رد: تنبيه الحذاق إلى بطلان حديث الإفتراق
21-05-2013, 11:07 AM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو ايوب23 مشاهدة المشاركة
تنبيه الحذاق إلى بطلان حديث الإفتراق

بقلم المحدِّث: حسن بن علي السقاف
إنَّ أعظم ما يشاع اليوم في سبيل تمكين النـزاع بين المسلمين وتحاول أن تنشره وتغرسه في قلوب عامة المسلمين الجهات الساعية لتمكين الفرقة بين المسلمين وخاصة عند محاولات التقارب بين مذاهب المسلمين وفرقهم وأفكارهم حديث الافتراق الباطل سنداً ومتناً الناص على أنَّ جميع فرق الإسلام في النار إلا فرقة واحدة ، وهي أحد الحروب أو قل الإرهاب الفكري المتسبب في ابتعاد المسلمين من بعضهم وخوف القرب من الفرق الهالكة في النار حسب تصوير هذا الحديث الموضوع المصنوع !!
ولا بُدَّ لي في هذه العجالة أن أتعرَّض لنقد هذا الحديث سنداً ومتناً وأبيِّن أنَّ الاختلاف في الرأي والتفكير وبالتالي في مسائل الفروع ليس من موجبات التباغض والتدابر والفرقة واعتقاد ضلال الآخرين !!
فأقول: إن نصَّ حديث الافتراق هو: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرَّقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" رواه أحمد بن حنبل في مسنده (02/332) وغيره ، وفي رواية ابن ماجه (3993) وأحمد وغيرهما: "كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة" وفي روايةٍ للطبراني: "ما أنا عليه اليوم وأصحابي".
وقد روي هذا الحديث من عدة طرق كما بينته بإسهاب في كتابي : " من فكر آل البيت صحيح شرح العقيدة الطحاويةص629-634" وأختصر ما ذكرته هناك في نقده على طريقة أهل السنـة وحسب موازينهم الحديثية فأقول:
1- رُوِيَ هذا الحديث عن أبي هريرة مرفوعاً وفي إسناده محمد بن عمرو بن علقمة وهو ضعيف. قال يحيى بن سعيد ومالك: (ليس هو ممن تريد) ، وقال ابن حبان: (يخطئ) ، وقال ابن معين: (ما زال الناس يتقون حديثه ) ، وقال ابن سعد: (يُسْتَضْعَف).
2- وروي عن معاوية مرفوعاً وفي السند أزهر بن عبد الله الهوزني أحد كبار النواصب الذين كانوا ينتقصون سيدنا علياً عليه السلام وله طامات وويلات. قال الأزدي: (يتكلّمون فيه وأورده ابن الجارود في كتاب "الضعفاء").
3- وروي عن أنس بن مالك من سبعة طرق كلها ضعيفة لا تخلو من كذاب أو وضاع أو مجهول. [أنظر كتابنا : "صحيح شرح الطحاوية" حاشية 371 ص 629].
4- وروي عن عوف بن مالك مرفوعاً وفي سند روايته عباد بن يوسف وهو ضعيف. أورده الذهبي في "ديوان الضعفاء" برقم (2089).
5- وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً عند الترمذي في "السنن 05/26" وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد الإفريقي وهو ضعيف.
6- وروي عن أبي أمامة مرفوعاً عند ابن أبي عاصم في "السنة 01/25" وفي إسناده قطن بن نسير وهو ضعيف منكر الحديث.
7- وروي عن ابن مسعود مرفوعاً عند ابن أبي عاصم في سنته وفي سنده عقيل الجعدي. قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان 04/209": (قال البخاري منكر الحديث).
8- وروي عن سيدنا علي كرّم الله وجهه ، ومـمن رواه ابن أبي عاصم في كتابه "السنة 02/467 برقم 995" وفي إسناده ليث ابن أبي سُلَيم وهو ضعيف جداً، وحاله معروف عندهم. قال ابن حجر في "التقريب برقم 5685": (اختلط جداً ولم يتميَّز حديثه فَتُرِك).
* هذا من ناحية إسناده وأما من ناحية متنه فنقول:
نحن نجزم ببطلان هذا الحديث سواء بزياداته أم بدونها ، والتي منها "كلها في النار إلا واحدة" و"كلها في الجنة إلا واحدة" ، فبغض النظر عن هذه الزيادات نحن نقول بأنَّ أصل الحديث باطل للأمور التالية:
1- لأنَّ الله تعالى يقول عن هذه الأمة المحمدية في كتابه العزيز: ﴿كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس﴾ ويقول أيضاً: ﴿وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً﴾ فهذه الآيات تقرر أن هذه الأمة هي خير الأمم ، وأنها أوسطها ، أي: أفضلها وأعدلها، وأما هذا الحديث فيقرر أنَّ هذه الأمة شر الأمم وأكثرها فتنة وفساداً
وافتراقاً ، فاليهود افترقوا على إحدى وسبعين فرقة ثمَّ جاء النصارى فكانوا شراً من ذلك وأسوأ حيث افترقوا على اثنتين وسبعين فرقة ، ثمَّ جاءت هذه الأمة فكانت أسوأ وأسوأ حيث افترقت على ثلاث وسبعين فرقة ، فمعنى الحديث باطل بصريح القرآن الكريم الذي يقرر أن هذه الأمة خير الأمم وأفضلها.
