رد: فتنة الشرك
05-08-2017, 08:31 AM
فتنة الشرك
(4)

مما يستدعي الخوف والوجل من الوقوع في الشرك بالله تعالى: دلالة قوله جل وعلا: ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ).
قال العلامة جمال الدين القاسمي - رحمه الله - في تفسير الآية :
" قيل: كان الظاهر( لو أشركت)، لأن:( إن) تقتضي احتمال الوقوع، وهو هنا مقطوع بعدمه.
فالجواب: أن هذا الكلام وارد على سبيل الفرض، والمحالات يصح فرضها لأغراض.
والمراد به: تهييج الرسل وإقناط الكفرة، والإيذان بغاية قبح الإشراك، وكونه بحيث ينهى عنه: من لا يكاد يمكن أن يباشره، فكيف بمن عداه؟". (محاسن التأويل: 8/295).
فمن الضروري - إذن - شهود مشهد:( حق الله على العباد = أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا)، والحذر من الغفلة عن هذا المقام الجلل- خاصة- في زمن انتشرت فيه الشركيات جهلا وبفاسد التأويلات، وأهملت فيه الدعوة إلى توحيد رب الأرض والسماوات!!؟.
قال العلامة ابن عاشور - رحمه الله -:
" قال تعالى:( إن الشرك لظلم عظيم)، لأنه أكبر الاعتداء، إذ هو: اعتداء على المستحق المطلق العظيم؛ لأن من حقه: أن يفرد بالعبادة اعتقادا وعملا وقولا، لأن ذلك حقه على مخلوقاته، ففي الحديث:" حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا".( التحرير والتنوير: 7/332).
ومع وجود مثل هذه الأدلة الكثيرة الواضحة المحذرة من الشرك بالله، إلا أن بعض الناس قد استهانوا بهذا الباب بدعوى: أن هذه الأمة لا يخاف عليها وقوع الشرك فيها!!؟، وقد استندوا في هذا إلى قوله عليه الصلاة والسلام: " والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي". متفق عليه.
والجواب عن هذه الشبهة: بما ذكره الحافظ ابن حجر - رحمه الله - حيث قال في شرح الحديث:
" أي: على (مجموعكم)، لأن ذلك قد وقع من البعض، أعاذنا الله تعالى منها".( الفتح: 3/211).
وانظر في تقرير هذا الوجه كذلك:( عمدة القاري: 8/157): للعلامة العيني رحمه الله، و:( شرح العلامة الكرماني على البخاري رحمهما الله: 7/123)، و:( شرح مسلم للعلامة النووي رحمهما الله: 15/59).
أو يقال: إنه في الصحابة رضي الله عنهم خاصة، قال الحافظ: ابن حجر رحمه الله:" فيه إنذار بما سيقع، فوقع كما قال صلى الله عليه وسلم، وأن الصحابة لا يشركون بعده، فكان كذلك.. ".( الفتح: 6/614).
والله المستعان.
يتبع بإذن الله.