التجانية و المحبوبة - الشروق اليومي -
12-03-2007, 09:44 PM
تبقى الشروق دوما في خدمة القراء الكرام.
وتبقى الخدمات متنوعة، مع إصرارها على خدمة المواطنين من بعيد عبر أقلامها التنويرية.
فأقول وبعد الصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين محمد رسول الله صلى الله عيه وسلم أن للطرق الصوفية في الجزائر أثر وامتداد عميق لا يعرفه سوى من كان عارفا بأمور الدين السمحة ومطلعا على فتاوى العلماء الأجلاء الذين لا زيف ولا زيغ لديهم.
وردا على أقوال بعض القراء الذين راسلوا هذا الركن. ولاموا الجريدة على أنها تتعرض باستمرار إلى التحدث والكتابة عن الطرق الصوفية. وخاصة الطريقة الأحمدية التجانية.أقول لكم يا من تطلقون على أنفسكم بالسلفية أو ( السلف الصالح ). أنتم غير مدركين أبدا معنى هذه الكلمة بالذات .هذا أولا، وثانيا أرجعوا إلى كتاب الله وتأملوا وتمعنوا فيه جيدا وراجعوا سيرة رسول الله صلى الله عيه وسلم.فسوف تدركون الحقيقة الإسلامية الصحيحة.
أما عن سبكم وشتمكم للطريقة التجانية ، فالله وحده الكفيل بكم. ....فقط

الطريقة وخدمة الإسلام
لم تدخر الطريقة التجانية جهدا في خدمة الإسلام ونشره عبر المعمورة وذلك بتزايد عدد المسلمين بالقارة الإفريقية والتصدي للوثنية والكفر بجميع الوسائل (بالاقناع والتسامح والجهاد بحسب المقتضيات التاريخية).
كما أن التجانية تزداد في إفريقيا يوما بعد يوم وفي أوروبا، أمريكا وآسيا حاملة معها لواء الإسلام بمبادئه السامية، وسر هذا الإقبال على الطريقة هو البساطة واليسر وعدم التعقيد في المفاهيم والبعد عن الشعوذة والدجل، وظن الخير بكل المسلمين والتماشي مع روح العصر والحضارة..
أما جهاد التجانيين في إفريقيا لرفع راية الإسلام وإدخال عشرات الملايين في ديننا الحنيف فهذا أمر متفق عليه من المؤرخين وها هو أمير البيان كشكيب أرسلان يعرض في كتابه "حاضر العالم الإسلامي" إلى قلق الكنيسة والاستعمار من التجانيين وكيف أن ضابطا كبيرا في الجيش الفرنسي -بوحي من حقده الصليبي الأعمى- كتب إلى حكومته تقريرا يشير فيه بأنه: "لولا وقف الزحف التجاني لكانت إفريقيا كلها إسلامية".
يمكننا القول بأنّ الطريقة التجانية ماضية قدما تسجّل توسّعا متواصلا لا رجعة فيه. وذلك بالرغم من كون عنوان أعنف جدال من قبل الحركات المناهضة لها. وهذا دليل على صحّة وجهتها وصدق مؤسسها وحياوية رجالها في مقاومة شانئيها. وما يزيدها التهجم عليها، سوى صيانة إضافية لتصحيح مناهجها والحرص على التمسك بالشرع، المرجع الوحيد لمن تعلق بها. وميدانيا، نجدها تتقصى خطوات الاسلام في انتشاره عبر العالم الانساني. ولا تقفها حواجز الخصوصيات الثقافية والحضرية، حيث بإمكانها جمع المسلمين على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية واصنافهم العلمية والفكرية، (أميّين وجامعيين، فقراء وأثرياء، صغارا وكبارا) في حلقات الذكر للوظيفة اليومية التي يؤديها التجانيون عبر العالم. هي تؤدى جماعيا خلافا للركن الأوّل المسمى الورد المعلوم الذي يؤدى فرديا. أما ثالث أركانها فهو الهيللة الجماعية بعد عصر يوم الجمعة.
