رد: وقفات علمية مع أعداء البخاري
16-01-2018, 01:12 PM
قالوا لي: أنت متهم بتمييع المواقف، فهل هذا صحيح!!؟.

* الذين عرفوني وعرفوا منهجي في الدعوة إلى الله يعلمون أنني لا أشغل نفسي ولا أشغل الناس بالمهاترات، ولا بالمتاهات!.
وليس مرجع ذلك - كما يتوهم بعض قصار النظر - إلى جبن أو خوف أو تردد، إنما مرده إلى أن الداعية ينبغي أن يشغل نفسه بالأهم فالمهم.
ولا شك أن أهم القضايا التي تفرض نفسها على الداعية المسلم اليوم هي: قضايا (الإيمان) و(التوحيد) و(الاتباع).
* لهذا، جندت نفسي وجهدي ووقتي لهذه القضايا التي تشغل فكرة المسلم في زماننا الحالي وتلح عليه.
* وليس هذا بالعمل الهين أو اليسير، كما قد يتصور البعض، إنما هو عمل شاق يحتاج إلى إرادة صادقة، وعزم قوي، و إيمان متين.
ألم يقل:( إمام أهل السُّـنَّـة والجماعة: أحمد بن حنبل):" لأن أزيل جبلا من مكانه: أهون علىّ من أن أزيل بدعة ابتدعها الناس".
فليعلم الذين شغفوا بإلقاء (الاتهامات) و(الشبهات) جزافا وبلا حساب: أنني شغلت نفسي بغير ما شغلوا به أنفسهم:[ولكل وجهة هو موليها].
* ولأبدأ من الأول:
حينما ظهرت بادرة الاختلاف حول (دواوين السُّـنَّـة )، وقال كل فريق قولا، ونحا نحوًا: لم أشأ أن أقحم نفسي في هذه الفتنة، أو بعبارة أصح في (تلك المتاهة)، واتخذت لنفسي موقفا بعيدا عن (دائرة) الخلاف، ربما لأنني فهمت: أنني (بالموقف المعتدل) يمكنني أن أعمل شيئًا من أجل توحيد وجهات النظر.
* ولم يكن (الموقف المعتدل) هو (الموقف المائع) كما تصوره البعض وصوره، فلقد أعلنت منذ (اللحظة الأولى ) لكلا الطرفين أن رأيي في (دواوين السُّـنَّـة ) مركز على نقطتين هامتين:
النقطة الأولى: أن الطعن في رواية البخاري - وهي أصدق روايات الحديث على الإطلاق - طعن في الإسلام وتاريخه ورجاله ومبادئه، بل طعن في القرآن الكريم نفسه.
النقطة الثانية: أن الطعن في رواية البخاري - وهي أصدق روايات الحديث على الإطلاق - طعن في كثير من أدلة التوحيد الذي ننادي به وندعو إليه ونجاهد في سبيله.

* لقد قلت هذا الكلام لكلا الطرفين، وناديت بهذه المبادئ، في وقت ما كنت أتصور ولا أعقل أن يخرج على الناس كتاب (سودت صفحاته التي تعد بالمئات ) فيه تنديد بالبخاري، ومهاجمة الصحابة!!؟.
وما كنت أتصور ولا أعقل أن يكون لهذا الكتاب مؤيدون، وأن يعيش في ظلاله دعاة!، فلما صدر هذا الكتاب، وتجمع حوله الدعاة: تحول الموضوع في تصوري وتقديري من (قضية جانبية ) إلى (قضية أساسية)، بل إلى (قضية كبرى ) ينبغي أن يهتم بها الداعية، وأن يحذر الناس من شرها وضررها.
* ولهذا، كان لابد لي أن أكتب في هذا الموضوع وأخطب، وكان لابد لي من أن أدخل دائرة (الخلاف)، لأقول كلمة (إنصاف).
إن القضية لم تعد (قضية توقف) بالنسبة لبعض الأحاديث كما كنت أتصورها!، إنما أصبحت (قضية شطب) لسائر الأحاديث، وفرق بين التوقف والشطب، ف:( التوقف) إيمان، و(الشطب) زندقة.
من الممكن أن (يتوقف) بعض الناس بالنسبة لبعض الأحاديث، حتى يشرحها الله لصدورهم، أو يشرح صدورهم لها، لكنه ليس من الممكن ولا من المستساغ: أن نقدم (بجرأة الشيطان) (فنشطب) ما أقره الأئمة، و(ننفي) ما أثبتته الأمة بجرة قلم!!؟.
وليس من (المعقول) ولا من (المقبول): أن نلغي من اعتبارنا:( دواوين الحديث وعلوم السُّـنَّـة): التي بناها وأقامها (جمهرة صالحة) من سلف الأمة.
تلك لعمري قاصمة الظهر!، فإذا كنا - اليوم - قد شطبنا مائة وعشرين حديثا، فمن يدرينا: كم وكم من الأحاديث (سنشطبها): غدًا أو بعد غد!!؟.
وإذا كنا - اليوم - قد هاجمنا الصحابي الجليل: (أبا هريرة) ورميناه بكل ما يعيب ويريب، فمن يدرينا: كم وكم من الصحابة سنهاجم غدًا أو بعد غدٍ!!؟.
* * *
* وقبل أن (أرفع) القلم عن هذا المقال القصير:أحب أن (أضع) بعض الأسئلة بين يدي الذين قاموا بهذا العمل، ألا وهو (تبرئة البخاري من الإسرائيليات)!!؟.
أولاً: ما هو (الأساس العلمي المحدد) الذي يمكننا به أن نميز بين الحديث (الإسرائيلي) والحديث (اللا إسرائيلي)!!؟.
و ثانيًا: إذا قلتم إن العقل وحده هو: الأساس و(الفيصل)، قلنا لكم: فما رأيكم في الأحاديث (الضعيفة) و(الموضوعة): هل نقول فيها بالعقل أيضًا ؟، فنثبت ما أثبته، ونقوي ما قواه، وننفي ما نفاه!!؟.
و ثالثاً: وإذا قلتم إن العقل وحده هو الأساس و(الفيصل)، فما رأيكم في آيات القرآن وسوره، وترتيب هذه الآيات في تلك السور، هل نخضعها - هي الأخرى - لحكم العقل!!؟.
و رابعاً: أي عقل تقصدون ؟، وعقل من ستحكمون ؟، وما الفرق بين (العقل) عندكم و(العقل) عند المتكلمين و(العقل) عند الفلاسفة!!؟.
ثم ما الفرق بين (العقل) عندكم و(الذوق) عند الصوفية!!؟.
و خامساً: لقد كان (المستشرقون) و(المستغربون): أكثر جرأة وصراحة منكم: إذ حكموا العقل في (القرآن) و(السُّـنَّـة ) معًا!!؟، وأنتم - اليوم - تحكمون العقل في السُّـنَّـة وحدها، فلماذا تؤمنون ببعض حديثهم وتكفرون ببعض!!؟.
و سادساً: ما رأيكم - دام فضلكم - فيما لو اختلفت العقول، وتباعدت وجهات النظر حول حديث من الأحاديث، فوجدنا بعض العقول تنفيه، وبعض العقول تثبته، فبأي (قاعدة) نحكم بينها!!؟: علما بأن (العقول) كثيرا ما تختلف في أمور الدنيا، فضلا عن أمور الدين!!؟.
و سابعاً: قد تقولون القرآن هو الحكم، فما وافقه، فهو الحق الذي لا شك فيه، وما عارضه، فهو الباطل الذي لا شك فيه، ولكن قولوا لي: ما رأيكم في الحديث إذا وافق القرآن، ولكن لم يقتنع به العقل: عقلي أو عقل واحد من الناس!!؟.
وقولوا لي: ما رأيكم في الحديث إذا أفاد معنى ليس في القرآن، هل نحن ملزمون به أو غير ملزمين، وما هو مصدر (قوة الإلزام): علما بأن (دواوين السُّـنَّـة - كلها وعلى رأسها البخاري): قد دخلها الاحتمال، فبطل بها الاستدلال!!؟.
و ثامناً: وما رأيكم - دام فضلكم - في الأمور التعبدية: ماذا وراءها من حكمة؟، ثم لماذا لا تكونون أكثر (صراحة) وأدق (منطقا)، فتنفون هذه (الأمور التعبدية) و(السُّـنَّـة) عموما: كما نفاها من قبلكم (محمد نجيب متولي) وجماعته (أنصار القرآن)!!؟.
و تاسعاً: ألا ننتظر - منكم، أو من غيركم - كتابا آخر، يضيف مجموعة أحاديث (إسرائيلية) (لا عقلية) أخرى حتى تكون (النظرة) إلى كتب الحديث: (نظرة شمولية!!؟).
وعاشراً: ألا ننتظر كتابا (آخر)، يضاف إلى هذا الكتاب (الأول) تحذرون فيه من (آيات إسرائيلية)، وقعت في القرآن الكريم!!؟.
تلك (عشرة أسئلة كاملة):
وما زال في النفس تساؤلات وتساؤلات!!؟.