البحرية الملكية البريطانية
27-02-2015, 10:35 AM
البحرية الملكية (بالإنجليزية: Royal Navy) هي إحدى فروع القوات المسلحة البريطانية المسؤولة عن العمليات البحرية، وهي أقدم فروع القوات البريطانية. كانت البحرية الملكية الأقوى من نوعها في العالم منذ نهايات القرن السابع عشر وحتى فترة متقدمة من القرن العشرين،[1] ولعبت دوراً أساسياً في جعل الإمبراطورية البريطانية القوة العالمية المهيمنة، ونظراً لهذه الأهمية التاريخية، فإنه من الشائع -حتى بين غير البريطانيين- أن يُطلق عليها اسم "البحرية الملكية" دون أدنى تحفّظ.
تمّ تخفيض حجم البحرية الملكية بشكل ملحوظ بعد الانتصار في الحرب العالمية الأولى،[2] ولكنها على الرغم من ذلك ظلّت البحرية الأكبر في العالم حتى بدايات الحرب العالمية الثانية، قبل أن تبرز بحرية الولايات المتحدة كأكبر بحريّات العالم بحلول نهاية الحرب. تحولّت البحرية الملكية إلى قوة مضادّة للغواصات بشكل أساسي أثناء الحرب الباردة، متعقبّةً للغواصات السوفيتية، ونَشطت في المنطقة الواقعة بين المملكة المتحدة وجرينلاند على وجه الخصوص. بُعيْد انهيار الاتحاد السوفياتي، عاد تركيز البحرية الملكية على المهمّات الاستطلاعية على مستوى العالم.[3][4]
تحتفظ البحرية البريطانية بأسطول سفن متطور تكنولوجيّاً[5] يتضمّن حاملة طائرات، وسفينة هجوم برمائي، وسفينتا نقل برمائي، وأربع غواصات صواريخ بالستية (التي تحقق الردع النووي للمملكة المتحدة)، وسبع غواصات نووية، وخمس مدمّرات للصواريخ الموجهة، وثلاث عشرة فرقاطة، وخمسة عشر من الألغام المضادّة للسفن، وأربعة وعشرين زورق دورية. اعتباراً من سبتمبر 2013، احتوت البحرية الملكية على 79 سفينة، بالإضافة إلى 13 سفينة تتبع الأسطول الملكي المساعد، وكذلك ست سفن تجاريّة متاحة احتياطاً للإيواء المدني في إطار مبادرة تمويل خاص. تقوم هذه السفن التجارية بتغذية السفن الحربية في عرض البحار ومضاعفة قدرات البحرية الملكية على خوض المعارك البرمائية. تُدير البحرية الملكية في الوقت الحالي ثلاث قواعد في المملكة المتحدة تتمركز فيها السفن: الأولى هي قاعدة بورتسموث، والثانية هي قاعدة كلايد، والثالثة هي قاعدة ديفونبورت في بليموث التي تُعد أكبر قاعدة بحرية في أوروبا الغربية.
