أمريكا والعرب .. الطمع والقمع
17-10-2015, 06:41 PM
يقول البعض أن الأسباب التقليدية لانخراط واشطن وتدخلها في المنطقة العربية والشرق الأوسط على الخصوص بكل ثقلها إنما يرتكز على الرغبة على احتواء النفوذ الروسي، خاصة أثناء فترة الحرب الباردة (الصراع بين الولايات المتحدة الاتحاد السوفياتي سابقا) وحلفائهما منذ منتصف أربعينيات القرن الماضي، ليتحول في أوائل التسعينيات إلى التسابق على النفط العربي وحماية أمن إسرائيل في الآن ذاته، مع ظهور فكرة مكافحة [التطرف والإرهاب، ومزاعم الديمقراطية ..]
كما يعتقد آخرون أن مبررات التدخل الأمريكي السافر، وتعاظم ظاهرة عداء الأمريكان للعروبة والإسلام ترتبط بهجمات يوم الثلاثاء الموافق 11 سبتمبر 2001م، والاعلام الذي جعل الامريكيون يرون ان قيام 19 فردا، كلهم من العرب، بتنفيذ الهجمات، يدعمهم سذج عرب صوروا أمريكا على أنها الحمل الوديع والعرب الوحش المفترس الذي ينتظر الفرصة للانقضاض عليه! وهو امر يتطلب تغييرات واسعة واجراءات فعالة للحيلولة دون تكرارها.
والعرب الامريكان يشكون من تزايد حالات التمييز ضدهم في المجتمع الامريكي بعد الهجمات .. ومن جهة أخرى أثير جدلاً حاداً حول دور الولايات المتحدة ومواقفها من قضايا العراق وفلسطين والحرب على الإرهاب. غير أن نظرة العرب للولايات المتحدة لا تخلو من الاعجاب والارتباط.
وهذا اتفق مفكرون وعلماء دين على أن حقيقة العداء الأمريكي للإسلام تكمن في انتشار ما يعرف بظاهرة "الإسلام وفوبيا " نتيجة للحملات التي تشنها الأبواق الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عامة والترويج للشبهات حول الإسلام كدين وحضارة، ووصفه بأنه دين يدعو اتباعه إلى الإرهاب وكراهية الحضارة الغربية، إضافة إلى العامل الثقافي الذي طبع ذهن المواطن الأمريكي وزوده بمعلومات مخيفة عن الإسلام ..
ما هي جذور العلاقة بين العرب وامريكا؟
لوعدنا إلى التاريخ القريب وتفحصناه، وركزنا اهتمامنا على الدوائر التي تصنع صورة [الإسلامي العدو – والعربي المتوحش] في اذهان الغربيين عامة والأمريكان خاصة، لوجدنا فعلا ان الكتب والمقالات لها دور كبير في تشكيل نظرة الامريكان القائمة .. فهذا كتاب على سبيل المثال يشوه العرب والمسلمين، ويقدّمهم على أقبح هيئة، وآخر يقدم للأطفال قصصا فنية وإعطاء انطباع سيئ عن العرب والمسلمين، وتلك مقالة تبرز حقد العرب على اليهود .. وما تقدمه وسائل الإعلام المسموعة والمكتوبة والمرئية أكثر وأخطر... الخ. ومن المؤكد أن للكل ما يبرره.
فالمتأمل في ماهية جذور العلاقة بين العرب وامريكا يلاحظ:
-إن العداء قديم، والغرب بما فيه أمريكا هو الذي بدأنا بالعدوان السافر في الحروب الصليبية وما بعدها من موجات الاستعمار العسكري التي توالت لأكثر من قرنين.
ثم ان هناك مؤامرات على العالم العربي من كل القوى العالمية التي تسعى للسيطرة على ثروات الشعوب وتثبيت الكيان الصهيوني في المنطقة وفي مقدمتها أمريكا.
