تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى الدراسات الإسلامية

> رب معاوية رحيم، وخصم معاوية خصم كريم [رد على الدكتورة رفيدة الحبش]

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
البابور
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 21-10-2009
  • الدولة : جزائريٌ قــُــــحٌّ
  • المشاركات : 45
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • البابور is on a distinguished road
البابور
عضو نشيط
رب معاوية رحيم، وخصم معاوية خصم كريم [رد على الدكتورة رفيدة الحبش]
30-12-2015, 10:53 AM
رب معاوية رحيم، وخصم معاوية خصم كريم
[رد على الدكتورة رفيدة الحبش]


الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد ..

فقد روى ابن عساكر عن أبي زرعة الرازي أنه قال له رجل: إني أبغض معاوية، فقال له: ولم؟ قال: لأنه قاتل عليا، فقال له أبو زرعة: ويحك إن رب معاوية رحيم، وخصم معاوية خصم كريم، فأيش دخولك أنت بينهما؟ رضي الله عنهما.[البداية و النهاية ج8ص139]

هذا الصحابي الجليل الولي الصالح و المجاهد الكبير الذي يعتبر أحد دعائم دولة الإسلام، و الذي أنبأنا النبي صلى الله عليه وسلّم بأنه مؤسس الأسطول الإسلامي الأول، و أنه أول من فتح صفحة الجهاد الإسلامي في البحار، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه أن أم حرام رضي الله عنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا» ، قالت أم حرام: قلت: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: «أنتِ فيهم» ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم» ، فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: «لا»

قال ابن حجر (ج6ص103): وقوله قد أوجبوا أي فعلوا فعلا وجبت لهم به الجنة. اهـ

و قال أيضًا (ج6ص102): قوله يغزون مدينة قيصر يعني القسطنطينية قال المهلب: في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر ومنقبة لولده يزيد لأنه أول من غزا مدينة قيصر. اهـ

جاء في بعض مناقبه أيضًا :

ما رواه البخاري (5/28) أن معاوية أوتر بعد العشاء بركعة ، وعنده مولى لابن عباس ، فأتى ابن عباس ، فقال: دعه؛ فإنه صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وقال في خير آخر: هل لك في أمير المؤمنين معاوية؛ فإنه أوتر بواحدة؟ فقال ابن عباس : إنه فقيه.

وما رواه أحمد في مسند (ج4ص102) عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس: أن معاوية أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قصر شعره بمشقص فقلت لابن عباس : ما بلغنا هذا الأمر إلا عن معاوية ! فقال: ما كان معاوية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متهماً.

وعن أبي الدرداء (مجمع الزوائدج9ص357) : ما رأيت أحداً بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشبه صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أميركم هذا (يعني معاوية) ..

وعن أبي وقاص قال( البداية و النهاية ج8ص133): ما رأيت أحدا بعد عثمان أقضى بحق من صاحب هذا الباب- يعني معاوية-

وعن ابن عباس يقول (البداية و النهاية ج8ص135): ما رأيت رجلا كان أخلق بالملك من معاوية .

قال محب الدين الخطيب(المنتقى ص242) : و هل يكون الرجل أخلق الناس بالملك إلا أن يكون عادلًا حكيمًا حليمًا، يحسن الدفاع عن ملكه ، و يستعين الله في نشر دعوة الله في المماليك الأخرى، و يقوم بالأمانة في الأمة التي ائتمنه الله عليها. اهـ

هذا بعض ما قيل في خال المؤمنين أحد أبرز مفاخر المسلمين رضي الله عنه فكيف تجرؤ امرأة على الكلام فيه بأقبح العبارات غاضة من طرفها عن هذه المناقب، ضاربة عرض الحائط بوصية النبي صلى الله عليه و سلم لأمته :(لا تسبوا أصحابي ، لا تسبوا أصحابي؛ فو الذي نفسي بيده ، لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ؛ ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه)؟!

و أين هي من الحديث الثابت كما عند الطبراني و غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا) ؟؟. السلسة الصحيحة (1/75) .

و قد فسر المناوي في فيض القدير (ج2ص676) الحديث بأن معناه : ما شجر بينهم - أي الصحابة - من الحروب والمنازعات .