التاريخ
تطور البحرية الإنجليزية
900 - 1500
كان أسطول مملكة إنجلترا القوي عنصراً هامّاً في قوة المملكة العسكرية خلال القرن العاشر الميلادي.[6] حافظت السلطات على أسطول بحري دائم عن طريق فرض الضرائب خلال فترة الحكم الدنماركي في القرن الحادي عشر، الأمر الذي استمر لفترة في عهد إدوارد المعترف (حكم ما بين 1042 - 1066) الذي أعاد السيطرة الإنجليزية على البلاد، والذي كان عادةً ما يقود الأساطيل شخصياً.[7]
انحدر مستوى البحرية الإنجليزية نتيجةَ الغزو النورماندي.[8] كانت الأساطيل الإنجليزية كغيرها في العصور الوسطى تتألّف بشكل عام من سفن تجارية تُستخدم كسفن حربية في حالة اندلاع الحرب فقط، كما كانت تُنشأ سفن ملكيّة تُستخدم خصيصاً للحروب من حين لآخر. لكن على العكس من بعض الدول الأوروبية، لم تحتفظ إنجلترا بالسفن الحربية في حالة السّلم. كان تنظيم الأساطيل الإنجليزية عشوائياً، كما كانت تعبئة الأساطيل تستغرق وقتاً طويلاً عند اندلاع الحروب.[9]
بعد نهاية عصر الفايكنج، انحصر الصراع مع فرنسا في الأراضي الفرنسية الخاضعة لحكم التاج الإنجليزي تقريباً. كان التهديد البحري الذي واجهته إنجلترا محدوداً خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر، لكنّه تصاعد بشكل كبير خلال القرن الرابع عشر بعد اندلاع حرب المئة عام. فشلت الخطط الفرنسية لغزو إنجلترا منذ بدايات الحرب بعد أن قام إدوارد الثالث ملك إنجلترا بتدمير الأسطول الفرنسي في معركة سلايس عام 1340.[10] اقتصر القتال بعد ذلك بشكل رئيسي على الأراضي الفرنسية واكتفت القوات البحرية الإنجليزية بنقل الجيوش والإمدادات بشكل آمن إلى وجهاتهم المحددة. على الرغم من فشل خطط الغزو الفرنسي، لم تستطع القوات البحرية الإنجليزية الحد من الغارات المتكررة على موانئ الساحل الجنوبي من قِبل الفرنسيين وحلفائهم من جنوة وقشتالة. توقفت هذه الهجمات أخيراً بعد احتلال هنري الخامس للجزء الشمالي من فرنسا.[11]
معركة سلايس.
1500 - 1707
تعود جذور البحرية الملكية المعاصرة بترساناتها ومجموعتها الدائمة من السفن الحربية إلى أوائل القرن السادس عشر في حقبة هنري الثامن.[12] خاضت إنجلترا في عهد إليزابيث الأولى حرباً مع إسبانيا. خاضت هذه الحرب قوة بحرية مؤلّفة من قوات البحرية الملكية بالإضافة إلى سفن خاصة التي ضربت التجارة الإسبانية ومستعمراتها محققةً أرباحاً كبيرة.[13] في عام 1588، أرسل فيليب الثاني ملك إسبانيا الأرمادا إلى إنجلترا من أجل إرغامها على التوقف عن دعم الثوار الهولنديين، وإيقاف القرصنة الإنجليزية في البحار، وكذلك الإطاحة بالبروتستانتية إليزابيث الأولى تمهيداً لإعادة الكاثوليكية إلى إنجلترا. أبحر الإسبان من لشبونة، وكانت الخطة تقتضي بأن تشاركهم قوة أخرى تخرج من هولندا الإسبانية، لكن الخطة فشلت بسبب سوء التخطيط، وشن إنجلترا لهجمات متكررة، وتصدي الهولنديين لهم، بالإضافة إلى العواصف الشديدة.[14] قام الإنجليز بدورهم بإرسال أرمادا عُرفت باسم الأرمادا الإنجليزية إلى الساحل الأيبيري عام 1589، لكن الإنتصار الذي كانت إنجلترا قد حققته لم يكتمل بعد تحقيق الإسبان لانتصارٍ ساحقٍ على الإنجليز وتحطيمهم للأرمادا الإنجليزية.[15][16]
انحدر مستوى البحرية الإنجليزية نسبياً مع مطلع القرن السابع عشر، وتزايدت هجمات القراصنة البربر (جهاد بحري من وجهة نظر المسلمين) على السفن والسواحل الإنجليزية، وكان نجاح البحرية محدوداً في التصدي لهذه الهجمات.[17] أقرّ تشارلز الأول برنامجاً ضخماً يهدف إلى بناء قوة صغيرة تتألّف من سفن قوية ومتطورة، لكن أساليبه في جمع الأموال لتمويل الأسطول ساهمت في اندلاع الحرب الأهلية الإنجليزية.[18] وفي أعقاب هذا الصراع وإلغاء النظام الملكي، أصبحت إنجلترا معزولةً ومهددةً من جميع الجوانب، وهذه هي الفترة التي توسعت فيها البحرية الإنجليزية بشكل كبير، لتصبح البحرية الأقوى في العالم أجمع.[19]
أصدر النظام الجديد قانون الملاحة الذي نص على أن عمليات النقل البحري التجاري من وإلى إنجلترا أو مستعمراتها يجب أن تكون بوساطة سفنٍ إنجليزية فقط، وكان هذا سبباً في اندلاع الحرب مع جمهورية هولندا.[20] في المراحل الأولى من الحرب الأنجلو-هولندية الأولى (1652 - 1654)، كانت الحرب سجالاً بين الأسطول الإنجليزي الضخم والمدجج بالسلاح، والقوات الهولندية المنظمة والمتفوقة تكتيكياً، واستمرت الحرب دون أن تسفر عن نتيجة حاسمة.[21] أدّت التحسينات التكتيكية التي قامت بها إنجلترا إلى سلسلة من الإنتصارات الساحقة عام 1653 في بورتلاند، وغابارد، وشيفيننغن، مما أدى إلى إحلال السلام بشروط مناسبة.[22] وكانت هذه أول حرب كبيرة تخوضها السفن الحربية الإنجليزية المملوكة من قِبل الدولة. تمّ استعادة النظام الملكي الإنجليزي في شهر مايو من عام 1660، وتولى تشارلز الثاني الحكم. كان قرار إعادة تأسيس البحرية أحد أول القرارات التي أخذها الملك تشارلز، التي لم تعد ملكاً شخصياً للعاهل، وإنما باتت مؤسسةً وطنيةً أُطلق عليها لقب البحرية الملكية.
