ما تلفظ به البحر
24-05-2008, 09:46 PM
حين قررت الرحيل في قارب يحملني على كف القدر إلى المجهول لم أكن أعرف أراحل أنا إلى الموت أم إلى الحياة، كل الاحتمالات كانت واردة - فالحرقة- ليست سوى مغامرة أو قمار قد تخسر وقد
تربح، فلم يكن أمامي سوى هذا السبيل فهنا لم يعد ثمة شيء أفعله فلست عاطلا عن العمل فقط بل عاطل حتى عن الأمل، وحين تعطل عن الأمل فليس أمامك سوى أن تحمل متاعك وبعضا من الزاد وتخوض طريقك
عبر البحر ولا يهم بعدها إن صرت في عداد المفقودين أو جثة بلا هوية في شواطئ المتوسط المهم أنك حاولت ووضع القدر نقطة النهاية ليس لرحلة القارب فقط بل لرحلة الحياة أيضا، كان حظي من الزاد بعض
من معجون التمر والماء دون أن أنسى ضفيرة شعر حبيبتي يوم اشتقت لها وفاض قلبي وجدا لرؤيتها أرسلتها لي مع رسالة عبر البريد، أخذتها وأنا خائف على هذه الضفيرة الحلم إن تغرق معي أيضا أن عاكسنا
الحظ في الوصول، فلم تكن مجرد ضفيرة جميلة فقط ولكني أعتبرها كائن حي له قلب ونبض أخشى عليه من الغرق ومن البرد ومن ظروف الطبيعة، وضعتها في كيس صغير وأغلقته بإحكام ووضعت الكيس في
الجانب الأيسر من جيبي في سترتي من جهة القلب كي تكون قريبة مني .
صار وطني اليوم حقيبة سفر فيها بعض الزاد ورسائل الحبيبة حملته على كاهلي وتسربت مثل الطيور المهاجرة ابحث عن دفء، الفرق بيني وبين الطيور أنها تهاجر منذ الأزل ولا تخيب في سفرها تسرد الأجنحة
للريح وتحلق تحت ضوء الشمس أو نور القمر ولا تخشى شيء أما أنا فكسير الجناح أتسرب خفية في قارب قد لا يصل أبدا رحلتها تتكرر كل عام وتكلل بنجاح ورحلتي مرة في العمر إن ضاعت ضاع العمر،
كانت الطيور أوفر حظا منا في الهجرة والاستقرار .
تحت ستر الظلام مثل اللصوص تسللت مع ثلة من البائسين مثلي فقدوا الأمل في كل شيء، يقودنا دليل إلى مكان وحده بعد الله عالم به، قطعنا غابة مظلمة نسير ونتوقف يلفنا الصمت والظلام خشية أن تنصت
لحركتنا أذان تسمع الهمس، وها نحن وجها لوجه مع البحر الممتد على مد البصر غارق في العتمة، على أطراف الخوف ونبض القلوب الوجلة امتطينا قاربا ربما للموت وربما للأمل لا أحد كان على يقين أنه سيصل
إلى الضفة الأخرى لكن الأمل كان كبيرا في أن نمضي دون رجعة حيث نجد بعضا من الكرامة، كان المجهول ينتظرنا ولم يكن هذا المجهول سوى حكايات عن شباب مثلنا رحلوا ذات حزن وامتطوا صهوة الموج
ليجدوا هناك بعضا من أمل وشيئا من أنفاس الحرية وما عادوا، كانت تصلنا أخبارهم واتصالاتهم أحيانا مع حكايتهم التي تنتشر بيننا انتشار النار في الهشيم كانت تتواتر إلينا حكايات النجاح فبعضهم حقق نجاحا في
عمله وجمع بعض الثروة وأرسلها لأهله واشتروا قطعة ارض وشيدوا عليها منازل فخمة وحفظوا لأهلهم كرامتهم وبعضهم تزوج والبعض عمل تجارة وحكايات أخرى للنجاح وراء البحر، وكان المجهول أيضا جثثا
مجهولة يلفظها البحر على الشواطئ البعيدة وألواح قوارب منثورة .