يقول ابن حجر في الفتح (ج13ص37 ) : و اتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ، و لو عُرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد و قد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد ، بل ثبت أنه يؤجر أجراً واحداً ، و أن المصيب يؤجر أجرين .اهـ

و قد ابتليتُ بسماع بعض ما قالته د. رفيدة الحبش من مغالطات و حقائق مزيفة و مقلوبة و بهت و طعون في حق معاوية رضي الله عنه و أرضاه ، ومنذ ذلك الوقت و أنا على أحر من الجمر بغية الرد عليها و بيان مدى بعدها عن الحقيقة و تنكبها طريق الصواب وذلك بخوضها في ما جرى بين الصحابيين علي و معاوية رضي الله عنهما، سيما و أن كلام الدكتورة قد بث عبر قناة اقرأ الفضائية ، و نشر التسجيل على اليوتيوب بتاريخ : 07 /12/ 2015 و بلغت كذباتها آفاق الأرض!
و بعد مقابلة الصوتية المنسوبة إلى الدكتورة بالمادة المصورة عبر موقع القناة في برنامج لها بعنوان : و الذاكرات في حلقة أمامة بنت أبي العاص رضي الله عنهما، قمت بتفريغ المقطع من كلامها حرفيا ، و إليك أخي القارئ بعض ما قالته د. رفيدة في حق هذا الصحابي:

"...أما الموقف العظيم الذي قامت به السيدة أمامة و هو أنه عندما استشهد الإمام علي و كان يُحتضر على فراش الموت قال لها أي لأمامة : و الله إني لا آمن أن يخطبك هذا الطاغية عن معاوية حارب الإمام علي و قاتله من أجل الخلافة و من أجل الكرسي ، فعرف الإمام علي بأن معاوية ربما يتزوج أمامة من بعده فقال لها و الله لا آمن أن يخطبك هذا الطاغية و أسماه طاغية! سيدنا علي أسمى معاوية طاغية لأنه طغى على غيره و أخذ حق غيره و حارب المسلمين و جعل هذه الفتنة في ذلك الزمان ..."

(سبحانك هذا بهتان عظيم)

وأنا استغفر الله من نقل هذا الكلام ، بمثل هذه العبارات الجارحة.


وملخص هذه الفقرة:
1- الاعتماد على رواية بسند فيه مجهول -كما قال ابن حجر-، فقالت : " ... أما الموقف العظيم الذي قامت به السيدة أمامة و هو أنه عندما استشهد الإمام علي و كان يحتضر على فراش الموت قال لها أي لأمامة : و الله إني لا آمن أن يخطبك هذا الطاغية ..."

2- افتراؤها على معاوية بأنه حارب عليًا من أجل الخلافة و الكرسي فقالت :"... معاوية حارب الإمام علي و قاتله من أجل الخلافة و من أجل الكرسي."

3- سبُّها معاوية و افتراؤها عليه الكذب : "...معاوية طاغية لأنه طغى على غيره و أخذ حق غيره و حارب المسلمين و جعل هذه الفتنة في ذلك الزمان."

و سأناقش كلام الدكتورة بإذن الله معتمدا في ذلك على كلام أئمة العلم و الفقه و التحقيق لنقض كلامها الباطل و اعتدائها الجائر.
الجزء الأول من الفقرة: اعتمادها على رواية بسند فيه مجهول -كما قال ابن حجر-، فقالت : " ... أما الموقف العظيم الذي قامت به السيدة أمامة و هو أنه عندما استشهد الإمام علي و كان يحتضر على فراش الموت قال لها أي لأمامة : و الله إني لا آمن أن يخطبك هذا الطاغية ..."

الجواب أن يقال :
أغلب روايات الطعن على معاوية لا سند لها، و ما كان منها لها سند فلا يصح ، إضافة أنها تقابل روايات صحيحة على النقيض تثبت الود بين معاوية و ابن عباس و الحسن و الحسين رضي الله عنهم جميعًا ، و رواية قصتنا هذه من الروايات الضعيفة التي لا تصح ، و ما أكثر الروايات المكذوبة في الطعن في معاوية، قال أبو الفرج بن الجوزي في كتاب الموضوعات ( بواسطة منهاج السنةج4ص447): قد تعصب قوم ممّن يدعي السنّة فوضعوا في فضل معاوية رضي الله عنه أحاديث ليغيظوا الرافضة، و تعصب قوم من الرافضة فوضعوا في ذمه أحاديث، و كلا الفريقين على الخطأ القبيح. اهـ

