تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
أبو المجد مصطفى
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 28-03-2016
  • المشاركات : 191
  • معدل تقييم المستوى :

    9

  • أبو المجد مصطفى is on a distinguished road
أبو المجد مصطفى
عضو فعال
الخروج من المأزق
31-03-2017, 02:06 PM
الخروج من المأزق


أدار المحرك بحركة رشيقة....صك.صك.صك.. ارتجت السيارة قليلا و أحدثت شغبا مزعجا ثم انطفأت.
عاود المهمة مرة و مرة. لكن المحرك آثر الصمت و السكينة.
صقيع الصباح و برودته يطبقان عليه في اصرار...إنهما كفيلان أن يشلا فيلا بالغ الضخامة...
هنا ارتسمت في ذهن سعيد مقولة جدته قديما حينما كان ينهض صباحا أيام الشتاء للذهاب إلى المدرسة " يا بني استعد للبرد كما تستعد للحرب".
أرسل يدا مرتعشة مرة أخرى و أدار المحرك...لكن لا حياة لمن تنادي.
و طاش عقل سعيد و تملكه غيظ جارف و تمنى لو بإمكانه أن يسحق هذه السيارة بين أصابعه و يقذف بها هناك في جوف ذلك النهر المتجمد...
تصبب من جبينه العريض عرق رغم سطوة الصقيع الذي يلف المكان...
رفع غطاءها و أرسل بصره بين زوايا المحرك عسى أن يهتدي إلى موطن الخلل...لم يكن ضليعا في ميكانيكا السيارات.
أغلق الغطاء بحركة عصبية و جلس خلف المقود و أدار المحرك في محاولة يائسة. دمدمدمدمدمدمدم...انتفض المحرك أخيرا معلنا نهاية الأزمة.
صفق سعيد محتفيا لنجاح المحاولة و مبتهجا بهذا الانتصار...و في لحظات كانت السيارة تجوب شوارع المدينة و تلتهم طرقاتها الوسيعة في تؤدة...
البرد خارج السيارة كان ينهش أجسام الناس و الجدران و الأشياء . أما الشمس فلم يكن لها أثر يذكر...
كانت متخفية وراء رداء شفاف من الضباب. خجولة مثل العذراء في خدرها...
فجأة تبدت في الأفق القاتم أمواج متلاطمة من البشر...جلبة كبيرة توشك أن تخرق الأسماع ...
"سيارة أمريكية من آخر طراز"..
"هنا لدينا فخر الصناعة الفرنسية رينو "..
"هنا سيارة فيات ..عظمة روما و جبروت ايطاليا و كبرياءها"
السوق يضج بشتى أصناف السيارات قديمها و جديدها...
حتى سيارة -ماروتي - الهندية وجدت لها مكانا هنا و بإمكانها أن تزاحم أرقى السيارات. ابتسم سعيد لمنظر هذه السيارة الذي يدعو إلى التندر و المزاح...
ركن سعيد سيارته الفرنسية الصنع في زاوية من زوايا السوق.
تأمل غيمة ناصعة البياض تزين خاصرة السماء...سبح به خياله بعيدا عند سفوح ذكرياته.
كان أول عهده بالسياقة حين أمسك بمقود السيارة...بلى كانت هذه السيارة نفسها. يومها كان مرتبكا أشد الارتباك ...و ما كاد يسير عشرة أمتار حتى ارتطم بعربة بيض يقودها بائع سليط اللسان.
كان المشهد مقززا ...لقد سبحت سيارته في نهر دافق من البيض وسط سيمفونية مطولة من سباب البائع و شتائمه ...
ضحك سعيد حين تذكر الأيام الثلاثة التي أنفقها و هو ينظف سيارته من بقايا البيض و رائحته المنتنة...
طبعا اليوم سعيد أضحى ممن يجيدون السياقة مهما كان نوع السيارة. وأمسك منديله الأبيض و راح يلمع زجاج السيارة و سطحها.
-أحم.أحم.أحم.. هل السيارة للبيع سيدي؟- سأله أحدهم و هو يلتهم البضاعة بعينين غائرتين.
-أجل سيدي- أجاب صاحبنا في مرارة بالغة و هو يعاتب نفسه لأنه تورط في الديون... و هاهو اليوم مجبر على بيع سيارته.
و أسرف سعيد في لوم نفسه و جلد ذاته كما يقول الفلاسفة.
قلب سعيد بصره في العملاق المنتصب أمامه في إلحاح ...
و بالبديهة اشتم منه رائحة السماسرة. انه يبغض بالفطرة هذا اللون من البشر و لا يستسيغ التعامل معهم قط..
انصرف السمسار بعد أن لمس صدودا من سعيد. و مضى شطر النهار...و بدأ الدفء يستعيد الأمكنة من بين أنياب البرودة الشديدة.
قرص الشمس أضحى أكثر توهجا و بهاء و هو يتألق في كبد السماء...
بيب.بيب.بيب.بيب...تضاعف صخب السيارات و ضوضاء الباعة في السوق...
و على حين غفلة تقدم كهل صوب السيارة. ترتسم على ملامحه الهيبة و الوقار...اطمأن سعيد إلى الرجل و دار بينهما نقاش ليس بالطويل.
و حسمه سعيد قائلا: – هنيئا لك السيارة يا أخي و صفقة مباركة-
- هنيئا لك ثمنها يا سيدي – قال الرجل و هو يدفع المال نقدا إلى سعيد.
أجاب سعيد و السرور بادي على محياه بسبب نجاح الصفقة :
-أوصيك خيرا بالسيارة يا عم فهي لن تخذلك أبدا ما اعتنيت بها-
أجاب الكهل و هو يخفي ابتسامة جميلة:
- السيارة ستبقى ملكا لك يا سعيد. أنا لست بحاجة إليها -
جحظت عينا سعيد و قال مرتبكا :
– ماذا تقصد يا عماه ؟ لقد دفعت إلي المال للتو أم انك من اللاعبين ؟... ثم من أين عرفت اسمي ؟؟-
قال الرجل الغريب و قد أشرقت سحنته بابتسامة مضيئة :
– لقد كان لك و لسيارتك في يوم من الأيام الفضل في نجاة زوجتي من ميتة محققة-
انتصب الكهل واقفا و هو يكمل حديثه وسط ذهول سعيد و استغرابه :
– كانت ليلة حالكة حين أوشكت زوجتي على الولادة و لم أجد من ينقلها إلى المشفى غيرك. و لقد كنت شهما حينها عندما رفضت قبول أجرة السيارة -
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أبوهبة
أبوهبة
مشرف ( سابق )
  • تاريخ التسجيل : 28-03-2012
  • الدولة : وهران
  • المشاركات : 3,073
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • أبوهبة will become famous soon enough
الصورة الرمزية أبوهبة
أبوهبة
مشرف ( سابق )
رد: الخروج من المأزق
31-03-2017, 08:57 PM
السلام عليكم


-صح من قال في الأمثال الشعبية : دير الخير وأنساه ودير الشر وأعقل أعليه . والحمد لله سعيد من أهل الخير .
-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا . ولا تؤمنوا حتى تحابوا . أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم .
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 01:37 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى