رد: رأي شرعي حول حركة طالبان
24-04-2007, 10:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
استطاعت آلة الإعلام الغربية، ومن عاونها من أصحاب الأسماء العربية، أن يديرا معاً حملة خطرة، فى تشويه كل ما يمت إلى الإسلام بصلة .
وكان المثال الأمثل على هذا النجاح الظاهر، الحملة التى استهدفت تشويه فترة حكم حركة (طالبان) الأفغانية، وأسلوبها فى إدارة البلاد، والأحداث التى عاصرتها .
ساهمت تلك الحملة فى خلق صورة أتسمت بكل ألوان القتامة، بما استخدم فيها من ألفاظ ، ومشاهد ، وأكاذيب .
فجدير بنا أن نقف أمام هذه القضية، وما حملته من دلائل، وما خلقته من نتائج، وما ترتب على تلك النتائج.
ـــــ
كلمة (طالبان) هى جمع لكلمة طالب بلغة البشتو، و(طالبان) حركة إسلامية سنية، تشكلت عام 1994 من الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الشرعية .
تعلم أفراد الحركة في المدارس الدينية الديوبندية (نسبة إلى قرية ديوبند فى الهند) .. حيث ركزت تلك المدارس على العلوم الإسلامية كالتفسير والحديث والسيرة إضافة إلى بعض العلوم العصرية .
ظروف نشأة الطالبان
بعد نجاح فصائل المجاهدين الأفغان فى إخراج الغزاة السوفيت من بلادهم .. وقع الخلاف بينهم على حكم البلاد، هذا الخلاف الذى وصل لأسباب عدة إلى حد الإقتتال فيما بينهم، مما أوقع أكثر من 40 ألف قتيل، إضافة إلى خسائر مادية أخرى جسيمة، ولم ينجح الوسطاء الدوليون فى وضع حد لهذه الحروب .
تحولت أفغانستان مع هذا الإقتتال الداخلى، إلى ساحة لا وجود للأمن فيها، ولم يكن أمام السكان قوة موحدة تجبرهم على احترام القانون والتقيد بقراراته.. فقد استشرى الفساد نتيجة لرواسب الحقبة الشيوعية التى عاشتها وتحكم القائد الشيوعى عبد الرشيد دوستم فى بعض الولايات والفوضى الإدارية التي جعلت من الصعوبة على جهة معينة محاربة الرذائل التي انتشرت في المجتمع الأفغانى المحافظ بطبيعته .
وفي ربيع 1994 شاع خبر إختطاف وإغتصاب فتاتين عند إحدى نقاط السيطرة التّابعة لأحد الفصائل الأفغانيّة المتناحرة بقرية (سانج هيسار) قرب مدينة (قندهار) ونما إلى الملا محمد عمر خبر الإختطاف، فألف قوة من 30 رجل وسعوا لتخليص الفتاتين، وقد نجح في عملية التخليص، وقام بدوره بتعليق قائد عملية الخطف والإغتصاب على المشنقة .. ومن هذه اللحظة وُلدت فكرة تشكيل حركة طالبان .
ففى يوليو1994 ظهرت الخلية الأولى للحركة الطلابية، حيث اجتمع 53 طالباً من طلاب المدارس في منطقة (سنج سار) بقندهار ثم انتقلوا إلى منطقة (كشك نخود) وبدؤوا فى نزع السلاح من مجموعات المقاتلين وإزالة نقاط التفتيش الموضوعة لجمع الإتاوات على الطرق العامة .
وفى أغسطس 1994 بايع هؤلاء الطلاب الملا محمد عمر أميراً لهم وتعاهدوا على جمع السلاح واستعادة الأمن والإستقرار وإزالة نقاط التفتيش .. وأخذوا على عاتقهم محاربة كل مظاهر الفساد التى استشترت في المجتمع .