2- ويؤكد بطلان هذا الحديث من حيث متنه ومعناه أيضاً أنَّ كلَّ من صنَّف في الفِرَقِ كتب أسماء فِرَق يغاير في كتابه لما كتبه الآخر، ولا زالت تحدث في كل عصر فِرَقٌ جديدة بحيث أن حصرهم لها غير صحيح ولا واقعي ، فمثلاً كتب الشيخ عبد القاهر البغدادي المتوفى سنة "429 ﻫـ" كتابه في الفِرَق وهو :"الفَرْقُ بين الفِرَق" ذكر فيه ثلاثاً وسبعين فرقة ، وقد حدث من زمانه إلى اليوم فرق أخرى ربما تزيد على أضعاف تلك الفِرَق التي ذكرها ، وقول من قال إنَّ ما استُحدث من الفرق الجديدة لا تخرج في مبادئها عمَّا ذكره غير صحيح بل باطل ، والواقع يرفضه ويثبت فساده.
3- أنَّ هذا الحديث خاصة بزيادته التي يتشبث بها المجسمة والنواصب والتي هي: "كلهم في النار إلا واحدة" مخالف للأحاديث الكثيرة المتواترة في معناها التي تنص على أنَّ من شهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله وجبت له الجنة ولو بعد عذاب ، ومن تلك الأحاديث ما رواه البخاري (03/61/1186 فتح): "إنَّ الله قد حرَّم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله"ولم يقل:(حرم على النار كل سلفي وهابي) ، ولفظ مسلم (01/63): "لا يشهد أحد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه".
والفرق المختلفة قليل منها يُكفَّر ببدعته ، وأما أكثرها كالمعتزلة وغيرهم فإنهم لا يُكفَّرون كما زعم بعض الناس حتى يستحقوا دخول النار ، لذلك نقل بعض الأئمة كالبيهقي وغيره إجماع السلف والخلف على الصلاة خلف المعتزلة ومناكحتهم وموارثتهم [أنظر مغني المحتاج 04/135].
4- أنَّ متن هذا الحديث مضطرب ففي بعض طرقه : "ألا وإنَّ هذه الأمة ستتفرق على ثلاث وسبعين فرقة في الأهواء" رواه ابن أبي عاصم (69) وفي بعضها: "فواحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار" رواه ابن أبي عاصم (63) وفي بعضها: "لم ينج منها إلا ثلاث" رواه ابن أبي عاصم (71) وفي بعضها: "كلها في النار إلا السواد الأعظم" رواه ابن أبي عاصم (68) ... !!
وفي بعضها كما عند ابن حبان (15/125) قال: "إنَّ اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة والنصارى على مثل ذلك ...".
وتلاعب بعضهم في متن هذا الحديث أكثر فذكر في آخره: "من أخبثها الشيعة" وبعضهم قال: "شرهم
الذين يقيسون الأمور بآرائهم" يشير إلى الحنفية أتباع الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وفي بعض رواياتهم التالفة: "كلهم في الجنة إلا القدرية" وفي بعضها : "إلا الزنادقة" وهكذا !! وكل ذلك كذب وافتراء على النبي الأكرم r.
وإذا دقق الباحث بالأخص وكذا القارئ والسامع في هذه الألفاظ واستعرضها جيداً فيمكن أن يعرف من أين جاءت.
5- وقد وقع في بعض روايات هذا الحديث: "كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله ؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي" وهي رواية الترمذي (05/26) من حديث عبد الله بن عمرو ، وفي رواية: "ما عليه الجماعة".
قلت: وهذا باطل من القول:
أولاً: من جهة الإسناد فإنه ضعيف كما تقدّم.
وثانياً: أن عبارة : "ما عليه أنا وأصحابي" لا يعقل أن يصح صدوره منه r لأمور أذكر واحداً منها:
وهو أنَّ الصحابة افترقوا في عهد رابع الخلفاء الراشدين سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه إلى ثلاث فرق، فرقة مع سيدنا علي عليه السلام وهي التي على الحق بنصوص الأحاديث الكثيرة المقطوع بها.وفرقة قعدت ولم تناصر رابع الخلفاء الراشدين الذي هو إمام أهل الحق ، ولم تقاتل مع أحد من الفريقين ، وقد ندم أفرادها وهم قلائل على القعود بعد ذلك.
وفرقة مع معاوية وحزبه وهي الفئة الباغية بنص الحديث الذي رواه البخاري (01/541) و(06/30) ومسلم (04/2235/2915) والذي فيه: "عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار" وهذا لفظ البخاري في صحيحه.
فعبارة :"ما عليه أنا وأصحابي" في حديث الافتراق مع أي فرقة من هذه الفرق الثلاث تكون ؟!
فالذي أقوله أخيراً: أن حديث الافتراق هذا الذي جعل المسلمين يتباغضون ويتباعدون ولا يتقاربون ويعتقدون في مخالفيهم أنهم من أصحاب النار باطل سنداً ومتناً !! ولبني أمية اليد الطولى في وضعه !! والوهابية السلفيون ساعون لنشره وإذاعته ، فنحن لا ننكر أنَّ هناك افتراق ولا ننكر وجود فرق متخالفة في آرائها ، ولكننا ننكر التعداد لها بثلاث وسبعين ، وننكر كونها في النار ، وننكر كل ما يفيده هذا الحديث من أفكار وأهمها أنَّ هناك فرقة واحدة ناجية وهي ما يسمونه بالفرقة الناجية !! واحتكار دخول الجنة على أفراد هذه الطائفة المزعومة !! وتجذير الخلاف باعتقاد أنَّ كل مخالف من مذهب آخر أو فرقة أخرى لا بد أن يكون في النار !! فهذا الذي ننكره ونجزم ببطلانه حسب المقاييس العلمية الثابتة !!.
السلام عليكم

