حقيقة فطرة الله وأسباب حفظها من التغيير
14-05-2015, 10:36 AM
حقيقة فطرة الله وأسباب حفظها من التغيير
هذه كلمات:" ماتعة نافعة رائعة": قطف جناها أخونا الفاضل:" أبوزيد العتيبي"، وقد جمع رحيقها من الحديقة الغناء لشيخ الإسلام:" ابن تيمية" رحمه الله، وهي تتعلق بمسألة هامة جدا، وهي بيانه ل:"حقيقة فطرة الله،وأسباب حفظها من التغيير "، وهي مبثوثة في كتابه:"أمراض القلوب وشفاؤها":( 26)، فإليكم دررها وجواهرها:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
1)"وَالْقلب إِنَّمَا خلق لأجل حب الله - تَعَالَى -،
• وَهَذِه الْفطْرَة الَّتِي فطر الله عَلَيْهَا عباده ؛
• كَمَا قَالَ النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:"كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تنْتج الْبَهِيمَة بَهِيمَة جَمْعَاء هَل تُحِسُّونَ فِيهَا من جَدْعَاء ".
ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - : اقْرَءُوا إِن شِئْتُم [ فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله].أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم.
• فَالله سُبْحَانَهُ فطر عباده على محبته وعبادته وَحده.
2) فإِذا تركت الْفطْرَة بِلَا فَسَاد:كَانَ الْقلب عَارِفًا بِاللَّه محبا لَهُ وَحده.
• لَكِن تفْسد فطرته من مَرضه كأبويه يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ، وَهَذِه كلهَا تغير فطرته الَّتِي فطره الله عَلَيْهَا ،
• وَإِن كَانَت بِقَضَاء الله وَقدره كَمَا يُغير الْبدن بالجدع.
• ثمَّ قد يعود إِلَى الْفطْرَة إِذا يسر الله - تَعَالَى - لَهَا من يسْعَى فِي إِعَادَتهَا إِلَى الْفطْرَة.
• وَالرسل - صلى الله عَلَيْهِم وَسلم - بعثوا لتقرير الْفطْرَة وتكميلها لَا لتغيير الْفطْرَة وَتَحْوِيلهَا .
3) ) وَإِذا كَانَ الْقلب محبا لله وَحده مخلصا لَهُ الدّين: لم يبتل بحب غَيره: فضلا أَن يبتلى بالعشق، وَحَيْثُ ابتلى بالعشق، فلنقص محبته لله وَحده.
• وَلِهَذَا لما كَانَ يُوسُف محبا لله مخلصا لَهُ الدّين: لم يبتل بذلك، بل قَالَ - تَعَالَى – عنه:[كَذَلِك لنصرف عَنهُ السوء والفحشاء إِنَّه من عبادنَا المخلصين].
• وَأما امْرَأَة الْعَزِيز، فَكَانَت مُشركَة هِيَ وقومها، فَلذَلِك ابْتليت بالعشق، وَمَا يبتلى بالعشق أحد إِلَّا لنَقص توحيده وإيمانه.
4) ) وَإِلَّا فالقلب الْمُنِيب إِلَى الله الْخَائِف مِنْهُ: فِيهِ صَارفَان يصرفانه عَن الْعِشْق:
- أَحدهمَا: إنابته إِلَى الله ومحبته لَهُ، فَإِن ذَلِك ألذ وَأطيب من كل شَيْء، فَلَا تبقى مَعَ محبَّة الله: محبَّة مَخْلُوق تزاحمه .
- وَالثَّانِي: خَوفه من الله، فَإِن الْخَوْف المضاد للعشق: يصرفهُ.
• وكل من أحب شَيْئا بعشق، أَو بِغَيْر عشق، فَإِنَّهُ يصرف عَن محبته بمحبة مَا هُوَ أحب إِلَيْهِ مِنْهُ: إِذا كَانَ يزاحمه
وينصرف عَن محبته بخوف حُصُول ضَرَر يكون: أبغض إِلَيْهِ من ترك ذَاك الْحبّ .
