ورغم " العهد " الذي قطعوه ، أعدموا سيد قطب.
31-10-2015, 07:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم.
قال من سبقنا: إنّ الناس معادن.
ولا يُعرف قيمة نصاعة أي معدنٍ إلاّ بصهره.
في المحن يُعرف قدر الرجال.
وما مقالي هذا، إلاّ لأميط الأذى عن رجلٍ قد لحق بالرفيق بنفسٍ راضية مرضية.
وقد أكل لحمه أناسٌ أوهموا خلق على أنهم " علماء " .
ذلك الرجل هو القامة السامقة، والقمة الشاهقة.
إنه سيد قطب.
وما أدراك من هو سيد قطب!
ذروني في هذه العجالة
أتكلم وإياكم عما قال هو، وما قال غيره أمامه.
ومن الذي صدق فيما قال؟
ومن الذي كان من الكاذبين.
والكيّس الفطين هو يستوعب كلامه ثم يستنبط من ألفاظه،
شجاعة ذلك الرجل.
ومن فحوى عباراته يعرف ما سيؤول إليه الأمر.
وشهد على سيد لسانه بالصدق.
وأما من أصبح يحاسب له حساب بعد ذلك.
فإنه بدأ متزلفًا لسيدٍ.
حين كان سيد قطب "سيدًا وقطبًا"
سجّل لنا التاريخ.
أن الذين سموا قادة " ثورتهم " بـ " الضباط الأحرار "، أقاموا حفلاً كبيرًا بعد نجاح " ثورتهم " مباشرة تكريمًا لسيد قطب.
لا لشيء سوى أن هؤلاء " الضباط " زورًا أدركوا خطورة سيد قطب تكمن في شعبيّته آنذاك.
فما كان منهم أن تملّقوه وتزلفوا له في بداية الأمر.
ومع ذلك فإن سيّدا كان صريحًا حين أوجس منهم خيفة، ومما قال في ذلك الحفل:
" إنّ الثورة قد بدأت حقًّا، وليس لنا أن نثني عليها، لأنها لم تعمل بعد شيئًا يُذكر، فخروج الملك ليس غاية الثورة، بل الغاية منها العودة بالبلاد إلى الإسلام"
ثم تابع كلامه بما يلي:
"لقد كنتُ في عهدِ الملكيّةِ مهيّئًا للسجن في كل لحظةٍ، وما آمن على نفسي في هذا العهد أيضًا، فأنا في هذا العهد، مهِيئ نفسي للسجن، ولغير السجن، أكثر من ذي قبل".
فما كان من الذي أصبح من بعد "فرعون مصر" ، ذلك المتزلف أولاً / جمال عبد الناصر أنه وقف مخاطبًا سيّدًا، فنقرأ ماذا قال:
" أخي الكبير سيد، واللهِ لن يصلوا إليك إلاّ على أجسادنا، جثثًا هامدة، ونعاهدك باسم الله، بل نجدد عهدنا لك أن نكونَ فدائك حتى الموت! "
وصفّق من صفّق، بل البعض هتف بحياة سيّد قطب.
ومع ذلك فما كان من ذلك الطود الشامخ لم يأبه بما قاله جمال عبد الناصر، لأنه قد جُبل على معرفة مداخل المفردات ومخارجها، وحقيقة قائلها.
وكما يقال: فالعبرة بالحال وليس بالمقال.
وكما سطر لنا التاريخ.
أنه بعد ستة أشهر قُبض عليه، وجمال عبد الناصر من سجنه.
تُرى فأين كانت " معاهدته لسيّد بفدائه بنفسه؟"
وكذلك الطغاة العرب يفعلون.
لأنهم " لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ".
فرحم الله سيد قطب.
وجعل درجته في العليين مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
آمين