ثم أعلنوا على لسان الناطق الرسمي باسم (طالبان) الملا عبد المنان نيازى 3 نوفمبر 1994 بعد أن استولوا على مديرية (سبين بولدك) أن هدف الحركة هو استعادة الأمن والاستقرار وجمع الأسلحة من جميع الأطراف إضافة إلى إزالة مراكز جمع الإتاوات من الطرق العامة التى سلبت الناس أموالهم وانتهكت أعراضهم .
أما الملا محمد عمر مؤسس الحركة فيقول عن (طالبان) : إن الفكرة نبعت فى ذهنه بعد أن فكر فى الفساد المستشرى بولاية قندهار حيث كان يتلقى علومه الدينية ورأى أنه لا بد من وضع حد لهذا الفساد الذي أشاع الفوضى والإخلال بالأمن فى ربوع البلاد، ودعا طلاب المدارس الدينية فوافقوا على العمل للقضاء على هذا الفساد وبايعوه أميراً لهم .
إلا أنه بعد أن استولت الحركة على عدد من الولايات ولقيت قبولاً لدى قطاعات الشعب الأفغاني، تطورت أهدافها ليصبح هدفها هو إقامة حكومة إسلامية تشمل مناطق البلاد ، فاجتمع 1500 من علماء أفغانستان من مناطق مختلفة 3 إبريل 1996وبايعوا الملا عمر أميراً على البلاد .. وصرح في كلمته التي ألقاها أمام العلماء فى قندهار يوم 4 إبريل 1996.. أن الهدف هو إقامة حكومة إسلامية تحكم الأراضى الأفغانية .
وقد نشرت الحركة أهدافها : إقامة الحكومة الإسلامية ، وأن يكون الإسلام دين الشعب والحكومة جميعا ، وأن يكون قانون الدولة مستمدا من الشريعة الإسلامية ، اختيار العلماء والملتزمين بالإسلام للمناصب المهمة في الحكومة ، قلع جذور العصبيات القومية والقبلية ، حفظ أهل الذمة والمستأمنين وصيانة أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ورعاية حقوقهم المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية ، التركيز على الحجاب الشرعي للمرأة وإلزامها به في جميع المجالات.
تعيين هيئات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع أنحاء الدولة ، قمع الجرائم الأخلاقية ومكافحة المخدرات والصور والأفلام المحرمة ، إعداد جيش مدرب لحفظ الدولة الإسلامية من الاعتداءات الخارجية ، اختيار منهج إسلامي شامل لجميع المدارس والجامعات وتدريس العلوم العصرية .
وقال الـ(طالبان) إنهم ليسوا حزباً مثل الأحزاب فلا يهتمون بالنظام الإدارى التنظيمى، بل يريدون أن يخدموا الشعب كله عن طريق تفعيل الدوائر الحكومية .
وكان لهم هيكلاً شبه تنظيمى يتمثل فى : منصب (أمير المؤمنين) الذى تولاه الملا محمد عمر بعد بيعة العلماء له، اختاره الـ(طالبان) أميراً لهم ، وبايعه 1500 عالم من علماء أفغانستان أميراً للبلاد ولقبوه بأمير المؤمنين، وكان القرار يتخذ فى طالبان بالإجماع .. ولصاحب المنصب حقوق شرعية، لا يجوز عزله إلا إذا خالف التعليمات الدينية، أو عجز عن القيام بمسئولياته، ويبقى في منصبه حتى الموت .
كان الملا عمر عضواً بأحزاب المجاهدين .. وقد اشتهر بذكائه القيادى، وكان قد فقد إحدى عينيه أثناء مقاومته للقوات السوفيتية وعمره 35 عاماً .. ومع طالبان كرس معظم وقته فى تنظيم صفوفها، وكان يترك المهام المتعلقة بالعلاقات الخارجية لمساعديه بما في ذلك الإلتقاء برؤساء الدول والمبعوث الخاص للسكرتير العام للأمم المتحدة، ويقال أنه رجل ورع وكان يعيش حياة فى منتهى البساطة والزهد .