فَإِذا كَانَ الله أحب إِلَى العَبْد من كل شَيْء، وأخوف عِنْده من كل شَيْء: لم يحصل مَعَه عشق وَلَا مزاحمة
- إِلَّا عِنْد غَفلَة .
- أَو عِنْد ضعف هَذَا الْحبّ وَالْخَوْف بترك بعض الْوَاجِبَات، وَفعل بعض الْمُحرمَات.
• فَإِن الْإِيمَان يزِيد بِالطَّاعَةِ، وَينْقص بالمعصية، فَكلما فعل العَبْد الطَّاعَة: محبَّة لله وخوفا مِنْهُ، وَترك الْمعْصِيَة: حبا لَهُ وخوفا مِنْهُ: قوى حبه لَهُ، وخوفه مِنْهُ، فيزيل مَا فِي الْقلب من محبَّة غَيره ومخافة غَيره.
5) ) وَهَكَذَا أمراض الْأَبدَان، فَإِن الصِّحَّة تحفظ بِالْمثلِ، وَالْمَرَض يدْفع بالضد، فصحة الْقلب بِالْإِيمَان: تحفظ بِالْمثلِ، وَهُوَ مَا يُورث الْقلب إِيمَانًا من الْعلم النافع، وَالْعمل الصَّالح، فَتلك أغذية لَهُ .
1. كَمَا فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود - موقوفاً -:" إِن كل آدب يحب أَن تُؤْتى مأدبته، وَإِن مأدبة الله هِيَ الْقُرْآن ".
2. والآدب: المضيف، فَهُوَ:" ضِيَافَة الله لِعِبَادِهِ آخر اللَّيْل، وأوقات الْأَذَان وَالْإِقَامَة، وَفِي سُجُوده وَفِي أدبار الصَّلَوَات" .
3. وَيضم إِلَى ذَلِك:" الاسْتِغْفَار"، فَإِنَّهُ من اسْتغْفر الله، ثمَّ تَابَ إِلَيْهِ:
متعهُ مَتَاعا حسنا إِلَى اجل مُسَمّى .
4. وليتخذ وردا من الْأَذْكَار فِي النَّهَار وَوقت النّوم .
5. وليصبر على مَا يعرض لَهُ من الْمَوَانِع والصوارف، فَإِنَّهُ لَا يلبث أَن يُؤَيّدهُ الله بِروح مِنْهُ، وَيكْتب الْإِيمَان فِي قلبه .
6. وليحرص على إِكْمَال الْفَرَائِض من الصَّلَوَات الْخمس باطنة وظاهرة، فَإِنَّهَا عَمُود الدّين .
7. وَليكن هجيراه:" لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه"، فَإِنَّهَا بهَا تحمل الأثقال، وتكابد الْأَهْوَال، وينال رفيع الْأَحْوَال .
8. وَلَا يسأم من الدُّعَاء والطلب، فَإِن العَبْد يُسْتَجَاب لَهُ مَا لم يعجل، فَيَقُول:" قد دَعَوْت ودعوت، فَلم يستجب لي!!؟" .
9. وليعلم: أَن النَّصْر مَعَ الصَّبْر، وَأَن الْفرج مَعَ الكرب، وَإِن مَعَ الْعسر يسرا، وَلم ينل أحد شَيْئا من ختم الْخَيْر نَبِي فَمن دونه إِلَّا بِالصبرِ.
• وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وَله الْحَمد والْمنَّة على الإسلام وَالسّنة: حمدا يُكَافِئ نعمه الظَّاهِرَة والباطنة، وكما يَنْبَغِي لكرم وَجهه وَعز جَلَاله، وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَأَصْحَابه وأزواجه أمهات الْمُؤمنِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا".







