رد: فتنة الشرك
22-07-2017, 02:17 PM
فتنة الشرك
( 2 )

من المقررات الشرعية الأثرية المحكمة:( التوحيد: أولا ).
قال ابن الحاج المالكي - رحمه الله -: " إن الله - عز وجل - أمر الناس أولا بالتوحيد لا غير، ثم أمرهم بعد ذلك بأمور الدين بالتدريج ".( المدخل: 3/152).
فالتوحيد في رياض الشريعة الغراء يُعد أصلا مقابل غيره من قضاياها ومسائلها، و:" ترك الترتيب بين الخيرات من جملة الشرور".
قال العلامة السفاريني - رحمه الله - ناظما :
وبعد فاعلم أن كل العلم ** كالفرع للتوحيد فاسمع نظمي
وعليه فأولية التوحيد: علما وعملا ودعوة: تستلزم أولية التحذير من فتنة الشرك.
ف:" أصل الصلاح: التوحيد والإيمان، وأصل الفساد: الشرك والكفر": كما قال شيخ الإسلام: ابن تيمية - رحمه الله – في:( الفتاوى: 18/213).
ولما كان الموضوع أهم المهمات، فإن الشيطان حريص كل الحرص على أن يُنسيٓ الناس:( فتنة الشرك) و:( تجريد التوحيد).
ففي البخاري:( كتاب التفسير: 4920 ) عند ذكر عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما – ل:( وٓد ) و:( سُواع ) و:( ويٓغوث ) و:( يٓعوق ) و:( نٓسرا ) قال عنهم : " .. أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم، أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتٓنٓسخ العلم عُبدت".
قال أبو الحسن المنوفي المالكي - رحمه الله – في:( معونة القاري لصحيح البخاري: 8/203):"( تٓنٓسخ ): بلفظ الماضي، أي: تغير علمهم بصورة الحال، وزال علمهم بذلك، فجعلوها معابيد بعد ذلك".
فسبب كونها عُبدت - إذن - من دون الله تعالى وحده= فتنة الشرك: تغير العلم بالتوحيد ونسيانه".
وتنبه - يا رعاك الله - إلى قوله: " تٓنٓسخ العلم "، يعني: ذهب شيئا فشيئا، للدلالة على أن العلم بالتوحيد لا يذهب - عموما - جملة من الناس ابتداء، وإنما يذهب شيئا فشيئا.
وبذهاب العلم بالتوحيد شيئا فشيئا ونسيانه، تٓحل:( فتنة الشرك ).
وسر ذلك: عدم الحرص على الدعوة إلى أصل التوحيد، وإهمال:( إنكار فتنة الشرك )، مما يستوجب كثرة الكلام في ضرورة تجريد العبادة لله وحده دون سواه، والتحذير من:( فتنة الإشراك بالله )، وإعادة ذلك كله وتٓكراره: كما هو هدي النبي - عليه الصلاة والسلام -.
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - : " فعرف – أي: النبي عليه الصلاة والسلام - الناسٓ ربهم ومعبودهم غاية ما يمكن أن تناله قواهم من المعرفة، وأبدأ وأعاد واختصر وأطنب في ذكر أسمائه وصفاته وأفعاله، حتى تجلت معرفته سبحانه في قلوب عباده المؤمنين".(جلاء الأفهام: ص: 179).

يتبع إن شاء الله.