ها قد مضت من الرحلة أكثر من الساعة ولازلنا نتكور على أنفسنا مثل أكوام قش من البرد الذي يلسع أجسادنا، لازلنا لم نتخط المياه الإقليمية للوطن كأن هذا الوطن ماضي في أثرنا يطلب منا العودة أو كأنه يريد
الرحيل هو أيضا ولازال البحر يمتد أمامنا والخطر يتربص بنا، والموت أجنحة ترفرف على الرؤوس، قارب الموت ترفعه أمواج البحر وتحطه حتى يرتطم بالماء بقوة فنسمع صوت الارتطام فيخيل إلينا انه
سيتحطم، صرنا نقطة خوف يبتلعها الظلام، البحر من أمامنا ومن خلفنا وعن اليمين وعن الشمال والأسماك تحتنا تنتظر زلة قارب يكاد يتهاوى من حمل أحزان وألم قلوبنا لتأخذ نصيبها من أجسادنا، والموت فوقنا
ينتظر نقطة النهاية، فأين المفر؟
لا نسمع صوت سوى صوت هدير المحرك يتحدى صراخ الموج، وبيننا سرى صمت كأننا استيقنا الموت حين تقلب الجو، قلوبنا تكاد تصل الحناجر حتى نكاد نسمع نبضها، ولم نكن نخشى من أهوال البحر فحسب
بل كنا أيضا ننتظر أن تفاجئنا دوريات حراس السواحل وقواربهم التي تحرس الشريط الساحلي، أصبحنا طريدة الموت والبحر والأسماك وحراس السواحل، ذنبنا الوحيد أننا عاطلين عن الأمل.
الأمواج صارت تعلو وترتفع أكثر والريح تزأر وتبادلنا النظرات وفي نظرة كل منا سؤال واحد وهو متى تبدأ النهاية؟
لم يكن أحد منا يعرف الآخر لكن كنا نتساوى في الضياع والألم ونتشابه في المحن وفي شحوب الوجوه واصفرارها، كنا من جيل واحد أو كما كانوا يسموننا من قبل ا الجيل الصاعد ومن سخرية الأحلام والأوهام
ها نحن اليوم جيل يكاد يهوى إلى قاع البحر بعدما هوى من قبل في الفراغ والتهميش ،نتشابه في الأمل المفقود وفي البطالة المزمنة التي فرضت علينا، واخترنا الرحيل إلى المجهول دون أن نخطط للأمر بيننا، مثل
الطيور كنا حين تريد الرحيل ترحل دون إذن أو تأشيرة، نحن طيور الوطن المكسورة الأجنحة، وها نحن بعدما مضى العمر فينا وتسرب نقف على باب الموت ننتظر أن يتفتح لندخل المجهول من بابه المظلم .
لم نكن أبناء منطقة واحدة فمنا من هو من غرب البلاد ومنا من هو من شرقها ومن وسطها، لكننا كنا أبناء عذاب واحد.
قد تكون سطوري الآن أكثر غرابة، مضطربة مثل اضطرابي واضطراب من معي فالقارب الآن ريشة في مهب الريح، والموج يعلو ويصير مثل طود شامخ ليخر علينا بكل قوته وجبروته، كل شيء ضدنا حتى
البحر.
مهما سيكون عليه أمري فلست نادما على رحلتي هذه، فقبل الرحيل وضعت نصب عيني موتي وحياتي وها أنا أمامهما. ما ظلمت نفسي حين اخترت قاربا من قوارب الموت، ولن أخفي خوفي ورعبي ولكن رغم
هذا لازلت أصر على المضي قدما فلا مجال للرجوع إلى نقطة الصفر فالعودة بالنسبة لي موت من نوع آخر وان كان مصيري الموت فسأموت هنا بشرف ويكفيني فخرا أني ما كنت عالة على الوطن، الموج الآن
يعلو أكثر والريح تصفع القارب من كل جهة ولم نعد نسمع صوت المحرك وأزيزه ربما طغى عليه صوت الموج الهادر والريح العاصفة. أو ربما هو صمت الموت أخرس أزيزه وأوقفه، قلبونا طيور مذبوحة
حتى أكاد اشعر بخفق قلبي في يمين صدري ويساره القارب يتهاوى والماء يغمره، وتسألون هل أنا حاقد على أحد؟
ليس لأني قاب قوسين أو أدنى من الموت أصير طيبا لكني أقول ما اشعر به وما شعرت به دوما، لست حاقدا على أحد فلست أعرف كيف افعل ذلك، حاولت أن أحقد ولكني لم أعرف كيف يحقدون .
هناك من سقط في البحر الآن لا نعرف إن رموا أنفسهم يستعجلون الموت أم يعتقدون أنهم يفرون منه أم سقطوا لأن الأمواج رمتهم أعتقد أن القدر وضع نقطة النهاية لسبع سنين بعد العشرين من عمري، كل الذي
أستطيع أن أقوله لأمي إني أحبها فلتسامحني يا الله ....
كانت تلك رسالة أثقلت البحر حزنا فلفظها في قنينة صغيرة على شاطئه، بعد يومين تناثرت ألواح قارب مجهول وبعض الجثث المجهولة بعضها اشتركت في نهشها الأسماك في البحر والكلاب الضالة في البر.
