كل بلاد و أرطالها
07-01-2013, 10:08 AM
في السنوات الأخيرة شهدت بعض الدول العربية ما عرف بالربيع العربي ..فكانت تونس البداية فاليمن مرورا بمصر و ليبيا و لحد الان سوريه ...إن من روجوا و دعموا هذا الربيع لم يدركوا أن هناك إختلافات جيوسياسية و إجتماعية و جغرافية بين هاته الدول و بالتالي فما يصلح هنا ربما لا يصلح هناك ...الربيع العربي بدأ تحركا شعبيا نقيا طاهرا في تونس و مصر فخرج بأقل الأضرار البشرية و المادية و بدأ العمل في إعادة بناء الدولتين رغم العراقيل الجمة التي تعترض سبيل التنمية ..غير أن الربيع لم يزهر ورودا حينما وصل الأمر لليبيا و من بعدها سوريه فقد سالت كثير من دماء المسلمين بغطاء دولي وفره الناتو و مجلس الأمن تحت شعارات الحرية و الديمقراطية و بتنظير بعض حكام الدول العربية مستمعلين في ذلك الدين و احيانا لغة طائفية مقيتة ...إن الربيع العربي الذي إستورد لليبيا و سوريه لم يأخذ بعين الإعتبار أن لهاته الدول خصائص ليس من السهل بما كان تجاوزها حتى تعبر إلى مرحلة البناء و التشييد ..ففي ليبيا رحل القذافي غير مأسوف عليه و لكن الصراعات السياسية و القبلية و حتى المسلحة لازالت تلقي بضلالها لحد الأن فبين معارضة الخارج و معارضة السلاح الميداني شروخ و هوة لم يتم إحتوائها الأمر الذي أدخل البلد في طريق لا أحد يعلم مخرجه ..أما سوريه فحدث و أنت مملوء بالأسى ..فقد إقتلع فصل الربيع من رزنامة الشعب السوري الذي أصبح يعيش فصلا واحد هو فصل الدماء و الفتنة ..سوريه أدخلت في لعبة دولية قذرة إستعصى معها الحل الداخلي و أصبح مصير ملايين السوريين رهان تفاهمات الدول الكبرى و من وراءها من المطبلين و المزمرين ..الربيع العربي الذي روج له إعلاميا و دعم ماديا و معنويا أسقط الدولة السورية و أتى على بنيتها التحتية و لم يسقط نظامها و أدخل السوريين في فتنة الرابح فيها هو خسران بكل المقاييس..إن الشعوب التي سطرت ثوراتها بيدها لابد و أن تنجح يوما مهما كثرت العراقيل اما الشعوب التي رسم لها الربيع فلازالت تدفع الثمن من دماء و خيرات أوطانها ناهيك عن الأثار الإجتماعية و النفسية التي لن تمحوها السنين ..الثورات تنبع من الشعوب بما تحمل من إرث ثقافي و إجتماعي و جغرافي ولا تنبع من غرف القرار المظلمة و لذلك قال ناس زمان كل بلاد و أرطالها
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾.