لا يكف الأشقاء المصريون في وسائل إعلامهم عن التساؤل ، لماذا يكرههم الجزائريون و التونسيون و المغاربة ، و هم يبدأون غالبا مقالاتهم أو برامجهم أو حتى تعليقاتهم بهذا السؤال و ينهونها بالتذكير أو بذكر الأفضال ( المزعومة ) لمصر العظيمة، الشقيقة الكبرى، المتحضرة، أم الدنيا على هذه البلدان. و من كلامهم يمكننا أن نستخلص أسباب العداوة بين الجماهير المغاربية و المصرية ، كرويا على الأقل.
تتسم المقابلات التي تجمع مصر بمنتخبات و فرق المغرب العربي بالحماس الزائد , أولا لكون منتخبها لا يتنافس مع عرب آسيا على التأهل إلى أي منافسة دولية، و أرى أنه من المهم التذكير بذلك لمن يقولون أن مبارياتهم مع عمان و البحرين تسودها الأخوة و الحب (و تفوز بها مصر طبعا, و إلا سيكون نهار المدرب و اللاعبين اسود حتى لو كانت مباراة ودية)
و ثانيا للشوفينية المصرية الزائدة عن الحد و التي تجعلهم خاسرون سيئون جدا , فهم يعيشون على وهم الأخت الكبرى الرائدة القوية التي عليها أن تفوز دائما, و خصوصا على العرب. هذه الشوفينية تغديها آلة إعلامية من قنوات خاصة و عامة تبث سمومها نحو بقية العرب ( غير الأثرياء ) 24 ساعة على مدار اليوم , فإن رد أحد هؤلاء على ورق جريدة ما, أقامت الدنيا و لم تقعدها. فهم وحدهم من يحق لهم الهجوم و الإنتقاد و التقليل من حجم الآخرين , و هم من حرروا الجزائر و طوروها و علموا شعبها... و هذا طبعا لم يكن إلا في رؤوسهم , لأن تعصبهم يجعلهم يضخمون ما فعلوه و يقللون مما يفعله الآخرون لهم .
كتاب الأعمدة المصريون في الغالب يبدأون مقالاتهم بالحديث عن كرة القدم و لا أدري هل ذلك مقصود أم لا، و لكنهم يصلون على العموم إلى الحديث عن العلاقة بين الدولتين و الشعبين و التذكير بما فعله جمال عبد الناصر أو بطوبة رماها أحد أنصار أحد المنتخبات المنافسة منذ سنوات و يتجاهلون تماما كل ما فعله جمهورهم من سوء, و كما هي عادتهم فيجب عليهم التمنن بمراعاة الأخوة و الحب و الصداقة و الشهامة ... و لا أدري ما كانوا سيفعلونه لو لم يراعوا ذلك.
الأمازيغ معناها الشعوب الحرة التي لا تحب من يتعالى عليها و لا تريد إخوانا ينظرون إليها من عل, و هم لهذا غالبا ما يصطدمون بالعنجهية و الغرور المصري.
فلينظرالمصريون قليلا ا إلى أنفسهم في المرآة بدل الهجوم على الآخرين، و سيدركون أنهم إن واصلوا في تعاليهم فلن يصنعوا بين العرب سوى الأعداء.
مقالات المصريين تبدأ بالحديث في الرياضة و تنتهي بالتجريح في الشعب الشقيق, و في ذلك خلط لا يقع فيه إلا من لا يتمتع بالروح الرياضية و من لا يقبل الخسارة , و خاصة, من يعتبر أنه لا يحق للآخرين ما يحق له , بإختصار لا يتحدث كذلك إلا إعلامي مصري.
أما القراء و الجماهير المصرية فلا يختلف حالها على العموم عن حال إعلامها , فالناس على دين إذاعاتهم و خصوصا في مثل هذه الدول التي تعزف فيها وسائل الإعلام ليل نهار على نغمة الوطنية و القومية و الشعب الذي لا يقهر و الحضارة العريقة ، و الماضي العتيد ...
و لهذا الغرض إخترت بطريقة عشوائية موضوعا نشر على موقع يلاكورة ملخصه أن طارق ذياب اللاعب الدولي التونسي السابق توقع تأهل الجزائر إلى المونديال , فكانت الردود معبرة تماما عن حال المصريين , بين عدم فهمهم لمشكلتهم و إتهام الآخرين بأنهم يحقدون عليهم لكونهم كذا و كيت...
