هواري بومدين: مات من أحبه الشغب وفضح سياسة الغرب
28-12-2010, 05:06 PM
قليلون هم الزعماء الذين أمسكوا زمام القيادة بمؤهلات علمية وخبرات سياسية وصفات أخلاقية، وقليلون من اشتروا ثقة الجماهير ومحبتها بالإخلاص لها والتفاني في خدمتها.
تلكم هي الصفات الدقيقة للراحل هواري بومدين الرجل الذي قاد الجزائر15 سنة وارساها إلى شاطئ النجاة والنجاح في ظل الوحدة الوطنية والأصالة، رغم لجّة من الأمواج المتلاطمة.
متاعب داخلية صنعتها آثار صدمات همجية الاستعمار الفرنسي.
محمد إبراهيم بوخروبة، المولود في23 أوت 1932م بمدينة قالمة بالشرق الجزائري، والمعروف باسم هواري بومدين ،هو ثاني رئيس جزائري بعد الاستقلال، حكم البلاد من "19جوان 1965 م إلى 27 ديسمبر - 27 ديسمبر 1978م يوم وفاته " ويعد بحق من ابرز رجالات السياسة في والوطن العربي عامة والجزائر على الخصوص خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
إن أول ما يحسب للرجل هو حب الوطن والجنوح الى السلم واعتماد الصرامة في التسيير وأصول الديمقراطية الحقة ،شارك جيع فئات الشعب 1975م في دستور مميز على المستوى العربين، أوصد الباب أمام الظاهرة العسكرية التي تعم ويلاتها إفريقيا والعالم الثالث، وقلما نجد شخصية مثله لم تتأثر بمتاعب الحياة، فرغم ما لقيه من حرمان وفقر صبيا، وما واجهه أيام حرب التحرير مجاهدا، لم تبهره المناصب ولم تثنيه عن مبادئه وقيمه فاستمر في كفاحه.
وصل الى كرسي الرئاسة عسكريا، فرفض أن يكون ديكتاتوريا وحكم الأمة مدنيا متواضعا.
وثاني ما يحسب له هو التمسك بالقيم العربية الإسلامية والدفاع عنها، ففي دعوته إلى التضامن العربي الإسلامي قال: لا يدخل المسلم الجنة وهو جوعان، ومن يعرف بومدين يعرف موقفه من القضايا التحررية عامة والقضية الفلسطينية على الخصوص فهو من قال الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وهو من ناصر المكافحين ضد الميز العنصري في جنوب إفريقيا وأمريكا، وهو نادى باستقال الصحراء الغربية وهو.....الخ.
وهو ذو المواقف الثابتة العادلة ما أكسبه محبة الشعب، ونال بها احترام الغرب رغم فضخه لدائس ساسته، فأصبح أحد رموز حركة عدم الانحياز ومنظمة الوحدة الإفريقية، لعب دورا هاما على الساحتين الإفريقية والعربية بما انجز من مهام دولية واقليمية وعربية ومحلية وإقامة الصلح بين الأشقاء، وكان أول رئيس من العالم الثالث يتحدث في الأمم المتحدة عن نظام دولي جديد.
إن النظرة السليمة والثبات في المواقف والصدق مع النفس ومع غيرها ومناصرة الضعفاء بعيدا عن التهريج وروح اليأس و الاستسلام والطمع والانحراف،أمور جعلت بومدين يأتي الكرسي عنيفا ويغادره بموته عزيزا مبجلا .
كيف مات بومدين؟.
اختلفت القصص وتعددت الروايات، وتصدرت عشرات العناوين أشهر الصحف فأجمعت جميعها على موته مقتولا ، والحقيقة ماتزال غامضة.
لكن إذا عرفنا أن المخابرات الأمريكية وضعته على قائمة المطلوبين إلى الموت منذ مطلع السبعينيات، وكانت أول رسالة تحذيرية هي اختطاف المخابرات الإسرائيلية لطائرة ركاب وعلى متنها أحد القيادات الجزائرية عام 1970م،واستمر التصعيد إلى أن وصلت بعثة من تل ابيب إلى إحدى العواصم المغربية وسربت الخطة الى الجزائر، وهو ما يمكن معه القول أن الرئيس مات مسوما على يدي الصهاينة وأعوانهم في المغرب والجزائر.
ما يزيدنا يقينا هو كثرة التخمينات وتعدد التكهنات والاوصاف، نذكر منها ما قاله" حامد الجبوري" لما أستقى أوصاف المرض من الدكتور أحمد الابراهيمي الذي كان حينها وزيرا: "أن حالتي مرضيتين عانتا من نفس الأعراض التي عانى منها بومدين، تم تشخيصهما تشخيصا واحدا وهو الإصابة بتسمم بواسطة سم الثاليوم"..ما يدعو إلى احتمال أن بومدين يكون قد مات متسمما بالسم ذاته.
وإذا رجعنا الى قضية شاه ايران الذي مات بنفس المرض بعدما شعرت أميركا وإسرائيل اقترابه من اسرارهما.
المهم هاد الرئيس الى الجزائر بطلب منه بعد عجز الأطباء الروس عن علاجه، وحط القدر رحاله في قاعة الزعيم بالمستشفى،ومنذ دخلها، لم يبق منه إلا شبحا هامدا على سرير أبيض، وأجهزة تحيط به وتخترق مسام جلده، جاء أجله.. وجسمه يقاوم الداء حتى تمام الساعة5.55 من صباح يوم 27 ديسمبر1978م، ليعلن عن موته وتخرج الحشود الجماهيرية في عفوية، تعبر عن المها وتعلن حزنها عن فقدان من خدمها وأحبته، وتشيع جثمان من سما بمعنوياتها وحقق وحدتها وألهمها حب الحرية وعلمها الأنفة، 32سنة تمر اليوم على رحيل من جانب الشعب وواجه الغرب .
رحمك الله يا بومدين فستبقى ذكرى خصالك عنواناً لجهاد شعبنا ونضاله في وجه الاحتلال، والاستغلال والتبعية حتى تحقيق ما كنت وأمثالك المجاهدون تتمنونه.
الحمد لله
غيمة تمطر طهرا
غيمة تمطر طهرا









