الطالب الجامعي بحروف جديدة
19-05-2011, 07:13 AM
الطالب الجامعي بحروف جديدة

بقلم : زكرياء بوخزة / صحفي جزائري

بالأمس القريب كان الرقم الأصعب في كبرى المعادلات الاجتماعية والعلمية وحتى الثقافية ، كان الرسالة الحية التي ينبض بها المجتمع ، كان ناقوسا يدق عبر كامل أرواح الوطنية، ولكم أن تختزلوا هذا الكلام في عنوان واحد، هو الطالب الجامعي .
الطالب الجامعي العنوان الذي لطالما ارتبط بنصوص الإبداع و الفكر و الثقافة ، الطالب الجامعي الذي سطر السياسة العملية الحقة في مجتمع مازال لم تجتمع به مقومات الفاعلية السوسيولجية ، هذا هو الطالب الجامعي في يوم مضى .
ولأن الحياة صفحات ومتغيرات ، كان لزاما علينا أن نقف عند حالة الطالب الجامعي في ظل هذه الحركيات ، ونقف عند الصورة الواضحة التي يتمثل فيها الطالب في زمن قيل عنه لا حياة لمن تنادي .
الطالب الجامعي اليوم ، هل له تعريف أو مفهوم ، هل له كيان أو وجود في الميدان ، نعم له تعريف له وجود وله روح وحتى طموح لكن بالصورة المقلوبة ، ولي أن أتلو لكم ذلك في بضع كلمات لن تسمن ولن تغني ولكنها تشفي الغليل .
الطالب الجامعي الذي أضحى اليوم أضحوكة بكل ما تحمل هذه الكلمة ، ونكتة تروى هنا وهناك عن هذا المسكين ، لأنه ببساطة تجرد من ثوبه قصدا أو عن غير قصد ، وراح يبحث عن معانيه التي داست عليها حتميات الزمن الراهن ، الطالب الجامعي اليوم الذي رأى في الجامعة متنفسا و فضاءا حرا لتشكيل سلوكياته كما يريد بعيدا عن الضغوطات و القيود الطبيعية التي شدته في السابق ، فالمكتبة الجامعية تغير مفهومها اليوم لأن الطالب جعلها منتدى للمواعيد الغير علمية وللهو ولأمور أخرى يعلمها العام و الخاص ، بدل أن تكون منبرا للمطالعة و النشاط العلمي .
ونحن نتكلم عن الطالب الجامعي نتكلم عن حاله اليائسة اليوم ، أصبح كالكرة تتقاذفها أرجل السياسة من جهة وأيادي المجتمع من جهة ، ليجد نفسه أمام مصير مجهول . الطالب الجامعي الذي فقد هويته تماما ، لم يعد يملك مفاتيح وثقافة المطالبة بحقوقه ، فأصبح يهرج هنا وهناك ، ظنا منه انه يطالب بحقوقه ويحتج على وضع ما ، الطالب الجامعي الذي لم يعد يفرق بين الحق و الباطل ضمن حضيرته الجامعية ، ببساطة لأنه لم يتغذى على القانون الذي يكفل كرامته كطالب ، ولا يعرف ما له و ما عليه ، ليرسم بالتالي دائرة مفرغة يجول حولها دون أن يصل إلى نتيجة .
الطالب الجامعي الذي كان بالأمس اسم يرعب الساسة ويزعزع عرشهم لما كان يحدثه الطالب الجامعي من وقع مدوي آنذاك ، ما لبث أن صار اليوم واقع يندى له الجبين وعقم تام على جميع الأصعدة ، فلو سألنا هذا الطالب ماذا أخذت طيلة فترتك الجامعية ، لاشيء ، كم كتاب قرأت خلال سنوات الجامعة ، لكم أن تتصورا الإجابة .
و الحديث عن الطالب يقودنا بالضرورة للحديث عن الجامعة وما آلت إليه بعد طول زمن وبعد سيناريوهات من التعديلات التي مست هذا القطاع ، ولعل أبرز سيناريو هو ذلك الذي كان بمثابة صدمة للطالب ، هو نظام (l.m.d) الذي كشف الغطاء عن عيوب وأخطاء لا تغتفر ممن ادعوا إصلاح الجامعة وتفعيل دورها ودور الطالب الجامعي ، لكن هيهات ، راح الطالب يطلب النجدة ويستغيث من فخ وخدعة استفاق منها بعد فوات الاوان، وها هو اليوم يدفع الثمن غاليا والواقع يروي لنا ذلك كل اليوم .
تأثيرات هذا الوضع و هذا الواقع المرير ستمتد حتما للأجيال القادمة من تلاميذ السنوات الابتدائية ، لأن السؤال المطروح هو، إذا كان التلميذ في وقت مضى حلم بلقب الطالب وبالجامعة ، فماهو حلمه اليوم وهو يرى بأم عينيه واقع هذا الطالب، وحالة الجامعة اليوم. لهذا لن نستبعد أن يكون القادم أعظم ، في زمن لا يرحم ، لأن كل المؤشرات توحي بل وتؤكد جليا أن الطالب الجامعي على بعد خطوات زمنية قصيرة ليتقمص دور جديدا يكون امتدادا لتكريس الرداءة داخل المحيط الجامعي وخارجه .