تربح، فلم يكن أمامي سوى هذا السبيل فهنا لم يعد ثمة شيء أفعله فلست عاطلا عن العمل فقط بل عاطل حتى عن الأمل، وحين تعطل عن الأمل فليس أمامك سوى أن تحمل متاعك وبعضا من الزاد وتخوض طريقك
عبر البحر ولا يهم بعدها إن صرت في عداد المفقودين أو جثة بلا هوية في شواطئ المتوسط المهم أنك حاولت ووضع القدر نقطة النهاية ليس لرحلة القارب فقط بل لرحلة الحياة أيضا، كان حظي من الزاد بعض
من معجون التمر والماء دون أن أنسى ضفيرة شعر حبيبتي يوم اشتقت لها وفاض قلبي وجدا لرؤيتها أرسلتها لي مع رسالة عبر البريد، أخذتها وأنا خائف على هذه الضفيرة الحلم إن تغرق معي أيضا أن عاكسنا
الحظ في الوصول، فلم تكن مجرد ضفيرة جميلة فقط ولكني أعتبرها كائن حي له قلب ونبض أخشى عليه من الغرق ومن البرد ومن ظروف الطبيعة، وضعتها في كيس صغير وأغلقته بإحكام ووضعت الكيس في
الجانب الأيسر من جيبي في سترتي من جهة القلب كي تكون قريبة مني .
صار وطني اليوم حقيبة سفر فيها بعض الزاد ورسائل الحبيبة حملته على كاهلي وتسربت مثل الطيور المهاجرة ابحث عن دفء، الفرق بيني وبين الطيور أنها تهاجر منذ الأزل ولا تخيب في سفرها تسرد الأجنحة
للريح وتحلق تحت ضوء الشمس أو نور القمر ولا تخشى شيء أما أنا فكسير الجناح أتسرب خفية في قارب قد لا يصل أبدا رحلتها تتكرر كل عام وتكلل بنجاح ورحلتي مرة في العمر إن ضاعت ضاع العمر،
كانت الطيور أوفر حظا منا في الهجرة والاستقرار .
تحت ستر الظلام مثل اللصوص تسللت مع ثلة من البائسين مثلي فقدوا الأمل في كل شيء، يقودنا دليل إلى مكان وحده بعد الله عالم به، قطعنا غابة مظلمة نسير ونتوقف يلفنا الصمت والظلام خشية أن تنصت
لحركتنا أذان تسمع الهمس، وها نحن وجها لوجه مع البحر الممتد على مد البصر غارق في العتمة، على أطراف الخوف ونبض القلوب الوجلة امتطينا قاربا ربما للموت وربما للأمل لا أحد كان على يقين أنه سيصل
إلى الضفة الأخرى لكن الأمل كان كبيرا في أن نمضي دون رجعة حيث نجد بعضا من الكرامة، كان المجهول ينتظرنا ولم يكن هذا المجهول سوى حكايات عن شباب مثلنا رحلوا ذات حزن وامتطوا صهوة الموج
ليجدوا هناك بعضا من أمل وشيئا من أنفاس الحرية وما عادوا، كانت تصلنا أخبارهم واتصالاتهم أحيانا مع حكايتهم التي تنتشر بيننا انتشار النار في الهشيم كانت تتواتر إلينا حكايات النجاح فبعضهم حقق نجاحا في
عمله وجمع بعض الثروة وأرسلها لأهله واشتروا قطعة ارض وشيدوا عليها منازل فخمة وحفظوا لأهلهم كرامتهم وبعضهم تزوج والبعض عمل تجارة وحكايات أخرى للنجاح وراء البحر، وكان المجهول أيضا جثثا
مجهولة يلفظها البحر على الشواطئ البعيدة وألواح قوارب منثورة .
ها قد مضت من الرحلة أكثر من الساعة ولازلنا نتكور على أنفسنا مثل أكوام قش من البرد الذي يلسع أجسادنا، لازلنا لم نتخط المياه الإقليمية للوطن كأن هذا الوطن ماضي في أثرنا يطلب منا العودة أو كأنه يريد
الرحيل هو أيضا ولازال البحر يمتد أمامنا والخطر يتربص بنا، والموت أجنحة ترفرف على الرؤوس، قارب الموت ترفعه أمواج البحر وتحطه حتى يرتطم بالماء بقوة فنسمع صوت الارتطام فيخيل إلينا انه
سيتحطم، صرنا نقطة خوف يبتلعها الظلام، البحر من أمامنا ومن خلفنا وعن اليمين وعن الشمال والأسماك تحتنا تنتظر زلة قارب يكاد يتهاوى من حمل أحزان وألم قلوبنا لتأخذ نصيبها من أجسادنا، والموت فوقنا
ينتظر نقطة النهاية، فأين المفر؟
لا نسمع صوت سوى صوت هدير المحرك يتحدى صراخ الموج، وبيننا سرى صمت كأننا استيقنا الموت حين تقلب الجو، قلوبنا تكاد تصل الحناجر حتى نكاد نسمع نبضها، ولم نكن نخشى من أهوال البحر فحسب
بل كنا أيضا ننتظر أن تفاجئنا دوريات حراس السواحل وقواربهم التي تحرس الشريط الساحلي، أصبحنا طريدة الموت والبحر والأسماك وحراس السواحل، ذنبنا الوحيد أننا عاطلين عن الأمل.