أما عن الرواية التي جاءت بها الدكتورة فقد أوردها ابن حجر في الإصابة فقال (ج8ص25):
وقال عمر بن شبّة: حدثنا علي بن محمد النّوفلي، عن أبيه- أنه حدثه عن أهله أنّ عليّا لما حضرته الوفاة قال لأمامة بنت العاص: إني لا آمن أن يخطبك هذا الطاغية بعد موتي- يعني معاوية، فإن كان لكِ في الرجال حاجة فقد رضيت لك المغيرة بن نوفل عشيرا.
قلت: النوفلي ضعيف جدا مع انقطاع الإسناد، والراويّ فيه مجهول. اهـ

و المقصود من هذا النقل الباطل تكفير معاوية من قِبل علي رضي الله عنهما، ولم يَصِل ما كان بينهما إلى هذا الحد، و قد ثبت تأكيد الصحابة من الفريقين على أن دعواهما واحدة ، و الطائفتان المتقاتلتان في صفين كانتا من المؤمنين و أقربهما للحق طائفة علي – رضي الله عنه-، كما أن معاوية رضي الله عنه كان مجتهدًا فيما أقدم عليه، و هو الذي أكد على أن الحرب مع علي ليست على الحُكم و الكرسي كما سأبينه فيما سيأتي إن شاء الله.

فليت شعري كيف سمحت الدكتورة لنفسها الاعتماد على رواية باطلة متنًا للطعن في معاوية بمثل هذه الطعنة الخطيرة الفاجرة؟!

و مما هو معلوم أن الرافضة تعمد لمثل هذه الروايات التي تحمل في مفهومها تكفيرًا للصحابة ومنهم معاوية فتستخرجها من بطون الكتب و تنشرها بين الناس لقصدهم القبيح الذي ينبع عن عداوة و بغضاء لصحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم فهل نجد الدكتورة هنا قد نحت نحوهم و خدمت مشروعهم؟!

هب أن هذه الرواية ذات سند صحيح فهل يجوز لها و الحالة هذه أن تنصب نفسها حكمًا في قضايا عظيمة و بجرأة متناهية حتى تمس أعراض الصحابة و دينهم و تشوه سمعتهم الحسنة ضاربة عرض الحائط أحاديث تنهى عن مثل هذا الصنيع، معارضة لنصائح العلماء بعدم الخوض؟!

إن لم تستح فاصنع ما شئت!



الجزء الثاني من الفقرة: افتراؤها على معاوية بأنه حارب علي من أجل الخلافة و الكرسي فقالت : "...معاوية حارب الإمام علي و قاتله من أجل الخلافة و من أجل الكرسي."
و الرد على هذا البهتان العظيم و الإفك المبين يكون ببيان أمرين :
الأمر الأول : معاوية رضي الله عنه لم يكن يريد الحرب و لم يبتدئها في صفين و لم يأت إليها إلا بعد أن خرج علي من الكوفة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( منهاج السنة ج4ص447) : ولم يكن معاوية ممن يختار الحرب ابتداء، بل كان من أشد الناس حرصا على أن لا يكون قتال، وكان غيره أحرص على القتال منه. اهـ
و قال محب الدين الخطيب في تعليقه على(العواصم من القواصم ص170) كان معاوية يعرف من نفسه أنه لم يكن منه البغي في حرب صفين ؛ لأنه لم يردها، و لم يبتدئها و لم يأت لها إلا بعد أن خرج عليّ من الكوفة، و ضرب معسكره في النخيلة ليسير إلى الشام. و لذلك لما قُتل عمار قال معاوية : " إنما قتله من أخرجه". اهـ

