"شبابنا بين هذا و هذا ثم هذا و ذاك"
04-02-2013, 11:11 AM
الحلقة الاولى
" شبابنا بين هذا و هذا ثم بين هذا و ذاك "
" شبابنا بين هذا و هذا ثم بين هذا و ذاك "
شبابنا بين هذا و هذا ثم بين هذا و ذاك , و أنا أكتب هذه الكلمات , أضع صورة شبابي نصب عيني , و هو يتلاشى و يندثر , و يتألم في عز أيامه و يحتضر , و يذهب بعيدا عني يوما بعد يوم , و ينفلت مني , و مازلت لا أراه يسمو كما سمى طموحي , فتمنعني الحسرة من الكتابة , وتبث في قلمي التشاؤل و الكآبة , و تدخلني دوامة أدور فيها "بين هذا و هذا" , فما أكاد أخرج منها حتى أدخل في دوامة أخرى عنوانها "بين هذا و ذاك ", لا أطيل عليكم حتى لا يتسلل الملل إلى نفوسكم ...
في سطيف طفل في سن العاشرة , يقصد المدرسة التي قصدها الكل بمن فيهم "هذا "و "هذا" و "ذاك" , و لنفس الغرض النبيل ... الذي عنوانه " التعلم ", يدخل الطفل القسم , فيبدأ الدرس , و تأتي حصة التعبير فينطلق الطفل و " يعبر" , فينبهر المعلم لموهبة تلميذه , و لأول مرة يضيف إليها نكهته, فيصقلها ... ثم يضفي عليها الوصفة الخاصة , التي تصنع التلميذ رجلا و التي هي بحر الكل قد سلكه , فمنهم من وصل الى ضفته الاخرى سالما ألا و هم العظماء , ومنهم من لم يحسن الإبحار فغرق في البحر فلا هو عاد الى ضفته الاولى التي هي " الواقع " و لا هو وصل الى ضفته الثانية و التي هي" العظمة ", البحر هذا الذ مر به الجميع بحر" الاحلام" و " الطموح" , مسكين هذا الذي غرق فيه , تعددت الاسباب لغرقه و الغرق واحد ...
المهم ... ذلك المعلم بث الحلم في تلميذه بأن قال له : "أنت موهبة يجب أن تصقل ..." و لسان حال الكلمة يقول بعنوان آخر " يجب أن لا تغرق " , فيحلم الطفل التلميذ الذي من حقه أن يحلم, فيتوسع الحلم و تتوسع الموهبة... و كذلك كل التلاميذ و الاطفال لكل حلمه و طموحه ... يتوسع كل ما تشرق شمس جديدة , و يدق الجرس , و تتوالى الأيام ... و يكبر الطفل و يدخل المتوسطة ثم إلى الثانوية , و يكبر معه الطموح , و الموهبة , فيحلم الطفل بأن يصير صحافيا و إعلاميا , من حقه لأنه كان لا ينام إلا على الكتب والصحف ... نعم تكثر الأحلام ثم يدخل الطفل مرحلة الشباب , و فجأة يواجه الدوامة التي تاه فيها جل الشباب ... دوامة "بين هذا و هذا "... ووراءها اخرى " بين هذا و ذاك" فيفيق الفتى من الاحلام ...على ضربات المجتمع الذي يضم بين طياته العراقيل "كالشارع ... و الواقع ... إلخ" فعلى وقع تلك الضربات يتخلى الشباب عن الاحلام ... الاحلام الوردية ...و يدرك أنها كانت مجرد أوهام ... و أنه كان للأوهام و الضربات ... مجرد ضحية ...
هذا الشاب واحد بين الألوف ... ممن تقهرها الظروف ... , لكنه ليس كالبقية , خارج عن المألوف , حلمه كبير لا يتخلى عنه بهذه السهولة , فيهرب إلى حين إلى ملاذ يحبه ... ملاذ " الكلمات و الحروف " ... اختار أن يحارب و يجاهد بالقلم ... ما تتركه الضربات من ألم ... فنصب نفسه المدافع عن الشباب ... شباب مسكين لم يأخذ حقه من كل شيء حتى من التاريخ ... الا حقه من العتاب و التوبيخ ...فأخذ على عاتقه مهمة الدفاع بالحروف ... على تلك الألوف , من الشباب التي تسبح في دوامة " بين هذا و هذا قبل هذا و ذاك " ...
رسالته إلى الشباب ..."( يا شباب ... يا شباب ... يا مئات يا ألوف ... كما تقاسمنا الاحلام معا في الطفولة هيا نتقاسمها في الشباب ... لكن حلمنا اليوم النهوض والوقوف ... بطموحنا و بواقعنا و بأوطاننا و بإيماننا و قبل هذا بإسلامنا وديننا ...لنصنع لأنفسنا ما نريد ...
هنا بين هذا و هذا نعاني حقا من التهميش ... لكن هذا لم و لن يحرمنا من أن نعيش) "
- جمال الواحدي