ميلاد ديوان لشاعر معهد الحياة والبداية لبيك ياوطني ....
21-01-2010, 09:40 PM
نجل الشاعر: المرحوم عمر حين كان الوالد ـ في سبع شداد ـ بجامع الزيتونة بتونس الخضراء
الشيخ باجو

من عمق وادي مزاب... معاك يالخضرا

ميلاد ديوان لشاعر معهد الحياة والبداية لبيك ياوطني ....

أخيرا، وبعد طول انتظار من طلاَّبه، وإلحاح من زملائه، يجمع الشيخ ما تعتَّق من كلمٍ طيب وأشجان مرهفة ومشاعر نبيلة ووطنية متقدة في قاع خابيته لأكثر من نصف قرن،وتزامنا مع انتصارات الخضر وصعود بورصة عشق الجزائر وكل ما فيه عبق هذا الوطن المفدى من هذا الزمن الجميل وفي هدوء وصمت كبيرين رجع الشيخ إلى الخابية (باجو) ليخرج إلى النور ماكدَّسته السنون بقاع خابيته، وليس في التمر أحلى ممَّا كان في قاع الخابية كما يقال باللغة الميزابية: "أَيْنِيوْ أَوَحْدِي يَلاَّ بُوضْ نُ بَاجُو".
فما كان فيه سوى العسل المصفَّى والجمال المصفَّى والمشاعر النبيلة والأحاسيس الصادقة.... فالشعر منه لغة القلوب، و مرآة النفوس، يوضِّح الخلجات الغامضة ويخاطب الوجدان و العاطفة، ويستلهم الوحي والخيال، وينفذ إلي أعماق الإنسان والطبيعة؛فجاء المحتوى بعد مسيرة علمية خالدة، ديوانَ شعرٍ وذاكرةَ عمرٍ وحصادَ سنينٍ، صاغه الحب والجمر والعذاب وأشياء أخرى لامست شغاف القلوب وخالطت الوجدان على مدار الأجيال بتونس الخضراء وبقرى وادي ميزاب ومعهد الحياة الشامخ وداخليته العامرة بالقرارة، فأرسى من خلال المعهد والداخلية في أعماق نفوس الطلبة حب الله و الوطن والمعهد وغرس بشعره فيهم القيم والأخلاق.ولا يزال لقاء الجمعة حول تلك المنابر تشهد غرس ذلك الرجل.
فمن الصعب جدا سرد حكاية شاعر وأديب ليس كالشعراء، ببساطة لأنه لا يزال منذ البداية حاملا بذور العطاء، عاهد نفسه على أن يزرعها داخل كل مستظهر لكتاب الله أولا، ثم في كل متفوِّق وناجح من المقيمين في الداخلية، فكان شعره رسالة حبٍّ وعربون وفاء لأبناء الجزائر المتخرجين من قلعته المسماة: "دار البعثات البيوضية" .
شعره قام علي اللفظ الرشيق و التصوير الدقيق و التشبيه العميق والنغم الرقيق، لا تتم الرحلات والخرجات الاستجمامية لمعلِّمي معهد الحياة وإدارته إلا بحضوره، فلا طعم ولا لون لرحلة دونه، فهو المخلد الدائم والحاضر الذي لا يغيب زمانا ولا مكانا، حيث ينتقل الجمع فهو لسانهم وناقل شعورهم لا يهم كيف يعبِّر بلسان ميزابي أو عربي مبين، لأن شاعرنا يفيض حبًّا ووطنيَّة، يعتزّ بماضيه المجيد، يعيش قضايا وهموم وطنه الجزائر والوطن العربي والإسلامي الكبير، فكم أبكى بقصائده الجماهير بعد كل موقعة أو محنة كأحداث ومجازر صيرا وشاتيلا وجنين وغزة الجريحة ومذابح فلسطين كل مرة ... ولكم تغذَّينا بالحب و الوطنية من منهل شعره المجيد، له قدرة عجيبة على قرض الشعر وفعلا لن يكتب الشعر بذلك الصدق إلاَّ من كان حريصا أن يعيش حياته بسيطا وسط الناس والأحداث، متفاعلا معهم ومعها ـ أفراحا وأحزانا ـ، معبرا عن ذلك بالكلمة الشاعرية الصادقة التي تخاطب في كلِّ إنسان الروح و الوجدان.
ومجمل القول أن شاعرنا المغمور هو شاهد عصره وابن وطنه الجزائر الطيبة، ولمَّا كانت أرض الجزائر طيبة أنبتت شاعرا طيِّبا، جاء ديوانه يفيض إسلاما ووطنية وعزَّة وكرامة وعشقا لكل جميل ونبيل وصادق. أتمنى ان يضيف بهذا الديوان لبنة بارزة في صرح المكتبة الجزائرية.
شاعرنا هو صاحب رائعة "يامعهدي" و"سَمَّسْ إِيلاَنْ اَمْدَانْ" إنه: الشاعر صالح بن إبراهيم باجو. ولد بغرداية سنة 1930م بدأ دراسته بمدينة غيليزان ثم بمدرسة الإصلاح بغرداية، ثم بمعهد الحياة بالقرارة، وتخرّج منه، ليشدّ الرحال إلى الزيتونة، وبها مكث سبعَ سنِينَ شدادا، من 1954 إلى 1962 حصل بعدها على ثلاث إجازات جامعية:
- شهادة العالمية في الآداب. من كلية اللغة العربية بالزيتونة.
- شهادة العالمية في الشريعة. (شعبة القضاء). بالزيتونة.
- الإجازة في الحقوق. من المدرسة العليا للحقوق بالجامعة التونسية.
واكب بشعره أحداث الثورة الجزائرية، في الإذاعة التونسية، وفي جريدة الصباح، وجريدة العمل، ومجلة الزيتونة، ومجلة المجاهد وغيرها.وكان عضوا نشيطا في الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين بتونس، كما شارك في النضال السياسي لجبهة التحرير الوطني الجزائرية منذ نشأته بتونس، وتولّى رئاسة بعض الخلايا الراعية لشؤون الطلبة الجزائريين حتى الاستقلال.
وبعد الاستقلال: تفرغ للتدريس بمعهد الحياة وفاءً لمشايخه، وإيمانا بشرف رسالة التعليم، ولايزال رغم ثقل السنين وضعف البصر مرابطا ومجاهدا في تلك القلعة.
وبعد هذه المسيرة النضالية المخلصة ;وبتاريخ 02فيفيري 2009 رأت جمعية نجم الأدب الإسلامي بالجزائر أن تقيم له حفل وفاء واعتراف وعرفان وتكريم لجهوده الجبارة في ميدان التربية والتعليم، وتقدِّمه قدوة ومثلا للأجيال القادمة، فكان حفلا أدبيا شعريا نظم ولحِّن وقدِّم خصيصا له.
وسنجد اليوم في هذا الديوان أول ما يرى النور شعره المحفوظ بعد الثورة، بينما أُحرق ما كان قبله بسبب مداهمات الاحتلال للمنازل. ولم ينج منه سوى قصيدة افتتاح مدرسة الفلاح بوهران، سنة 1952. وهي أول قصيدة في هذا الديوان.

الصور المرفقة
نوع الملف: jpg 297594944.jpg‏ (13.2 كيلوبايت, المشاهدات 0)