وقد حققّ مؤخّرا السيد جاك بونو الفرنسي مذكرة بجامعة باريس_ موضوعها دراسة أفكار الشيخ سيّدي أحمد التجاني مؤسس الطريقة التجانية، من خلال دراسة كتاب جواهر المعاني وبلوغ الآماني لسيدي علي حرازم. وأبدى هذا البحث أمنيته في ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة الفرنسية لإتاحة المجال أمام الباحثين الفرنسيين والأروبيين في دراسة هذه الطريقة مباشرة وبصفة أكمل لاستخراج الأفكار التجانية الغير مطلع عليها في العالم الجامعي. ويظهر هذا البحث إعجابه لمؤسس الطريقة التجانية من عدّة جوانب ومن ضمنها شجاعته في إعادة القراءة لبعض المفاهيم للإسلام وإملائها والأمر بتدوينها بالرغم من إثارتها الطعون الكثيرة. ويضيف إعجابه لأتباعه الذين دوّنوا تعاليمه ونشروها ودافعوا عليها بكل ثباة وسكينة. ومن ناحية أخرى نسجل نداء الأستاذ جان لوي ترييو، من جامعة إكس أن بروفنس، المنطوي في كتابه " التجانية، طريقة مسلمة تغزو إفريقيا " الذي ألفه بمعية السيد دفيد روبنسون الأستاذ بجامعة الإلينوا بالولايات المتحدة الأمريكية. ومن خلال هذا النداء يطالب المؤلف من جميع الباحثين الجامعيين في مختلف المجالات بتسليط الأضواء على الطريقة التجانية للمزيد من معرفة حقيقتها: " عادية وخارقة للعادة في نفس الوقت " حسب تعبيره. فإن مثل هذا الاهتمام من قبل غربيين غير مسلمين، ليزيدنا شرفا ويقدم لنا منهجية أكاديمية ثمينة بالنسبة لسعينا الخاص في البحث من أجل التعرّف أكثر على الطريقة التجانية.
وإنّ المشاركة لممثلي الطريقة التجانية في إحياء الذكرى الخمسينيّة لثورة أوّل نوفمبر 54 التحريرية المباركة، لشرف عزيز للتجانية قاطبة. وبهذه المناسبة التاريخية المجيدة، والتي توحّدت من خلالها صفوف الشعب الجزائري وقادته قدما نحو استرجاع سيادته الوطنية، والتي طمست حين من الدهر، نشكر الله على هذه النعمة الكريمة، ونقدم شكرنا الجزيل إلى القيادة الوطنية للأمة الجزائرية، وعلى رأسها فخامة رئيس الجمهورية، السيّد عبد العزيز بوتفليقه، الذي شرّف الزوايا التجانية أكثر من مرّة بزياراته الميمونة التاريخية إلى كلّ من عين ماضي وتماسين وقمار. وبارك الله هذه الخطوات المباركة الفاضلة، المندرجة في خطته الحكيمة والرّشيدة، الرّامية إلى بناء صرح المصالحة الوطنية التي يطمح لها الشعب الجزائري المسلم الأبي. ويمكن تحقيق هذه الغاية السامية، بالإرادة الجمعية الصادقة والتوكل على الرؤوف الرحيم، وليس ذلك على الله بعزيز. قال الله تعالى: " أدعوني، أستجب لكم." فلندعو كما أمرنا.
وعلى ضرار كل الشعوب المتطلعة إلى السلم، فإن الشعب الجزائري يرجو الترقية الحضرية في ظل السلم وبودّه أن يضيف مساهمته المتواضعة في تقارب الشعوب وبني الإنسان الذين فرض عليهم أمر التعارف والتحاور بالتي هي أحسن ونهوا شرعيا أن يعتدى بعضهم على بعض بالحديد وإرهاق الدماء. وإن الله عزّت حكمته خلق إنسانا واحدا وأنطقة لغة يتخاطب بها مع زوجه ونسله ثمّ عددّ نسله وفرّق مساكنهم وألسنتهم وألوانهم وعقائدهم حتى صارت شعوبا وقبائل مختلفة الثقافات والحضارات والديانات. لكن أبقى القلوب متشابهة الشكل ولها نفس اللون، تضخّ الدم بلون أحمر في جميع الأجسام مهما كان لونها. ألم يقل تعالى في كتابه العزيز في سورة هود: " ولو شاء ربّك لجعل النّاس أمّة واحدة ولا يزالون مختلفين (118) إلاّ من رّحم ربّك ولذلك خلقهم …"(119). وهذه مشيئة الله في خلقه. فقد حرّم الظلم على نفسه قبل أن يحرّمه على عباده. ومن أراد أن يزيح الاختلافات بين خلق الله فقد ظل وغوى. شاء الله أن تتعايش جميع أنواع الكائنات ولن تجد لسنة الله تحويلا ولا تبديلا. ولنقف عند قوله تعالى في سورة الحجرات: " يأيّها الناس إنّا خلقناكم مّن ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم، إنّ الله عليم خبير (13)".
وأخيرا أقول كل الشكر والتقدير والاحترام لجريدتنا المحبوبة. الشروق اليومي
فهي شروق حقيقي ونور ساطع في سماء جمهوريتنا الحبيبة.
:)