تراجيديا حجاج غزة
30-12-2007, 01:45 PM
تراجيــــــــديا حجاج غزة

ما يحدث لحُجاج بيت الله الحرام من سكان قطاع غزة المحرر بفضل الله تعالى ثم شهداء وصمود الشعب الفلسطيني الأبي، ليس إلا حلقة من حلقات التآمر التي تقودها عصابات الكيان العبري الغاصب بالتنسيق مع أنظمة العجز والتَكَلُّس في المنطقة العربية والتي تهدف في الأخير إلى تركيع الشعب الفلسطيني وكسر شوكة صموده المنقطعة النظير وإجباره على رفع رايات الاستسلام البيضاء بدل رايات المقاومة الخضراء.
قيل وسيُقال الكثير عن سبب الأزمة وكيف وصل الحال بأهلنا إلى الوضع المزري الذي هم عليه لكن الذي لم يعد خافيا على كل من يحمل في عقله ذرة من المنطق أن حكومات العمالة والانبطاح والاعتدال المهين لم تعد تملك في خدمة والتمكين للمشروع الصهيوني وسياسة الأمْرَكة حد تنتهي إليه، لذلك ففي رأيي المتواضع لا يمكن استبعاد السيناريو التالي من الحسبان : بعد أن علمت رؤوس الإرهاب الدولي في الكيان العبري الغاصب بوجود العديد من قادة حركة حماس والجهاد ضمن البعثة تم الاتفاق مع حكومة العجز في مصر على السماح لهم بالمغادرة نحو البقاع المقدسة عبر معبر رفح على أن يتم إجبارهم على الدخول عبر معبر كرم شالوم العبري وهناك تكون المصيدة ليُساقوا إلى غيابات المحتشدات بكل بساطة وسهولة.
الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام لحال الحجاج الميامين تتقاذفهم الأمواج ، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء تُدْمي القلوب قبل أن تُدْمع العيون فيهم الشيخ المسن والمرأة الحامل والكهل العاجز وقد نال منهم التعب بعد تأدية شعائر الحج ، دور الحكومات العميلة واضح وموقف حكام الأقاليم الأمريكية في العالمين العربي والإسلامي لا يخفى على أحد لكن الذي يحز في النفس حقيقة هو موقف ما يسمى ( النُخْبة )حيث أطبق صمت القبور على أفواه الجميع وكأن المأساة تحدث في غابات الأمازون أو على جزيرة ميكرونيزيا في المحيط الهادي ، شيخ الأزهر توارى عن الأنظار وسكت دهرا و سار على نهجه علماء الأمة أما الأحزاب السياسية بما فيها التي تتوارى خلف ستار الإسلام ومنظمات المجتمع المدني ومنتخبوا الشعوب أشباه البرلمانيين يغُطُون في سبات عميق ولا فائدة ولا خير يرجى منهم في مثل هذه المواقف العصيبة أما موقف وسائل الإعلام فكان أشد وأنكى ففي عز الأزمة انشغلت قناة (عباس تي في) ببث اسطوانات الأناشيد الفتحاوية المشروخة على شاكلة( ياويلك ويل يا لي تعادينا) بينما غرقت بقية الأبواق المأجورة للمستبدين وعلى رأسها قناة (مبارك تي في) في بث الأفلام والمسلسلات وبرامج الترفيه على شاكلة (تهاني وأغاني) ماعدا قناة الحوار التي تبث من لندن والتي نوجه لها تحية خاصة من على هذا المنبر الكريم على التغطية المتميزة التي خصصتها للحدث على مدار ثلاثة ساعات وقد عودتنا على ذلك ، أما حكومة فيشي في رام الله فيكفي أن نعيد كتابة ما صرح به السيد الدكتور عباس التميمي على قناة الحوار خلال التغطية الخاصة بعد عودته من البقاع المقدسة حيث أدى فريضة الحج حيث قال أنه أُخْبر من طرف حجاج غزة في منى أن حكومة فيشي عملت المستحيل وبذلت كل جهودها لمنع بعثة غزة من المغادرة عبر معبر رفح ولما كتب لهم الله تعالى الخروج رغم أنف رؤوس الفساد والعمالة أوعزت ما تسمى سلطة أوقاف رام الله إلى السلطات السعودية عزلهم عن بعثة الضفة الغربية بحجة أنهم مثيري مشاكل وصُناع فتن وأن جمع البعثتين في مكان واحد قد يؤدي إلى مشادات وقد يتطور الأمر إلى ما لا يحمد عقباه وهو ما تخشاه الحكومة السعودية في موسم الحج !!!؟
تجف الأقلام وتعجز الألسن عند الحديث عن مأساة الحجاج الميامين ، لماذا يعاقَب الشعب الفلسطيني كل هذه العقوبات الجماعية القاسية عند معابر الذل والمهانة ؟ الأنه اختار الاصطفاف إلى جانب المقاومة والمواجهة والتحدي والصمود ورفض الاستسلام والانبطاح والخنوع؟ أم لأنه حقق أحد أكبر انتصارات الأمة الإسلامية عبر تاريخها بإجبار الصهاينة على الفرار من قطاع غزة مذمومين مذحورين ؟ أعتقد أن أزمة الحجاج الميامين غير بعيدة عن الزيارة المشؤومة التي قام بها أحد رؤوس عصابات الإرهاب الدولي مؤخرا إلى مصر ويكون قد نقل إلى عُمّاله على تلك المقاطعة ضرورة عدم تفويت هذه الفرصة السانحة على الكيان العبري وعدم التساهل في أمر مرور بعثة غزة عبر المعابر العبرية من أجل القبض على ما يسمى( المطلوبين) بكل سهولة .
وقائع الأزمة محزنة وتبعث الأسى والحزن في النفوس والانقباض في القلوب لكن التجربة التاريخية أثبتت أكثر من مرة أن كل السيناريوهات الخبيثة والمؤامرات الدنيئة قد كان مآلها الإنكسار على صخرة المقاومة الصلبة وصمود الشعب الفلسطيني الأسطوري لذلك فأنا لا أستبعد أن يعود حجاجنا الميامين إلى قطاع غزة المحرر عبر معبر رفح وليس المعابر العبرية لكن بعد عذابات قد تؤدي لا سامح الله إلى وقوع ضحايا في صفوفهم حينها سوف يخسأ الخاسئون ويلجأ المتآمرون إلى الانزواء والانكماش يجرون أذيال الخيبة والعار فالتاريخ لا يرحم ولا ينسى ولا يتجاوز وسوف يسجل بين دفتيه بأحرف سوداء قاتمة هذا الموقف المخزي لحكام العجز والتكلس والاستبداد والعمالة والعار والمذلة والمهانة لتقرأه الأجيال الصاعدة وتتعرف على حقيقة هذه الديناصورات المُعمِرة وكيف أنها وظفت عذابات أناس عزل قادمون من أقدس بقعة على وجه الأرض في مهاترات سياسية رخيصة لإرضاء أسيادهم رؤوس الإرهاب الدولي أما نحن الذين لا نجد إلا مثل هذه المنابر الشريفة لنعبر عن آرائنا وسط ضجيج أبواق المستبدين فلا نملك إلا الدعاء لله تعالى أن يفرج عن أهلنا حجاج غزة ويعيدهم إلى ذويهم سالمين وأن يحفظهم من كل مكروه وشكرا لكل القائمين على هذا المنبر الإعلامي الحر الكريم.


كتبه : جماعي لخضر
ولاية تندوف