طوِّر من نفسك بمعدل 1% يوميًّا باعتماد طريقة Kaizen
17-11-2018, 04:33 PM
نسعى دائمًا إلى تحقيق التطور والبحث عن الأفضل الذي يناسب ذواتنا وما نطمح إليه، فنبدأ بالتعلم والتحسين من المكتسبات لتراكم الخبرات والمضي قدمًا. لكن التطور لايتم بين ليلة وضحاها ولا يكون عشوائيًّا أو دون بدل مجهود، بل الأكثر من ذلك؛ يدعو المتخصصون إلى البحث عن تحقيق التطور البسيط المستمر بدل تحقيق التطور الآني الكبير، فالتراكمات المحدثة للتطور المدى الطويل هي الضمان لاستشعار التحسن وتحقيق المبتغى.

من خلال هذا الموضوع، سنحاول أن نقدم طريقة Kaizen وهي أشهر طرق التطور المستمر وكيفية استغلالها من أجل تحسين النفس والآداء على المدى الطويل وبطريقة بسيطة دون مجهود كبير.

ماهي طريقة كايزن Kaizen ؟
الضربات الصغيرة المتكررة تُسْقِط السنديانة الكبيرة. – بنجامين فرانكلين

ظهرت هذه الطريقة في البداية على يد المنظرين الأمريكيين لاقتصاد الكساد لبناء الترسانة الديمقراطية التي ساعدت الولايات المتحدة على الفوز في الحرب العالمية الثانية. ليتبناها اليابانيون بعد ذلك كفكرةٍ لخلق التحسين والرفع من جودة إنتاجية المصانع والشركات. كلمة كايزن هي جمع لكلمتين يابانيتين هما Kai والتي تعني التغيير و Zen الجيد أو الأفضل. يترجم المعنى الكلي للكلمتين بالتغيير الأفضل أو التحسين/التطوير المستمر.

تقضي هذه الطريقة إلى الحث على القيام بتحسينات بسيطة لكن بصفة مستمرة، فمثلًا، بدل إضافة ساعة كاملة لعمل الموظفين، يمكن إضافة خمس دقائق كل يوم، وبدل الرفع من الإنتاجية ب50.000 وحدة، يمكن الاقتصار على إضافة إنتاجية 5 وحدات بالنسبة لكل موظف يوميًّا إلى حين الوصول إلى الهدف المطلوب…

رغم أن ظهور هذه الطريقة انحصر في بادئ الأمر في المجال الاقتصادي تحت ما يسمى بعلم إجارة الجودة Quality Management إلا أنه في الآونة الأخيرة بات يستخدم في تحسين شخصية الأفراد الخاصة ومساعدتهم على التطوير وتحقيق الأفضل.

تحسين وتطوير بنسبة 1% كل يوم…
في كتابهما “فن الرجولة / Art Of Manliness” يقول الكاتبان برات مكاي وكات مكاي :

“بدلاً من محاولة إجراء تغييرات جذرية في وقت قصير، فقط قم بإجراء تحسينات صغيرة كل يوم، ستؤدي تدريجيًّا إلى التعديل المطلوب. كل يوم، ركز على القيام بكل ما تريد تحسينه بطريقة أفضل بنسبة 1%. هذا كل شيئ. فقط 1%.

قد لا يبدو هذا كثيرًا، ولكن تحسينات كهذه، ولو بنسبة 1% ستبدأ في التراص والتراكم مع بعضها البعض. في البداية، ستكون صغيرة جدًا بحيث تبدو غير موجودة تمامًا، فقد لا تستشعرها. ولكن شيئًا فشيئًا، سوف تبدأ في ملاحظة التحسن في حياتك.”

من هنا، يمكن القول أن حياتك بحاجة لتطوير بسيط لايتطلب مجهودًا أو ضغطًا كبيرين، فقط قرار يتم اتخاده، صبر يتم التحلي به، واستمرارية يتم ضمانها.

كيف تطبق طريقة Kaizen ؟
إن البساطة التي تقدمها هذه الطريقة، ونظرًا للنسبة البسيطة التي تتمثل فقط في 1% يقضي بأن خطوات تطبيقها هي الأخرى ليست صعبة أو معقدة. فتحقيق التطور لن يتطلب منك الكثير، فقط الخطوات التالية:

حدد مشاكلك وما تحتاجه
إن كنت تريد التغيير أو التطوير فأنت حتمًا تعي بطريقة غير مباشرة أنك بحاجة لذلك، أو أنك تملك ما يجب تطويره أو تجاوزه. لهذا، فأول خطوة يجب القيام بها هي معرفة مكامن الخلل أو النقاط التي ترى أنها تستحق التطوير أو التحسين.