وصفوة القول أن العداء الأمريكي العربي ناتج عن صراع متجذر ظل لعقود يبرز في شكل تعرجات تخفي معناه الحقيقي وجوهره الأساس هو صراع اطرته عيون الطمع وقوى القمع التي تتزامن مع حركة التاريخ الإنساني وتجسدها فعاليات المرحلة. فمر بعدة مراحل وتطورات منذ استلال امريكا المعلن عام 1776م.
ففي منتصف السبعينات من القرن الماضي لاحظ "توماس برايسون" وهو أستاذ بجامعة وست جورجيا كولدج الأمريكية بعد أن عاصر فترة ما بعد حرب 1967م أوائل السبعينات التي شهدت أزمة البترول وزيادة اهتمام الرأي العام الأمريكي بشكل ملحوظ بالعالم، ومن خلال دراسة اهتمت بمسح العلاقات الأمريكية العربية خلال الفترة (1784 م -1975م) نشرت في كتاب له تحت عنوان:"أمريكا وصورة الشرق الأوسط "عام 1977م.
وهي الشهادة التي تثبت ان عقدة الامريكان قديمة ولجوؤهم للإخذ بالقوة قائم منذ القدم تد٥عهم مصالحهم على جناح ايديولوجيتهم، حيث يقول توماس برايسون:
"أن بعد استقلال أمريكا من الاستعمار الإنجليزي المعلن عام 1776م وجد الأمريكيون أنفسهم في عالم معاد لهم تهيمن عليه قوى الاستعمار الأوربية، فقدوا فيه المزايا التجارية التي كانوا يتمتعون بها عندما كانوا جزء من الإمبراطورية البريطانية لذا سعى المؤسسون للولايات المتحدة الأمريكية سعيا حثيثا للبحث عن أسواق جديدة وكان الشرق الأوسط الإسلامي من أولى الجهات التي قصدوها.
وفي عام 1786م وتحت ضغوط لوبي السفن التجارية الأمريكي توصل المبعوث الأمريكي لإمارات المغرب العربي إلى اتفاقية تجارة مع ’ حاكم المغرب’ صادق عليها مجلس الشيوخ الأمريكي فور عرضها عليه في عام 1787م كما أرسل رسالة شكر لحاكم المغرب، لكن لم يحالف الأمريكيون حظا مماثلا في تفاوضهم مع حكام الجزائر وإمارات طرابلس
في عام 1795 توصل الأمريكيون إلى اتفاقية تجارية مع الجزائريون، وفي عام 1706 توصلوا لاتفاقية مع طرابلس، ومع تونس في عام 1797م وللأسف لم تمر العلاقات بدون مشاحنات؛ إذ قامت حرب بين أمريكا وطرابلس في عام 1801، كانت أول حرب أعلنتها الجمهورية الأمريكية الجديدة لحماية مصالحها الوطنية، وبعد سلسلة مناوشات ومفاوضات استعاد الأمريكيون علاقتهم بطرابلس عام 1805. ومنذ ذلك الوقت حتى عام 1816 واجهت أمريكا مشكلات مشابهة مع بقية دول المغرب العربي تخللتها بعض المواجهات المسلحة، وانتهت بمعاهدات سلام.
وخلص توماس برايسون: "إن السياسية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط خلال تلك الفترة المبكرة من العلاقات الأمريكية العربية كانت محكومة بشكل أساسي بمصالح أمريكا الوطنية (الاقتصادية بالأساس) المجردة التي قادت أمريكا للانفتاح على أسواق الشرق الأوسط، وبناء أسطول وطني لحماية مصالحها، والدخول في حروب في بعض الأحيان.
فيقول: "وللأسف لم تمر العلاقات بدون مشاحنات إذ قامت حربا بين أمريكا وطرابلس في عام 1801م – والتي كانت أول حرب أعلنتها الجمهورية الأمريكية الجديدة لحماية مصالحها الوطنية، وبعد سلسلة مناوشات ومفاوضات استعاد الأمريكيون علاقتهم بطرابلس عام 1805م.
ما يهمنا هنا هو بعض النقاط المهمة، هي:
01 – تثير المنتقاة من كتاب توماس برايسون فكرة مهمة ، يكثر الحديث عنها في الفترة الراهن هي: أن جهود تعبئة الشعب الأمريكي لدعم سياسة مواقف جاه القضايا الدولية هي جهود قديمة جدا لا تقتصر على الفترة الراهنة أو العقود الأخيرة، وقد استفادت بعض الجماعات من هذه الحقيقة منذ زمن بعيد جدا، كاللوبي الصهيوني، وراحت تنشط لتوعية الأمريكيين بقضاياها وتشويه صورة خصومها في نظر الشعب الأمريكي.
02 -ان علاقة أمريكا بالعالم العربي والإسلامي قديمة ومليئة بالوقائع
والسلبيات فيها اكتر من الإيجابيات.
03-إن السياسة الأمريكية تجاه العرب والشرق الأوسط كانت وماتزال تحكمها دوافع عديدة ومتناقضة، في مقدمتها الدوافع الاقتصادية والدينية والثقافية والعسكرية.
04-إن أمريكا تنطلق في صياغتها لسياساتها تجاه أي دولة من دول العالم من مصالحها الوطنية المبنية على دوافع وحسابات ومصالح داخلية قد تصب أولا تصب في مصلحة غيرها، ومعرفة ذلك مهمة في التعامل معها.
فهل بعد هذا يبقى أمل تغيير المواقف وتخفيف حدة العداء الأمريكي للعرب والمسلمين؟.
أن ازدواجية الخطاب في الموقف الأمريكي يعبر عن تعارض مصالح أمريكا تجاه العرب والشرق الأوسط، فالمصالح الثقافية والدينية متعارضة مع المصالح الاقتصادية والتدخلات العسكرية، وصورة لتعارض مصالح اللوبي الشعبي مع مصالح اللوبي الحكومي، وفي خضم هذه المتناقضات تتم صياغة سياسة الحكومة الأمريكية.
ومن الغباوة استخدام مصطلح "الفوضى الخلاقة" لوصف السياسة الامريكية لان معنى الفوضى يؤل الى الهدم والعبثية والتدمير، لكن امريكا استخدمته نقيض لهذا المعنى تماما، فها هي الفوضى لديهم تصبح خلقاً جديداً وجميلاً أفضل مما سبق.
فالصراع مزمن عريق في جذوره وتفاعلاته الفكرية والحركية، متنكر في وقائعه ومجرياته ومنذ حرب 1967م وأمريكا تستخدم الورقة الأيديولوجية بكفاءة واقتدار، فتثمن تحالف الملوك ضد الجمهوريات وهي في هذا الاتجاه تسعى لضرب الجامعة العربية بيد من يفكر في تطويرها، كما اتبعت فكرة’ فرق تسد’ في محاولات لإعادة صياغة علاقاتها الشائكة على نحو مختلف. ولما كان كثير من الناس في العالم العربي، يصوِّرون الأشياء حسب ما يرغبون ويتمنون، فخصوم أمريكا يصفون الساسة الأمريكان بالغباء، وعملاء أمريكا يصفون الساسة الامريكان بالمهارة والطيبة والديمقراطية. والحقيقة ان امريكا وحربها المعلنة على العروبة والاسلام (1991م-2015م)، أمر بالغ الخطورة وسيكون له نتائج بعيدة الأثر على صعيد المنطقة العربية والعالم.
إذا نظرنا إلى التدخلات الكثيرة لأمريكا حول العالم، لوجدنا عاملا مهما يظهر بوضوح في عملياتها، وهو أن امريكا دوما تتحالف مع قوة محلية قادرة، وينظر إليها على أنها شرعية. وهي سياسة استخدام العدو لضرب عدو آخر... زرعت وسائلها في حكامنا وبعض الاطراف المعارضة الاحساس بالخوف من الاخر خارجيا، والسعي وحب الغاء الاخر داخليا .. والاشكالية التي تجعلنا مختلفين هي أننا نتمترس خلف جدران صنعناها بالوهم من بريق الطمع.
