الإسلام يتجاوز ظاهر الأعمال الى آثارعا الطيبة
09-08-2010, 09:04 PM
بسم الله الرحمان الرحيم

قال تعالى:

{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . أَيَّاماً مَعْدُودَات.. } : البقرة - 183- 184
وقال سبحانه وتعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
البقرة185
لقد فرض سبحانه ،صيام شهر رمضان لمصلحة عباده ولتهذيب نفوسهم واكتمال انسانيتهم فالامتناع عن المفطرات من المطعم والمشرب وغيرهما،يمرن النفس على خلاف هواها، ويعينها على التغلب على شهوات الجامعة المحرمة،ويهذبها إلى الأخذ بالأخلاق الحميدة،العمل الصالح و المعاملات الحسنة.
إن من راسخ اعتقادنا أن الدين الإسلامي لا يقتصر على الأعمال الظاهرة كالصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها،بل يتجاوزظاهر الأعمال ويمتد الى آثارها الطيبة التي تظهر في سلوك المسلم وفي جوانب حياته.إن التنظيم الاجتماعي للإسلام يهتم بسلوك الفرد وسيره المتناسق مع الجماعة باعتبارهما وجهين لعملة واحدة في الحياة.
إن السيرة النبوية بما تضمنته من مواقف وصفات اخلاقية وفضائل،هي منهج للحياة الاجتماعية ،وبرنامج لنظام سياسي وسلوكي تربوي،شرع الله لنا سنن الهدى وفضلنا بهذا الدين على سائر الورى.
فالعبادة في الإسلام تربط الفرد بخالقه بمقدر ارتباطه بالمجتمع والمحيط ،والمسلملا فرق عنده بين كونه راكعا لله في المسجد أو بائعا أو شاريا في السوق أو محسنا اينما وجد.والإحسان بما نعرفه يشمل كل موقف يستحسنه المجتمع "الاخلاص في العمل والتعاون بين الناس على البر والثقوى، و التواصل والمساعدة في كل الأوقات ومختلف الأماكن،وقد وردت عبارات الإيمان والتوحد والثوبة و....في القرآن الكريم مقرونة بالعمل الصالح ، حتى أصبحت الجملة : "إنما الدين المعاملة "متداولة على ألسنة الناس لسلامة مقصدها وتطابق معناها مع النصوص الشرعية.
ما يدعونا ونحن في مستهل شهر الصيام لنتمعن قوله عز وجل في شأن الصيام{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة183 "ولعل"تفيد الترجي في لغة العرب ، فالذي يرجى من الصوم إذا ، هو تحقيق التقوى.والتقوى من اعمق قواعد صفاء النفس.
ومن هنا نستجلي أن الصوم ليس مجرد الامتناع عن المفطرات الثلاث الطعام والشراب والشهوة فحسب، بل صوم الجوارح ،"كف اليد عن أذى الناس، وكف العين عن النظر إلى المحرمات، وإحالة الأذن دون سماع للمحرمات عن الموبقات والمفاسد ، ومسك اللسان عن الرفث والفسوق والفجور..قال سلى الله عليه وسلم :{ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سآبَك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم إني صائم } وفي.الغيبة والنميمة والكذب ونحوها ..قال عليه الصلاة والسلام: ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ).
فقد اقترنت عبادة الله كمفهوم شامل بالوقف الايجابي نحو المجتمع، يبتدئ بالأسرة أصلا وفرعا وقرابة، وباليتامى والمساكين والجارذي الجنب والجار ذي القربى والآخرين الذين لا يشاركون المسلم عقيدته، ثم تتسع الدائرة لتشمل الإحسان لأولئك الذين نعايشهم الحياة ونزاملهم السفر وقضاء الحاجات ،فهؤلاء الصاحب بالجنب ممن لا قرابة ولا جوار. وكذلك العابر للبلد والسائح فيه فهو ابن السبيل وهو أحق بالرعاية ومد يد العون إليه.
هذه صور مبسطة من صميم المعاملات في الإسلام،لدين حسن المعاملة إنه موضوع من أهم الموضوعات بل هو عبادة من أجل العبادات ومصلحة تبلغ الحاجة إليها مبلغ الضرورات وبالقيام بها وممارستها عبادات تحققها معاملات،ومعاملات هي آثار طيبة للعبادات
فإذا أحسن الإنسان فى الحالين فاز فى الدارين وحقق الغاية التى أبتعث الله عزوجل لها النبيين وجاء ليتممها ويكملها سيد المرسلين عليه وعليهم أفضل الصلاة و أزكى التسليم.
،فالمتتبع للقرآن الكريم المتمعن لمقاصد الآيات العارف لها لمضامينها يدرك من خلاله كيف رسم" بضم الراء " الموقف الاجتماعي للفرد والجماعة في الإسلام."..ولكم في رسول الله أسوة حسنة.."
لقد وصف الله سبحانه رسوله الكريم بأعلى الأوصاف،وأكمل الصفات ، بقوله تعالى: { وإنك لعلى خلق عظيم }{القلم:4} وبين ما للخلق من مقامة عنده.
فخلق التواضع مثلا من الأخلاق الفاضلة الكريمة ، والشيم العظيمة التي حث عليها الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم، كان متواضعا مع للكبير والصغير، والقريب والبعيد، والأهل والأصحاب، ، والعبد والجارية .
كما من الصفات النبيلة والخصال الحميدة التي حيا الله بها نبيه الكريم ورسوله العظيم صفة التفاؤل،إذ كان متفائلاً في كل أموره وأحواله. رحيما ، شفوق،زاهدا،صبورا ذو مزاج ومداعبة محببتين إلى النفوس،
إن الذى يدعوا لطرح هذا الموضوع والتذكير به وبيان أهميته وعظم مكانته من الدين هو كثرة النصوص التى وردت فى الحث على حسن الخلق والإحسان إلى الخلق بكل قول جميل وفعل حميد وما لصاحبه من المدح والثناء ورفعة المنزلة وحسن العاقبة فى الدنيا والأخرة
هذه صورة مجملة لبعض الجوانب التي نعتزم طرحها للمعالجة خلال شهر رمضان المظم بإذن الله.
الحمد لله
غيمة تمطر طهرا