لفعل ذلك، يمكنك أن تبدأ أولًا بشخصيتك الفعلية وتخط في ورقةٍ أمامك مجموع العادات التي تريد تجاوزها أو التي تريد تحسينها، علاقاتك بغيرك والتي تريد أن تطور منها… ثم بعد ذلك انتقل للشخصية المثالية التي تريد أن تصيرها؛ حدد العادات التي تريد اكتسابها، المهارات التي تريد تعلمها… اكتب كل شيء وأي شيء، مهما بدى لك بسيطًا أو صعبًا.

اشحن إرادتك
بعد تحديدك للشخصية المثالية التي تريد أن تصبحها ومجموع ما تريد تجاوزه أو اكتسابه، ابدأ بشحن إرادتك وعزيمتك، فما ستقوم به بسيط لن يؤثر على حياتك الخاصة ولن يتطلب منك وقتًا أو مالًا أو مجهودًا، لهذا، لامبرر لك لتحقيق التغيير سوى في ضعف رغبتك أو نفاذ صبرك. لهذا، وقبل التنفيذ والمرور للخطوة القادمة لابد أن تشحن نفسك بما أنت بحاجته وتقنع نفسك بضرورة ما أنت مقبل عليه خصوصًا – وكما قلنا – أنه بسيط وغير مكلفٍ.


لا للنظري، نعم للتطبيق
إن كل ما تريد اكتسابه أو ما تريد التخلي عنه للوصول إلى هدفك لابد وأن تجده موضوعًا لمقال للتطور الذاتي أو غيره في مواقع الانترنيت، فما أكثر الحلول والطرق المقترحة. يجب أن تعلم هنا أنه مثلًا تعلم شيء قد يستغرق منك الكثير وقد لا يكلف غيرك شيئًا أو قد ترى مهارة ما سهلة الاكتساب بينما غيرك يعاني من فقدانها وإن اتبعتما نفس الطريقة لاعتيادها…

ما أقصده هنا أنه يجب عليك انتقاء ما يناسبك أنت ولا تبني حياتك وتطورك على تجارب الآخرين أو اقتراحاتهم، فإن اتبعت نصيحة أحدهم ولم تنجح فستعود خطوة للوراء لا محاله. لهذا، ابتعد عن هراء الانترنيت واختر الحلول التي ترى تطبيقها سهلًا بالنسبة لك وواقعيًّا يتناسبك مع جدولك دون أن يؤثر فيه.

قطع صغيرة…
بعد أن حددت في البداية ما تريد اكتسابه وتحسينه أو تفاديه وتجنبه، حاول أن تقسم أهدافك إلى مجموعة من الأهداف البسيطة أو المستويات حسب الأيام القادمة على أن يكون هناك تقارب شبه كامل بين المستوى والآخر، بشكلٍ يسهل المرور والقيام بالثاني دون عناء.

مثلًا، ومع اقتراب الدخول المدرسي، قد تكون ممن لايراجعون دروسهم سوى قبل الامتحان بأيام، إن كنت تريد تخطي هذه المشكلة فليكن هدفك الرئيسي هو “مراجعة الدروس كل ليلة“، وأهدافك الثانوية هي “أول يوم: قراءة العناوين”، “ثاني يوم: قراءة العناوين الفرعية”، “ثالث يوم: قراءة فقرة من الدرس”،… “J يوم: القيام بتلخيص فقرة واحدة”، “J+1 يوم: القيام بتلخيص فقرتين من الدرس”…

دعني أخبرك هنا أن الأمر قد يستغر منك أشهر لاكتساب مهارة ما أو الإقلاع عن عادة سيئة، لابأس، مادام الأمر ليس متعبًا ويتم بصورة تلقائية دون أي مجهود ذهني أو بدني. أيضًا، وخلال قيامك بهدف فرعي مثلًا ووجدته صعبًا عد 1% للوراء، لاتنزعج ولاتحزن، فالاستمرارية هي المفتاح وليس التطور نفسه.


سحر الحرف والكلام


شكرا للأخ صقر الأوراس على التوقيع