سياسة رغم وجاهتها إلا إنها ليست موفقة في جميع الحالات، وتطبيقاً لهذه السياسة، ارتكبت الحكومات الأمريكية المتعاقبة أخطاءً دفعت ثمنها فيما بعد. وفي كل مرة -ينقلب السحر على الساحر - وكان ن عواقبها غير المقصودة، أحداث 11 سبتمبر 2001 م التي وضعت الشعب الأمريكي على فوهة بركان وغيرت السياسات الأمريكية رأساً على عقب.
إذن واشنطن تنظر الى الثورات العربية نظرتها الى الفوضى الخلاقة، وما بين الفوضى والثورة تمرر المؤامرة .. فبعث الصراع الأيديولوجي والمذهبي وما يندرج في ثناياهما ودع فرق وجماعات لتقتل بعضها البعض ما عرض المنطقة العربية الى دمار وخراب، لا يعلم أحد مداه، ولا مدى تداعياته.
لنقرأ الفقرة التالة قبل ان نختم :
"رسالة إلى الشعب السوري من مبعوث الولايات المتحدة الخاص لسوريا ’ مايكل راتني’
السَلامُ عَليكُمْ ... انا مايكل راتني، المبعوث الأمريكي الخاص الجديد لسوريا. أودُّ في البداية أن أُتقدم بالتحية إلى الشعب السوري وأُعَبِّر عن التزامي العميق ببذل كل ما بوسعي للمساعدة في تعزيز فرص السوريين لتحقيق المستقبل الآمنِ والشاملِ والمُزدَهِرْ الذي طالبتم به منذ عام 2011م "
هل صحيح أن أمريكا جاءت لمساعدة الشعب السوري؟ أم أنه قول جاء لفصل الشعب عن مؤسسات الدولة، واثارة الفوضى، تحارب داعش وتخلق داعش، تعاون جماعة وتستنكر فعلها! كل ذلك لتتمكن أمريكا من أداء فصول مسرحيتها مثلما فعلت في: فلسطين، وفيتنام، وأفغانستان، والعراق، وليبيا؟ تأكل الغلة وتقتل العباد وتفسد البلاد. تبيع شركاتها السلاح، وتجلب المعادن الثمينة والبترول والغاز، وتستولي على أموال الشعوب
كما يعتقد آخرون أن مبررات التدخل الأمريكي السافر، وتعاظم ظاهرة عداء الأمريكان للعروبة والإسلام ترتبط بهجمات يوم الثلاثاء الموافق 11 سبتمبر 2001م، والاعلام الذي جعل الامريكيون يرون ان قيام 19 فردا، كلهم من العرب، بتنفيذ الهجمات، يدعمهم سذج عرب صوروا أمريكا على أنها الحمل الوديع والعرب الوحش المفترس الذي ينتظر الفرصة للانقضاض عليه! وهو امر يتطلب تغييرات واسعة واجراءات فعالة للحيلولة دون تكرارها.
والعرب الامريكان يشكون من تزايد حالات التمييز ضدهم في المجتمع الامريكي بعد الهجمات .. ومن جهة أخرى أثير جدلاً حاداً حول دور الولايات المتحدة ومواقفها من قضايا العراق وفلسطين والحرب على الإرهاب. غير أن نظرة العرب للولايات المتحدة لا تخلو من الاعجاب والارتباط.
وهذا اتفق مفكرون وعلماء دين على أن حقيقة العداء الأمريكي للإسلام تكمن في انتشار ما يعرف بظاهرة "الإسلام وفوبيا " نتيجة للحملات التي تشنها الأبواق الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عامة والترويج للشبهات حول الإسلام كدين وحضارة، ووصفه بأنه دين يدعو اتباعه إلى الإرهاب وكراهية الحضارة الغربية، إضافة إلى العامل الثقافي الذي طبع ذهن المواطن الأمريكي وزوده بمعلومات مخيفة عن الإسلام ..
ما هي جذور العلاقة بين العرب وامريكا؟
لوعدنا إلى التاريخ القريب وتفحصناه، وركزنا اهتمامنا على الدوائر التي تصنع صورة [الإسلامي العدو – والعربي المتوحش] في اذهان الغربيين عامة والأمريكان خاصة، لوجدنا فعلا ان الكتب والمقالات لها دور كبير في تشكيل نظرة الامريكان القائمة .. فهذا كتاب على سبيل المثال يشوه العرب والمسلمين، ويقدّمهم على أقبح هيئة، وآخر يقدم للأطفال قصصا فنية وإعطاء انطباع سيئ عن العرب والمسلمين، وتلك مقالة تبرز حقد العرب على اليهود .. وما تقدمه وسائل الإعلام المسموعة والمكتوبة والمرئية أكثر وأخطر... الخ. ومن المؤكد أن للكل ما يبرره.
فالمتأمل في ماهية جذور العلاقة بين العرب وامريكا يلاحظ:
-إن العداء قديم، والغرب بما فيه أمريكا هو الذي بدأنا بالعدوان السافر في الحروب الصليبية وما بعدها من موجات الاستعمار العسكري التي توالت لأكثر من قرنين.
ثم ان هناك مؤامرات على العالم العربي من كل القوى العالمية التي تسعى للسيطرة على ثروات الشعوب وتثبيت الكيان الصهيوني في المنطقة وفي مقدمتها أمريكا.
وصفوة القول أن العداء الأمريكي العربي ناتج عن صراع متجذر ظل لعقود يبرز في شكل تعرجات تخفي معناه الحقيقي وجوهره الأساس هو صراع اطرته عيون الطمع وقوى القمع التي تتزامن مع حركة التاريخ الإنساني وتجسدها فعاليات المرحلة. فمر بعدة مراحل وتطورات منذ استلال امريكا المعلن عام 1776م.
ففي منتصف السبعينات من القرن الماضي لاحظ "توماس برايسون" وهو أستاذ بجامعة وست جورجيا كولدج الأمريكية بعد أن عاصر فترة ما بعد حرب 1967م أوائل السبعينات التي شهدت أزمة البترول وزيادة اهتمام الرأي العام الأمريكي بشكل ملحوظ بالعالم، ومن خلال دراسة اهتمت بمسح العلاقات الأمريكية العربية خلال الفترة (1784 م -1975م) نشرت في كتاب له تحت عنوان:"أمريكا وصورة الشرق الأوسط "عام 1977م.
وهي الشهادة التي تثبت ان عقدة الامريكان قديمة ولجوؤهم للإخذ بالقوة قائم منذ القدم تد٥عهم مصالحهم على جناح ايديولوجيتهم، حيث يقول توماس برايسون:
"أن بعد استقلال أمريكا من الاستعمار الإنجليزي المعلن عام 1776م وجد الأمريكيون أنفسهم في عالم معاد لهم تهيمن عليه قوى الاستعمار الأوربية، فقدوا فيه المزايا التجارية التي كانوا يتمتعون بها عندما كانوا جزء من الإمبراطورية البريطانية لذا سعى المؤسسون للولايات المتحدة الأمريكية سعيا حثيثا للبحث عن أسواق جديدة وكان الشرق الأوسط الإسلامي من أولى الجهات التي قصدوها.
وفي عام 1786م وتحت ضغوط لوبي السفن التجارية الأمريكي توصل المبعوث الأمريكي لإمارات المغرب العربي إلى اتفاقية تجارة مع ’ حاكم المغرب’ صادق عليها مجلس الشيوخ الأمريكي فور عرضها عليه في عام 1787م كما أرسل رسالة شكر لحاكم المغرب، لكن لم يحالف الأمريكيون حظا مماثلا في تفاوضهم مع حكام الجزائر وإمارات طرابلس
في عام 1795 توصل الأمريكيون إلى اتفاقية تجارية مع الجزائريون، وفي عام 1706 توصلوا لاتفاقية مع طرابلس، ومع تونس في عام 1797م وللأسف لم تمر العلاقات بدون مشاحنات؛ إذ قامت حرب بين أمريكا وطرابلس في عام 1801، كانت أول حرب أعلنتها الجمهورية الأمريكية الجديدة لحماية مصالحها الوطنية، وبعد سلسلة مناوشات ومفاوضات استعاد الأمريكيون علاقتهم بطرابلس عام 1805. ومنذ ذلك الوقت حتى عام 1816 واجهت أمريكا مشكلات مشابهة مع بقية دول المغرب العربي تخللتها بعض المواجهات المسلحة، وانتهت بمعاهدات سلام.
وخلص توماس برايسون: "إن السياسية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط خلال تلك الفترة المبكرة من العلاقات الأمريكية العربية كانت محكومة بشكل أساسي بمصالح أمريكا الوطنية (الاقتصادية بالأساس) المجردة التي قادت أمريكا للانفتاح على أسواق الشرق الأوسط، وبناء أسطول وطني لحماية مصالحها، والدخول في حروب في بعض الأحيان.
فيقول: "وللأسف لم تمر العلاقات بدون مشاحنات إذ قامت حربا بين أمريكا وطرابلس في عام 1801م – والتي كانت أول حرب أعلنتها الجمهورية الأمريكية الجديدة لحماية مصالحها الوطنية، وبعد سلسلة مناوشات ومفاوضات استعاد الأمريكيون علاقتهم بطرابلس عام 1805م.
ما يهمنا هنا هو بعض النقاط المهمة، هي:
01 – تثير المنتقاة من كتاب توماس برايسون فكرة مهمة ، يكثر الحديث عنها في الفترة الراهن هي: أن جهود تعبئة الشعب الأمريكي لدعم سياسة مواقف جاه القضايا الدولية هي جهود قديمة جدا لا تقتصر على الفترة الراهنة أو العقود الأخيرة، وقد استفادت بعض الجماعات من هذه الحقيقة منذ زمن بعيد جدا، كاللوبي الصهيوني، وراحت تنشط لتوعية الأمريكيين بقضاياها وتشويه صورة خصومها في نظر الشعب الأمريكي.
02 -ان علاقة أمريكا بالعالم العربي والإسلامي قديمة ومليئة بالوقائع
والسلبيات فيها اكتر من الإيجابيات.
03-إن السياسة الأمريكية تجاه العرب والشرق الأوسط كانت وماتزال تحكمها دوافع عديدة ومتناقضة، في مقدمتها الدوافع الاقتصادية والدينية والثقافية والعسكرية.
04-إن أمريكا تنطلق في صياغتها لسياساتها تجاه أي دولة من دول العالم من مصالحها الوطنية المبنية على دوافع وحسابات ومصالح داخلية قد تصب أولا تصب في مصلحة غيرها، ومعرفة ذلك مهمة في التعامل معها.
فهل بعد هذا يبقى أمل تغيير المواقف وتخفيف حدة العداء الأمريكي للعرب والمسلمين؟.
أن ازدواجية الخطاب في الموقف الأمريكي يعبر عن تعارض مصالح أمريكا تجاه العرب والشرق الأوسط، فالمصالح الثقافية والدينية متعارضة مع المصالح الاقتصادية والتدخلات العسكرية، وصورة لتعارض مصالح اللوبي الشعبي مع مصالح اللوبي الحكومي، وفي خضم هذه المتناقضات تتم صياغة سياسة الحكومة الأمريكية.
ومن الغباوة استخدام مصطلح "الفوضى الخلاقة" لوصف السياسة الامريكية لان معنى الفوضى يؤل الى الهدم والعبثية والتدمير، لكن امريكا استخدمته نقيض لهذا المعنى تماما، فها هي الفوضى لديهم تصبح خلقاً جديداً وجميلاً أفضل مما سبق.
فالصراع مزمن عريق في جذوره وتفاعلاته الفكرية والحركية، متنكر في وقائعه ومجرياته ومنذ حرب 1967م وأمريكا تستخدم الورقة الأيديولوجية بكفاءة واقتدار، فتثمن تحالف الملوك ضد الجمهوريات وهي في هذا الاتجاه تسعى لضرب الجامعة العربية بيد من يفكر في تطويرها، كما اتبعت فكرة’ فرق تسد’ في محاولات لإعادة صياغة علاقاتها الشائكة على نحو مختلف. ولما كان كثير من الناس في العالم العربي، يصوِّرون الأشياء حسب ما يرغبون ويتمنون، فخصوم أمريكا يصفون الساسة الأمريكان بالغباء، وعملاء أمريكا يصفون الساسة الامريكان بالمهارة والطيبة والديمقراطية. والحقيقة ان امريكا وحربها المعلنة على العروبة والاسلام (1991م-2015م)، أمر بالغ الخطورة وسيكون له نتائج بعيدة الأثر على صعيد المنطقة العربية والعالم.
إذا نظرنا إلى التدخلات الكثيرة لأمريكا حول العالم، لوجدنا عاملا مهما يظهر بوضوح في عملياتها، وهو أن امريكا دوما تتحالف مع قوة محلية قادرة، وينظر إليها على أنها شرعية. وهي سياسة استخدام العدو لضرب عدو آخر... زرعت وسائلها في حكامنا وبعض الاطراف المعارضة الاحساس بالخوف من الاخر خارجيا، والسعي وحب الغاء الاخر داخليا .. والاشكالية التي تجعلنا مختلفين هي أننا نتمترس خلف جدران صنعناها بالوهم من بريق الطمع.
سياسة رغم وجاهتها إلا إنها ليست موفقة في جميع الحالات، وتطبيقاً لهذه السياسة، ارتكبت الحكومات الأمريكية المتعاقبة أخطاءً دفعت ثمنها فيما بعد. وفي كل مرة -ينقلب السحر على الساحر - وكان ن عواقبها غير المقصودة، أحداث 11 سبتمبر 2001 م التي وضعت الشعب الأمريكي على فوهة بركان وغيرت السياسات الأمريكية رأساً على عقب.
إذن واشنطن تنظر الى الثورات العربية نظرتها الى الفوضى الخلاقة، وما بين الفوضى والثورة تمرر المؤامرة .. فبعث الصراع الأيديولوجي والمذهبي وما يندرج في ثناياهما ودع فرق وجماعات لتقتل بعضها البعض ما عرض المنطقة العربية الى دمار وخراب، لا يعلم أحد مداه، ولا مدى تداعياته.
لنقرأ الفقرة التالة قبل ان نختم :
"رسالة إلى الشعب السوري من مبعوث الولايات المتحدة الخاص لسوريا ’ مايكل راتني’
السَلامُ عَليكُمْ ... انا مايكل راتني، المبعوث الأمريكي الخاص الجديد لسوريا. أودُّ في البداية أن أُتقدم بالتحية إلى الشعب السوري وأُعَبِّر عن التزامي العميق ببذل كل ما بوسعي للمساعدة في تعزيز فرص السوريين لتحقيق المستقبل الآمنِ والشاملِ والمُزدَهِرْ الذي طالبتم به منذ عام 2011م "
هل صحيح أن أمريكا جاءت لمساعدة الشعب السوري؟ أم أنه قول جاء لفصل الشعب عن مؤسسات الدولة، واثارة الفوضى، تحارب داعش وتخلق داعش، تعاون جماعة وتستنكر فعلها! كل ذلك لتتمكن أمريكا من أداء فصول مسرحيتها مثلما فعلت في: فلسطين، وفيتنام، وأفغانستان، والعراق، وليبيا؟ تأكل الغلة وتقتل العباد وتفسد البلاد. تبيع شركاتها السلاح، وتجلب المعادن الثمينة والبترول والغاز، وتستولي على أموال الشعوب
الحمد لله
غيمة تمطر طهرا
غيمة تمطر طهرا