انتصار الإنجليز على الأرمادا الإسبانية.
نتيجةً للهزيمة التي مُني بها الهولنديون في حربهم الأولى مع الإنجليز، جعل الهولنديون بحريتهم مطابقةً للنموذج الإنجليزي، واندلعت بذلك الحرب الأنجلو-هولندية الثانية (1665 - 1667). كان الطرفان متساويان تقريباً، فتارةً يذهب النصر للإنجليز كما حدث في معركة لويستوف (1665)، وتارةً أخرى للهولنديين كما حدث في ملحمة معركة الأيام الأربع (1666).[23] في عام 1667، اضطرت حكومة تشارلز الثاني إلى لإرساء الأسطول في الميناء لعدم وجود المال الكافي لإبقائه في عرض البحار، وتفاوضوا من أجل إحلال السلام. لكن كارثة حلّت على الإنجليز حينما شنّ الأسطول الهولندي غارةً على ميدواي، واستولوا وأحرقوا العديد من كبريات سفن البحرية الملكية.[24] تحالف تشارلز الثاني مع لويس الرابع عشر ملك فرنسا واندلعت الحرب الأنجلو-هولندية الثالثة (1672-1674)، لكن الأسطول الإنجليزي الفرنسي وصل إلى طريق مسدود بعد خوض سلسلة من المعارك غير الحاسمة، كما استطاع الهولنديون صدّ الغزو الفرنسي البري لأراضيهم.[25]
نجحت البحرية الملكية في سبعينيات وثمانينيات القرن السابع عشر في إنهاء خطر "القراصنة البربر" تماماً بعد إلحاق الهزائم بهم مما اضطرهم إلى توقيع معاهدات سلام طويلة الأمد.[26] وبعد الثورة المجيدة عام 1688، انضمت إنجلترا إلى الحلف الأوروبي (الذي ضم هولندا أيضاً) ضد لويس الرابع عشر في حرب السنوات التسع (1688 - 1697). هُزم الحلفاء في معركة بيتشي هيد عام 1690، لكنّهم انتصروا في معركة لا هوغ عام 1691 والتي شكلت نقطة تحول في مجرى الحرب، حيث أنهت حقبة السيطرة الفرنسية قصيرة الأمد على البحار، وشكلت بداية حقبة التفوق الإنجليزي (البريطاني لاحقاً).[27]
تحولت البحرية على مدار القرن السابع عشر من بحرية مؤلفة من شبه هواة تقاتل جنباً إلى جنب مع سفن خاصة إلى مؤسسة احترافية بشكل كامل. نُظّمت الأوضاع المالية بشكل تدريجي، وباتت البحرية تعتمد على السفن الحربية المتخصصة فقط، كما تكونت فرق من الضباط المحترفين بوجود هيكل وظيفي محدد، ليحل محل خليط البحارة والجنود السابقين والهواة.[28]
غارة الهولنديين على ميدواي عام 1667.
تمّ تخفيض حجم البحرية الملكية بشكل ملحوظ بعد الانتصار في الحرب العالمية الأولى،[2] ولكنها على الرغم من ذلك ظلّت البحرية الأكبر في العالم حتى بدايات الحرب العالمية الثانية، قبل أن تبرز بحرية الولايات المتحدة كأكبر بحريّات العالم بحلول نهاية الحرب. تحولّت البحرية الملكية إلى قوة مضادّة للغواصات بشكل أساسي أثناء الحرب الباردة، متعقبّةً للغواصات السوفيتية، ونَشطت في المنطقة الواقعة بين المملكة المتحدة وجرينلاند على وجه الخصوص. بُعيْد انهيار الاتحاد السوفياتي، عاد تركيز البحرية الملكية على المهمّات الاستطلاعية على مستوى العالم.[3][4]
تحتفظ البحرية البريطانية بأسطول سفن متطور تكنولوجيّاً[5] يتضمّن حاملة طائرات، وسفينة هجوم برمائي، وسفينتا نقل برمائي، وأربع غواصات صواريخ بالستية (التي تحقق الردع النووي للمملكة المتحدة)، وسبع غواصات نووية، وخمس مدمّرات للصواريخ الموجهة، وثلاث عشرة فرقاطة، وخمسة عشر من الألغام المضادّة للسفن، وأربعة وعشرين زورق دورية. اعتباراً من سبتمبر 2013، احتوت البحرية الملكية على 79 سفينة، بالإضافة إلى 13 سفينة تتبع الأسطول الملكي المساعد، وكذلك ست سفن تجاريّة متاحة احتياطاً للإيواء المدني في إطار مبادرة تمويل خاص. تقوم هذه السفن التجارية بتغذية السفن الحربية في عرض البحار ومضاعفة قدرات البحرية الملكية على خوض المعارك البرمائية. تُدير البحرية الملكية في الوقت الحالي ثلاث قواعد في المملكة المتحدة تتمركز فيها السفن: الأولى هي قاعدة بورتسموث، والثانية هي قاعدة كلايد، والثالثة هي قاعدة ديفونبورت في بليموث التي تُعد أكبر قاعدة بحرية في أوروبا الغربية.
التاريخ
تطور البحرية الإنجليزية
900 - 1500
كان أسطول مملكة إنجلترا القوي عنصراً هامّاً في قوة المملكة العسكرية خلال القرن العاشر الميلادي.[6] حافظت السلطات على أسطول بحري دائم عن طريق فرض الضرائب خلال فترة الحكم الدنماركي في القرن الحادي عشر، الأمر الذي استمر لفترة في عهد إدوارد المعترف (حكم ما بين 1042 - 1066) الذي أعاد السيطرة الإنجليزية على البلاد، والذي كان عادةً ما يقود الأساطيل شخصياً.[7]
انحدر مستوى البحرية الإنجليزية نتيجةَ الغزو النورماندي.[8] كانت الأساطيل الإنجليزية كغيرها في العصور الوسطى تتألّف بشكل عام من سفن تجارية تُستخدم كسفن حربية في حالة اندلاع الحرب فقط، كما كانت تُنشأ سفن ملكيّة تُستخدم خصيصاً للحروب من حين لآخر. لكن على العكس من بعض الدول الأوروبية، لم تحتفظ إنجلترا بالسفن الحربية في حالة السّلم. كان تنظيم الأساطيل الإنجليزية عشوائياً، كما كانت تعبئة الأساطيل تستغرق وقتاً طويلاً عند اندلاع الحروب.[9]
بعد نهاية عصر الفايكنج، انحصر الصراع مع فرنسا في الأراضي الفرنسية الخاضعة لحكم التاج الإنجليزي تقريباً. كان التهديد البحري الذي واجهته إنجلترا محدوداً خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر، لكنّه تصاعد بشكل كبير خلال القرن الرابع عشر بعد اندلاع حرب المئة عام. فشلت الخطط الفرنسية لغزو إنجلترا منذ بدايات الحرب بعد أن قام إدوارد الثالث ملك إنجلترا بتدمير الأسطول الفرنسي في معركة سلايس عام 1340.[10] اقتصر القتال بعد ذلك بشكل رئيسي على الأراضي الفرنسية واكتفت القوات البحرية الإنجليزية بنقل الجيوش والإمدادات بشكل آمن إلى وجهاتهم المحددة. على الرغم من فشل خطط الغزو الفرنسي، لم تستطع القوات البحرية الإنجليزية الحد من الغارات المتكررة على موانئ الساحل الجنوبي من قِبل الفرنسيين وحلفائهم من جنوة وقشتالة. توقفت هذه الهجمات أخيراً بعد احتلال هنري الخامس للجزء الشمالي من فرنسا.[11]
معركة سلايس.
1500 - 1707
تعود جذور البحرية الملكية المعاصرة بترساناتها ومجموعتها الدائمة من السفن الحربية إلى أوائل القرن السادس عشر في حقبة هنري الثامن.[12] خاضت إنجلترا في عهد إليزابيث الأولى حرباً مع إسبانيا. خاضت هذه الحرب قوة بحرية مؤلّفة من قوات البحرية الملكية بالإضافة إلى سفن خاصة التي ضربت التجارة الإسبانية ومستعمراتها محققةً أرباحاً كبيرة.[13] في عام 1588، أرسل فيليب الثاني ملك إسبانيا الأرمادا إلى إنجلترا من أجل إرغامها على التوقف عن دعم الثوار الهولنديين، وإيقاف القرصنة الإنجليزية في البحار، وكذلك الإطاحة بالبروتستانتية إليزابيث الأولى تمهيداً لإعادة الكاثوليكية إلى إنجلترا. أبحر الإسبان من لشبونة، وكانت الخطة تقتضي بأن تشاركهم قوة أخرى تخرج من هولندا الإسبانية، لكن الخطة فشلت بسبب سوء التخطيط، وشن إنجلترا لهجمات متكررة، وتصدي الهولنديين لهم، بالإضافة إلى العواصف الشديدة.[14] قام الإنجليز بدورهم بإرسال أرمادا عُرفت باسم الأرمادا الإنجليزية إلى الساحل الأيبيري عام 1589، لكن الإنتصار الذي كانت إنجلترا قد حققته لم يكتمل بعد تحقيق الإسبان لانتصارٍ ساحقٍ على الإنجليز وتحطيمهم للأرمادا الإنجليزية.[15][16]
انحدر مستوى البحرية الإنجليزية نسبياً مع مطلع القرن السابع عشر، وتزايدت هجمات القراصنة البربر (جهاد بحري من وجهة نظر المسلمين) على السفن والسواحل الإنجليزية، وكان نجاح البحرية محدوداً في التصدي لهذه الهجمات.[17] أقرّ تشارلز الأول برنامجاً ضخماً يهدف إلى بناء قوة صغيرة تتألّف من سفن قوية ومتطورة، لكن أساليبه في جمع الأموال لتمويل الأسطول ساهمت في اندلاع الحرب الأهلية الإنجليزية.[18] وفي أعقاب هذا الصراع وإلغاء النظام الملكي، أصبحت إنجلترا معزولةً ومهددةً من جميع الجوانب، وهذه هي الفترة التي توسعت فيها البحرية الإنجليزية بشكل كبير، لتصبح البحرية الأقوى في العالم أجمع.[19]
أصدر النظام الجديد قانون الملاحة الذي نص على أن عمليات النقل البحري التجاري من وإلى إنجلترا أو مستعمراتها يجب أن تكون بوساطة سفنٍ إنجليزية فقط، وكان هذا سبباً في اندلاع الحرب مع جمهورية هولندا.[20] في المراحل الأولى من الحرب الأنجلو-هولندية الأولى (1652 - 1654)، كانت الحرب سجالاً بين الأسطول الإنجليزي الضخم والمدجج بالسلاح، والقوات الهولندية المنظمة والمتفوقة تكتيكياً، واستمرت الحرب دون أن تسفر عن نتيجة حاسمة.[21] أدّت التحسينات التكتيكية التي قامت بها إنجلترا إلى سلسلة من الإنتصارات الساحقة عام 1653 في بورتلاند، وغابارد، وشيفيننغن، مما أدى إلى إحلال السلام بشروط مناسبة.[22] وكانت هذه أول حرب كبيرة تخوضها السفن الحربية الإنجليزية المملوكة من قِبل الدولة. تمّ استعادة النظام الملكي الإنجليزي في شهر مايو من عام 1660، وتولى تشارلز الثاني الحكم. كان قرار إعادة تأسيس البحرية أحد أول القرارات التي أخذها الملك تشارلز، التي لم تعد ملكاً شخصياً للعاهل، وإنما باتت مؤسسةً وطنيةً أُطلق عليها لقب البحرية الملكية.
انتصار الإنجليز على الأرمادا الإسبانية.
نتيجةً للهزيمة التي مُني بها الهولنديون في حربهم الأولى مع الإنجليز، جعل الهولنديون بحريتهم مطابقةً للنموذج الإنجليزي، واندلعت بذلك الحرب الأنجلو-هولندية الثانية (1665 - 1667). كان الطرفان متساويان تقريباً، فتارةً يذهب النصر للإنجليز كما حدث في معركة لويستوف (1665)، وتارةً أخرى للهولنديين كما حدث في ملحمة معركة الأيام الأربع (1666).[23] في عام 1667، اضطرت حكومة تشارلز الثاني إلى لإرساء الأسطول في الميناء لعدم وجود المال الكافي لإبقائه في عرض البحار، وتفاوضوا من أجل إحلال السلام. لكن كارثة حلّت على الإنجليز حينما شنّ الأسطول الهولندي غارةً على ميدواي، واستولوا وأحرقوا العديد من كبريات سفن البحرية الملكية.[24] تحالف تشارلز الثاني مع لويس الرابع عشر ملك فرنسا واندلعت الحرب الأنجلو-هولندية الثالثة (1672-1674)، لكن الأسطول الإنجليزي الفرنسي وصل إلى طريق مسدود بعد خوض سلسلة من المعارك غير الحاسمة، كما استطاع الهولنديون صدّ الغزو الفرنسي البري لأراضيهم.[25]
نجحت البحرية الملكية في سبعينيات وثمانينيات القرن السابع عشر في إنهاء خطر "القراصنة البربر" تماماً بعد إلحاق الهزائم بهم مما اضطرهم إلى توقيع معاهدات سلام طويلة الأمد.[26] وبعد الثورة المجيدة عام 1688، انضمت إنجلترا إلى الحلف الأوروبي (الذي ضم هولندا أيضاً) ضد لويس الرابع عشر في حرب السنوات التسع (1688 - 1697). هُزم الحلفاء في معركة بيتشي هيد عام 1690، لكنّهم انتصروا في معركة لا هوغ عام 1691 والتي شكلت نقطة تحول في مجرى الحرب، حيث أنهت حقبة السيطرة الفرنسية قصيرة الأمد على البحار، وشكلت بداية حقبة التفوق الإنجليزي (البريطاني لاحقاً).[27]
تحولت البحرية على مدار القرن السابع عشر من بحرية مؤلفة من شبه هواة تقاتل جنباً إلى جنب مع سفن خاصة إلى مؤسسة احترافية بشكل كامل. نُظّمت الأوضاع المالية بشكل تدريجي، وباتت البحرية تعتمد على السفن الحربية المتخصصة فقط، كما تكونت فرق من الضباط المحترفين بوجود هيكل وظيفي محدد، ليحل محل خليط البحارة والجنود السابقين والهواة.[28]
غارة الهولنديين على ميدواي عام 1667.
من مواضيعي
0 هل ما زلت تعتقد أن لنا 12 سنة لإنقاذ كوكبنا؟ الفترة الحقيقية لا تتجاوز 18 شهرا
0 بالصور: موجة ثانية من الحر الشديد تجتاح أوروبا
0 تعيينات جونسون .. هل هي قفزة نحو المجهول؟
0 العفو عن مدرسة سجلت مكالمة لمديرها "المتحرش"
0 كوريا الشمالية "تطلق صاروخين قصيري المدى" في بحر اليابان
0 فقدان عشرات المهاجرين بعد غرق قاربهم قبالة السواحل الليبية
0 بالصور: موجة ثانية من الحر الشديد تجتاح أوروبا
0 تعيينات جونسون .. هل هي قفزة نحو المجهول؟
0 العفو عن مدرسة سجلت مكالمة لمديرها "المتحرش"
0 كوريا الشمالية "تطلق صاروخين قصيري المدى" في بحر اليابان
0 فقدان عشرات المهاجرين بعد غرق قاربهم قبالة السواحل الليبية