مما سبق يتبين أن حركة (طالبان) لم تأت إلا وهى بنت لحظتها، بمعنى أنها نتيجة لظروف إجتماعية وسياسية ودينية أوجدتها.. ولم تظهر (طالبان) بحركة تآمرية مسبقة ، كما أنها لم تهبط بـ(البراشوت) على الشعب الأفغانى، ولم تكن صنيعة لجهة استخباراتية خارجية، بل إنها إفراز حى وطاهر من بين التقلبات التى تعرض لها الشعب الأفغانى المسلم، خلال حقبه التاريخية .
الحرب الإعلامية التى استهدفت الحركة
كانت هناك عدة قضايا تطلبت من نظام حاكم كنظام (طالبان) فى بلد كأفغانستان أن يتعرض لها، وكانت هذه القضايا بمثابة الشكل الذى قدمت من خلاله وسائل الإعلام الغربية والغير غربية، الصورة المشوهة لطالبان إلى العالم الإسلامى وغير الإسلامى .
من هذه القضايا موقف الطالبان من المرأة ، وموقفهم من تطبيق الحدود الشرعية فى حق الجناة ، وقضية تحطيم تمثال (بوذا) ، إلى جانب قضية اللحية والزى الإسلامى والحريات العامة والموقف من تنظيم (القاعدة) وزعيمه أسامة بن لادن، وسوف نحاول التعريج على بعض هذه القضايا، لنرى الموقف الحقيقى لطالبان تجاهها، ومبرراته، أمام المزاعم التى لفقت للنهش فى عرض الحركة وفترة حكمها .
ـــــ
شهدت الحقائق على أرض الواقع، وهو ما أعترف به العدول فى الشرق والغرب، أن الطالبان لم يتسلموا زِمام الأمور فى أفغانستان ، إلا وعم الأمان فى جميع أرجاء الجزء الذى كان تحت سيطرتهم من البلاد .
وصار الراكب الذى كان لا يأمن على نفسه الخروج ليلاً ، يخرج مع أهله فى أى وقت يشاء ويذهب إلى أى وجهة يريد .
وكانت الحركة صادقة مع نفسها فى التحاكم إلى الشرع الإسلامى الحنيف، دون مزايدة، وإن عرضها تحكيمها الإسلام، إلى معاداة الشرق والغرب، حتى رمتها الدنيا جميعها عن قوس واحدة .
ومع أن تجارة الأفيون والمخدرات كانت تعتبر بمثابة المصدر الرئيس للدخل القومى لأفغانستان، لا سيما بعدما طحنتها الحروب، إلا أن قادة الحركة وأعضاءها كان قتالهم على شقين الشق الأول : قتال المعارضة المتبقية على الحدود الأفغانية والتى تدعمها (إيران والهند وروسيا وإسرائيل) ، والشق الثاني قتالهم لعصابات المخدرات وتجار الأفيون الذين لم يرضخوا لأوامر الملا محمد عمر، وعدم انصياعهم لقراره الشرعى بتحريق جميع الحقول ومزارع المخدرات .
وأنوه بأن تقارير الأمم المتحدة ورغم خصومة وحقد مبعوثيهم على الحركة، إلا أن جميع تقاريرهم التى وزعت على وكالات الأنباء ونشرت على صدر الصحف كانت تقول إن أفراد الحركة قضوا على جميع مزارع وحقول الأفيون فى أراضى أفغانستان .
قضية (المرأة) فى أجندة طالبان .
فى إجابته على موقف الحركة من تعليم المرأة، خاصة بعد الصورة التى تناقلتها وسائل الإعلام الغربية، عن المرأة فى ظل حكم حركته قال الملا محمد عمر : ( نحن لسنا ضد تعليم المرأة، لكننا نريد أن نضبط تعليمها بالضوابط الشرعية) .
بقلم الأخ علي عبد العال
التعديل الأخير تم بواسطة أبو جويرية ; 24-04-2007 الساعة 10:56 PM