رد: موقف المستشرقين من دراسة الفرق الصوفية في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة
07-06-2017, 10:20 AM
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

كنت آمل أن تكون مشاركتي السابقة هي الأخيرة على هذا المتصفح، ولكن لأنك حاولت التلبيس والتدليس!!؟، سنرد باختصار آخر، ونأمل أن يكون آخر رد.

قلنا لك في المشاركة السابقة:
{ملاحظة:
ألتمس منك في تعليقك القادم: أن لا تتجاوز كلام الشيخ العلامة المصلح:" الإبراهيمي" رحمه الله: كما تجاوزت في تعليقك السابق كلام الإمام المصلح المجدد:" ابن باديس" رحمه الله لأمر في نفسك!!؟}.

أعلم بأنه:" قد سقط في يديك!!؟"، فلم تجرؤ على التعليق عليه، لأن كلامه كشف عورات:" سدنة القبور ومرتزقة الأضرحة!!؟".
إننا نتفهم جيدا تهربك من التعليق على كلام الشيخ:" الإبراهيمي" وعلى كلام الإمام:" ابن باديس" في مدحهما الصريح للوهابية، وظننت بأنك قد وجدت:" مخرج النجدة، ومنفذ الطوارئ باتكائك على عكازة مسألتي: المولد النبوي وجواز التوسل بالنبي عليه الصلاة والسلام!!؟".
وكشفا لمحاولة تلبيسك وتدليسك نقول:

الاحتفال بالمولد النبوي: اختلف أهل العلم في صفته، ولكل فريق أدلته، وغاية ما قاله المانعون أنه:" بدعة عملية".
وأما مسألة:" التوسل بجاه النبي عليه الصلاة والسلام"، فقد اختلف فيها أهل السنة، فأثبتها بعضهم: اعتمادا على:" حديث الأعمى" الثابت عندهم، بينما نفاها آخرون لأنهم ضعفوا الحديث، وغاية ما قاله المخالفون: أن التوسل بجاه النبي عليه الصلاة والسلام: بدعة عملية، وليست من:" باب الشركيات"، لأنه ليس فيه استغاثة بالنبي عليه الصلاة والسلام، بل توسل إلى الله بجاه نبيه عليه الصلاة والسلام، وهذا بخلاف ما يفعله:" سدنة القبور ومرتزقة الأضرحة" من استدلالهم بذلك الحديث لتبرير شركياتهم باستغاثتهم ودعائهم الموتى!!؟، وقد فصل هذا التفصيل الإمام:" ابنباديس" رحمه الله- كما سيأتي بعد أسطر-.

فإن كنت حقا وصدقا تستدل بقول الإمام:" ابن باديس" رحمه الله في هذه المسألة، ولم يكن استدلالك بكلامه: مجرد تمسح باسمهلتمرير ما تريده!!؟: اقتداء بمن قال الله فيهم:
[وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ. وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ. وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ. أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ].

وإليك الآن فقه الإمام:" ابن باديس" رحمه الله المستنبط من حيث الأعمى كما في:( الآثار:2/191)، - هذا إن كنت تبحث عن الحق: حقا وصدقا!!؟-:

