبة جزائية لما تشكله حالة السكر من خطورة اجتماعية وحالة مستهجنة من قبل افراد المجتمع وعلامة سلبية في غير ان منهج المشرع العراقي يختلف عن منهج المشرع اليمني اذ جرم المشرع العراقي السكر في طريق او محل عام واشترط فيمن يتعاطى المسكر ان يفقد صوابه او يحدث شغبا او ازعاجا للغير بمعنى انه لو تعاطى المسكر في غير الاماكن العامة او انه تعاطاها في هذه الاماكن دون ان يفقد صوابه او دون ان يزعج الاخرين فلا يعد فعله جريمة على عكس ما ذهب اليه المشرع اليمني الذي جرم شرب الخمر مطلقا وشدد في عقوبة من يشربها في محل عام.
كما ان المشرع اليمني ميز في الحكم بين المسلم وغير المسلم فاشترط في الاخير ان يشربها علانية في احكام لم يوردها المشرع العراقي.
لذا ندعو المشرع العراقي الى الاخذ بما ذهب اليه المشرع اليمني في قانون الجرائم والعقوبات بهذا الخصوص عملاً باحكام الشريعة الاسلامية الغراء وما توفره من استقرار في حياة المجتمع.
ويظهر تأثير العامل الاجتماعي في نص المادة (377) من قانون العقوبات العراقي النافذ التي جرمت الزنا في حدود معينة فقد نصت ((1- تعاقب بالحبس الزوجة الزانية ومن زنا بها ويفترض علم الجاني بقيام الزوجية ما لم يثبت من جانبه انه لم يكن في مقدوره بحال العلم بها. 2- ويعاقب بالعقوبة ذاتها الزوج اذا زنا في منزل الزوجية)).
كما نصت المادة (263) من قانون الجرائم العقوبات اليمني النافذ ((الوطء المعتبر زنا هو الوطء في القبل ويعاقب الزاني والزانية في غير شبهة او اكراه بالجلد مائة جلدة حدا ان كان غير محصن ويجوز للمحكمة تعزيره بالحبس مدة لا تجاوز سنة واذا كان الزاني او الزانية محصنا يعاقب بالرجم حتى الموت)).
فعلى الرغم من ان كلا النصين قد جرما وعاقبا على فعل الزنى الا ان منهج المشرع العراقي قيد الزنى المعتبر جريمة والموجب للعقاب هو زنى الزوجة وايضا قيد التجريم والعقاب على من يمارس الزنى مع الزوجة ان يكون عالما بقيام الزوجية فان ثبت انه لا يعلم ان الزانية هي زوجة لم يعد فعله جريمة ولا عقاب عليه.
كما انه قيد التجريم وعقاب الزوج بان يكون قد زنى في منزل الزوجية فان زنى في غير هذا المكان فان فعله لا يعد جريمة ولا عقاب عليه كما يفهم من نص المادة (377) العراقية سابقة الذكر انه اذا حدث الزنى بين امرأة غير متزوجة وبين رجل ما برضاهما لا تعد جريمة الزنى قائمة ولا عقاب على فعلهما على خلاف ما جاء به المشرع اليمني الذي اطلق التجريم والعقاب على الزانية والزاني اذا تحقق الوطء بالشروط المحددة في المادة (263) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني سالفة الذكر ولهذا ندعو المشرع العراقي للاخذ بما جاء به المشرع اليمني من اجل معالجة فعالة لهذه الجريمة.
هذا وقد يورد المشرع بتأثير عوامل معينة انماطاً من الجرائم لا توجد في قوانين اخرى كما هو الحال في قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ الذي اورد جريمة اطلق عليها (جريمة الرق) على وفق المادة (248) منه والتي نصت على ان ((يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات اولا: كل من اشترى او باع او اهدى او تصرف باي تصرف كان في انسان. ثانيا: كل من جلب الى البلاد او صدر منها انسانا بقصد التصرف فيه)).
كما نص في المادة (268) على جريمة اطلق عليها (السحاق) فقد نصت هذه المادة على ان ((السحاق هو اتيان الانثى للانثى وتعاقب كل من تساحق غيرها بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات فاذا وقع الفعل باكراه يجوز ان يمتد الحبس الى سبع سنوات)).
كما اورد المشرع اليمني في المادة (259) جريمة اطلق عليها (الردة) فنصت على ان ((كل من ارتد عن دين الاسلام يعاقب بالاعدام بعد الاستتابة ثلاثا وامهاله ثلاثين يوما ويعتبر رده الجهر باقوال او افعال تتنافى مع قواعد الاسلام واركانه عن عمد او اصرار فاذا لم يثبت العمد او الاصرار وابدى الجاني التوبة فلا عقاب)).
ان النصوص السابقة لا تجد نظيراً لها في قانون العقوبات العراقي النافذ وكان النص عليها ضمن قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ بتأثير العامل الديني المتمثل بوجوب تطبيق احكام الشريعة الاسلامية بعد تقنينها بوصفها مبدءاً يقوم عليه المجتمع اليمني. لذا نهيب بالمشرع العراقي بالنص على هذه الجرائم وعدم اغفاله اياها لكي لا تخرج من نطاق التجريم والعقاب لما لها من تأثير سلبي على امن المجتمع واستقراره.
[ يـــا إبــن ادم لا تـظـلـمــن إذا مـا كـنـت مـقـتـدرا
فـالــظــلـم يـرجـع عـقـبـاه إلــــــى الـــنـــدم
تـنـام عـيـنـاك والمـظـلـوم مـنـتـبـه
يـدعـو عـلـيـك وعـيـن الله لـم تـنـم]