رد: فتنة الشرك
16-11-2017, 09:31 AM
فتنة الشرك
(9)

الشرك نجاسة تدنس الفطرة، وتذهب صفاءها، ولهذا حذر الله منه ونفر، حيث أخبر - سبحانه - عن المشركين بالمصدر:( نَجَسٌ) للمبالغة، ولتقرير كونهم في حكم عين النجاسة، أو المراد:( ذو نجس): لوساخة بواطنهم، وخبث عقيدتهم، أو لأنهم تلبسوا بالشرك الذي هو بمثابة ما هو نجس.
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ).
قال العلامة السعدي رحمه الله:
" يقول تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ): بالله الذين عبدوا معه غيره، (نَجَسٌ) أي: خبثاء في عقائدهم وأعمالهم، وأي نجاسة أبلغ ممن كان يعبد مع الله آلهة لا تنفع ولا تضر، ولا تغني عنه شيئا ؟".( تيسير الكريم الرحمن: 2/ 230).
وفي الحديث القدسي قوله تعالى:
" أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ". رواه مسلم:( 2985 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وفي لفظ ابن ماجة:( 4200 ) في الزهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه كذلك بإسناد صحيح على شرط مسلم:
" أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل لي عملا أشرك فيه غيري، فأنا منه بريء، وهو للذي أشرك".

قال العلامة النووي - رحمه الله - في شرح الحديث:
" ومعناه: أنا غني عن المشاركة وغيرها، فمن عمل شيئا لي ولغيري لم أقبله، بل أتركه لذلك الغير، والمراد أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه ، ويأثم به ".( شرح مسلم: 6/ 96).

والشرك ( لغة): اسم للذي يكون بين أكثر من واحد، بحيث لا ينفرد به أحدهم، تقول: قد اشترك الرجلان، وتشاركا، وشارك أحدهما الآخر.
وتقول: اشتركا وتشاركا في كذا، ورغبنا في شرككم، أي: في مشاركتكم. وشركه في الأمر يشركه: إذا دخل معه فيه.
وأشرك بالله: جعل له شريكا، فهو: مشرك.
أنظر:( تهذيب اللغة للأزهري 16/10، و القاموس المحيط للفيروز أبادي ص: 1220، ولسان العرب لابن منظور: 10/ 448، وتاج العروس للزبيدي: 7/ 148).

أما ( شرعا ): فالمتتبع للنصوص الشرعية يجد أن لفظة ( الشرك) تطلق على معنيين:

الأول: إثبات شريك لله تعالى فيما هو من خصائصه تعالى، وهو ما اصطلح عليه ب:( الشرك الأكبر ).
وفيه قال العلامة الشنقيطي رحمه الله هو:" صرف حق من حقوق الله لغيره".( أضواء البيان: 3/614).
ويدخل في حق الله قول الشنقيطي رحمه الله من المصدر نفسه:
" كل ما لا يقدر عليه إلا الله، فلا يطلب إلا منه عز وجل، فإذا طلب من غيره: كان صرفا لخصائص الله لغيره".
ومن التعاريف الجامعة الجيدة للشرك الأكبر:
" أن يجعل لله تعالى ندا أو شريكا في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه وصفاته، بحيث يصرف لغيره ما هو من خصوصياته سبحانه على وجه الاشتراك أو التفرد ".
( الشرك بالله أنواعه وأحكامه ص: 38 لماجد محمد علي أحمد شبالة).

الثاني: مراعاة غير الله تعالى في بعض الأمور، وهو ما اصطلح عليه ب:
( الشرك الأصغر).
وفيه قال العلامة الشوكاني رحمه الله :
" كل ما ينافي كمال التوحيد، ويقدح فيه مما لم يبلغ حد الشرك الأكبر".
( الدر النضيد ص: 25).
وعرفه العلامة السعدي رحمه الله بقوله :
" كل وسيلة وذريعة يتطرق منها إلى الشرك الأكبر من الإرادات والأقوال والأفعال التي لم تبلغ رتبة العبادة ".( القول السديد ص: 43).
والله المستعان.

يتبع .. بإذن الله ..