الأمواج صارت تعلو وترتفع أكثر والريح تزأر وتبادلنا النظرات وفي نظرة كل منا سؤال واحد وهو متى تبدأ النهاية؟
لم يكن أحد منا يعرف الآخر لكن كنا نتساوى في الضياع والألم ونتشابه في المحن وفي شحوب الوجوه واصفرارها، كنا من جيل واحد أو كما كانوا يسموننا من قبل ا الجيل الصاعد ومن سخرية الأحلام والأوهام
ها نحن اليوم جيل يكاد يهوى إلى قاع البحر بعدما هوى من قبل في الفراغ والتهميش ،نتشابه في الأمل المفقود وفي البطالة المزمنة التي فرضت علينا، واخترنا الرحيل إلى المجهول دون أن نخطط للأمر بيننا، مثل
الطيور كنا حين تريد الرحيل ترحل دون إذن أو تأشيرة، نحن طيور الوطن المكسورة الأجنحة، وها نحن بعدما مضى العمر فينا وتسرب نقف على باب الموت ننتظر أن يتفتح لندخل المجهول من بابه المظلم .
لم نكن أبناء منطقة واحدة فمنا من هو من غرب البلاد ومنا من هو من شرقها ومن وسطها، لكننا كنا أبناء عذاب واحد.
قد تكون سطوري الآن أكثر غرابة، مضطربة مثل اضطرابي واضطراب من معي فالقارب الآن ريشة في مهب الريح، والموج يعلو ويصير مثل طود شامخ ليخر علينا بكل قوته وجبروته، كل شيء ضدنا حتى
البحر.
مهما سيكون عليه أمري فلست نادما على رحلتي هذه، فقبل الرحيل وضعت نصب عيني موتي وحياتي وها أنا أمامهما. ما ظلمت نفسي حين اخترت قاربا من قوارب الموت، ولن أخفي خوفي ورعبي ولكن رغم
هذا لازلت أصر على المضي قدما فلا مجال للرجوع إلى نقطة الصفر فالعودة بالنسبة لي موت من نوع آخر وان كان مصيري الموت فسأموت هنا بشرف ويكفيني فخرا أني ما كنت عالة على الوطن، الموج الآن
يعلو أكثر والريح تصفع القارب من كل جهة ولم نعد نسمع صوت المحرك وأزيزه ربما طغى عليه صوت الموج الهادر والريح العاصفة. أو ربما هو صمت الموت أخرس أزيزه وأوقفه، قلبونا طيور مذبوحة
حتى أكاد اشعر بخفق قلبي في يمين صدري ويساره القارب يتهاوى والماء يغمره، وتسألون هل أنا حاقد على أحد؟
ليس لأني قاب قوسين أو أدنى من الموت أصير طيبا لكني أقول ما اشعر به وما شعرت به دوما، لست حاقدا على أحد فلست أعرف كيف افعل ذلك، حاولت أن أحقد ولكني لم أعرف كيف يحقدون .
هناك من سقط في البحر الآن لا نعرف إن رموا أنفسهم يستعجلون الموت أم يعتقدون أنهم يفرون منه أم سقطوا لأن الأمواج رمتهم أعتقد أن القدر وضع نقطة النهاية لسبع سنين بعد العشرين من عمري، كل الذي
أستطيع أن أقوله لأمي إني أحبها فلتسامحني يا الله ....
كانت تلك رسالة أثقلت البحر حزنا فلفظها في قنينة صغيرة على شاطئه، بعد يومين تناثرت ألواح قارب مجهول وبعض الجثث المجهولة بعضها اشتركت في نهشها الأسماك في البحر والكلاب الضالة في البر.
من مواضيعي
0 مساكين في الحكومة -1-
0 "هذه هي البوليتيك يا مخلوقة "
0 "حناني مول الشاش"
0 من أنفلونزا (الحلوف) إلى أنفلونزا (العتروس)
0 سلموا الرئاسة "لدلوع" ماما
0 رجال المطافئ يشعلون النار ..!؟
0 "هذه هي البوليتيك يا مخلوقة "
0 "حناني مول الشاش"
0 من أنفلونزا (الحلوف) إلى أنفلونزا (العتروس)
0 سلموا الرئاسة "لدلوع" ماما
0 رجال المطافئ يشعلون النار ..!؟
التعديل الأخير تم بواسطة محمد دلومي ; 24-05-2008 الساعة 09:58 PM