الأمر الثاني : الحرب التي جرت بين علي و معاوية – رضي الله عنهما لم تكن من أجل الخلافة و الكرسي كما تدّعي هذا الدكتورة زورًا و كذبًا ، و إنما كانت من أجل الاقتصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه ، و هذا معاوية يشهد على نفسه بهذا و يعترف أن خلافه مع علي إنما كان من أجل طلب الاقتصاص من قتلة عثمان و ذلك في رواية إسنادها جيد أوردها الحافظ ابن حجر رحمه الله فقال (الفتح ج13ص86):
وقد ذكر يحيى بن سليمان الجعفي أحد شيوخ البخاري في كتاب صفين في تأليفه بسند جيد عن أبي مسلم الخولاني أنه قال لمعاوية: أنت تنازع عليا في الخلافة أو أنت مثله؟ قال معاوية : لا وإني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما وأنا بن عمه ووليه أطلب بدمه؟ فأتوا عليا فقولوا له يدفع لنا قتلة عثمان! فأَتَوهُ فكلموه فقال: يدخل في البيعة ويحاكمهم إلي؛ فامتنع معاوية.اهـ
هنا يتجلى رفيع أدب معاوية و سمو خلقه هذا المهدي كما سماه النبي صلى الله عليه و سلم يعترف بالفضل لعلي -رضي الله عنه- و يعترف له بالمكانة التي فيها و بأحقِيَتهِ بالخلافة و الإمارة ، إنها قمة العدل و الإنصاف حتى مع خصمه! فماذا ينقم أعداؤه منه يا ترى؟!

أما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال (منهاج السنة النبوية ج6ص327):

وأيضا فالقتال الذي كان في زمن علي لم يكن على الإمامة، فإن أهل الجمل وصفين والنهروان لم يقاتلوا على نصب إمام غير علي، ولا كان معاوية يقول: أنا الإمام دون علي، ولا قال ذلك طلحة والزبير.

فلم يكن أحد ممن قاتل عليا قبل الحكمين نصب إماما يقاتل على طاعته، فلم يكن شيء من هذا القتال على قاعدة من قواعد الإمامة المنازع فيها، لم يكن أحد من المقاتلين يقاتل طعنا في خلافة الثلاثة، ولا ادعاء للنص على غيرهم، ولا طعنا في جواز خلافة علي.اهـ

و هذا ابن حزم رحمه الله يبين هذه الحقيقة الساطعة و يؤكدها فيقول ( الفصل في الملل ج4ص124):

وأما أمر معاوية رضي الله عنه فبخلاف ذلك ولم يقاتله علي رضي الله عنه لامتناعه من بيعته لأنه كان يسعه في ذلك ما وسع ابن عمر وغيره لكن قاتله لامتناعه من إنفاذ أوامره في جميع أرض الشام وهو الإمام الواجبة طاعته فعلي المصيب في هذا ولم ينكر معاوية قط فضل علي واستحقاقه الخلافة، لكن اجتهاده اداه إلى أن رأى تقديم أخذ القود من قتلة عثمان رضي الله عنه على البيعة ورأى نفسه أحق بطلب دم عثمان والكلام فيه عن ولد عثمان وولد الحكم ابن أبي العاص لسنه ولقوته على الطلب بذلك كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن سهل أخا عبد الله بن سهل المقتول بخيبر بالسكوت وهو أخو المقتول وقال له كبر كبر وروى الكبر الكبر فسكت عبد الرحمن وتكلم محيصة وحويصة أبناء مسعود وهما ابنا عم المقتول لأنهما كانا أسن من أخيه فلم يطلب معاوية من ذلك إلا ما كان له من الحق أن يطلبه وأصاب في ذلك الأثر الذي ذكرنا وإنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة فقط فله أجر الاجتهاد في ذلك ولا إثم عليه فيما حرم من الإصابة كسائر المخطئين في اجتهادهم. اهـ

و قال ابن حجر الهيتمي (الصواعق المحرقة على أهل الرفض و الضلال و الزندقة ج2ص622) :

ما جرى بين معاوية وعلي رضي الله عنهما من الحروب فلم يكن لمنازعة معاوية لعلي في الخلافة، للإجماع على أحقيتها لعلي، كما مر فلم تهج الفتنة بسببها، وإنّما هاجت بسبب: أن معاوية ومن معه طلبوا من علي تسليم قتلة عثمان إليهم ، لكون معاوية ابن عمه، فامتنع علي ظنا منه أن تسليمهم إليهم على الفور مع كثرة عشائرهم واختلاطهم بعسكر علي، يؤدي إلى اضطراب وتزلزل في أمر الخلافة التي بها انتظام كلمة أهل الإسلام ،سيما وهي في ابتدائها لم يستحكم الأمر فيها فرأى علي رضي الله عنه أن تأخير تسليمهم أصوب إلى أن يرسخ قدمه في الخلافة، ويتحقق التمكن من الأمور فيها على وجهها ويتم له انتظام شملها واتفاق كلمة المسلمين، ثم بعد ذلك يلتقطهم واحدا فواحدا. اهـ

فمن أحق بالاتباع و التصديق أكلام هؤلاء الأئمة المبني على علم و فقه و تحقيق أم هراء الدكتورة المبني على الهوى و الغل و الحقد؟!!