و إليكم التعليقات
" كل شمال افريقيا حاقدة على مصر لأنهم اسيادهم فى كل شئ "
"طبعاً الكلام ده ناتج طبيعي لعقدة النقص التي يعانون منها أمام مصر ...اللهم إلا مباراة النجم بمساعدة الحاقد المغربي العرجون و مباراة الجزائر بالتسمم و الشماريخ و إرهاب اللاعبين منذ دخولهم أرض الجزائر"
"اللى يزعل ان معظم العرب بيكرهونا ليه مش عارف ، بس اعتقد علشان احنا اللى بنعمر بلادهم احنا اللى بنبعت مهندسينا ومعلمينا ومقاولونا ودكاترتنا ......... الخ . يبقوا بيكرهونا علشان عقدة النقص اللى ماليه حياتهم المصريين بيفهموا احسن مننا بيعمروا بلدنا زى ما سبق وحرروها بحروب كتير يبقى نكرههم وندعى عليهم فى كل المجالات بس بم اننا الاخ الاكبر والاقوى للعرب يبقى هنصعد رغم التحالف العجيب ده "
"الحقيقه المره اننا مش محبوبين من ولا دوله عربيه (خصوصا المغرب العربي) الا دوله واحده(فلسطين) ويمكن لبنان وشوية دول في اسيا
طبعا عشان الرياده العربيه في الكوره وفي كل حاجه"
" احنا مش هنشغل نفسنا بكلام واحد زيك لاننا اكبر من كده وهو فعلا دايما الكبير الصغار الى زيكم بيحقدوا عليه"
" فعلاً حقود يا جمـآعه لاننآ اسياد العرب فى الكورة وده شئ مفروغ منه شاء من شاء وابى من ابى "
" وللناس اللي بتقول ان العرب كلهم بيكرهوا مصر عشان مصر بتتعالي عليهم والكلام الفاضي ده غلط وعيب عشان مصر ام الدنيا وام العرب ودي مش مجامله لأ دي حقيقة والعرب مش بتكره مصر ولا حاجة والدليل علي كده ان كل عرب اسيا بتساند مصر وكل العرب اساسا بتساند مصر ومش العرب بل افريقيا كلها حتي اسألوا دروجبا وايتو البلدين الوحدين اللي مش عايزنا نصعد هما الجزائر طبعا وتونس وممكن نقول المغرب"
" والله العرب كلهم عندهم نقص ده كلو عشان مصر عملت اللى محدش عمله كله بيطاطو لامريكا واسرائيل واحنا انتصرنا على الاتنين فى 6 اكتوبر موتو بغيظكم "
" سافرت لأكثر من دولة أوربية كما ان لي أصدقاء من مختلف قارات العالم منهم من لا يعرف العربية بالمرة و لاحظت احترامهم الشديد للحضارة المصرية و إشادتهم البالغة بطيبة الشعب المصري دائما...لكنني الأن أتواجد في دولة عربية و أرى صورة مختلفة تخلو أحيانا من الاحترام أو التقدير و العرفان بالجميل . من المؤكد أن شيئا ما حطأ في الأمر , أظن أننا نحن المصريين علينا اللوم فربما انسقنا وراء شعارات العروبة و الإخوة و الكلام عن الشقيقة الكبرى مصؤر ...لكن صدقوني هذا الكلام صار من مخلفات العصر البائد ..تحيا مصر و لتسقط كل الأوهام التي تتعارض مع مصلحة بلادي حتى لو استترت خلف عباءات الدين- رغم احترامي الشديد لمعتقدات الجميع- أو القومجية و العرقية"
( تعليقي: هو في بلد عربي, و لكنه لا يريد أن يعامل كالآخرين! بل يريد أن يعامل على أنه المصري العظيم الذي حرر و طور ...!)
أما التعليق الذي يلخص كل شيئ فهو التالي :
" مش عارف ليه التوانسه والجزائر بيكرهوا مصر ليه مع اننا شعب طيب وبنحب الخير للعرب وعلي فكره العرب من غير مصر ولا يسوه اي حاجه لان مصر هي اللي حررت الجزائر ومصر هي الرائده بتاعه العرب لان مصر دي كوم وكل الحاقدين دول كوم تاني"
إذن و كما نرى فإن المصريين يعيشون في وهم كبير إسمه المصري العظيم و مصر التي لم يخلق مثلها في البلاد , و يعتبرونه حقيقة
التعديل الأخير تم بواسطة hechem ; 24-10-2009 الساعة 11:21 AM