" الأحكام:
لم يدع الأعمى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ولم يسأله أن يشفيه هو، لأن الدعاء لقضاء الحوائج وكشف البلايا ونجو ذلك هو :العبادة، وفي حديث النعمان بن بشير المرفوع «الدُّعاءُ هوَ العِبَادةُ». رواه أحمد وأصحاب السنن، والعبادة لا تكون إلا لله لم يدعه لا وحده ولا مع الله، لأن الدعاء لا يكون إلا لله، وهذا بخلاف ما يفعله الجهال والضلال من طلبهم منالمخلوقين من الأحياء والأموات: أن يعطوهم مطالبهم، ويكشفوا عنهمبلاياهم، وإنما سأله أن يدعو له الله تعالى أن يعافيه، وهذا جائز أن يسأل المؤمن من أخيه في حال حياته أن يدعو الله تعالى له.
ومن هذا: حديث البخاري في سؤال أم أنس ابن مالك من النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أن يدعو لأنس خادمه، فدعا له.
ومن هذا: ما رواه الترمذي وأبو داود عن عمر بن الخطاب قال: استأذنت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- في العمرة، فأذن لي، وقال:" أشركنا ياأخي في دعائك، ولا تنسنا"، زاد في رواية الترمذي، فقال:" كلمة مايسرني أن لي بها الدنيا"، يعني قوله:" أشركنا ... الخ".
ثم انه توسل بذاته بحسب مقامه عند ربه، وهذا على الوجه الأول من الوجهين المتقدمين في فصل التراكيب أو توسل بدعائه، وهذا على الوجه الثاني منهما، فمن أخذ بالوجه الأول قال: يجوز التوسل بذاته، ومن أخذ بالوجه الثاني قال: إنما يتوسل بدعائه، ثم إن من أخذ بالوجه الأول، فهذا الدعاء حكمه باق بعد وفاته كما كان في حياته، ومن أخذ بالوجه الثاني لا يكون بعد وفاته. لأن دعاءه إنما كان في حياته لمن دعا له،. فالوجهان المتقدمان- كما ترى- هما مثار الخلاف في جواز التوسل بذاته وعدم جوازه، فمن أخذ بالوجه الأول جوَّز، ومن أخذ بالثاني منع ".

ملاحظة: لنتأمل جيدا ما تحته سطر.

وقال رحمه الله في:(2/195) مجيبا عن سؤال:
" بعد ما عرفنا رجحان سؤاله تعالى بالأسماء والصفات والطاعات، فهل ثبت عن الصحابة سؤالهم وتوسلهم بذاته!!؟".

جوابه:
لم يثبت عن واحد منهم شيئا من ذلك فيما لدينا من كتب السنة المشهورة، بل ثبت عدولهم عن ذلك في وقت مقتض له لو كانوا يفعلونه، وذلك في حديث استسقاء عمر بالعباس رضي الله تعالى عنهما، فقد أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن أنس:" أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون".
ومعنى الحديث:
أنهم كانوا يتوسلون بالنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يدعو لهم في الاستسقاء ويدعون، ثم صاروا يتوسلون بالعباس، فيدعو لهم ويدعون، فالتوسل هنا قطعا بدعائهما لا بذاتهما.
ووجه الاستدلال بهذا الحديث على مرجوحيةالتوسل بالذات:
أن الصحابة لم يقولوا في موقفهم ذلك:" اللهم إنا نتوسل إليك بنبينا"، أي بذاته ومقامه، بل عدلوا عن ذلك إلى التوسل بالعباس يدعو لهم ويدعون كما كان النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يفعل في الاستسقاء.
ولقد استدل بعضهم بعدول الصحابة عن التوسل بذات النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- في هذا المقام على منعه، ونحن لما بينا قبل من دليل جوازه إنما نستدل بعدولهم على مرجوحيته".

ونزيدك من الشعر بيتا من كلام الإمام المصلح:" ابن باديس" رحمه الله، فقد قال في:(2/196):
"سؤال آخر:
قد عرفنا فيما تقدم مشروعية سؤال المؤمن من أخيه المؤمن في حياته أن يدعو له، فهل يشرع الذهاب إلى القبر وطلب الدعاء من الميت!!؟".

جوابه:
لو كان هذا جائزا لفعله الصحابة في الحديث المتقدم، ولذهبوا لقبر النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يسألونه أن يدعو لهم كما كان يدعو لهم في حياته، ولم يرد في حديث عن واحد منهم: أنه كان يذهب إلى القبر النبوي ويطلب منه- صلى الله عليه وآله وسلم- أن يدعو له، بل جاء عن ابن عمر- وهو من عرف بشدة اتباعه وتحريه- أنه كان يقف فيسلم على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ثم على أبي بكر ثم على عمر رضي الله تعالى عنهما ثم ينصرف لا يزيد شيئا".( أخرجه مالك في الموطأ).

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.