الجزء الثالث من الفقرة: قالت الدكتورة و هي تسب معاوية و تفتري عليه الكذب : "...معاوية طاغية لأنه طغى على غيره و أخذ حق غيره و حارب المسلمين و جعل هذه الفتنة في ذلك الزمان."
هنا بلغت الدكتورة قمّة الجرأة على العادل و الحليم معاوية رضي الله عنه و أرضاه نسأل الله العافية و السلامة.
قال تعالى : {الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}[الأحزاب:58]
و الجواب على هذا البهت و الكذب:
أولا : إمعان الدكتورة و تأكيدها على وصف معاوية بالطاغية لأمر خطير ، و يخشى عليها أن يرجع إليها هذا الوصف ، و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( من قال لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما) فما بال الطعن موجهًا لأحد صحابة رسول رب العالمين؟!
قد يقول قائل ما ذنب الدكتورة و قد اعتمدت على وصف علي لمعاوية -رضي الله عنهما- بالطاغية و لم تأت به من جعبتها؟!
فجوابي له ما قاله ابن تيمية -رحمه الله- (منهاج السنة ج4ص444) : نحن نطالب بصحة هذا الحديث فإن الاحتجاج بالحديث لا يجوز إلا بعد ثبوته، ونحن نقول هذا في مقام المناظرة ، وإلا فنحن نعلم قطعا أنه كذب .اهـ
ومن كان هذا حاله في الاعتماد على الروايات المكذوبة و الضعيفة لا يسلم من الطعن في من اختارهم الله جل و علا لصحبة نبيه عليه الصلاة و السلام، و من اتخذ الغراب له دليلا يمر به على جيف الكلاب،
ومن لا يحسن هذا العلم فلا يصلح للدعوة ولا يقحم نفسه في هذا المضمار والله عزوجلّ يقول: {
لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}
[البقرة :286]،ويقول :{ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}[ص:86].
ثانيًا : الذي جعل الفتنة في ذلك الزمان ليس معاوية رضي الله عنه و لا غيره من الصحابة الكرام ، فإن من ربّاهم قد رباهم على محاربة الفتنة و وأد بؤرها ومنبعها، ثم ما بال الدكتورة تتطرق إلى الفتنة في ذلك الزمان و تغض الطرف عن أهل الفتنة الحقيقيين قتلة عثمان رضي الله عنه مؤجّجي نارها و فاتحي بابها ؟!
هؤلاء المفسدين واصلوا تسعير نار الفتنة إلى أن قتلوا كل من قتل بعد عثمان ومنهم طلحة و الزبير و عمار إلى أن وصلت فتنتهم بقتل عليًا نفسه رضي الله عنهم .
و يدل ذلك ما رواه الطبري من حوادث 193 (ج10ص117) من تاريخه عن مصعب بن عبد الله الزبيري أن أباه عبد الله بن مصعب أخبره أن الرشيد قال له : ما تقول في الذين طعنوا على عثمان؟ قال قلت : يا أمير المؤمنين طعن عليه ناس، و كان معه ناس. فأما الذين طعنوا عليه فتفرقوا عنه و هم أنواع الشيع و أهل البدع و أنواع الخوارج، و أما الذين كانوا معه فهم أهل الجماعة اليوم. فقال الرشيد : ما أحتاج أن اسأل بعد هذا اليوم عن هذا. اهـ

إن أحفاد قتلة عثمان رضي الله عنه أصحاب فتن و دماء إلى اليوم، وإغفال الدكتورة ذكر أمرهم من ظلمها المتواصل و المتعدي على ورثة علم النبي صلى الله عليه و سلم و كتاب وحيه من صحابته إضافة على تشويهها لمعاوية بأنه أخذ حق غيره!