هل يفهم من هذا الموضوع أن الامة الإسلامية كان لا يمكن أن تصاب بداء التفرقة لولا وجود هذا الحديث ؟ هل هذا معقول ؟

إذا كان الكذب ليس فيه شيئا في سبيل إصلاح ذات البين ... فلنكذب حتى نصلح ما بنا . ولنقتلع تلك الشجرة (حديث الفرق) حتى لا يختبىء وراءها أحد ممن هم في النار فيحرقونها وتحرقهم .

وما قولكم في هذا الحديث ؟
[أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ] خطَّ خطًّا مستقيمًا, فقال : هذا سبيلُ اللهِ , ثم خطَّ خطوطًا عن يمينِه وشمالِه , وقال : هذه السبُلُ على كلِّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه, ثم تلا هذه الآيةَ : وأِنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكم عَنْ سَبِيلِهِ

الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث:ابن باز - المصدر: مجموع فتاوى ابن باز - الصفحة أو الرقم: 281/4
خلاصة حكم المحدث: صحيح


أرجو أن يتم إدراج السيرة الذاتية لكاتب المقال (المحدِّث: حسن بن علي السقاف)


حيّاكم الله أخي ابا ايوب23 .



هَلْ أتى عَلى الإنْسان حينً من الدَّهر لمْ يَكنْ شيئًا مذكورًا
سورة الإنسان الآية 1




التعديل الأخير تم بواسطة محمد البليدة ; 21-05-2013 الساعة 03:19 PM