أين المشكلة
21-12-2014, 08:05 PM
أين المشكلة؟!
حديث الناس هذه الأيام، انصرف للتعليق على كتابات الصحفي كمال داود، "المسيئة للدين الإسلامي" حسب البعض..الذين رفعوا سيف الإسلام لإقامة الحد عليه، وجعلوا منها قضية جليلة..وأنا أتابع بعض ما كتب حول الموضوع، حضرتني قصة إمام، كان يعمل في مسجد بمدينة ساحلية صغيرة شرق العاصمة. كان ذلك في السبعينيات، ـ أطال الله عمره إن كان حيا، وتغمده برحمته إن كان ميتا ـ، كان رجلا عالما، ذا ثقافة واسعة، وكان إلى ذلك رجلا اجتماعيا، يحب مخالطة الشباب الذين يرى في عنفوانهم أمل البلاد ومستقبلها الزاهي، وكم كان يحب أن يجالسهم لإثارة مواضيع متنوعة، ومناقشتهم. كان يفعل ذلك بطريقة بيداغوجية، لا تشبهها إلا طريقة أفلاطون في المحادثة، بحيث يجعل نفسه التلميذ، والمتحدث الآخر هوالعالم. يحكى عنه، أنه ذات مرة دخل إلى حانة كانت تقع قرب المسجد الوحيد في المدينة، ودخل في حديث مع صاحب الحانة، وقيل بأن الإمام قال لصاحب الحانة:" إن جئت إلى المسجد، أضمن لك الجنة! هكذا كان الناس يتداولون هذا الكلام فيما بينهم، بل كانوا يتندرون به، ويسخرون من الإمام، لأنه في نظرهم تعدى حدوده.. ولكنه استمر في عمله، دون أن يلتفت لغمزات الناس.. الذين ظلوا يصلون وراءه، ويستمعون لخطبه، إلى أن خرج إلى التقاعد. ما أردت قوله من خلال هذه القصة، هو أن هذا الإمام، كان يدعو إلى التي هي أقوم، بالتي هي أحسن، بالترغيب لا بالترهيب، لم يهدد صاحب الحانة، ولم يشهر سيف الإسلام في وجهه.. والناس قالوا ما قالوا، ولكنهم لم تصل بهم الجرأة إلى التعدي عليه بأي شكل من الأشكال. واليوم لا يأتي أحد فيقول بأن مثل هذا الإمام لا يعرف الدين والدعوة إليه.. كما يدعي "دعاة اليوم"، المشكوك في علمهم ونواياهم.
في الأخير، لقد تعبنا من طمع الطامعين في الشهرة بالضحك على أذقاننا بخرجاتهم الإشهارية، دينية كانت أو أدبية أو فلسفية أو فنية..وكأني بأصحاب الأقلام الجريئة، والألسنة الطويلة.."جنود"في خدمة الفتنة، كلما خمدت في جهة، أيقظوها في جهة أخرى..نعوذ بالله من الفتنة ومن أصحابها! ولعل خير ما أختم به هذا المقال:" إذا كثرت لديان..شد في دينك"!