و إن لأسأل الدكتورة رفيدة لأي جهة تتملقين بتشويه محاسن الملك العادل خال المؤمنين الذي كان رعيته يحبونه و يحبهم و سيرته مع رعيته لم يحظ بها ملك مع مملوكيه؟!
و هذه شهادة الحافظ الذهبي - رحمه الله- في حق هذا الصحابي الذي لم تشهد البشرية ملك أعدل منه :
قول الحافظ الذهبي - رحمه الله -(السير ج3ص133) : وكان - أي معاوية- محبّبا إلى رعيّته، عمل نيابة الشامّ عشرين سنة والخلافة عشرين سنة ولم يهجه أحد في دولته، بل دانت له الأمم، وحكم على العرب والعجم، وكان ملكه على الحرمين، ومصر والشام والعراق وخراسان، وفارس والجزيرة واليمن والمغرب وغير ذلك. اهـ
و قال شيخ الإسلام- رحمه الله-(منهاج السنة ج6ص247) : وكانت سيرة معاوية مع رعيته من خيار سير الولاة و كان رعيته يحبونه وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : خيار أئمتكم الذين تحبونهم و يحبونكم ، و تصلّون عليهم و يصلون عليكم وشرار أئمتكم ، الذين تبغضونهم و يبغضونكم و تلعنونهم و يلعنونكم .اهـ

و قد اجتمع طلاب العلم و الدين عند الإمام سليمان بن مهران الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز و عدله ، فقال الأعمش(بواسطة هامش منهاج الاعتدال تعليق الخطيب ص243) : فكيف لو أدركتم معاوية؟ قالوا في حلمه؟ قال لا والله ، بل في عدله!
و روى الأعمش عن مجاهد قال(نفس المصدر) : لو أدركتم معاوية لقلتم هذا المهدي.

و لست أدري هل سترفع الدكتورة رأسًا بهذه الحقائق التاريخية التي ذكرها الأئمة المحققون التي تدمغ ما اقترفته في حق معاوية من بهتان أم أنها تضع نفسها- و المرء حيث يضع نفسه- مع من نابذ صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم العداء ، و أظهر لهم الكراهية و البغضاء؟!

و هل تُراها ترضى على من رضي عليه النبي صلى الله عليه و سلم و دعا له بأن يكون هاديًا مهديًا عالمًا بالكتاب و الحساب؟!

و إنك يا دكتورة مهما حاولت النيل من هذا الرجل العظيم بمثل هذه الافتراءات لا يضره هذا أبدا، و إن ما حضيه من حب النبي صلى الله عليه و سلم و ثنائه عليه ليُعد عندنا سيفًا مسلولا لكل شانئ لهذا الرجل الصالح و المجاهد الناجح.

إن هذه الحقائق التي أيدها و نصرها العلماء ممن عرف قدر صحابة رسولنا الكريم و أنزلهم منزلتهم الحقيقية لقليل من كثير، و إنه مهما اجتد مجتهد في قلبها و إقناع نفسه و غيره بمقلوبها ، و أفنى حياته في مصارعتها فإنه في النهاية سيهزم و يبوء بالخسران لأن النصر حليف الحقيقة، و لأن الله هو الحق المبين ناصر دينه ، جل جلاله ، و معز أولياؤه ، و لا إله غيره.

و أخيرًا أقول لـلدكتورة رفيدة الحبش ..


ويحك يا دكتورة .. إن رب معاوية رحيم، وخصم معاوية خصم كريم، فأيش دخولكِ أنتِ بينهما؟! رضي الله عنهما.

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)

و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم
أمين عبد الرحمن سعيدي
الجزائر في 27 صفر 1437 هـ
الموافق له 11 / ديسمبر / 2015م


[منقووول]
التعديل الأخير تم بواسطة البابور ; 30-12-2015 الساعة 10:55 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
تأمل عقل
مشرف سابق
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,869
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • تأمل عقل will become famous soon enough
تأمل عقل
مشرف سابق
رد: رب معاوية رحيم، وخصم معاوية خصم كريم [رد على الدكتورة رفيدة الحبش]
11-06-2016, 05:39 PM
الفتنة الكبرى تارخ وانتهى وأمرهم الى الله
وكل كلام عنهم وعن كل من شارك فيها من قريب أوبعيد من الصعب أن يكون محايدا ،،،لذا الأولى دفن فتنتهم معهم بموتهم وانتهاء عهد الأمويين والعباسيين،
الحقيقة التاريخية لاوجود لها ،ونسبة كبيرة مما ينسب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حول علي ومعاوية والحسن والحسين و...مجرد تدعيم لمواقف ضد أخرى ,,,وبداية الفتنة بمقتل الخليفة عثمان ابن عفان ...للأسف استمرت الى اليوم بزعامة السعودية وايران ،وهي سياسة ومصالح دولية
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 12:43 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى