شيطان نت الحلقة الأولى
09-05-2014, 04:34 PM
شيطان نت الحلقة الأولى
بقلم الدكتور:" عادل بن عبد الله العبد الجبار".
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
هذا موضوع قيم يتعلق بخطورة الاستعمال الخاطئ للشبكة العنكبوتية، وقد أعجبني طرح صاحبه، فأحببت نقله لإخواني الأفاضل، وأخواتي الفضليات، فإليكموه:
الحلقة الأولى:
في مستهل هذا اللقاء أحييكم بتحية الإسلام الخالدة ..
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وأسال الله عزَّ وجل بمنه وكرمه أن يجعل هذا اللقاء لقاءً مباركاً ، وأن ينفعنا بما نقول وبما نسمع ، وأن يكون ذلك حجةً لنا لا علينا إنه أعظم مسئول .
قبل البداية في هذا الموضوع ، وفي هذا اللقاء ..
أحب أن أطرح اعتذاراً لكل مستخدم لشبكة الانترنت بما يحلوا لهم أن يسموها " بالشبكة العنكبوتية " إذ أنني سأتحدث إليهم بكل وضوح بدون مجاملة ، سأتكلم بكل شفافية تامة ، ربما أقسو في العبارة شيئاً ما .. لكن :
قسا ليزدجروا ومن يكن حازما *** فليقس أحياناً على من يرحم
العتاب جميل :
لعل عتبك محموداً عواقبه *** فربما صحت الأبدان بالعلل
في زيارة عاجلة خاطفة لبعض المكتبات العامة، وبعض التسجيلات السمعية كنت أبحث وأُنقب عن بعض الكتب والكتيبات، وكذلك بعض الأشرطة التي تحدَّث فيها مشايخنا الفضلاء ودعاتنا عن " شبكة الانترنت ".
أنا لا أكتمكم سراً أني وجدت كمَّاً لا بأس به من الإحصائيات والاستبيانات والقصص والمواقف، لكن وبالتأمل كان الحديث في ذلك والطرح عاماً..
بمعنى..كلنا نعرف أن " شبكة الانترنت ": بحر لا ساحل له، وهاوية لا قعر لها..
أحببت أن أتحدث في هذا اللقاء عن مواقع معينة؛ عن منتديات محددة..قد أسميتها بهذا العنوان :« شيطان نت »
وأقصد بذلك تلك المواقع الإباحية، وتلك المنتديات الجنسية التي أهلكت كثيراً من المدمنين والمدمنات عليها.
لقد وقع شبابنا وفتياتنا فريسة سهلة لهذه المواقع السيئة المهلكة .
أمامي رسالة من أحدى الفتيات تعاتبني على هذا العنوان « شيطان نت » وكيف لي أن أُحذر الناس منه ، وهو الطريق للدعوة إلى الله ، وقد استقام به الكثير والكثيرات ..
لا أطيل عليكم ..
كنت قد طرحت هذا العنوان أو طلباً في موقعٍ على " شبكة الانترنت " أعده من المواقع المفضلة عندي ؛ وعند كثير من الدعاة ، وهو موقع " لها أون لاين " www.lhaonlin.com طلبت فيه من الأخوة والأخوات في هذا المنتدى أن يزودوني ببعض الإحصائيات ، وبعض النسب ، وبعض القصص ، والوقائع ، وكذلك بعض المشاهد لضحايا الانترنت.
جاءتني مشاركات كثيرة..
كان من بينها تلك المشاركة من هذه الأخت ومن هذه الفتاة تعاتبني على اختيار هذا العنوان.
استأذنكم في قراءة جزء مما كتبت فكان من ذلك : « ... لي وقفة مع طلبك في موضوع « شيطان نت » إذا سمحت لي ..طلبت إرسال قصص مؤثرة واقعية لضحايا الانترنت ..
لكن ..
لماذا الحديث فقط عن ضحايا الانترنت ، ومستنقعات الرذيلة ؟!.
لماذا لا تسأل عن قصص الهداية والثبات بسبب الانترنت ؟!.
لماذا تسعى في تشويه صورته بحديثك وطلبك ؟!.
لطالما كان هذا الحديث حبيس نفسي ؛ ليس لك فقط ؛ بل لكل من يمسك زمام الدعوة ويُطلق عليه داعية .. يكتب المقالات ، يلقي المحاضرات ، يسجل الأشرطة ، يستضاف في التلفاز ، ويتحدث ؛ وإن تحدث وفقط عن مساوئ الانترنت ، عن الشات ، عن غرف المحادثة ، عن التعارف ، عن المواقع الإباحية ..
لماذا لا تتحدثون عن الجانب المشرق ؟!عن حلقات تحفيظ للقرآن الكريم تُعقد فيه، عن مجالس ذكر ونصح وإرشاد تقام على صفحاته وعبر منتدياته، عن دروس يُنهل منها العلم الخالص، عن الدعوة إلى الله في الانترنت وسهولة القيام بها..
ما نتاج حديثكم وتعجلكم بذكر المساوئ؛ أغلقتم أبواب الخير في البيوت عندما منع الانترنت فيه؛ وسيئ النظر إلى كل من في بيته انترنت خصوصاً الفتيات، لا تغضب مني هذه حقيقة أرجو منك أن تتقبلها ».
وأنا أقول بدوري لكم أرجو أن تتقبلوا كلام الأخت ، وأنها لم تتحدث ؛ ولم تتكلم إلا وقصدها النصح والإرشاد ، وعلينا أن نقدّر ما كتبت ، وأننا لا نكافئها إلا بالدعاء لله جلَّ وعلا أن يمنحها الأجر والمثوبة على ما كتبت ، وعلى ما قيدت ..
تقول هذه الأخت في ختام مشاركتها : « نحن لا نطالبكم بالغفلة والسكوت عن المنكر ، كلا ..بل نطالبكم بالمزيد والمزيد حتى نتمكن من العلاج ، لكن نرجوا منكم إظهار الجانب الحسن ، والحديث عن قصص الهداية والثبات ؛ لا قصص الفساد والغواية والضياع فقط ، أنصفونا يا دعاتنا الفضلاء ، ويا مشايخنا وقد حيرتمونا فيما طلبتم وفيما كتبتم » ..
في الحقيقة أنا أضم صوتي لصوت هذه الأخت، وأن هناك وجهاً مشرقاً للدعوة إلى الله جلَّ وعلا، لكن بكل أسف وحزن شديدين ما هو إلا حضور ومشاركة ضئيلة جداً في ظل ما نراه في مواقع الفساد والإفساد..
إن بطرحي لهذا الموضوع « شيطان نت » أنا لا أدعو الدعاة والداعيات والمستفيدين منه والمستفيدات بطريقة معقولة إلى أن يتركوه ؛ إلى أن ينبذوه ، كلا ..
إنما هي ذكرى وتوجيهات ..
لكن أجعل أمام أعينكم قوله جلَّ وعلا :[ فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا]: آثرها بالقول ؛ أو بالفعل ؛ أو بالمشاهدة ..
ما العقوبة ؟! :[ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى].
أما النوع الثاني:[ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى].
ما العاقبة ؟! :[ َفإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى]: وعداٌ صادقٌ من الله تبارك وتعالى ..
ثم بعد هذه الآيات أقول ..
ما المانع من الالتقاء !.
ما المانع من المصارحة والتفاهم !.
ما المانع من أن نتذاكر عيوبنا ومساؤنا لكن بطريقة لبقة وهدي نبوي !.
لابد من شكوى إلى ذي مروءة *** يواسيك أو يسقيك أو يتوجع
أعداء الإسلام قد رصدوا الملايين من الدولارات للملايين من المواقع السيئة..
في السابق كنا نخاف من الاستشراق ، ونتابع كتبهم ومؤلفاتهم ..كنا نتابع الماسونية ، ونتابع المخططات والخطط التي يرسمونها ..كنا نقرأ وإلى هذه اللحظة"بروتوكولات حكماء صهيون " وماذا تفعله وتريده الصهيونية العالمية..بل كنا نتابع عبر المنتديات تلك الكتب والمقالات التي كتبها العلمانيون، وأنهم قد وصلوا إلى بعض أهدافهم، لكن لا يستهان بها ..
أما الآن فماذا نقول للإباحية التي اكتسحت العالم بأكمله حتى المجتمعات الإسلامية لم تسلم منها ، بل حتى إن من المجتمعات ؛ بل نقول بعبارة أوضح حتى أن البيوت المسلمة لم تسلم من شبكة الانترنت ، حتى دخلت إلى كل مكان ، بل أقول حتى الغرف في بيوتنا قد اقتحمتها هذه الشبكة " شبكة الانترنت " ومن ذلك تلك المواقع الإباحية .
إليكم هذه الإحصائية الجديدة التي تؤكد خطر المواقع الإباحية ، ولكم أن تتخيلوا هذا الرقم المخيف ..
فقد كشفت إحدى الدراسات أن معدل التدفق لموقع إباحي واحد فقط قد بلغ زواره ومرتادوه ليوم واحد كذلك قرابة الخمسة مليون زائر على مستوى العالم ..هذا لموقع إباحي واحد ، كيف نقول لمواقع تتجدد يوماً بعد يوم ، كيف نقول - ولا أكون مبالغاً إذا قلت - أنها تتجدد ساعة بعد ساعة .
أحبابي الكرام..
حقيقة دفعني وبكل حق لهذا الموضوع « شيطان نت » أن أتحدث عن تلك المواقع الإباحية ؛ تلك القصص المؤسفة ؛ وهذه المشاهد المبكية لضحايا " شبكة الانترنت " من المواقع الإباحية . كم هي الاتصالات الهاتفية؛ وكذلك تلك الرسائل البريدية والالكترونية تنهال على دعاتنا ومشايخنا الفضلاء تبحث عن الحل والعلاج، بل إنهم قد عاشوا جحيماً لا يطاق، ويتمنون تلك اليد التي تنقذهم فهم غرقى فمن ينقذهم.
عندما جنى عليها أخوها:
قبل شهر من إعداد أو من هذا اللقاء اتصلت علي فتاة قالت: عندي سؤال ومشكلة، قلت لها: ما سؤالك ؟ .
قالت هذه الفتاة إنها لم تصلِ صلاة العصر والمغرب والعشاء بسبب أخيها الذي جنى عليها - سامحه الله -.
قلت لها : كيف ؟ .
قالت : اسمع مشكلتي ثم احكم ، قالت أن أخاها طلب منها جهازها الحاسوبي المحمول - بمعنى أن هذه الفتاة تملك جهازاً حاسوبياً محمولاً خاصاً بها - طلب أخوها منها جهازها المحمول لأجل أن يدخل به على بعض المواقع على " شبكة الانترنت " مع أصدقائه وزملائه ..هي رفضت رفضاً قاطعاً، وكان السبب الأول في ذلك أن لا يشاهد أحداً خصوصياتها وكذلك أسرارها في جهازها الخاص بها..تقول هذه الفتاة لكن أخوها أخذه وبدون علمها ومن الغد أعاده ، وبعد صلاة الظهر من ذلك اليوم الذي اتصلت فيه علي تقول أنها فتحت الجهاز كما هي عادتها طبعاً وفوجئت هذه الفتاة - المجني عليها إن صح التعبير بذلك - فوجئت بملفات ومجلدات على سطح المكتب ومحفوظاته ، أخذت هذه الفتاة تتفحص جهازها لترى وتشاهد كل الخنا والخلاعة والجنس في حاسوبها الخاص ، أكبت باكية وهي تردد عبر سماعة الهاتف : لقد جنى علي أخي ، لقد جنى علي أخي ..
ولهذا السبب لم تستطع هذه الفتاة أن تصلي العصر والمغرب والعشاء ردة فعل لما رأت من تلك الصور والمواقع الإباحية ..
لقد قتل هذا الأخ بأفلامه الإباحية، وبتلك الصور الجنسية التي نسيها على جهاز أخته المحمول؛ قتل أعز ما تملكه أخته..
لقد قتل عفافها ، وعفتها ..
لقد قتل أخلاقها ، وشرفها ..
لقد شوش ذهنها وأقلق راحتها وهي من لا ذنب لها ولا خطيئة..
قلت لهذه الفتاة : اتقي الله أخية ..امسحي هذه الصور ، وهذه الأفلام من جهازك .
قالت هذه الفتاة وعبراتها تسبق عباراتها: لا أستطيع نفسي تغلبني، ثم كيف لي أن أعيش تحت ضغط التفكير في هذه الصور، وأن هذا أمر يصعب علي لا أستطيعه لا أتحمله..
لما رأيت ضعفها لما؛ رأيت قلة إيمانها؛ وكذلك عدم صبرها؛ وكيف أنها قد أهلكت نفسها بمشاهدة هذه الأفلام وهذه الصور لمح في ذهني قصة من أجمل القصص التي سمعت بها .
قلت لها : أخية ..أنت فتاة ؛ سأحدثك بقصة فتاة ..أنت حديثة السن؛ وسأحدثك بقصة فتاة أصغر منك سناً.
أحبابي الكرام..
هذه القصة؛ تفاصيلها آية؛ صفحاتها كرامة؛ أسطرها عبرة وهداية..
حدثني بها أحد المشرفين على مغسلة الأموات بإيجاز، قال لي أنه جيء لهم بفتاة؛ أما العمر فخمسة عشر سنة متوفاة؛ ميتة..
يقول هذا الأخ المشرف على مغسلة الأموات أنه سأل والدها عن سبب وفاتها، هل هو من حادث ؟! هل هو من مرض ؟! لأنها كانت حديثة السن ..
قال - وكان ذلك في شهر رمضان المبارك - كان مما قال - نقلا عن الوالد ؛ والد هذه الفتاة التي ماتت وعمرها 15 سنة - يقول والدها أني رجعت من المسجد بعد صلاة العصر ، فدخلت البيت فجلست في المجلس المعتاد في داخل البيت - يسمى المجلس العائلي - يقول دخلت فإذ بزوجتي جاءت فجلست ، فدخلت علينا بنيتي هذه التي ماتت وعمرها 15 سنة ، يقول عنها أبوها أنها كانت حافظة لكتاب الله جلَّ وعلا تحفظ من كلام الله 27 جزءاً من القرآن ، تدرس في مدارس تحفيظ القرآن الكريم ، وبقي عليها ثلاثة أجزء ، بذلك تختم القران كامل تلاوة وحفظ عن ظهر قلب ، وأن أعظم أمنية عند هذه الفتاة أن تختم القرآن في هذا الشهر - شهر رمضان المبارك- وكانت قد وصلت إلى سورة البقرة ..
يقول عنها أبوها أن هذه الفتاة كانت طائعة لله ، محافظة على الصلاة ، بارة بي وبأمها ، كثيرة التلاوة للقرآن الكر يم في البيت بصوتها الندي الشجي ..
يقول عنها والدها أنها استأذنت منهما وقبَّلت رأسه ورأس أمها ثم صعدت إلى غرفتها في الدور الثاني، وقبيل آذان المغرب، وقبيل الإفطار صعد إليها أبوها لكي يناديها كي تعد للإفطار مع أمها كما هي عادتها..
لما صعد والدها إلى غرفتها وجدها ساجدة و المصحف بجانبها ، وقف الوالد ينتظر لعلها أن تنتهي من سجدتها - ولا شك الآن السجدة سجدة تلاوة لأن الوقت وقت نهي - .. انطق يا زمان ..تحدث يا تاريخ ..
ما تفاصيل ما حصل بعد ذلك ..
بقيت هذه الفتاة ساجدة مدة طويلة وحينئذٍ خاف والدها عليها، فجثا على ركبتيه يناديها: بنيتي..يناديها لكنها لم ترد عليه ..
فمد يده فحركها ..
فسقطت معلنة خروجها من هذه الدنيا ، لكن على أحسن حال ..
لقد ماتت هذه الفتاة ساجدة ، صائمة ، حافظة ، تالية لكتاب الله ..
لقد ماتت وهي البارة بوالديها، لقد ماتت في أحسن صورة وأكرم خاتمة، في أفضل بقعة في مصلاها، لقد ماتت قبيل الإفطار صائمة في شهر رمضان المبارك..
لقد بكى هذا الوالد وهو يقص هذه القصة على هذا الأخ المشرف على مغسلة الأموات ..
هنا كنت أسمع عبر سماعة الهاتف بكاء هذه الفتاة التي اتصلت علي تشكي حالها ومشكلتها، وأنه قد استطاع الشيطان أن يتغلب عليها..كنت أسمع بكاءها الشديد من جمال هذه القصة ، وكيف أن هذه الفتاة بلغت المنازل العليا بالطاعة ، وحفظ القرآن الكريم مع حداثة سنها ..
كانت في السابق لا تستطيع أن تمسح هذه الصور ، لكن بعد هذه القصة عاهدت الله جلَّ أن تمسح هذه الصور وتحذف تلك المجلدات .
أحبابي الكرام..
كان للانترنت تأثير واضح جداً بشكل سلبي على كافة أفراد المجتمع، لقد أثر على الأسرة؛ على الزوجين؛ على الأبناء؛ على الفتيات؛ على الطلاب والطالبات؛ على الموظفين والعاملين؛ على أصحاب القدرات والهمم العالية؛ على أرباب الأموال والتجارة.
ثم أقول لكم في إحصائية جديدة دعونا نتساءل شيئاً من التساؤلات، ونقول..
ماذا نقول إن صح التعبير ل 85 % من مستخدمي الانترنت في الدول العربية تتراوح أعمارهم من سن 15 و 35..بمعنى أن أكثر نسبة المستخدمين " لشبكة الانترنت " هم فئة الشباب ؛ القوة الدفاقة ؛ وصمام الأمان لكل بلاد ولكل مجتمع ..
بل ماذا نقول ل 65 % من المواقع التي تزار في الفترة المسائية على مستوى العالم بأكمله هي تلك المواقع الإباحية..
بل ماذا نقول ل90 % من مرتادي المقاهي في 15 دولة منها ثلاث دول خليجية أعمار المرتادين أقل من 25 سنة ..
قصص مليئة بالأسى والحزن ..
كيف لا؛ وأن المدمن والمدمنة كذلك " لشبكة الانترنت " قد خلى بجهازه لا يراه أحد وقد كان الشيطان ثالثهما..
( وإن الشيطان يجري من بني آدم مجرى الدم )؛ حبّب له المعصية؛ قبّح له الطاعة؛ حسَّن له النظر للحرام و الانغماس في بحر الشهوات.
قال جلَّ وعلا واصفاً عداوة الشيطان لبني آدم:[ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً].
وفي آية ثانية:[ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ]: لماذا ؟! .
[إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيَّاً].
فهو يدعوك لأن تكون معه شريكاً في بحر العصيان.
هذه حقيقة زوجي، فماذا أفعل:
هذه قصة جاءتني عبر الإيميل من إحدى الزوجات ..
تقول : أدخل زوجي الانترنت فكان حذراً جداً في مشاهدتي معه ، بل كان يُحكم إغلاق غرفة مكتبه الخاص حين ذهابه للدوام ، ولا يترك لي مجالاً مع أنني أحمل خلفية جيدة في الحاسب الآلي خلال دراستي الجامعية ..
تقول هذه الزوجة حسبما كتبت أنها تتابع بحزن وأسف شديدين إغلاق الباب عليه لساعات طويلة ، وكم هي اللحظات التي تقوم فيها من نومها فلا تجده ؛ لتبحث عن زوجها متسللاً إلى غرفة مكتبه قد أغلق الباب على نفسه ، وتقول أنها قد أحست أن قلبه قد أصبح قاسياً ..
تقول هذه الزوجة في رسالتها: في لحظة من اللحظات؛ وتحت غفلة ونسيان منه خرج لعمله دون إغلاق الباب، فدخلت..فحملني الفضول وكثرة الشك الدائم الذي كان يراودني لأفتح جهاز حاسوبه الآلي لأستعرض مجلداته وملفاته ومحفوظاته لأرى الهم والأسى و العيب و الخنا ..
لقد أحست هذه المرأة - كما تحكي عن نفسها - أنها قد أُصيبت بدوار شديد مما تشاهده..
هي لم تتصور أن زوجها تمثال المثاليات قد وصل إلى هذا الحد..لتغلق الجهاز بسرعة باكية حزينة مهمومة ..
ماذا تفعل ؟!، وما عساها تصنع أمام زوج يجمع ويرسم في جهازه ولوحده فقط على أن هذه هي الحياة السعيدة ؟!.
عرفت هذه الزوجة المسكينة سبب عدم محافظة زوجها على الصلاة في المسجد، واعتذاره عن المناسبات العائلية، وعن حاجياتها الخاصة..بل شوشت هذه الصور جمال الحياة الزوجية ورونقها الفريد الذي كانت تعيشه هذه الزوجة وهي تطلب حلاً عاجلاً لهذه المشكلة.
هنا أتوقف مع هذه القصة ومع هذا الزوج بذاته ومن في مثله وأقول ..
لماذا يهرب هذا الزوج من العفاف إلى الإسفاف ، ومن الحلال إلى الحرام !!..
كيف يغيب عن أهله وزوجته وأولاده وهو في بيته وبينهم !!.
كيف يسمح لنفسه أن يستقبل المخازي والعار في عقر داره وبين أهله !!.
كيف يسمح أن يقلّب بصره في صور المومسات عبر شاشة الكمبيوتر !!..قد ترك زوجته ملاك العفة والعفاف..
أسألكم بالله ما قيمة العفاف ؟!.
ما مقدار الزواج في قلوب مثل هذا الزوج سامحه الله ؟!..
هذه الكلمات صدرت من زوجة مسكينة مغلوب على أمرها ..
هذه الكلمات صدرت بكل حزن وأسف لما رأت حقيقة زوجها الغائبة ..
هذه القصة؛ وبكل وضوح؛ وبكل شفافية تامة هي مثال لتورط أزواج بهذه المواقع السيئة..
بل أقول وبكل صراحة أنهم قد هجروا أزواجهم في مواطن العفة والعفاف بسبب تلك المواقع الإباحية..
و الله إنها كارثة، كارثة عظمى..
إنها والله مصيبة، مصيبة كبرى..
أن يُصاب الأصل والعماد في البيت؛ أن يسقط المثل الأعلى والأسمى والأغلى في حياة تلك الزوجة؛ ربما في حياة الأبناء و البنات.
أقول بعبارة أخرى أيها الزوج الفاضل ..
قل لي بربك من المسؤول عن هذه الزوجة التي رأت هذه الصور الإباحية عبر جهاز زوجها ؟.
هذه الزوجة من خلال ما كتبت، ومن خلال ما سطرت يتضح أنها ملتزمة طيبة، هي لم تساير زوجها، ولم تقلب في مجلداته، بل أغلقت الجهاز وكانت جادة في البحث عن الحل والعلاج..
وإلا فإن هناك غيرها قد أدمنت مثل زوجها أو ربما كانت الزوجة أكثر إدماناً على مشاهدة تلك الأفلام ، وتلك المواقع الإباحية ، وبسبب من ؟!.
بسبب تفريط ذلك الزوج رضينا أم أبينا..
لا مانع من المصارحة ..
لا مانع أن نتكلم لكي تسلم لنا بيوتنا ، ولكي يسلم لنا أولادنا ، وكذلك أبناؤنا وزوجاتنا ..







